الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَهُ مَا بَيْنَ دِيَةِ مُوضِحَةٍ وَدِيَةِ تِلْكَ الشَّجَّةِ. فَيأْخُذُ فِى الْهَاشِمَةِ خَمْسًا مِنَ الإبلِ، وَفِى الْمُنَقِّلَةِ عَشْرًا، وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْجُرْحِ بِالْمِسَاحَةِ، فَلَوْ أَوْضَحَ إِنْسَانًا في بَعْضِ رَأْسِهِ، مِقْدَارُ ذَلِكَ الْبَعْضِ جَمِيعُ رَأْسِ الشَّاجِّ وَزِيَادَةٌ، كَانَ لَهُ أَنْ يُوضِحَهُ في جَمِيعِ رَأْسِهِ، وفى الْأَرْشِ لِلْزَّائِدِ وَجْهَانِ.
ــ
بالحُرِّ. (وقال ابنُ حامدٍ: له ما بينَ دِيَةِ مُوضِحَةٍ ودِيَةِ تلكَ الشَّجَّةِ) وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه تَعَذَّرَ القِصاصُ فيه، فانْتَقَلَ إلى البَدَلِ، كما لو قطَع إصْبَعَيْه، فلم يُمْكِنْ الاسْتِيفاءُ إلَّا من واحدةٍ، وفارَقَ الشَّلَّاءَ بالصَّحِيحَةِ؛ فإنَّ الزِّيادةَ ثَمَّ مِن حيثُ المعنى، وليست مُتَمَيِّزَةً، بخِلافِ مسْأَلتِنا (فيأخُذُ في الهاشِمةِ خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ، وفى المُنَقِّلَةِ عَشْرًا).
4163 - مسألة: (ويُعْتَبَرُ قَدْرُ الجُرْحِ بالمِساحَةِ، فلو أَوْضَحَ إنْسَانًا في بَعْضِ رَأْسِهِ، مِقْدارُ ذَلِكَ البَعْضِ جَمِيعُ رَأْسِ الشَّاجِّ وَزِيادَةٌ، كان لهُ أن يُوضِحَهُ في جميعِ رَأْسِه، وفى الأَرْشِ للزَّائِدِ وَجهان)
وجملةُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك، أنَّه إذا أرادَ الاستِيفاءَ مِن مُوضِحَةٍ وشِبْهِها، فإن كان على مَوْضِعِها شَعَرٌ أزَالَه، ويَعْمِدُ إلى مَوْضِعِ الشَّجَّةِ مِن رَأْسِ المَشْجُوجِ، فيَعْلَمُ طُولَها وعَرْضَها بخَشَبَةٍ أو خَيْطٍ، ويضَعُها على رأسِ الشَّاجِّ، ويُعْلِمُ طَرَفَيْه بسَوادٍ أو غيرِه، ويأْخُذُ حَدِيدةً عَرْضُها كعَرْضِ الشَّجَّةِ، فيَضَعُها في أوَّلِ الشَّجَّةِ، ويَجُرُّها إلى آخِرِها، فيَأْخُذُ مثلَ الشَّجَّةِ طُولًا وعَرْضًا، ولا يُراعِى العُمْقَ؛ لأَنَّ حَدَّه العَظْمُ، ولو رُوعِىَ لَتَعَذَّرَ الاسْتِيفاءُ؛ لأَنَّ الناسَ يخْتَلِفونَ في قِلَّةِ اللَّحْمِ وكَثْرَتِه، وهذا كما يُسْتَوْفَى الطَّرَفُ بمثلِه. وإنِ اخْتَلَفا في الصِّغَرِ والكِبَرِ، والدِّقَّةِ والغِلَظِ، فإن كان رَأْسُ الشَّاجِّ والمَشْجُوجِ سواءً، اسْتَوْفَى قَدْرَ الشَّجَّةِ، وإن كان (1) رَأْسُ الشَّاجِّ أصْغَرَ، لكنَّه يتَّسِعُ للشَّجَّةِ، اسْتُوفِيَتْ وإنِ اسْتَوْعَبَتْ رَأْسَ الشَّاجِّ كلَّه؛ لأنَّه اسْتَوْفاها بالمساحَةِ، ولا يَمْنَعُ الاسْتِيفاءَ زِيادَتُها على مثلِ مَوْضِعِها مِن رَأْسِ الجانِى؛ لأَنَّ الجَمِيعَ رَأْسٌ. وإن كان قَدْرُ الشَّجَّةِ يَزِيدُ على رَأْسِ الجانِى، فإنَّه يَسْتَوْفِى الشَّجَّةَ في جَمِيعِ رأْسِ الشَّاجِّ، ولا يجوزُ أن يَنْزِلَ إلى جَبْهَتِه (2)؛ لأنَّه يَقْتَصُّ في عُضْو آخرَ غيرِ العُضْوِ المَجْنِىِّ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في الأصل: «جهته» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، ولا يَنْزِلَ إلى قَفَاه؛ لِما ذكَرْنا. ولا يَسْتَوْفِى بَقِيَّةَ الشَّجَّةِ في موضعٍ آخَرَ مِن رَأْسِه؛ لأنَّه يكونُ مُسْتَوْفِيًا مُوضِحَتَيْنِ، وواضِعًا للحَدِيدَةِ في غيرِ الموْضِعِ الذى وضَعَها فيه الجانِى. واخْتَلَفَ أصْحابُنا في (1) ماذا يَصْنَعُ؟ فذكَر القاضى أنَّ ظاهِرَ كلامِ أبى بكر، أنَّه لا أَرْشَ له فيما بَقِىَ؛ [لِئلَّا يَجْتَمِعَ](2) قِصاصٌ ودِيَةٌ في جُرْحٍ واحدٍ. وهذا مذهبُ أبى حنيفةَ. فعلى هذا، يتَخَيَّرُ بينَ الاسْتِيفاءِ في جميعِ رَأْسِ الشَّاجِّ ولا أَرْشَ له، وبينَ العَفْوِ إلى دِيَةِ مُوضِحَةٍ. وقال أبو عبدِ اللَّهِ ابنُ حامدٍ، وبعْضُ أصْحابِنا: له أَرْشُ ما بَقِىَ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأن القِصاصَ تَعَذَّرَ فيما جَنَى عليه، فكل له أَرْشُه، كما لو تعَذرَ في الجميعِ. فعلى هذا، تُقَدَّرُ شَجَّةُ الجانِى مِنَ الشَّجَّةِ في رَأْسِ (3) المَجْنِىِّ عليه، ويَسْتَوْفِى أَرْشَ الباقِى، فإن كانتْ بقَدْرِ ثُلُثَيْها (4) فلَه أَرْشُ ثُلُثِ مُوضِحَةٍ، وإن زادتْ على هذا أو نقَصَتْ، فبالحِساب مِن أَرْشِ المُوضِحَةِ. [ولا يَجِبُ له أَرْشُ مُوضِحَةٍ](5) كاملةٍ؛ لِئَلَّا يُفْضِىَ إلى إيجابِ القِصاصِ ودِيَةِ مُوضِحَةٍ [في مُوضِحَةٍ واحدةٍ](6)، فإن أوْضَحَه في جميعِ رَأْسِه، ورَأْسُ الجانِى أكبرُ،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «كيلا يجمع بين» .
(3)
في الأصل: «أرش» .
(4)
في ر 3: «ثلثها» .
(5)
سقط من: الأصل.
