الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
النَّوْعُ الثَّانِى، الْجُرُوحُ، فَيَجِبُ الْقِصَاصُ في كُلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِى إِلَى عَظْمٍ؛ كَالْمُوضِحَةِ، وَجُرْحِ الْعَضُدِ، وَالْفَخِذِ، وَالسَّاقِ، وَالْقَدَمِ.
ــ
فصل: قال رحمه الله: (النَّوعُ الثانى، الجُروحُ، فيجبُ القِصاصُ في كلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِى إلى عَظْمٍ؛ كالمُوضِحَةِ، وجُرحِ العَضُدِ، والفَخِذِ، والسَّاقِ، والقَدَمِ) لقولِ اللَّهِ تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} . [ولحديثِ الرُّبَيِّعِ (1) الذى ذَكَرْناه. إذا ثبَت هذا، فإنَّ القِصاصَ](2) يجبُ في كلِّ جُرْحٍ يَنْتَهِى إلى عَظْمٍ يُمْكِنُ اسْتِيفاؤُه مِن غيرِ زِيادةٍ، كالمُوضِحَةِ في الرَّأْسِ والوَجْهٍ، [ولا نَعْلَمُ في جوازِ القِصاصِ في المُوضِحَةِ خِلافًا، وهى كلُّ جُرحٍ يَنْتَهِى إلى عَظْمٍ في الرأْسِ والوجْهِ](3)؛ وذلك أنَّ اللَّه تعالى نَصَّ على القِصاصِ في الجُرُوحِ، فلو لم يَجِبْ ههنُا لسَقَطَ حُكمُ الآيةِ، وفى معْنى المُوضِحَةِ كُلُّ جُرْحٍ يَنْتَهِى إلى عَظْمٍ فيما سِوَى الرَّأْسِ والوَجْهِ؛ كالسَّاعِدِ، والعَضُدِ، والفَخِذِ، والسَّاقِ، يجبُ فيه القِصاصُ، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ. وهو مَنْصُوصُ الشافعىِّ. وقال بعضُ أصْحابِه: لا قِصاصَ فيها؛ لأنَّه لا مُقَدَّرَ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 202.
(2)
سقط من: م.
(3)
سقط من: م.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فيها. وهو غيرُ صَحِيحٍ؛ لمُخالَفَتِه قولَه تعالى: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} . ولأنَّه أمْكَنَ اسْتِيفاؤُه بغيرِ حَيْفٍ ولا زِيادةٍ، لكَوْنِه يَنْتَهِى إلى عَظْمٍ، فأَشْبَهَ المُوضِحَةَ، والتَّقْديرُ في المُوضِحَةِ ليس هو المُقْتَضِىَ للقِصاصِ، ولا عَدَمُه مانِعًا، وإنَّما كان التَّقْديرُ في المُوضِحَةِ لِكثرةِ شَيْنِها (1)، وشَرَفِ مَحَلِّها، ولهذا قُدِّرَ ما فوْقَها مِن شجاجِ الرَّأْسِ والوَجْهِ، ولا قِصاصَ فيه.
فصل: ولا يُسْتَوْفَى القِصاصُ فيما دُونَ النَّفْسِ بالسَّيْفِ، ولا بآلةٍ يُخْشَى منها الزِّيادةُ، سواءٌ كان الجُرْحُ بها أو بغيرِها؛ لأَنَّ القَتْلَ إنَّما اسْتُوفِىَ بالسَّيْفِ لأنَّه آلتُه، وليس ثَمَّ شئٌ يُخْشَى التَّعَدِّى إليه، فيَجِبُ أن يُسْتَوْفَى فيما دُونَ النَّفْسِ بآلتِه، ويُتَوَقَّى ما يُخْشَى منه الزِّيادةُ إلى مَحَلِّ لا يجوزُ اسْتِيفاؤُه، ولأنَّا منَعْنا القِصاصَ بالكُلِّيَّةِ فيما تُخْشَى الزِّيادةُ في اسْتِيفائِه، فَلأَنْ نَمْنَعَ الآلةَ التى يُخْشَى منها ذلك أوْلَى. فإن كان الجُرْحُ مُوضِحَةً أو ما أشْبَهَها، فبِالمُوسَى أو حَدِيدةٍ ماضِيةٍ مُعَدَّةٍ لذلك، ولا يَسْتَوْفِى إلَّا مَن له عِلْمٌ بذلك، كالجَرائِحِى ومَن أَشْبَهَه، فإن لم يكن للوَلِىِّ عِلْمٌ بذلك، أُمِرَ بالاسْتِنابةِ، وإن كان له عِلْمٌ، فقال القاضى: ظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه يُمَكنُ منه؛ لأنَّه أحَدُ نَوْعَىِ القِصاصِ، فيُمَكَّنُ مِن اسْتِيفائِه إذا كان يُحْسِنُ، كالقَتْلِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يُمَكَّنَ مِن اسْتِيفائِه بنَفْسِه، ولا
(1) في الأصل، تش:«شبهها» .