الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ رَمَى مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا عَبْدًا، فَلَمْ يَقَعْ بِهِ السَّهْمُ حَتَّى عَتَقَ وَأَسْلَمَ، فَلَا قَوَدَ، وَعَلَيْهِ ديَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ إِذَا مَاتَ مِنَ الرَّمْيَةِ. ذَكَرَهُ الْخِرَقِىُّ. وَقَالَ أَبَو بَكْرٍ: عَلَيْهِ الْقِصَاصُ.
ــ
سِرايَتُه، بخِلافِ التى قبلَها.
4077 - مسألة: (وإن رَمَى مسلمٌ ذِمِّيًّا عبدًا، فلمْ يَقَعِ السَّهْمُ به حتى عَتَقَ وأسْلَمَ، فلا قَوَدَ، وعليه دِيَةُ حُرٍّ مسلمٍ إذا مات مِن الرَّمْيَةِ)
هذا قولُ ابنِ حامدٍ، ومَذْهَبُ الشافعىِّ (وقال أبو بكرٍ: يجبُ القِصاصُ) لأنَّه قَتَل مُكافِئًا له عمدًا عُدْوانًا، فوَجَبَ القِصاصُ، كما لو كان حُرًّا مسلمًا كذلك حالَ الرَّمْى، يُحَقِّقُه أنَّ الاعْتِبارَ بحالِ (1) الإِصابةِ، بدليلِ ما لو رَمَى فلم يُصِبْه حتىِ ارْتَدَّ أو مات، لم يَلْزَمْه شئٌ، ولو رَمَى عبدًا كافرًا، فعَتَقَ و (2) أسْلَمَ، غرِمَه بدِيَةِ حُرٍّ مسلمٍ. ولَنا، على دَرْءِ (3) القِصاصِ،
(1) بعده في الأصل، تش:«الرمى» .
(2)
في م: «أو» .
(3)
في تش: «دية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّه لم يَقْصِدْ إلى نَفْسٍ مُكافِئَةٍ، فلم يَجِبْ عليه قِصاصٌ، كما لو رَمَى حَرْبِيًّا (1) أو مُرْتَدًّا فأسْلَمَ. وقال أبو حنيفةَ: يَلْزَمُه في العَبْدِ [دِيَةُ عبدٍ لمَوْلاه؛ لأَنَّ الإِصابَةَ ناشِئَةٌ](2) عن إرْسالِ السَّهْم، فكان الاعْتِبارُ بها، كحالَةِ الجُرْحِ. ولَنا، أنَّ الإِصابَةَ حَصَلَتْ في حُرٍّ، فكان ضَمانُه ضمانَ الأحْرارِ، كما لو قَصَد هَدَفًا أو طائِرًا، فأصاب حُرًّا، ثم يَبْطُلُ [ما ذَكَرَه](3) بما إذا رَمَي حَيًّا فأصابه مَيِّتًا، أو عبدًا صحيحًا فأصابه بعدَ قَطْعِ يَدَيْه، لم تَجِبْ دِيَتُه لوَرَثَتِه، وعندَه تَجِبُ لمَوْلاه. ولو رَمَى كافِرًا فأصابه السَّهْمُ بعدَ أن أسْلَمَ، كانت دِيَتُه لوَرَثَتِه المسلمين، وعندَ أبى حنيفةَ لوَرَثَتِه الكُفَّارِ. ولَنا، أنَّه مات مسلِمًا حُرًّا، فكانت دِيَتُه للمسلمين، كما لو كان مسلمًا حالَ الرَّمْى، فوُجُوبُ المالِ مُعْتَبَرٌ بحالِ الإِصابَةِ؛ لأنَّه [بَدَلٌ عن](4) المَحَلِّ، فيُعْتَبَرُ عن المَحَلِّ الذى فات بها، فيَجِبُ بقَدْرِه، وقد فات بها نَفْسُ مسلمٍ حُرٍّ، والقِصاصُ جَزاءُ (5) الفِعْلِ، فيُعْتَبَرُ الفِعْلُ فيه والإِصابةُ معًا؛ لأنَّهما طَرَفَاه، فلذلك لم (6) يَجِبِ القِصاصُ بقَتْلِه.
