الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْقَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُهُ بِالْحَرَمِ، وَالإِحْرَامِ، وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَالرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، فَيُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الْحُرُمَاتُ الْأَرْبَعُ، وَجَبَ دِيَتَانِ وَثُلُثٌ.
ــ
أسْنَانِها. وإنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الدَّنانيرِ والدَّراهِمِ، مثلَ أن كانَتِ العشَرةُ الدَّنانيرِ تُساوِى مائةَ درهم، فقِياسُ قَوْلِهم أنَّه (1) إذا جاءَ بما قِيمَتُه عشرةُ دنانِيرَ، لَزِمَ المَجْنِىَّ عليه قَبولُه؛ لأنَّه لو جاءَه بالدَّنانيرِ، لَزِمَه قَبُولُها، فلَزِمَه قَبولُ ما يُساوِيها.
فصل: قال الشَّيْخُ، رحمه الله:(وذكَر أصْحابُنا أنَّ القَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُه بالحَرَمِ، والإِحْرامِ، والأشْهُرِ الحُرُمِ، والرَّحِمِ المَحْرَمِ، فيُزادُ لكلِّ واحدٍ ثلُثُ الدِّيَةِ، فإذا اجْتَمَعَتِ الحُرُماتُ الأرْبَعُ، وجَب دِيتانِ وثُلُثٌ) وجملةُ ذلك، أنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ بثلاثةِ أشياءَ؛ إذا قتَل في الحَرَمِ، والأشْهُرِ الحُرُمِ، وإذا قتَل مُحْرِمًا. ونَصَّ أحمدُ على التَّغْلِيظِ فيما إذا قتَل مُحْرِمًا
(1) سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في الحَرَم وفى الشَّهْرِ الحَرامِ. فأمَّا إن قتَل ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ، فقال أبو بكرٍ: تُغَلَّظُ دِيَتُه. وقال القاضى: ظاهرُ كلامِ أحمدَ أنَّها لا تُغَلَّظُ. وقال أصحابُ الشافعىِّ: تُغَلَّظُ بالحَرَمِ، والأَشْهُرِ الحُرُمِ، وذِى (1) الرَّحِمِ، وفى التغليظِ بالإِحْرامِ وَجْهان. وممَّن رُوِىَ عنه التَّغْليظُ؛ عُثمانُ، وابنُ عباسٍ، والسَّعِيدانِ (2)، وعَطاءٌ، وطاوسٌ، ومُجاهِدٌ، وسليمانُ بنُ يَسَارٍ، وجابرُ بنُ زَيْدٍ، وقَتادةُ، والأوْزَاعِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسْحاقُ. واخْتَلَفَ القائلونَ بالتَّغْلِيظِ في صِفَتِه، فقال أصْحابُنا: يُغَلَّظُ لكلِّ واحدٍ مِن الحُرُماتِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فإذا اجْتَمَعَتِ الحُرُماتُ الأرْبعُ، وجَبَتْ دِيتَانِ وثُلُث. قال أحمدُ في رِوايةِ ابنِ مَنْصُورٍ، في مَن قتَل مُحْرِمًا في الحَرَمِ في الشَّهْرِ الحَرامِ: فعليه أرْبَعةٌ وعِشْرُونَ ألْفًا. وهذا قولُ التَّابِعينَ القائِلينَ بالتَّغْليظِ. وقال أصْحابُ الشافعىِّ: صِفَةُ التَّغْلِيظِ، إيجابُ دِيَةِ العَمْدِ في الخَطَأ، ولا يُتَصَوَّر التَّغْلِيظُ في غيرِ الخَطَأ،
(1) في تش: «ذوى» .
(2)
السعيدان: سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير.
