الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِى الْعُضْوِ الْأَشَلِّ مِنَ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ، وَالذَّكَرِ، وَالثَّدْىِ، وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ، وَشَحْمَةِ الأُذُنِ، وَذَكَرِ الْخَصِىِّ
ــ
فصل: فإن جَنَى على سِنِّه، فذهَبَتْ حِدَّتُها وكَلَّتْ، ففى ذلك حُكومةٌ، وعلى قالِعِها بعدَ ذلك دِيَةٌ كاملةٌ؛ لأنَّها سِنٌّ صحيحةٌ كاملةٌ (1)، فكَمَلَتْ دِيَتُها، كالمُضْطَرِبَةِ. وإن ذَهَب منها جُزْءٌ، ففى الذَّاهِبِ بقَدْرِه، وإن قَلَعَها قالِعٌ، نَقَصَ مِن دِيَتِها بقَدْرِ ما ذهبَ، كما لو كُسِرَ منها جُزْءٌ.
4257 - مسألة: (وفى العُضْوِ الأشَلِّ مِن اليَدِ، والرِّجْلِ، والذَّكَرِ، والثَّدْىِ، ولِسانِ الأخْرَسِ، والعَيْنِ القائِمَةِ
،
(1) سقط من: الأصل.
وَالْعِنِّينِ، وَالسِّنِّ السَّوْدَاءِ، وَالثَّدْى دُونَ حَلَمَتِهِ، وَالذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِهِ، وَقَصَبَةِ الْأَنْفِ، وَالْيَدِ وَالإِصْبَعِ الزَّائِدَتَيْنِ، حُكُومَةٌ. وَعَنْهُ، ثُلُثُ دِيَتِهِ.
ــ
وشَحْمَةِ الأُذُنِ، وذَكَرِ الخَصِىٍّ والعِنِّينِ، والسِّنِّ السَّوْداءِ، والثَّدْىِ دُونَ حَلَمَتِه، والذَّكَرِ دُونَ حَشَفتِه، وَقَصَبَةِ الأنْفِ، واليَدِ والإِصْبَعِ الزَّائِدَتَيْنِ، حُكُومَةٌ. وعنه، ثُلُثُ دِيَتِه) أمَّا اليَدُ الشَّلاءُ، وهى اليابِسَةُ التى ذهبَتْ منها منْفَعَةُ البَطْشِ، وكذلك الرِّجْلُ مثلُها في الحُكمِ، قِياسًا عليها، والعَيْنُ القائمةُ التى ذهبَ بصَرُها، وصُورَتُها باقيةٌ، كصُورَةِ الصَّحيحةِ، والسِّنُّ السَّوْداءُ، فعن أحمدَ، رحمه الله، فيهِنَّ حكُومةٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ إيجابُ دِيَةٍ كاملةٍ، لكَوْنِها قد ذهَبَتْ مَنْفَعَتُها، ولا مُقَدَّرَ فيها، فتَجِبُ الحُكومةُ، كاليّدِ الزَّائدةِ. وعنه، فيهِنَّ ثُلثُ الدِّيَةِ؛ لِما (1) روَى عمرُو بنُ شُعَيْبٍ، عن أبيه، عن جَدِّة، قال: قَضَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في العَيْنِ القائمةِ السَّادَّةِ لمَكاَنِها بثُلُثِ الدِّيَةِ، وفى اليَدِ الشَّلَّاءِ إذا قُطِعَتْ ثُلُث دِيَتِها، وفى السِّنِّ السَّوْداءِ إذا قُلِعَتْ بثُلُثِ دِيَتِها. رواه النَّسائِىُّ (2).
(1) في م: «كما» .
(2)
في: باب العين العوراء، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 49.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأخْرَجَه أبو داودَ (1) في العَيْنِ وحدَها. وهو قولُ عمرَ. وروَى قَتادةُ، [عن خِلاسٍ](2)، عن عبدِ اللَّهِ بنِ بُرَيْدَةَ، عن يحْيى بنِ يَعْمُرَ (3)، عن ابنِ عَبَّاسٍ، أنَّ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، قَضَى في العَيْنِ القائِمَةِ إذا قُلِعَتْ، واليَدِ الشَّلَّاءِ إذا قُطِعَتْ، والسِّنِّ السَّوْداءِ إذا كُسِرَتْ، بثُلُثِ دِيَةِ كلِّ واحدةٍ منهنَّ (4). ولأنَّها كاملةُ الصُّورَةِ، فكان فيها مُقَدَّرٌ كالصَّحيحةِ. وقولُهم: لا يُمْكِنُ إيجابُ مُقَدَّرٍ. مَمْنُوعٌ؛ فإنَّنا قد ذكَرْنا التَّقْدِيرَ وبَيَّنَّاه.