(1) في تش: «ذميا» .
(2)
سقط من: الأصل، تش.
(3)
زيادة من: تش، ر 3.
(4)
في م: «يدل على» .
(5)
في م: «جزء» .
(6)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فُصُولٌ تتعلقُ بهذه المسألةِ:
فصل (1): ولو قَطَع يَدَ عبدٍ، ثم عَتَق ومات، أو يَدَ ذِمِّىِّ، ثم أسْلَمَ ومات، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، الواجِبُ دِيَةُ حُرٍّ مسلمٍ، لوَرَثَتِه ولسَيِّدِه منها أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن دِيَتِه أو أرْشِ جِنايَتِه، اعْتِبارًا بحالِ اسْتِقْرارِ الجِنايَةِ. وقال القاضى، وأبو بكرٍ: تجبُ قِيمَةُ العبدِ بالِغَةً ما بَلَغَتْ، مَصْرُوفَةً إلى السَّيِّدِ، اعْتِبارًا بحالِ الجِنايةِ؛ لأنَّها المُوجبُ للضَّمانِ، فاعْتُبِرَت حالَ وُجُودِها. ومُقْتَضَى قَوْلِهما ضَمانُ الذِّمِّىِّ الذى أسْلَمَ بدِيَةِ ذِمِّىِّ، ويَلْزَمُهما على هذا أن يَصْرِفاها إلى وَرَثَتِه مِن أهلِ الذِّمَّةِ، وهو غيرُ صحيحٍ؛ لأَنَّ الدِّيَةَ لا تَخْلُو مِن أن تكونَ مُسْتَحَقَّةً للمَجْنِىِّ عليه، أو لوَرَثَتِه؛ فإن كانت له، وَجَب أن تكونَ لوَرَثَتِه المسلمين، كسائِرِ أمْوالِه وأمْلاكِه، و (2) كالذى كَسَبَه بعدَ جُرْحِه. وإن كانت تَحْدُثُ على مِلْكِ وَرَثَتِه، فوَرَثَتُه هم المسلمون دُونَ الكُفَّارِ.
فصل: وإن قَطَع أنْفَ عَبْدٍ قِيمَتُه ألفُ (3) دِينارٍ، فانْدَمَلَ، ثم أعْتَقَه السَّيِّدُ، وَجَبَتْ قِيمَتُه بكَمالِها للسَّيِّدِ. وإن أعْتَقَه ثم انْدَمَلَ، فكذلك؛ لأنَّه إنَّما اسْتَقَرَّ بالانْدِمالِ ما وَجَب بالجِنايةِ، والجِنايةُ كانت في مِلْكِ سَيِّدِه. وإن مات مِن سِرايةِ الجُرْحِ، فكذلك في قولِ أبى بكرٍ والقاضى.
(1) هذا الفصل زيادة من المطبوعة، وهو في المغنى 11/ 521، 522.
(2)
زيادة من: المغنى.
(3)
في الأصل، ر 3:«ألفا» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو قولُ المُزَنِىِّ؛ لأَنَّ الجِنايةَ يُراعَى فيها حالُ وُجُودِها. وذَكَر القاضى أنَّ أحمدَ نَصَّ عليه في رِوايةِ حَنْبَلٍ، في مَن فَقَأ عَيْنَىْ عَبدٍ، ثم أُعْتِقَ ومات، ففيه قِيمَتُه لا الدِّيَةُ. ومُقْتَضَى قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّ الواجِبَ فيه دِيَةُ حُرٍّ (1). وهو مَذْهَبُ الشافعىِّ؛ لأَنَّ اعْتِبارَ الجِنايةِ بحالةِ الاسْتِقْرارِ، وقد ذَكَرْناه. [ويُصْرَفُ إلى سَيِّدِه؛ لأنَّه اسْتَحَقَّ أقَلَّ الأَمْرَيْن مِن دِيَتِه أو أرْشِ الجُرْحِ، والدِّيَةُ ههُنا أقَلُّ الأَمْرَيْن. وما ذَكَرُوه يَنْتَقِضُ بما إذا قَطَع يَدَيْه ورِجْلَيْه فمات بسِرايَةِ الجُرْحِ، فإنَّ الواجِبَ دِيَةُ النَّفْسِ لا دِيَةُ الجُرْحِ](2).
