الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ جَرَحَهُ أحَدُهُمَا جُرْحًا وَالْآخَرُ مِائَةً، فَهُمَا سَوَاءٌ فِى الْقِصَاصَ وَالدِّيَةِ.
ــ
علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّه قَتَل ثلاثةً قَتَلُوا رجلًا (1). وعن ابنِ عباسٍ، أنَّه قَتَل جماعةً بواحدٍ (2). ولم يُعْرَفْ لهم في عَصْرِهم مُخَالِفٌ، فكان إجْماعًا، ولأنَّها عُقُوبَةٌ تجِبُ للواحدِ على الواحدِ، فوَجَبَتْ للواحدِ على الجماعةِ، كحَدِّ القَذْفِ. ويُفارِقُ الدِّيَةَ؛ فإنَّها تَتَبَعَّضُ، والقِصاصُ لا يَتَبَعَّضُ، ولأَنَّ القِصاصَ لو سَقَط بالاشْتِراكِ، أدَّى إلى التَّسارُعِ إلى القَتْلِ به، فيُؤَدِّى إلى إسْقاطِ حِكْمةِ الرَّدْعِ والزَّجْرِ.
4050 - مسألة: (وإن جَرَحَه أحَدُهما جُرْحًا والآخَرُ مائَةً، فهما
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، في: المصنف 9/ 348. والبيهقى، في: السنن الكبرى 8/ 41.
(2)
انظر ما أخرجه عبد الرزاق، في: المصنف 9/ 479.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
سواءٌ في القِصاصِ والدِّيَةِ) وجملةُ ذلك، أنَّه لا يُعْتَبَرُ في وُجُوب القِصاصِ على المُشْتَرِكِين التَّساوِى في سَبَبه، فلو جَرَحَه أحَدُهما جُرْحًا والآخَرُ مِائَةً، أو أوْضَحَه أحَدُهما وشَجَّه الآخَرُ آمَّةً، أو أحَدُهما جائِفَةً والآخَرُ غيرَ جائِفَةٍ، فمات، كانا سواءً في القِصاصِ والدِّيَةِ؛ لأَنَّ اعْتِبارَ التَّساوِى يُفْضِى إلى سُقُوطِ القِصاصِ عن المُشْترِكِين، إذ لا يكادُ جُرْحان يَتَساوَيان مِن كلِّ وَجْهٍ، ولو احْتَمَلَ التَّساوِى لم يَثْبُتِ الحُكْمُ؛ لأَنَّ الشَّرْطَ يُعْتَبَرُ العِلْمُ بوُجُودِه، ولا يُكْتَفَى باحْتِمالِ الوُجُودِ، بل الجَهْلُ بوُجُودِه كالعِلْمِ بعَدَمِه في انْتفاءِ (1) الحُكْمِ، ولأَنَّ الجُرْحَ الواحِدَ يَحْتَمِلُ أنَّ يموتَ منه دُونَ المائةِ، كما يَحْتَمِلُ أن يموتَ مِن المُوضِحَةِ دُونَ الآمَّةِ، ومِن غيرِ الجائِفَةِ دُونَ الجائِفَةِ، ولأَنَّ الجِراحَ إذا صارت نَفْسًا (2) سَقَط اعْتِبارُها، فكان حُكْمُ الجماعةِ كحُكْمِ الواحِدِ، ألا تَرَى أنَّه لو قَطَع أطْرافَه كلَّها فمات، وَجَبَتْ دِيَةٌ واحدةٌ، كما لو قَطَع طَرَفَه فمات.
فصل: إذا اشْتَرَكَ ثلاثةٌ في قَتْلِ رجلٍ، فقَطَعَ أحَدُهم يَدَه، والآخَرُ رِجْلَه، وأوْضَحَه ثالثٌ، فمات، فللوَلِىِّ قَتْلُ (3) جميعِهم، والعفوُ عنهمِ إلى الدِّيَةِ، فيَأْخُذُ مِن كلِّ واحدٍ ثُلُثَها، وله أن يَعْفُوَ عن واحدٍ، فيأخذ منه ثُلُثَ الدِّيَةِ، ويَقْتُلَ الآخرَيْن، وأن يَعْفُوَ عن اثْنَيْن، فيَأْخُذَ منهما ثُلُثَى
(1) في م: «إسقاط» .
(2)
في الأصل: «يقينا» .
(3)
في الأصل، تش:«قتلهم» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الدِّيَةِ، ويَقْتُلَ الثالثَ. فإن بَرَأتْ جراحَةُ أحَدِهم، ومات مِن الجُرْحَيْن الآخَرَيْن، فله أن يَقْتَصَّ مِن الذى بَرَأ جُرْحُه بمثلِ جُرْحِه، ويَقْتُلَ الآَخرَيْن أو يَأْخُذَ منهما دِيَةً كاملةً، أو يَقْتُلَ أحَدَهما ويَأْخُذ مِن الآخرِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وله أنَّ يَعْفُوَ عن الذى بَرَأَ جُرْحُه ويَأْخُذَ منه دِيَةَ جُرْحِه. فإنِ ادَّعَى المُوضِحُ أنَّ جُرْحَه بَرَأ قبلَ موتِه، وكَذَّبَه شَرِيكاه، نَظَرْتَ في الوَلِىِّ؛ فإن صَدَّقَه ثَبَت حكمُ البُوْءِ بالنِّسْبَةِ إليه، فلا يَمْلِكُ قَتْلَه، ولا مُطالَبَتَه بثُلُثِ الدِّيَةِ، وله أن يَقْتَصَّ منه مُوضِحَةً أو يَأْخُذَ منه أرْشَها، ولم يُقْبَلْ قولُه في حَقِّ شَرِيكَيْه (1)؛ لأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ البُرْء فيها، لكنْ إنِ اخْتارَ الوَلِىُّ القِصاصَ، فلا فائدةَ لهما في إنْكارِ ذلك؛ لأَنَّ له أنَّ يَقْتُلَهُما، سواءٌ بَرَأتْ أو لم تَبْرَأْ. وإنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ، لم يَلْزَمْهما أكْثَرُ مِن ثُلُثَيْها. وإن كَذَّبَه الوَلِى، حَلَف، وله الاقْتِصاصُ (2) منه، أو مُطالَبَتُه بثُلُثِ الدِّيَةِ، ولم يكنْ له مُطالَبَةُ شَرِيكَيْه (3) بأكثرَ مِن ثُلُثَيْها. وإن شَهِد له شَرِيكاه ببُرْئِها، لَزِمَهما الدِّيَةُ كاملةً؛ لإِقْرارِهما بوُجُوبِها، وللوَلِىِّ أخْذُها منهما إن صَدَّقَهما، وإن لم يُصَدِّقْهما وعَفا إلى الدِّيَةِ، لم يكنْ له أكثرُ مِن ثُلُثَيْها (4)؛ لأنَّه لا (5) يَدَّعِى أكثرَ مِن ذلك. وتُقْبَلُ شَهادَتُهما إن كانا قد تابا و (6) عُدِّلا؛ لأنَّهما لا
(1) في الأصل: «شريكه» .
(2)
في الأصل: «القصاص» .
(3)
في تش، م:«شريكه» .
(4)
في م: «ثلثها» .
(5)
سقط من: م.
(6)
في الأصل: «أو» .