الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ أخْرَجَهَا دَهْشَةً، أَوْ ظَنًّا أَنَّهَا تُجْزِئُ، فَعَلَى الْقَاطِعِ
ــ
يَسْقُطُ؛ لأنَّ قاطِعَ اليَسارِ تَعَدَّى بقَطْعِها، فلم يَمْلِكْ قَطْعَ اليَدِ الأُخْرَى، كما لو قطَع يَدَ السَّارِقِ اليُسْرى مكان يَمِيِنِه، فإنَّه لا يَمْلِكُ قَطْعَ يَمِينِه. والوجهُ الثانى، لا يَسْقُطُ. وهو مذهبُ الشافعىِّ. وفرَّقُوا بينَ القِصاصِ وقَطْعِ السَّارِقِ مِن وُجُوهٍ ثَلاثةٍ؛ أحدُها، أنَّ الحَدَّ مَبْنِىٌّ على الإِسْقاطِ، بخِلافِ القِصاصِ. الثانى، أن اليَسارَ لا تُقْطَعُ في السَّرِقَةِ وإن عُدِمَتْ يمينُه؛ لأنَّه يُفَوِّتُ مَنْفَعَةَ الجِنْسِ، بخِلافِ القِصاصِ. والثالثُ، أنَّ اليَدَ لو سَقَطَتْ بأكِلَةٍ (1) أو قِصاصٍ، سقَط القَطْعُ في السَّرِقَةِ، فجازَ أن يَسْقُطَ بقَطْعِ اليَسارِ، بخِلافِ القِصاصِ، فإنَّه لا يَسْقُطُ، ويَنْتَقِلُ إلى البَدَلِ. ولكنْ لا تُقْطَعُ يَمِينُه حتى تَنْدَمِلَ يَسارُه؛ لئَلَّا يُؤدِّىَ إلى ذَهابِ نَفْسِهْ. فإن قيلِ: أليس لو قطَع يَمِينَ رَجُلٍ ويَسارَ آخَرَ، لم يُؤَخَّرْ أحَدُهما إلى انْدِمالِ الآخرِ؟ قُلْنا: الفرقُ بينَهما أنَّ القَطْعَيْنِ مُسْتَحقَّانِ قِصاصًا، فلهذا جَمَعْنا بينَهما، وفى مَسْأَلتِنا أحَدُهما غيرُ مُسْتَحَقٍّ، فلا نَجْمَعُ بينَهما، فإذا انْدَمَلَتِ اليَسارُ قَطَعْنا اليَمِينَ، فإن سَرَى قَطْعُ اليَسارِ إلى نَفْسِه، كانتْ هَدْرًا، ويَجِبُ (2) في تَرِكَتِه دِيَةُ اليُمْنَى؛ لتَعَذُّر الاسْتِيفاءِ فيها بمَوْتِه.
4142 - مسألة: (وإن أخْرَجَها دَهْشَةً، أو ظَنًّا)
منه (أنَّها
(1) الأكِلة، كفَرِحَة: داء في العضوية يأتكل منه.
(2)
سقط من: الأصل.
دِيَتُهَا،
ــ
تُجْزِئُ، فعلى القاطِعِ دِيَتُها) إن علِمَ أَنَّها يَسارٌ وِأنَّها لا تُجْزِئُ، [ويُعَزَّرُ] (1). وقال بعضُ الشَّافِعِيَّةِ: عليه القِصاصُ؛ لأنَّه قَطَعها مع العلمِ بأنَّه ليس له قَطعُها. ولَنا، أنَّه قَطَعَها ببَذْلِ صاحِبِها، فلم يجِبْ عليه القِصاصُ، كما لو عَلِمَ باذِلُها. وإن كان جاهِلًا، فلا تَعْزِيرَ عليه، وعليه الضَّمانُ بالدِّيَةِ؛ لأنَّه بذَلَها له على وَجْهِ البَدَلِ (2)، فكانتْ مَضْمُونَةً عليه؛ لأنَّه لو كان عالِمًا بها كانت مَضمُونَةً عليه، وما وجَب ضَمانُه في العَمْدِ، وجَبَ في الخَطَأ، كإتْلافِ المالِ، والقِصاصُ باقٍ له في اليَمِينِ، ولا يَقْتَصُّ حتى تَنْدَمِلَ اليَسارُ، فإن عَفا وجَب بدَلُها، ويَتَقاصَّان، وإن سَرَتِ اليَسارُ إلى نَفْسِه، كانت مَضْمُونَة بدِيَةٍ كاملةٍ، وقد تَعَذَّرَ قَطْعُ اليُمْنَى، ووَجَبَ له نِصْفُ الدِّيَةِ. فيتَقاصَّان به، ويَبْقَى نِصْفُ الدِّيَةِ لوَرَثَةِ الجانِى. فإنِ اخْتَلَفا في بذْلِها، فقال الجانِى: إنَّما بَذَلْتُها (3) بدَلًا عن اليَمِينِ. وقال المَجْنِى عليه: بَذَلْتَها بغيرِ عِوَضٍ. أو قال: أخْرَجْتُها
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
في م: «البذل» .
(3)
في م: «بذلها» .