الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلُّ مَنْ أَتْلفَ إِنْسَانًا أَوْ جُزْءًا مِنْهُ، بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ، فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ، فَإِنْ كَانَ عَمْدًا مَحْضًا، فَهِىَ في مَالِ الْجَانِى حَالَّةً.
ــ
تعالى. وأجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على وُجُوب الدِّيَةِ في الجُمْلَةِ. [وسيَأْتِى ذلك مُفَصَّلًا في مواضِعِه مُبَيَّنًا، إن شاءَ اللَّهُ تعالى](1).
4170 - مسألة: (كُلُّ مَن أَتْلَفَ إنْسَانًا أو جُزءًا منه، بمُباشَرَةٍ أو سَبَبٍ، فعليه دِيَتُه)
سَواءٌ كان مُسْلِمًا أو ذِمِّيًّا، أو مُسْتَأْمِنًا أو مُهَادِنًا؛ لِما ذكَرْنا مِن الآيةِ، وفيها:{وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} . وعَبَّرَ عن الذِّمَّةِ بالمِيثاقِ، وحديثِ أبى بكرِ بنِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حَزْم، حينَ كَتَبَ له النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم كتابًا إلى أَهْلِ اليَمَنِ، ذكرَ فيه الدِّياتِ، وأجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على ذلك في الجملةِ.
4171 - مسألة: (فَإنْ كان)
القَتْلُ (عَمْدًا مَحْضًا، فهى في مالِ الجانى حَالَّةً) أجْمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّ دِيَةَ العَمْدِ تَجِبُ في مالِ القاتلِ، لا تَحْمِلُها العاقِلةُ. وهذا يَقْتَضِيه الأصْلُ، وهو أنَّ بَدَلَ المُتْلَفِ يَجِبُ على المُتْلِفِ، وأَرْشَ الجِنايةِ على الجانِى، قال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَجْنِى جَانٍ إلَّا على نَفْسِه» (2). وقال لبعضِ أصْحابِه، حينَ رأى معَه ولَدَه: «ابْنُكَ
(1) زيادة من: تش، ر 3.
(2)
تقدم تخريجه في 19/ 314.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذَا؟». قال: نعم. قال: «أمَا إنَّهُ لا يَجْنِى عليك، ولا تَجْنِى عليه» (1). ولأَنَّ مُوجَبَ الجنايةِ أَثَرُ فِعْلِ الجانى، فيجِبُ أن يَخْتَصَّ بضَرَرِها، كما يَخْتَصُّ بنَفْعِها، فإنَّه لو كَسَب كان كَسْبُه لغيرِه، وقد ثَبَت حُكمُ ذلك في سائرِ الجِناياتِ والأكْسابِ، وإنَّما خُولِفَ هذا الأصْلُ في قَتْلِ الحُرِّ المَعْذُورِ فيه، لكَثْرةِ الواجِبِ، وعَجْزِ الجانِى في الغالِبِ عن تَحَمُّلِه، مع وُجُوبِ الكَفّارَةِ عليه، وقِيامِ عُذْرِه، تَخْفِيفًا عنه (2)، ورِفْقًا به، والعامِدُ لا عُذْرَ له، فلا يَسْتَحِقُّ التَّخْفِيفَ، ولا يُوجَدُ فيه المعنى المُقْتَضِى للمُواساةِ في الخَطَأ. إذا ثبَت هذا، فإنَّها تَجِبُ حالَّةً. وبهذا قال مالكٌ، والشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: تَجِبُ في ثَلاثِ سِنِينَ؛ لأنَّها دِيَةُ آدَمِىٍّ، فكانتْ مُؤَجَّلَةً، كدِيَةِ شِبْهِ العَمْدِ. ولَنا، أنَّ ما وجَب بالعَمْدِ المَحْضِ كان حالًّا، كالقِصاصِ وأَرْشِ أطْرافِ العَبْدِ، ولا يُشْبِهُ شِبْهَ (3) العَمْدِ؛ لأَنَّ القاتِلَ مَعْذُورٌ، لكَوْنِه لم يَقْصِدِ القَتْلَ، وإنَّما أفْضَى إليه مِن غيرِ اخْتِيارٍ منه، فأشْبَهَ الخَطَأ، ولهذا تَحْمِلُه العاقِلَةُ، ولأَنَّ القَصْدَ (4) التَّخْفِيفُ عن العاقلةِ الذين لم يَصْدُرْ منهم جِنايةٌ، وحَمَلُوا
(1) أخرجه أبو داود، في: باب في الخضاب، من كتاب الترجل، وفى: باب لا يؤخذ أحد بجريرة أخيه أو أبيه، من كتاب الديات. سنن أبى داود 2/ 403، 477. والنسائى، في: باب هل يؤخذ أحد بجريرة غيره، من كتاب القسامة. المجتبى 8/ 47. والدارمى، في: باب لا يؤخذ أحد بجناية غيره، من كتاب الديات. سنن الدارمى 2/ 199. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 226 - 228.
(2)
سقط من: الأصل، تش.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: «القصاص» .