فصل: فإن قَطَع يَدَ عبدٍ، فأُعْتِقَ، ثم عاد فقَطَعَ رِجْلَه، وانْدَمَلَ القَطْعان، فلا قِصاصَ في اليَدِ؛ لأنَّها قُطِعَتْ في حالِ رقِّه، ويَجِبُ فيها نِصْفُ قِيمَتِه، أو ما نَقَصَه القَطْعُ (3) لسَيِّدِه، إذا قُلْنا: إنَّ العبدَ يُضْمَنُ بما نَقَصَه. ويجبُ القِصاصُ في الرِّجْلِ التى قَطَعها حالَ حُرِّيَّتِه، أو نِصْفُ الدِّيَةِ إن عَفا عن القِصاصِ لوَرَثَتِه. وإنِ انْدَمَلَ قَطْعُ اليَدِ، وسَرَى قَطْعُ الرِّجْلِ إلى نَفْسِه، ففى اليَدِ نِصْفُ القِيمَةِ لسَيِّدِه، وعلى القاطِعِ القِصاصُ في النفسِ، أو الدِّيَةُ كامِلَةً لوَرَثَتِه. وإنِ انْدَمَلَ قَطْعُ الرِّجْلِ، وسَرَى قَطْعُ اليَدِ، ففى الرِّجْلِ القِصاصُ بِقَطْعِها، أو نِصْفُ الدِّيَةِ لوَرَثَتِه، ولا قِصاصَ في اليَدِ، ولا في سِرايَتِها، وعلى الجانِى دِيَةُ حُرٍّ، لسَيِّدِه منها أقَلُّ الأَمْرَيْن
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
في م: «العبد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن أرْشِ القَطْعِ أو ديَةِ الحُرِّ، على قولِ ابنِ حامدٍ. وعلى قولِ أبى بكرٍ والقاضى، تَجِبُ قِيَمَةُ العبدِ لسَيِّدِه، اعْتِبارًا بحالِ جنايَتِه. وإن سَرَى الجُرْحان، لم يَجِبِ القِصاصُ في النَّفْسِ ولا اليَدِ؛ لأنَّه مات مِن جُرْحَيْن مُوجِبٍ وغيرِ مُوجِبٍ، فلم يجبِ القِصاصُ، كما لو جَرَحَه جُرْحَيْن خَطَأً وعمدًا، ولكنْ يجبُ القِصاصُ في الرِّجْلِ؛ لأنَّه قَطَعَها مِن حُرٍّ، فإنِ اقْتَصَّ منه، وَجَب نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لأنَّه مات مِن جِنايَتِه، وقد اسْتَوْفَى منه ما يُقابِلُ نِصْفَ الدِّيَةِ، وللسَّيِّدِ أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن نِصْفِ القِيمَةِ أو نصفِ الدِّيَةِ، فإن زاد نِصْفُ الدِّيَةِ على نِصْفِ القِيمَةِ، كان الزّائِدُ للوَرَثَةِ، وإن عَفَا وَرَثَتُه عن القِصاصِ، فلهم أيضًا نِصْفُ الدِّيَةِ. فإن كان قاطِعُ الرِّجْلِ غيرَ قاطِعِ اليَدِ، واندَمَلَ الجُرْحان، فعلى قاطِعِ اليَدِ نِصْفُ القِيمَةِ لسَيِّدِه، وعلى قاطِعِ الرِّجْلِ القِصاصُ فيها أو (1) نِصْفُ الدِّيَةِ. وان سَرَى الجُرْحان إلى نفسِه، فلا قِصاصَ على الأَوَّلِ؛ لأنَّه قَطَع يَدَ عبدٍ، وعليه نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ؛ لأَنَّ المَجْنِىَّ عليه حُرٌّ في حالِ اسْتِقْرارِ الجِنايةِ، وعلى الثانى القِصاصُ في النَّفْسِ إذا كانا عَمَدَا القَطْعَ؛ لأنَّه شارَكَ في القَتْلِ عمدًا عُدْوانًا، فهو كشريكِ الأبِ. ويَتَخَرَّجُ أن لا قِصاصَ عليه في النَّفْسِ؛ لأَنَّ الرُّوحَ خَرَجَتْ مِن سِرايَةِ قَطْعَيْن، مُوجِبٍ وغيرِ مُوجِب، بِناءً على شريكِ الأبِ. وإن عَفا عنه إلى الدِّيَةِ، فعليه نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ. وإن قُلْنا بوُجُوبِ القِصاصِ في النَّفْسِ، خُرِّجَ في وُجُوبِه في الطَّرَفِ رِوايتان. وإن قُلْنا:
(1) في تش: «و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا يجبُ في النَّفْسِ. وَجَب في الرِّجْلِ.
فصل: وإن قَلَع عَيْنَ عبدٍ، ثم أُعْتِقَ (1)، ثُمَّ قَطَع آخَرُ يَدَه، ثم قَطَع آخَرُ رِجْلَه، فلا قَوَدَ على الأَوَّلِ، سواءٌ انْدَمَلَ جُرْحُه أو سَرَى، وأمَّا الآخرَان، فعليهما القِصاصُ في الطَّرَفَيْن إن (2) وَقَف قَطْعُهما، أو دِيَتُهما إن عَفا عنهما. وإن سَرَتِ الجِراحاتُ كلُّها، فعليهما القِصاصُ في النَّفْسِ؛ لأَنَّ جِنايَتَهما صارتْ نَفْسًا. وفى ذلك وفى القِصاصِ في الطَّرَفِ اخْتِلافٌ قد (3) ذَكَرْناه. وإن عَفا عنهما، فعليهم (4) الدِّيَةُ أثْلاثًا. وفيما يَسْتَحِقُّه السَّيِّدُ وَجْهان؛ أحَدُهما، أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن نِصْفِ القِيمَةِ أو ثُلُثِ الدِّيَةِ، على قِياسِ قولِ أبى بكرٍ؛ لأنَّه بالقَطْعِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ القِيمَةِ، فإذا صارت نَفْسًا، وَجَب فيها ثُلُثُ الدِّيَةِ؛ فكان له أقَلُّ الأَمْرَيْن. والثانى، له أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن ثُلُثِ القِيمَةِ أو ثُلُثِ الدِّيَةِ؛ لأَنَّ الجِنايةَ إذا صارت نَفْسًا، كان الاعْتِبارُ بما آلَتْ إليه، ألا تَرَى أنَّه لو جَنَى الجانِيان الآخَرَان قبلَ العِتْقِ أيضًا، لم يكنْ على الأَوَّلِ إلَّا ثُلُثُ القِيمَةِ، ولا يَزِيدُ حَقُّه بالعِتْقِ، كما لو قَلَع رَجُلٌ عَيْنَه، ثم باعَه سَيِّدُه، ثم قَطَع آخَرُ يَدَه، وآخَرُ رِجْلَه، ثم مات، فإنَّه يكونُ للأوَّلِ ثُلُثُ القِيمَةِ. وإن كان أَرْشُ
(1) في ق، م:«عتق» .
(2)
في الأصل: «أو» .
(3)
سقط من: م.
