الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيهما جَمالًا ومَنْفَعَةً، وليس في البَدَنِ غيرُهما مِن جِنْسِهِما، فوجَبَتْ فيهما الدِّيَةُ، كسائرِ ما في البَدَنِ منه شيئان. وفى إحْداهما نِصْفُ الدِّيَةِ، كما ذكَرْنا في غيرِهما. وإن جَنَى عليهما فأشَلَّهما، وجَبَتْ دِيَتُهما، كما لو جَنَى على شَفَتَيْه فأشَلَّهما. ولا فَرْقَ بينَ كَوْنِهما غَلِيظَتَيْن أو دَقِيقَتَيْن، قصيرتَيْن أو طَوِيلتَيْن، مِن بكرٍ أو ثَيِّبٍ، أو صغيرةٍ أو كبيرةٍ (1)، مَخْفُوضةٍ (2) أو غيرِ مَخْفُوضةٍ (2)؛ لأنُّهما عُضْوان فيهما الدِّيَةُ، فاسْتَوى فيه جميعُ ما ذكَرْنا، كسائرِ أعْضائِها. ولا فَرْقَ بينَ الرَّتْقاءِ وغيرِها؛ لأَنَّ الرَّتْقَ عَيْبٌ في غيرِهِما، فلم يَنْقُصْ ذلك مِن دِيَتِهما، كما أنَّ الصَّمَمَ لم يَنْقُصْ دِيَةَ الأُذُنَيْنِ. والخَفْضُ (3)؛ هو الخِتانُ في حَقِّ المرأةِ.
فصل: وفى رَكَبِ المَرْأَةِ حُكُومَةٌ، وهو عانَةُ المَرْأةِ، وكذلكَ في (4) عانَةِ الرَّجُلِ؛ لأنَّه لا مُقَدَّرَ فيه، ولا هو نَظِيرٌ لِمَا قُدِّرَ فيه. فإن أُخِذَ منه شئٌ مع فَرْجِ المرأةِ وذكرِ الرَّجُلِ، ففِيه الحُكومةُ مع الدِّيَةِ، كما لو أُخِذَ مع الأنْفِ أو الشَّفَتَيْن مِن اللَّحْمِ الذى حَوْلَهما.
4241 - مسألة: وفى اللِّسانِ الدِّيَةُ إذا كان ناطِقًا
. أجْمعَ أهلُ العلمِ على وُجُوبِ الدِّيَةَ في لسانِ النَّاطِقِ. ورُوِىَ ذلك عن أبى بكرٍ، وعمرَ،
(1) بعده في تش، ر 3، ق، م:«أو» .
(2)
في الأصل، م:«محفوظة» .
(3)
في م: «الحفظ» .
(4)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعلىٍّ، وابنِ مسعودٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم. وبه قال أهلُ المدينةِ، وأهلُ الكوفةِ، وأصْحابُ الرَّأْى، وأهلُ الحديثِ، وغيرُهم. وفى كتابِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم لعَمْرِو بنَ حَزْمٍ:«وفِى اللِّسَانِ الدِّيَةُ» (1). ولأَنَّ فيه جَمالًا ومَنْفَعةً، فأشْبَهَ الأنْفَ؛ فأمَّا الجَمالُ، فقد رُوِى عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه (2) سُئِلَ عن الجمالِ، فقال:«في اللِّسَانِ» (3). ويُقال: جَمالُ الرَّجُلِ في لسانِه، والمرءُ بأصْغَرَيْه قلبِه ولسانِه. ويُقال: ما الإِنْسانُ لولا اللِّسانُ إلَّا صورةٌ مُمَثَّلَةٌ، أو بَهيمةٌ مُهْمَلَةٌ. وأمَّا النَّفْعُ، فإنَّ به تُبْلَغُ الأغْراضُ، وتُسْتَخْلَصُ الحُقوقُ، وتُدْفَعُ الآفاتُ، وتُقْضَى الحاجاتُ، وتَتِمُّ العِباداتُ؛ في القراءةِ والذِّكْرِ، والشُّكْرِ، والأمْرِ بالمَعْرُوفِ، والنَّهْىِ عن المُنْكَرِ، والتَّعْلِيمِ، والدَّلالةِ على الحقِّ المُبِينِ والصِّراطِ المُسْتقيمِ، وبه يَذوقُ الطَّعامَ، ويَسْتَعِينُ في مَضْغِه وتَقْلِيبِه، وتَنْقِيَةِ الفَمِ، وتنْظِيفِه، فهو أعْظَمُ الأعْضاءِ نَفْعًا، وأتَمُّها جَمالًا، فإيجابُ الدِّيَةِ في غيرِه تَنْبِيهٌ على إيجابِها فيه. وإنَّما تجِبُ الدِّيَةُ في اللِّسانِ النَّاطِقِ، فأمَّا الأخْرَسُ، فسنَذْكُرُه في مَوْضِعِه، إن شاء اللَّهُ تعالى.
فصل: فإن قطَعَ لِسانَ صغيرٍ لم يتكَلَّمْ لطُفولِيَّتِه، وجَبَتْ دِيَتُه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تجبُ؛ لأنَّه لِسانٌ لا كلامَ فيه، فأشْبَهَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 309.
(2)
سقط من: الأصل، م.
(3)
أخرجه الحاكم، في: باب ذكر مناقب العباس. . .، من كتاب معرفة الصحابة. المستدرك 3/ 330. عن على بن الحسين مرسلا. وانظر طرق الحديث والكلام عليها، في: تلخيص الحبير 4/ 28.