الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجِبُ فِى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الشِّجَاجِ وَالْجُرُوحِ.
ــ
يَلِيَه إلَّا نائبُ الإِمامِ، أو مَن يَسْتَنِيبُه وَلِىُّ الجِنايةِ. وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ مع لعَداوَةِ وقَصْدِ التَّشَفِّى أن يَحِيفَ في الاسْتِيفاءِ بما لا يُمْكِنُ تَلافِيه، ورُبَّما أَفْضَى إلى النِّزاعِ والاخْتِلافِ، بأن يَدَّعِىَ الجانِى الزِّيادةَ ويُنْكِرَها المُسْتَوْفِى.
4160 - مسألة: (ولا يَجِبُ)
القِصاصُ (فيما سِوَى ذلِك مِن الشِّجاجِ والجُرُوحِ) كما دُونَ المُوضِحَةِ أو أعْظَمَ مِنْها. وممَّن رُوِى عنه منعُ القِصاصِ فيما دُونَ المُوضِحَةِ؛ الحسنُ، وأبو عُبَيْدٍ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ومَنَعَه فيما فوقَها عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، وعَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، والحَكَمُ، وابنُ شُبْرُمَةَ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْى، ولا نعلمُ أحدًا أوْجَبَ القِصاصَ فيما فوقَ المُوضِحَةِ، إلَّا ما رُوِى عن ابنِ الزُّبَيْرِ، أنَّه أقادَ من المُنَقِّلَةِ، وليس بثابتٍ عنه. قال ابنُ المُنْذِرِ (1): ولا أعلمُ أحدًا خالفَ ذلك. [ولأنَّها جِراحاتٌ](2) لا تُؤْمَنُ الزِّيادةُ فيها، فأَشْبهَ (3) الجائِفَةَ. وأمَّا ما دُونَ المُوضِحَةِ، فقد رُوِى عن مالكٍ، أنَّ القِصاصَ يجبُ في الدَّامِيَةِ والباضِعَةِ والسِّمْحاقِ. ورُوِىَ نحوُه عن أصْحابِ الرَّأْى. ولَنا، أنَّها جِراحَةٌ لا تَنْتَهِى إلى عَظْمٍ، فلم يجبْ
(1) انظر: الإشراف 3/ 97.
(2)
في الأصل، تش:«وأنهما جراحتان» .
(3)
في الأصل، تش:«فأشبها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها قِصاصٌ، كالجائِفَةِ، ولأنَّه لا يُؤْمَنُ فيها الزِّيادةُ، فأَشْبَهَ كَسْرَ العِظامِ، وبيانُ ذلك، أنَّه إنِ اقْتَصَّ مِن غيرِ تَقْدِيرٍ، أفْضَى إلى أن يأْخُذَ أكثرَ مِن حَقِّه، وإنِ اعْتَبَرَ مِقْدارَ العُمْقِ، أفْضَى إلى أن يَقْتَصَّ مِنَ الباضِعَةِ والسِّمْحاقِ مُوضِحَةً، ومِنَ الباضِعَةِ سِمْحاقًا؛ لأنَّه قد يكونُ لَحْمُ المَشْجُوجِ كثيرًا (1)، بحيثُ يكون عُمْقُ باضِعَتِه كعُمْقِ مُوضِحَةِ الشَّاجِّ أو سِمْحاقِه، ولأنَّنا لم نعْتَبرْ في المُوضِحَةِ قَدرَ عُمْقِها، فكذلك في غيرِها.
فصل: ولا قِصاصَ في المأْمُومَةِ مِن شِجاجِ الرَّأْسِ، ولا في الجائِفَةِ. والمأْمُومَةُ هى التى تَصِلُ إلى جِلْدَةِ الدماغِ. والجائِفَةُ هى التى تَصِلُ إلى الجَوْفِ. وليس فيهما قِصاصٌ عندَ أحَدٍ مِن أهلِ العلمِ نعْلَمُه، إلَّا ما رُوِى عن ابنِ الزُّبَيْرِ، أنَّه أقَصَّ (2) مِنَ المأْمُومَةِ، فأنْكَرَ الناسُ عليه، وقالوا: ما سَمِعْنا أحدًا أقَصَّ (2) منها قبلَ ابنِ الزُّبَيْرِ (3). ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا قِصاصَ في المأمُومَةِ (4). وهو قولُ مَكْحُوِلٍ، والزُّهْرِىِّ، والشَّعْبِىِّ. وقال عَطاءٌ، والنَّخَعِىُّ: لا قِصاصَ في الجائِفةِ. وروَى ابنُ ماجَه، في «سُنَنِه» (5)، عن العبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، عن
(1) في الأصل: «كبيرًا» .
(2)
في الأصل، تش:«اقتص» .
(3)
أخرجه عبد الرزاق، في: باب ما لا يستقاد، من كتاب العقول. المصنف 9/ 459.
(4)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب من قال: لا يقاد من جائفة ولا مأمومة ولا منقلة، من كتاب الديات. المصنف 9/ 255.
(5)
في: باب ما لا قود فيه، من كتاب الديات. سنن ابن ماجه 2/ 881.
كما أخرجه البيهقى، في: باب ما لا قصاص فيه، من كتاب الجنايات. السنن الكبرى 8/ 65.