فصل: قال القاضى: قولُ أحمدَ: في السِّنِّ السَّوْداءِ ثُلُثُ دِيَتِها. مَحْمُولٌ على سِنٍّ ذهَبَتْ مَنْفَعَتُها، بحيثُ لا يُمْكِنُه أَنْ يَعَضَّ بها شيئًا، أو (5) كانت تَتَفَتَّتُ، فأمَّا إن كانت منْفَعَتُها باقيةً، ولم يذْهَبْ منها إلَّا لَوْنُها، ففيها كمالُ دِيَتِها، [سواءٌ قَلَّتْ منْفَعَتُها، بأن يعْجِزَ عن عَضِّ الأشْياءِ الصُّلْبَةِ، أو لم يَعْجِزْ؛ لأنَّها باقيةُ المَنْفَعَةِ، فكَمَلَتْ دِيَتُها](6)،
(1) في: باب ديات الأعضاء، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 496.
(2)
كذا في النسخ، وليست في مصادر التخرج، وقتادة وروى عن خلاس، أما عبد اللَّه بن بريدة فذكره في «تهذيب الكمال» في من وروى عنهم قتادة، وقال البخارى: ولا يعرف سماع قتادة من ابن بريدة. انظر: التاريخ الكبير 4/ 12، تهذيب الكمال 23/ 501.
(3)
بعده في م: «عن أبيه» .
(4)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب العين القائمة، من كتاب العقول. المصنف 9/ 334. وابن أبى شيبة، في: باب في العين القائمة تنخس، من كتاب الديات. المصنف 9/ 208. والبيهقى، في: باب ما جاء في العين القائمة واليد الشلاء، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 98.
(5)
في الأصل: «إذا» .
(6)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كسائرِ الأَعْضاءِ، وليس على مَن سَوَّدَها إلَّا حُكومةٌ. وهذا مذْهَبُ الشافعىِّ. قال شَيْخُنا (1): والصَّحِيحُ مِن مذهبِ أحمدَ ما يُوافِقُ ظاهِرَ كلامِه؛ لظاهرِ الأخْبارِ، وقضاءِ عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، وقولِ أكثرِ أهلِ العلمِ، ولأنَّه ذَهَبَ جَمالُها بتَسْويدِها، فكَمَلَتْ دِيَتُها على مَن سَوَّدَها، كتَسْويدِ الوَجْهِ، ولم يجبْ على مُتْلِفِها أكثرُ مِن ثُلُثِ دِيَتِها، كاليَدِ الشَّلاءِ، وكالسِّنِّ البَيْضاءِ إذا انْقَلَعَتْ، ونَبَتَتْ مكانَها سَوداءُ لمرضٍ فيها، فإنَّ القاضِىَ وأصْحابَ الشافعىِّ سَلَّموا أنَّها لا تكْمُلُ دِيَتُها.
فصل: فإن نَبَتَتْ أسْنانُ صَبِىٍّ سَوْداءَ، ثم ثُغِرَ، ثم عادَتْ سَوْداءَ، فدِيَتُها تامَّةٌ؛ لأَنَّ هذا جِنْسٌ خُلِقَ على هذه الصُّورَةِ، أشْبَهَ مَن خُلِقَ أَسْوَدَ الجِسْمِ والوَجْهِ جَميعًا. وإن نَبَتَتْ أوَّلًا بَيْضاءَ، ثم ثُغِرَ، ثم عادتْ سَوْداءَ، سُئِلَ أهْلُ الخِبْرَةِ، فإن قالُوا: ليس السَّوادُ لِعِلَّةٍ ولا مَرَضٍ. ففِيها كَمالُ دِيَتِها. وإن قالوا: ذلك لمرَضٍ فيها (2). فعلى قالِعِها ثُلُثُ دِيَتِها أو حُكومةٌ. وقد سَلَّمَ القاضى وأصْحابُ الشافعىِّ الحُكْمَ في هذه الصُّورةِ، وهو حُجَّةٌ عليهم فيما خالَفُوا فيه. ويَحْتَمِلُ أن يكونَ الحُكْمُ فيما إذا (3) كانت سَوْداءَ مِن ابْتداءِ الخِلْقَةِ هكذا؛ لأَنَّ المرَضَ قد يكونُ في
(1) في: المغنى 12/ 156.
(2)
سقط من: الأصل، ق، م.