(6)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فللمَجْنِىِّ عليه أن يُوضِحَ منه بقَدْرِ مِساحَةِ مُوضِحَةٍ مِن أىِّ الطَّرَفَيْنِ شاءَ؛ لأنَّه جَنَى عليه في ذلك الموْضِعِ كلِّه، وإنِ اسْتَوْفَى قَدْرَ مُوضِحَتِه، ثم تجاوَزَها واعْتَرَفَ أنَّه عَمَدَ ذلك، فعليه القِصاصُ في ذلك القَدْرِ، فإذا انْدَمَلَتْ مُوضِحَتُه، اسْتُوفِىَ منه القِصاصُ في مَوْضِعِ الانْدِمال؛ لأنَّه مَوْضِعُ الجِنايةِ، وإنِ ادَّعَى الخَطَأَ، فالقولُ قولُه؛ لأنَّه مُحْتَمِلٌ، وهو أعْلَمُ بقَصْدِه، وعليه أَرْشُ مُوضِحَةٍ. فإن قيل: فهذه المُوضِحَةُ كلُّها (1) لو كانت عُدْوانًا لم يَجِبْ فيها إلَّا دِيَةُ مُوضِحَةٍ، فكيف يَجِبُ في بعْضِها دِيَةُ مُوضِحَةٍ؟ قُلنا: لأَنَّ المُسْتَوْفَى لم يَكُنْ جِنايةً، إنَّما الجِنايةُ الزَّائدُ، والزَّائدُ لو انْفَرَدَ لَكانَ مُوضِحَةً، فكذلك إذا كان معه ما ليس بجِنايةٍ، بخِلافِ ما إذا كانتْ كلُّها عُدْوانًا، فإنَّ الجميعَ جِناية واحدةٌ.
فصل: إذا أوْضَحَه في جميعِ رَأْسِه، ورأسُ الجانِى أكْبَرُ، فأَحبَّ (2) أن يَسْتَوْفىَ القِصاصَ بعضَه مِن مُقَدَّمِ الرّأْسِ وبعضَه مِن مُؤَخَّرِه، مُنِعَ
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «فأراد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن ذلك؛ لأنَّه يَأْخُذُ مُوضِحَتَيْنِ بواحدةٍ، ودِيَتُهما مُخْتَلِفَةٌ. ويَحْتَمِلُ الجوازُ؛ لأنَّه لا يُجاوِزُ مَوْضِعَ الجِنايةِ ولا قَدْرَها. فإنْ قال أهلُ الخِبْرَةِ: إنَّ في ذلك زِيادةَ ضَرَرٍ أو شَيْنٍ. لم يَجُزْ. ولأصحابِ الشافعىِّ كَهذيْن القوْلَيْنِ. فإن كان رأسُ المَجْنِىِّ عليه أَنْ بَرَ، فأوْضَحَه الجانِى في مُقَدَّمِه ومُؤَخَّرِه مُوضِحَتَيْنِ، قَدرُهما جميعُ رأسِ الجانِى، فله الخِيارُ بينَ أن يُوضِحَه مُوضِحة واحدةً في جميعِ راسِه، أو (1) يُوضِحَه مُوضِحَتَيْنِ يَقْتَصِرُ في كلِّ واحدةٍ منهما على قَدرِ مُوضِحَتِه، ولا أَرْشَ لذلك، وَجْهًا واحدًا؛ لأنَّه تَرَكَ الاسْتِيفاءَ مع إمكانِه. وإن عَفا إلى الأَرْشِ، فله أَرْشُ مُوضِحَتَيْنِ، وإن شاءَ اقْتَصَّ من إحدَاهما، وأخَذَ أَرْشَ الأُخْرَى.
فصل: فإن كانتِ الجِنايةُ في غيرِ الرَّأْسِ والوَجْهِ، فكانتْ في ساعِدٍ، فزادَتْ على ساعدِ الجانِى، لم يَنْزِلْ إلى الكَفِّ، ولم يصعد إلى العَضُدِ، وإن كانتْ في السَّاقِ، لم ينزلْ إلى القَدَمِ، ولم يَصْعَدْ إلى الفَخِذِ؛ لأنَّه عُضْو آخَرُ، فلا يَقْتَصُّ منه، كما لم ينْزِلْ من الرَّأْسِ إلى الوَجْهِ، ولم يصْعد من الوَجْهِ إلى الرَّأْسَ.
فصل: إذا شُجَّ في مُقَدَّمِ رَأسِه أو مُؤخَّرِه عَرْضًا شَجَّةً لا يَتَّسِعُ لها مثلُ مَوْضِعِها مِن رَأسِ الشَّاجِّ، فأرادَ أن يَسْتَوْفِىَ مِن وَسَطِ الرَّأْسِ، فيما بينَ الأُذُنَيْنِ، لكَوْنِه يَتَّسِعُ لمثلِ تلك الشَّجَّةِ، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا
(1) في الأصل: «و» .