الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَالْخَطَأُ عَلَى ضَرْبَيْنِ؛ أَحَدُهُما، أَنْ يَرْمِىَ الصَّيْدَ، أَوْ يَفْعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ، فَيَقْتُلَ إِنْسَانًا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
ــ
فصل: (والخَطَأُ على ضَرْبَيْن؛ أحَدُهما، أنَّ يَرْمِىَ الصَّيْدَ، أو يفعلَ ما له فِعْلُه) فيَئُولَ إلى إتْلافِ إنسانٍ مَعْصُوم (فعليه الكَفَّارَةُ، والدِّيَةُ على العاقِلةِ) بغيرِ خِلافٍ. قال ابنُ المُنْذِرِ (1): أجْمَعَ كلُّ مَن أحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، أنَّ القتلَ الخَطَأَ، أنَّ يَرْمِىَ الرَّامِى شيئًا، فيُصِيبَ غيرَه، لا أعْلَمُهم يَخْتَلِفُون فيه، هذا قولُ عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، وقَتادَةَ، والنَّخَعِىِّ، والزُّهْرِىِّ، وابنِ شُبْرُمَةَ، والثَّوْرِىِّ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وأصْحابِ الرَّأْى. والأَصْلُ في وُجُوب الدِّيَةِ والكفَّارةِ قولُ اللَّهِ تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} (2). وسواءٌ كان المَقْتُولُ مسلمًا أو كافِرًا له عهدٌ؛ لقول اللَّهِ تعالى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (2). ولا قِصاصَ في شئٍ مِن هذا؛ لأَنَّ اللَّهَ تعالى
(1) انظر: الإشراف 7/ 3.
(2)
سورة النساء 92.
الثَّانِى، أَنْ يَقْتُلَ فِى دَارِ الْحَرْبِ مَنْ يَظُنُّهُ حَرْبِيًّا، وَيَكُونُ مُسْلِمًا، أَو يَرْمِىَ إلَى صَفِّ الْكُفَّارِ، فَيُصِيبَ مُسْلِمًا، أو يَتَتَرَّسَ الْكُفَّارُ بمُسْلِمٍ، وَيَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِنْ لَمْ يَرْمِهِمْ، فَيَرْمِيَهُمْ، فَيَقْتُلَ الْمُسْلِمَ. فَهذَا فِيهِ الْكَفَّارَةُ. وَفِى وُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ
ــ
أوْجَبَ به الدِّيَةَ، ولم يَذْكُرْ قِصاصًا، وقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم:«رُفِعَ عَنْ أُمُّتِى الخَطَأُ، والنِّسْيانُ، وما اسْتُكْرِهُوا عليه» (1). ولأنَّه لم يُوجِبِ القِصاصَ في عَمْدِ الخَطَأ، ففى الخَطَأُ أَوْلَى.
الضَّرْبُ (الثانى، أن يَقْتُلَ في دارِ الحربِ مَن يَظُنُّه حَرْبِيًّا، ويكونُ مسلمًا، أو يَرْمِىَ إلى صَفِّ الكُفَّارِ، فيُصِيبَ مسلمًا، أو يَتَتَرَّسَ الكفَّارُ بمسلمٍ، ويَخافُ على المسلمين إن لم يَرْمِهم، فيَرْمِيَهم فيَقْتُلَ المسلمَ، فهذا تجِبُ به الكفَّارَةُ) رُوِى ذلك عن ابنِ عباسٍ. وبه قال عطاءٌ، ومجاهِدٌ، وعَكْرِمَةُ، وقَتادَةُ، والأوْزاعِىُّ، وأبو حنيفةَ (وفى وُجُوبِ الدِّيَةِ على
(1) تقدم تخريجه في 1/ 276، 2/ 381.
رِوَايَتَانِ.
ــ
العاقِلةِ رِوايتان) إحْداهما، تجِبُ. وهو قولُ مالكٍ، والشافعىِّ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} . وقال عليه السلام: «ألَا إنَّ في قَتِيلِ خَطَأَ العَمْدِ، قَتِيلِ السَّوْطِ والعَصَا، مائَةً مِنَ الإِبِلِ» . ولأنَّه قَتَل مسلمًا خَطَأً، فوَجَبَتْ دِيَتُه، كما لو كان في دارِ الإِسلام. والثانيةُ، لا تجِبُ الدِّيَةُ؛ لقولِ اللَّهِ تعالى:{فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} .