الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِى السَّكْرَانِ وَشِبْهِهِ رِوَايَتَانِ؛ أَصَحُّهُمَا، وُجُوبُهُ عَلَيْهِ.
ــ
حالَ الجِنايةِ. وقال وَلِىُّ الجِنايةِ: كنتَ بالِغًا. فالقولُ قولُ الجانِى مع يَمينِه، إذا احْتَمَلَ الصِّدْقَ؛ لأَنَّ الأَصْلَ الصِّغَرُ، وبَراءَةُ ذمَّتِه مِن القَصاصِ. وإن قال: قَتَلْتُه وأنا مَجْنُونٌ. وأنْكَرَ الوَلِى جُنُونَه، فإن عُرِفَ له حالُ جُنُونٍ، فالقولُ قولُه مع يَمِينِه أيضًا لذلك، وإن لم يُعْرَفْ له حالُ جُنُونٍ، فالقولُ قولُ الوَلِىِّ؛ لأَنَّ الأَصْلَ السَّلامَةُ، وكذلك إن عُرِفَ له (1) جُنُونٌ، ثُمَّ عُرِفَ زَوالُه قبلَ القَتْلِ، وإن ثَبَت لأحَدِهما بما ادَّعاه بَيِّنَةٌ، حُكِمَ له. وإن أقاما بَيِّنتَيْن تَعارَضَتا، فإن شَهِدَتِ البَيِّنَةُ أنَّه كان زائِلَ العَقْلِ، فقال الوَلِىُّ: كنتَ سَكْرانَ. وقال القاتِلُ: كنتُ مَجْنُونًا. فالقولُ قَوْلُ القاتِلِ مع يَمِينِه؛ لأنَّه أعْرَفُ بنفسِه، ولأَنَّ الأَصْلَ بَراءَةُ ذِمَّتِه، واجْتِنابُ المسلِمِ فِعْلَ ما يَحْرُمُ عليه. فأمّا إن قَتَلَه وهو عاقِلٌ ثم جُنَّ، لم يَسْقُطْ عنه، سَواء ثَبَتَ ذلك ببيِّنَةٍ أو إقْرارٍ؛ لأَنَّ رُجُوعَه غيرُ مَقْبُولٍ، ويُقْتَصُّ منه في حالِ جُنُونِه. ولو ثَبَت عليه الحَدُّ (2) بإقْرارِه، ثم جُنَّ، لم يُقَمْ عليه حالَ جُنُونِه؛ لأَنَّ رُجُوعَه يُقْبَلُ، فيَحْتَمِلُ أنَّه لو كان صحيحًا رَجَع.
4063 - مسألة: (وفى السَّكْرانِ وشِبْهِهِ رِوايَتان؛ أصَحُّهما
،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وُجُوبُه عليه) إذا قتَلَ السَّكْرانُ وَجَب عليه القِصاصُ. ذَكَره القاضى. وذَكَر أبو الخَطَّابِ، أنَّ وُجُوبَ القِصاصِ عليه مَبْنِىٌّ على طَلاقِه، وفيه رِوايَتان، فيكونُ في وُجُوبِ القِصاصِ عليه وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يجِبُ عليه؛ لأنَّه زائِلُ العَقْلِ، أشْبَهَ المَجْنُونَ، ولأنَّه غيرُ مُكَلَّفٍ، فأشْبَهَ الصَّبِىَّ. ولَنا، أنَّ الصحابةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنهم، أقاموا سُكْرَه مُقامَ قَذْفِه، فأوْجَبُوا عليه حَدَّ القاذِفِ، فلولا أنَّ قَذْفَه مُوجب للحَدِّ عليه لَما وَجَب الحَدُّ بمَظِنَّتِه، وإذا وَجَب الحَدُّ، فالقِصاصُ المُتَمَحِّضُ حَقَّ آدَمِىٍّ أوْلَى، ولأنَّه حُكْمٌ لو لم يُوجِبْ (1) عليه القِصاصَ والحَدَّ، لأفْضَى إلى أنَّ مَن أراد أنَّ يَعْصِىَ اللَّهَ تعالى، شَرِب ما يُسْكِرُه، ثم يَقْتُلُ ويَزْنِى ويَسْرِقُ، ولا تَلْزَمُه عُقُوبَة، ولا يَأْثَمُ (2)، ويَصِيرُ عِصْيانُه سَبَبًا لسُقُوطِ عُقُوبَةِ الدُّنْيا والآخِرَةِ عنه، ولا وَجْهَ لهذا. وفارَقَ الطَّلاقَ؛ لأنَّه قولٌ يُمْكِنُ إلْغاؤُه، بخِلافِ القَتْلِ. فإن شَرِب أو أكَلَ ما يُزِيلُ عَقْلَه غيرَ الخَمْرِ على وَجْهٍ مُحَرَّمٍ (3)، فإن زال عَقْلُه بالكُلِّيَّةِ بحيث صار مَجْنُونًا،
(1) في الأصل، تش، ر 3:«يجب» .
(2)
في ق، م:«مأثم» .
(3)
في الأصل: «يحرم» .