الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ رَمَى ثَلَاثَةٌ بِمَنْجَنِيقٍ، فَقَتَلَ الْحَجَرُ إنْسَانًا، فعَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ
ــ
4184 - مسألة: (وإن رَمَى ثلاثَةٌ بمَنْجَنِيقٍ، فقَتَلَ الحَجَرُ
وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ دِيَتِهِ، وَإِنْ قُتِلَ أَحَدُهُمْ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ؛ أَحَدُهَا؛ يُلْغَى فِعْلُ نَفْسِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ.
ــ
إنْسَانًا، فعلى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنهم ثُلُثُ دِيَتهِ) لا يَخْلُو ذلك مِن حالَيْنِ؛ أحدُهما، أن يكونَ المقْتُولُ واحِدًا منهم. والثانى، أن يكونَ مِن غيرِهم. فإن كان مِن غيرِهم، فالدِّيَة على عَواقِلِهِم أثْلَاثًا؛ لأَنَّ العاقلةَ تَحْمِلُ الثُّلُثَ فما زاد، وسواءٌ قَصَدُوا رَمْىَ واحدٍ بعَيْنِه، أو قَصَدُوا رَمْىَ جَماعةٍ، أو لم يَقْصِدُوا ذلك، [إلَّا أنَّهم](1) إن لم يَقْصِدُوا قَتْلَ آدَمِىٍّ مَعْصُومٍ، فهو خَطَأٌ، دِيَتُه دِيَةُ الخَطأُ. وإن قَصَدُوا رَمْىَ جَماعةٍ أو واحدٍ بعَيْنِه، فهو شِبْهُ عَمْدٍ؛ لأَنَّ قصْدَ الواحدِ بالمَنْجَنِيقِ لا يكادُ يُفْضِى إلى إتْلافِه، فيكون شِبْهَ عَمْدٍ تَحْمِلُه العاقلةُ في ثَلاثِ سِنِينَ. وعلى قولِ أبى بكرٍ، لا تَحْمِلُ العاقلةُ شِبْهَ العَمْدِ، فلا تَحْمِلُه ههُنا. الحالُ الثانى، أن يُصِيبَ واحدًا منهم، فعلى كلِّ واحدٍ كفَّارة، ولا تَسْقُطُ عمَّن أصَابَه الحَجَرُ؛ لأنَّه شارَك
(1) في م: «لأنهم» .
والثَّانِى، عَلَيْهِمَا كَمَالُ الدِّيَةِ. والثَّالِثُ، عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ لِوَرَثَتِهِ، وَثُلُثَاهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرَينِ.
ــ
في قَتْلِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ، والكفَّارةُ إنَّما تَجِبُ لحقِّ اللَّهِ تعالى، فوَجَبَتْ عليه بالمُشارَكَةِ في نَفْسِه، كوُجوبِها بالمُشارَكَةِ في قَتْلِ غيرِه. وأمَّا الدَّيَةُ ففيها ثَلاثةُ أوْجُهٍ؛ أحدُها، أنَّ على عاقلةِ كلِّ واحدٍ منهم ثُلُثَ دِيَةِ المقْتُولِ لوَرَثَتِه؛ لأَنَّ كلَّ واحدٍ منهم مُشاركٌ في قَتْلِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ خَطأً، فلَزِمَتْه دِيَتُها، كالأجانِبِ. وهذا يَنْبَنِى على أنَّ جِنايةَ المَرْءِ على نَفْسِه أو (1) أهْلِه خَطَأً يَتَحَمَّلُ عقْلَها عاقِلَتُه. الوَجْهُ الثانى، أنَّ ما قابَلَ فِعْلَ المقْتُولِ ساقِطٌ، لا يَضْمَنُه أحدٌ؛ لأنَّه شارَك في إتْلافِ حَقِّه، فلم يَضْمَنْ ما قابَل فِعْلَه، كما لو شارَك في قَتْلِ بَهيمَتِه أو عَبْدِه. وهذا الذى ذكَرَه القاضى في «المُجَرَّدِ» . ولم يَذْكُرْ غيرَه. وهو مذهبُ الشافعىِّ. الثالثُ، أن يُلْغَى فِعْلُ المقْتُولِ في نَفْسِه، وتَجِبَ دِيَتُه بكَمالِها على عاقلةِ الآخَرَيْنِ نِصْفَيْنِ.
(1) في م: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال أبو الخَطَّابِ: هذا قِياسُ المذهب، بِناءً على مَسْألةِ المُتَصادِمَيْنِ. قال شيْخُنا (1): والذى ذكَرَه القاضى أَحْسَنُ وأصَحُّ في النَّظَرِ، وقد رُوِى نحوُه عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، في مَسْألةِ القارِصَةِ (2) والقامِصَةِ (3) والواقِصَةِ (4). قال الشَّعْبِىُّ: وذلك أنَّ ثَلاثَ جَوَارٍ اجْتَمَعْنَ فأَرِنَّ (5)، فرَكِبَتْ إحْداهُنَّ على عُنُقِ أُخْرَى، وقَرَصَتِ الثَّالثةُ المَرْكُوبَةَ، فقَمَصَتْ، فسَقَطَتِ الرَّاكِبَةُ، فوُقِصَتْ عُنُقُها، فماتَتْ، فرُفِعَ ذلك إلى علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فقَضَى بالدِّيَةِ أثْلاثًا على عَوَاقِلِهِنَّ، وألْغَى الثُّلُثَ الذى قابَلَ فِعْلَ الواقِصَةِ؛ لأنَّها أعانَتْ على قَتْلِ نَفْسِها (6). وهذه شَبِيهَةٌ بمَسْأَلتِنا.
(1) في: المغنى 12/ 83.
(2)
في م: «القارضة» .
(3)
في م: «القابضة» . والقمص: الضرب بالرجل.
(4)
في الأصل: «الرامضة» .
(5)
فأَرِنَّ: أى نَشِطْنَ.
(6)
أخرجه البيهقى، في: باب ما ورد في البئر جبار والمعدن جبار، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 112.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولأَنَّ المقْتُولَ شارَك في القَتْلِ، فلم تكْمُلِ الدِّيَةُ على شَرِيكَيْه، كما لو قَتَلُوا واحدًا مِن غيرِهم. فإن رجَع الحَجَرُ، فقَتَلَ اثْنَيْنِ مِن الرُّماةِ، فعلَى الوَجْهِ الأَوَّلِ، تَجِبُ دِيَتُهما على عَواقِلِهِم أثْلَاثًا، وعلى كلِّ واحدٍ منهم كفَّارَتانِ. وعلى الوَجْهِ الثَّانى، يَجِبُ على عاقلةِ الحَىِّ منهم، لكُلِّ مَيِّتٍ ثُلُثُ دِيَتِه، وعلى عاقلةِ كلِّ واحدٍ مِن المَيِّتيْنِ ثُلُثُ دِيَةِ صاحبِه، ويُلْغَى فِعْلُ نَفْسِه. وعلى الوَجْهِ الثالثِ، على عاقلةِ الحَىِّ لكلِّ واحدٍ نهم نِصْفُ الدِّيَةِ، ويَجِبُ على عاقلةِ كلِّ واحدٍ مِن المَيِّتيْنِ نِصْفُ الدِّيَةِ لصاحبِه.