الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا، فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ
ــ
الرِّوايتَيْن جميعًا؛ لأنَّها لم تَصِرْ مَيْتَةً، لعَدَمِ إِبَانَتِها. ولا قِصاصَ فيها. قاله القاضى. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ المُماثَلَةُ في المَقْطُوعِ منها.
4136 - مسألة: (وإذا أوْضَحَ إنْسانًا، فذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أو سَمْعُه، أو شَمُّه، فإنَّه يُوضِحُه)
فإنَّه جُرْحٌ يُمْكِنُ الاقْتِصاصُ منه مِن
يُوضِحُه، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ، وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِىَ عَلَى حَدَقَتهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ،
ــ
غيرِ حَيْفٍ؛ لأَنَّ له حَدًّا يَنْتَهِى إليه (ثم إن ذهبَ ذلك، وإلَّا اسْتَعْمَلَ فيه ما يُذْهِبُه مِن غيرِ أن يَجْنِىَ على حَدَقَتِه، أو أُذُنِه، أو أنْفِه) لأنَّه يَسْتَوْفِى حَقَّه مِن غيرِ زِيادةٍ، فيُعالَجُ بما يُذْهِبُ بصَرَه مِن غيرِ أن يَقلَعَ عَيْنَه، كما روَى يحيى بنُ جَعْدَةَ، أنَّ أعْرابِيًّا قَدِمَ بحَلُوبَةٍ له إلى المَدِينةِ، فساوَمَهُ فيها مَوْلًى لعثمانَ بنِ عفَّان، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فنازَعَه، فلَطَمَه ففَقَأَ عَيْنَه، فقال له عثمانُ: هل لك أن أُضَعِّفَ لك الدِّيَةَ وتَعْفُوَ عنه؟ فأَبَى، فرَفَعَهُما إلى علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فدَعا علىٌّ بمِرآةٍ فأحْماها، ثم وضَع القُطْنَ على عَيْنِه الأُخْرَى، ثم أخَذَ المِرْآةَ بكَلْبَتَيْنِ، فأَدْناها [مِن عَيْنِه](1) حتى سالَ إنسانُ عَيْنِه. وإن وضَع فيها كافُورًا يَذْهَبُ بضَوْئِها مِن غيرِ أن يَجْنِىَ على الحَدَقَةِ،
(1) سقط من: م.
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، سَقَطَ.
ــ
جازَ. وكذلك السَّمْعُ والشَّمُّ (فإن لم يُمْكِنْ إلَّا بالجِنايةِ على هذه الأعْضاءِ، سقَط) القِصاصُ؛ لتَعَذُّرِ المُماثَلَةِ، ولأَنَّ تَوَهُّمَ الزِّيادةِ يُسْقِطُ القَوَدَ، فحَقِيقَتُه أوْلَى.
فصل: وإن شَجَّه دُونَ المُوضِحَةِ، فأذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنِه، لم يَقْتَصَّ منه مثلَ شَجَّتِه، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه؛ لأنَّها لا قِصاصَ فيها إذا لم يَذْهَبْ ضَوْءُ العَيْنِ، فكذلك إذا ذهَب، ويُعالَجُ ضَوْءُ العَيْنِ بمثلِ ما ذكَرْنا. فإن كانتِ الشَّجَّةُ فوقَ المُوضِحَةِ، فله أن يَقْتَصَّ مُوضِحَةً. فإن ذهَب ضَوْءُ العَيْنِ، وإلَّا اسْتَعْمَلَ فيه ما يُزِيلُه من غيرِ أَنْ يَجْنِىَ على الحَدَقَةِ. واخْتَلَفَ أصْحابُ الشافعىِّ في القِصاصِ في البَصَرِ في هذه المواضِعِ كُلِّها (1)، فقال بعضُهم: لا قِصاصَ فيه؛ لأنَّه لا يَجبُ بالسِّرَايةِ عندَهم، كما لو قطَع إصْبَعَه، فسَرَى القَطْعُ إلى التى تَلِيها، فأَذهَبَها. وقال بعضُهم: يجبُ القِصاصُ ههُنا، قولًا واحدًا؛ لأَنَّ ضَوْءَ العَيْنِ لا تُمْكِنُ مُباشَرَتُه بالجِنايةِ، فيَقْتَصُّ منه بالسِّرَايةِ، كالنَّفْسِ، فيَقْتَصُّ مِن البَصَرِ بما ذكَرْنا في مثلِ هذا.
(1) سقط من: م.