(3)
زيادة من: ص.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فِيه مِن ابْتداءِ خِلْقَتِه، فيثْبُتُ حُكمُه في نَقْصِ دِيَتِها، كما لو كان طارِئًا.
فصل: وفى لِسانِ الأخْرَسِ رِوايتان أيضًا، كاليَدِ الشَّلَّاءِ. وكذلك كلُّ عُضْوٍ ذهبَتْ منْفَعَتُه، وبَقِيَتْ صُورَتُه، كالرِّجْلِ الشَّلَّاءِ، والإِصْبَعِ والذَّكَرِ إذا شُلَّا، وذَكَرِ الخَصِىِّ والعِنِّين إذا قُلْنا: لا تَكْمُلُ دِيَتُهما. وأشْباهِ هذا كلِّه يتَخَرَّجُ على رِوايتَيْن؛ إحداهما، فيه ثُلُثُ الدِّيَةِ. والأُخْرَى، حُكومةٌ.
فصل: فأمَّا اليَدُ والرِّجْلُ والإِصْبَعُ والسِّنُّ الزَّوائدُ، ونحوُ ذلك، فليس فيه إلَّا حُكومةٌ. وقال القاضى: هو في مَعْنى اليَدِ الشَّلَّاءِ، فيُخَرَّجُ على الرِّوايتَيْن. والذى ذكَرَه شيْخُنا أصَحُّ؛ لأنَّه لا تَقْديرَ في هذا، ولا هو في معْنَى المُقَدَّر، ولا يصِحُّ قِياسُ هذا على العُضْوِ الذى ذَهَبَتْ منْفَعَتُه وبَقِىَ جَمالُه؛ لأَنَّ هذه الزَّوائدَ لا جَمالَ فيها، إنَّما هى شَيْنٌ في الخِلْقَةِ، وعَيْبٌ يُرَدُّ به المَبِيعُ، وتَنْقُصُ [به القِيمَةُ](1)، فكيف يَصِحُ قِياسُه على ما يحْصُلُ به الجَمالُ؟ ثم لو حَصَلَ به جَمالٌ ما، لكنَّه يُخالِفُ جَمالَ العُضْوِ الذى
(1) في م: «بالقيمة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يحْصُلُ به تَمامُ الخِلْقَةِ، ويخْتَلِفُ في نَفْسِه اخْتلافًا كثيرًا، فوجبَتْ فيه الحُكومةُ. ويَحْتَمِلُ أن لا يجبَ فيه شئٌ؛ لِمَا ذكَرْنا.
فصل: قد ذكَرْنا أنَّ في الإِصْبَعِ الزَّائدةِ (1) حُكومةً. وبه قال الثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى. وعن زيدِ بنِ ثابتٍ، أنَّ فيها ثُلُثَ دِيَةِ الإِصْبَعِ. وذكَر القاضى أنَّه قِياسُ المذْهبِ، على رِوايةِ إيجاب ثُلُثِ دِيَةِ اليَدِ [في اليَدِ](2) الشَّلَّاءِ. والأَوَّلُ أصَحُّ على ما ذكَرْنا. ولا يَصِحُّ قِياسُها على اليَدِ الشَّلَّاءِ؛ لِمَا ذكَرْنا مِن الفَرْقِ بينَهما. واللَّهُ أعلمُ.
فصل: واخْتلفَتِ الرِّوايةُ في قَطْعِ الذَّكَرِ دُونَ حَشَفَتِه، وعلى قِياسِه الثَّدْىُ دُونَ حَلَمَتِه، وقَطْعُ الكَفِّ دُونَ (3) أصابِعِه، فروَى أبو طالبٍ عن أحمدَ، فيه ثُلُثُ دِيَتِه، وكذلك شَحْمَةُ الأُذُنِ. وعن أحمدَ في ذلك كلِّه حُكومةٌ. وهذا هو الصَّحيحُ؛ لعَدَمِ التَّقْديرِ فيه، وامْتِناعِ قِياسِه على ما فيَه تَقْديرٌ، لأَنَّ الأشَلَّ بقِيَتْ صُورَتُه، وهذا لم تَبْقَ صُورَتُه، إنَّما بَقِىَ بعْضُ ما فيه الدِّيَةُ، أو أصْلُ ما فيه الدِّيَةُ. فأمَّا قَطْعُ الذِّراعِ بعدَ قَطْعِ الكَفِّ، والسَّاقِ بعدَ قَطْعِ القَدَمِ، فينْبَغِى أن تجبَ الحُكومةُ فيه، وجْهًا
(1) بعده في الأصل، تش، ر 3:«فيها» .
(2)
سقط من: الأصل.
(3)
في ر 3، ق، ص، م:«بعد» .