(4)
في الأصل، تش، ر 3، م:«فعليهما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الجِنايةِ نِصفَ القِيمَةِ، فإذا قُلْنا بالوَجْهِ الأَوَّلِ، [فلو كان الأَوَّلُ](1) قَطَع إصْبَعَه، أو هَشَمَه، و (2) الجانِيان (3) في الحُرِّيَّةِ قَطَعا يَدَيْه، فالدِّيَةُ عليهم أثْلَاثًا، للسَّيِّدِ منها أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن أرْشِ الإِصْبَعِ، وهو عُشْرُ القِيمَةِ، أو ثُلُثِ الدِّيَةِ. ولو كان الجانِى في حالِ الرِّقِّ قَطَع يَدَيْه، والجانِيان (3) في الحُرِّيَّةِ قَطَعا رِجْلَيْه، وَجَبَتِ الدِّيَةُ أثْلَاثًا، وكان للسَّيِّدِ منها أقَلُّ الأمْرَيْنِ مِن جميعِ قِيمَتِه (4) أو ثُلُثِ الدِّيَةِ. وعلى الوَجْهِ الآخَرِ، يكونُ له في الفَرْعَيْن أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن ثُلُثِ القِيمَةِ أو ثُلُثِ الدِّيَةِ.
فصل: فإن كان الجانِيانِ في حالِ الرِّقِّ، والواحِدُ في حالِ الحُرِّيَّةِ، فمات، فعليهم الدِّيَةُ، وللسَّيِّدِ مِن ذلك، في أحدِ الوَجْهَيْن، أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن أرْشِ الجنايَتَيْن أو ثُلُثَى الدِّيَةِ، وعلى الآخَرِ أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن ثُلُثَى القِيمَةِ أو ثُلُثَى الدِّيَةِ.
فصل: وإن كان الجُناةُ أرْبَعَةً؛ واحِدٌ في الرِّقِّ، وثَلاثَةٌ في الحُرِّيَّةِ، ومات، كان للسَّيِّدِ، في أحَدِ الوَجْهَيْن، الأَقَلُّ مِن أرْشِ الجِنايةِ أو رُبْعِ الدِّيَةِ (5). وإن كان الثَّلاثَةِ في الرِّقِّ، والواحِدُ في الحُرِّيَّةِ، كان للسَّيِّدِ أقَلُّ الأَمْرَين من أرْشِ الجناياتِ أو ثَلَاثَةِ أرْباعِ الدِّيَةِ، في أحدِ الوَجْهَيْن، وفى
(1) تكملة من: المغنى 11/ 524.
(2)
في م: «أو» .
(3)
في الأصل، تش:«الجنايتان» .
(4)
في الأصل: «القيمة» .
(5)
بعده في المغنى 11/ 525: «وعلى الآخر الأقل من ربع القيمة أو ربع الدية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الآخَرِ، الأقَلُّ مِن ثلاثةِ أرْباعِ القِيمَةِ أو ثلَاثةِ أرْباعِ الدِّيَةِ. ولو كانوا (1) عَشَرَةً؛ واحِدٌ في الرِّقِّ، وتسعةٌ في الحُرِّيَّةِ، فالدِّيَةُ عليهم، وللسَّيِّدِ فيها بحِسابِ ما ذَكَرْنا، على اخْتِلافِ الوَجْهَيْن.