وانظر ما أخرجه ابن أبى شيبة عنهما، في: باب الرجل يقتل في الحرم، من كتاب الديات. المصنف 9/ 326، 327. وعن سعيد بن المسيب ما أخرجه عبد الرزاق، في: باب ما يكون فيه التغليظ، من كتاب العقول. المصنف 9/ 300. والبيهقى، في: باب ما جاء في تغليظ الدية. . .، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 71.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولا يُجْمَعُ بينَ تَغْلِيظَيْنِ. وهذا قولُ مالكٍ، إلَّا أنَّه يُغَلِّظُ في العَمْدِ، فإذا قَتَلَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَمْدًا، فعليه ثلاثونَ حِقَّةً، وثلاثونَ جَذَعَةً، وأرْبعونَ خَلِفَةً، وتَغْلِيظُها في الذَّهَبِ والفِضَّةِ أن يَنْظُرَ (1) قِيمَةَ أسْنانِ الإِبِلِ غيرَ مُغَلَّظَةٍ، وقِيمَتَها مُغَلَّظَةً، ثم يَحْكُمَ بزِيادةِ ما بينَهما، كَأنَّ (2) قِيمَتَها مُخَفَّفَةً سِتُّمائةٍ، وفى العَمْدِ ثَمانمائةٍ، وذلك ثُلُثُ الدِّيَةِ المُخَفَّفَةِ. وعندَ مالكٍ تُغَلَّظُ في الأبِ والأُمِّ والجَدِّ، دُونَ غيرِهم. واحْتَجَّا على صِفَةِ التَّغْلِيظِ بما رُوِىَ عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه أخَذَ مِن قَتادَةَ المُدْلِجىِّ دِيَةَ ابْنِه حينَ حَذَفَه بالسَّيْفِ ثلاثينَ حِقَّةً، وثلاثينَ جَذَعَةً، وأربعين خلِفَةً (3)، ولم يَزِدْ عليه في العَدَدِ شيئًا (4). وهذه قِصَّة اشْتَهَرَتْ فلمِ تُنْكَرْ، فكانتْ إجْماعًا، ولأَنَّ ما أوْجَبَ التَّغْلِيظَ أوْجَبَه في الأسْنانِ دُون القَدْرِ، كالضَّمانِ، ولا يُجْمَعُ بينَ تَغْلِيظَيْنِ؛ لأَنَّ ما أوْجَبَ التَّغْلِيظَ بالضَّمانِ إذا اجْتَمَعَ سَببانِ تَداخلا، كالحَرَمِ والإِحْرَامِ في قَتْلِ الصَّيْدِ، وعلى أنَّه لا يُغَلَّظُ بالإِحْرامِ؛ لأَنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ بتَغْلِيظِه. واحْتَجَّ أصْحابُنا
(1) بعده في م: «كم» .
(2)
في م: «كانت» .
(3)
بعده في تش: «في بطونها أولادها» .
(4)
تقدم تخريجه في 18/ 370.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بما رَوَى ابنُ أبى نَجيحٍ [عن أَبيه](1)، أنَّ امرأةً وُطِئتْ (2) في الطَّوَافِ، فقَضَى عثمانُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فيها بسِتَّةِ آلافٍ وألْفَيْنِ تَغْلِيظًا
للحَرَمِ (3). وعن ابنِ عمرَ، أنَّه قال: مَن قتَل في الحَرَمِ، أو ذَا رَحِمٍ، أو في الشَّهْرِ الحَرامِ، فعليه دِيَةٌ وثُلُثٌ (4). وعن ابنِ عباسٍ، أنَّ رَجُلًا قتَل رَجُلًا في الشَّهْرِ الحَرامِ، في البَلَدِ الحرامِ، فقال: دِيَتُه اثْنَا عَشَرَ ألْفًا، وللشَّهْرِ الحرامِ أرْبَعَةُ آلافٍ، وللبَلَدِ الحرامِ أرْبَعةُ آلافٍ (5). وهذا ممَّا
(1) تكملة من مصادر التخريج. وانظر: الإرواء 7/ 310.
(2)
أى: وطئت بالأقدام فماتت.
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب ما يكون فيه التغليظ، من كتاب العقول. المصنف 9/ 298. وابن أبى شيبة، في: باب الرجل يقتل في الحرم، من كتاب الديات. المصنف 9/ 326. والبيهقى، في: باب ما جاء في تغليظ الدية. . .، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 71.
(4)
أخرجه البيهقى عن عمر، في: باب ما جاء في تغليظ الدية. . .، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 71. وانظر: الإشراف 3/ 91. وهو ضعيف، انظر: تلخيص الحبير 4/ 33، والإرواء 7/ 310، 311.
(5)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: المصنف 9/ 325. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 71. وضعفه في الإرواء 7/ 311.