الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ نَزَلَ رَجُلٌ بِئْرًا، فَخَرَّ عَلَيْهِ آخَرُ، فَمَاتَ الْأَوَّلُ مِن سَقْطَتِهِ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَتُهُ.
ــ
وأصْحابُ الرَّأْى؛ لِما ذكَرْنا مِن حديثِ عامِرِ ابنِ الأكْوَعِ، حينَ رجَع سيْفُه عليه يَوْمَ خَيْبَرَ فمات. [ويُفارِقُ هذا ما إذا كانتِ الجِنايةُ على غيرِه، فإنَّه لو لَمْ تَحْمِلْه العاقلةُ، لأجْحَفَ به وُجُوبُ الدِّيَةِ لكَثْرَتِها](1). وقال القاضى: الرِّوايةُ الثَّانيةُ أظهرُ عنه. فعلى هذه الرِّوايةِ، إن كانتِ العاقلةُ هى الوارِثَةَ، لم يجبْ شئٌ؛ لأنَّه لا يجبُ للانسانِ شئٌ على نفسِه، فإن كان بعضُهم وارِثًا، سقَط عن الوارِثِ ما يقابِلُ مِيراثَه. فإن كانت جِنايَتُه على نَفْسِه شِبْهَ عَمْدٍ، فهو كالخَطَأَ، في أحدِ الوَجْهَيْنِ، وفى الآخَرِ، لا تَحْمِلُه العاقلةُ بحالٍ.
4187 - مسألة: (وِإن نزَل رَجُلٌ في بِئْرٍ، فَخَرَّ عليهِ آخَرُ، فمات الأَوَّلُ مِن سَقْطَتِه، فعلى عاقِلتِه دِيَتُه)
وجملةُ ذلك، أنَّه إذا نَزَلَ رَجُلٌ في بئرٍ، فسقَط عليه آخرُ، فقَتَلَه، فعليه ضَمانُه، كما لو رَمَى عليه حَجَرًا. ثم يُنْظَرُ؛ فإن كان عَمَدَ رَمْىَ نَفْسِه عليه (2)، وهو ممَّا يَقْتُلُ غالبًا، فعليه القِصاصُ، وإن كان ممَّا لا يَقْتُلُ غالبًا، فهو شِبْهُ عَمْدٍ، وإن وقَع خَطأً،
(1) سقط من: الأصل.
(2)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالدِّيَةُ على عاقِلَتِه مُخفَّفَةً، وإن مات الثانى بوُقُوعِه على الأوَّل، فدَمُه (1) هَدْرٌ؛ لأنَّه مات بفِعْلِه. وقد رَوَى عَلِىُّ بنُ رَباحٍ اللَّخْمِىُّ، أنَّ رَجُلًا كان يَقودُ أعْمَى، فوَقَعا في بِئْرٍ؛ خَرَّ البَصِيرُ، فوَقَعَ الأعْمَى فوقَ البَصِيرِ، فقَتَلَه، فقَضَى عمرُ بعَقْلِ البَصِيرِ على الأعْمَى، فكان الأعْمَى يُنْشِدُ في المَوْسِمِ:
يَا أيُّها الناسُ لَقِيتُ مُنْكَرَا
هل يَعْقِلُ الأعْمَى الصَّحِيجَ المُبْصِرَا
خَرَّا مَعًا كِلَاهُما تَكَسَّرَا (2)
وهذا قولُ ابنِ الزُّبَيْرِ، وشرَيْحٍ، والنَّخَعِىِّ، والشافعىِّ، وإسْحاقَ. قال شيْخُنا (3): ولو قال قائل: ليسمى على الأعْمَى ضَمانُ البَصِيرِ؛ لأنَّه الذى قادَه إلى المكانِ الذى وَقَعا فيه، وكان سَبَبَ وُقُوعِه عليه، ولذلك لو فَعَلَه قَصْدًا لم يَضْمَنْه، بغيرِ خِلافٍ، وكان عليه ضَمانُ الأعْمَى (4)، إلَّا أن يكونَ مُجْمَعًا عليه، فلا تجوزُ مُخالَفَةُ الإجْماعِ. ويَحْتَمِلُ أنَّه إنَّما لم يَجِبِ الضَّمانُ على القائدِ لوَجْهَيْنِ؛ أحدُهما، أنَّه مَأْذُونٌ فيه مِن جِهَةِ
(1) في تش: «فديته» .
(2)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب القوم يدفع بعضهم بعضًا في البئر أو الماء، من كتاب الديات. المصنف 9/ 402. والدارقطنى، في: كتاب الحدود والديات وغيره. سنن الدارقطنى 3/ 98، 99. والبيهقى، في: باب ما ورد في البئر جبار والمعدن جبار، من كتاب الديات. السنن الكبرى 8/ 112. وقال الحافظ: وفيه انقطاع. تلخيص الحبير 3/ 37.
(3)
في: المغنى 12/ 85.
(4)
بعده في المغنى: «ولو لم يكن سببا لم يلزمه ضمان بقصده. لكان له وجه» . عزاه صاحب المبدع كما في الشرح للمغنى. المبدع 8/ 336.