فصل: وإن قَطَع يَدَه، ثم أُعْتِقَ، فقَطَعَ آخَرُ رِجْلَه، ثم عاد الأَوَّلُ فقَتَلَه بعدَ الانْدِمالِ، فعليه القِصاصُ للوَرَثَةِ، ونِصْفُ القِيمَةِ للسَّيِّدِ، وعلى الآخَرِ القِصاصُ للورثةِ في الرِّجْلِ أو (2) نِصْفُ الدِّيَةِ. فإن كان قبلَ الانْدِمالِ، فعلى الجانِى الأَوَّلِ القِصاصُ في النَّفْسِ دُونَ اليَدِ؛ لأنَّه قَطَعَها في رِقِّه. فإنِ اخْتارَ الورثةُ القِصاصَ في النَّفْسِ، سَقَط حَقُّ السَّيِّدِ؛ لأنَّه لا يجوزُ أن يُسْتَحَقَّ عليه النفسُ وأرْشُ الطَّرَفِ قبلَ الانْدِمالِ، فإنَّ الطَّرَفَ داخِلٌ في النَّفْسِ في الأَرْشِ. فإنِ اخْتارُوا (3) العَفْوَ، فعليه الدِّيَةُ دُونَ أرْشِ الطَّرَفِ؛ لأَنَّ أرْشَ الطَّرفِ يَدْخُلُ في النَّفْسِ، وللسَّيِّدِ أقَلُّ الأَمْرَيْن مِن نِصْفِ القِيمَةِ أو أرْشِ الطَّرَفِ، والباقى للورثةِ. وأمَّا الثانى، فعليه القِصاصُ في الرِّجْلِ؛ لأَنَّ القَتْلَ قَطَع سِرايَتَها، فصار كما لو انْدَمَلَتْ. فإن عَفا عنه، فعليه نِصْفُ الدِّيَةِ. وإن كان الثانى هو الذى قَتَلَه قبلَ الانْدِمالِ، فعليه القِصاصُ في النفسِ. وهل يُقْطَعُ طَرَفُه؟ على رِوايَتَيْن. فإن عَفا الورثةُ، فعليهْ دِيَةٌ واحدةٌ. وأمّا الأَوَّلُ، فعليه نِصْف
(1) في الأصل: «كان» .
(2)
في الأصل، ق:«و» .
(3)
في الأصل، تش:«اختار» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القِيمَةِ للسَّيِّدِ، ولا قِصاصَ عليه. وإن كان القاتِلُ ثالثًا، فقد اسْتَقَرَّ القَطْعانِ، ويكونُ على الأَوَّلِ نِصْفُ القِيمَةِ لسَيِّدِه، وعلى الثانى القِصاصُ في الرِّجْلِ، أو نِصْفُ الدِّيَةِ لورثَتِه، وعلى الثالثِ القِصاصُ في النَّفْسِ أو الدِّيَةُ.
فصل: وإذا قَطَع رجلٌ يَدَ عبدِه (1)، ثم أعْتَقَه، ثم اندَمَلَ جُرْحُه، فلا قِصاصَ عليه ولا ضَمانَ؛ لأنَّه إنَّما قَطَع يَدَ عَبْدِه، وإنَّما اسْتَقَرَّ بالانْدِمالِ ما وَجَب بالجِراحِ. وإن مات بعدَ العِتْقِ بسِرايَةِ الجُرْحِ، فلا قِصاصَ فيه؛ لأَنَّ الجِنايةَ كانت على مَمْلُوكِه. وفى وُجُوبِ الضَّمانِ وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يجبُ شئٌ؛ لأنَّه مات بسِرايَةِ جُرْحٍ غيرِ مَضْمُونٍ، أشْبَهَ ما لو مات بسِرايَةِ القَطْعِ في الحَدِّ وسِرايَةِ القَوَدِ. ولأنَّنا تَبَيَّنْا أنَّ القَطْعَ كان قَتْلًا، فيكونُ قاتِلًا لعَبْدِه، فلا يَلْزَمُه ضَمانُه، كما لو لم يُعْتِقْه. وهذا مُقْتَضَى قولِ أبى بكرٍ. والثانى، يَضْمَنُه بما زاد على أرْشِ القَطْعِ مِن الدِّيَةِ؛ لأنَّه مات وهو حُرٌّ بسِرايَةِ قَطْع عُدْوانٍ، فيَضْمَنُ، كما لو كان القاطِعُ أجْنَبِيًّا، لكن يَسْقُطُ أَرْشُ القَطْعِ؛ لأنَّه في مِلْكِه، ويجبُ الزّائِدُ لورثتِه، فإن لم يكنْ له (2) وارِثٌ سِواه، وَجَب لبيتِ المالِ، ولا يَرِثُ السَّيِّدُ شيئًا؛ لأَنَّ القاتِلَ لا يَرِثُ.
(1) في ق، م:«عبد» .
(2)
زيادة من: تش.