الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَدِيَةُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ قِيمَتُهُمَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ. وَعَنْهُ، لا يُبْلَغُ بِهَا دِيَةُ الْحُرِّ،
ــ
فصل: (ودِيَةُ العَبْدِ والأمَة قِيمَتُهما بالِغَةً ما بَلَغَتْ. وعنه، لا يُبْلَغُ بها دِيَةُ الحُرِّ) أجْمَعَ أهْلُ العلمِ على أنَّ في (1) العَبْدِ الذى لا تَبْلُغُ قِيمَتُه دِيَةَ الحُرِّ، قِيمَتَه. فإن بَلَغَتْ قِيمَتُه دِيَةَ الحُرِّ أو (2) زادَتْ عليها، فذهبَ أحمدُ، رحمه الله، في المشْهُورِ عنه، إلى أنَّ فيه قِيمَتَه بالِغَةً ما بَلَغَتْ، عَمْدًا كان القَتْلُ أو خَطَأً، سواء ضمنَ باليَدِ أو بالجِنايةِ. وهذا قولُ سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والحسنِ، وابنِ سِيرِينَ، وعمرَ بنِ عبدِ العزِيزِ، وإيَاسِ ابنِ مُعاوِيةَ، والزُّهْرِىِّ، ومَكْحُولٍ، ومالكٍ، والأوْزاعِىِّ، والشافعىِّ، وإسْحاقَ، وأبى يوسفَ. وقال النَّخَعِىُّ، والشَّعْبِىُّ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدٌ: لا يُبْلَغُ به دِيَةُ الحُرِّ. وحَكَاها أبو الخَطَّابِ رِوايةً عن أحمدَ. وقال أبو حنيفةَ: يَنْقُصُ عن دِيَةِ الحُرِّ دِينارًا، أو عَشَرَةَ دَراهِمَ،
(1) سقط من: الأصل، تش.
(2)
في الأصل، تش، ق، م:«و» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القَدْرَ الذى يُقْطَعُ به السَّارِقُ، هذا إذا ضمِنَ بالجِنايةِ، وإن ضمِنَ باليَدِ، مثلَ أن يغْصِبَ عبْدًا فيَمُوتَ في يَدِه، فإنَّ قِيمَتَه تَجبُ وإن زادتْ على دِيَةِ الحُرِّ. واحْتَجوا بأنه ضَمان آدَمِىٍّ، فلم يَزِدْ على دِيَةِ الحُرِّ، كضَمانِ الحرِّ، وذلك لأَنَّ اللَّه تعالى لَمَّا أوْجَبَ في الحُرِّ دِيَة لا تَزِيدُ، وهو أشْرَفُ لخُلُوِّه من (1) نَقْصِ الرِّقِّ، كان تَنْبِيهًا على أنَّ العَبْدَ المنْقُوصَ لا يُزادُ عليها، فتُجْعَلُ مالِيَّةُ العَبْدِ مِعْيارًا للقَدْرِ الواجِبِ فيه، ما لم يَزِدْ على الدِّيَةِ، فإن زادَ، عَلِمْنا خَطَأَ ذلك، فنَرُدُّه إلى دِيَةِ الحُرِّ، كأَرْشِ ما دُونَ المُوضِحَةِ، يجبُ فيه ما تُخْرِجُه الحُكُومةُ، ما لم يَزِدْ على أَرْشِ المُوضِحَةِ، فنَرُدُّه إليها. ولَنا، أنَّه مالٌ مُتَقَوَّمٌ، فيُضْمَنُ بكَمالِ قِيمَتِه بالغةً ما بَلَغَتْ، كالفَرَسِ، أو مَضْمُونٌ بقِيمَتِه، فكانتْ جميعَ القِيمَةِ (2). كما لو ضمِنَه باليَدِ، ويُخالِفُ الحُرَّ، فإنَّه ليس مَضْمُونًا بالقِيمَةِ، [وإنَّما ضُمِنَ بما قَدَّرَه الشَّرْعُ، فلم يتَجاوَزْه، ولأَنَّ ضَمانَ الحُرِّ ليس بضَمانِ مالٍ، ولذلك لم يختلِفْ باخْتِلافِ صِفَاتِه](3)، وهذا ضَمانُ مالٍ، يَزِيدُ بزِيادةِ المالِيَّةِ، ويَنْقُصُ بنُقْصانِها، فاخْتَلَفا.
(1) في ق، م:«عن» .
(2)
بعده في م: «مضمونة» .
(3)
سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا فَرْقَ في هذا الحكمِ بينَ القِنِّ مِن العَبِيدِ والمُدَبَّرِ والمُكاتَبِ وأُمِّ الوَلَدِ. قال الخَطَّابِىُّ (1): أجْمَعَ عَوامُّ الفُقَهاء، على أنَّ المُكاتَبَ عَبْد ما بَقِىَ عليه دِرْهَمٌ في جِنايَتِه، والجنايَةِ عليه، إلّا إبْراهيمَ النَّخَعِىَّ، فإنَّه قال في المُكاتَبِ: يُودَى بقَدْرِ ما أدَّى مِن كِتابَتِه دِيَةَ الحُرِّ، وما بَقِىَ دِيَةَ العَبْدِ. ورُوِىَ في ذلك شئٌ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه (2). وقد رَوَى أبو داودَ، في «سُنَنِه» ، والإمامُ أحمدُ في «مُسْنَدِه» (3): حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ، ثنا هشامُ بنُ أبى عبدِ اللَّهِ، قال: حدَّثَنِى يَحْيَى بنُ أبى كثيرِ، عن عِكْرِمَةَ، عن ابنِ عَبَّاسٍ، قال: قَضَى رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في المُكاتَبِ يُقْتَلُ، أنَّه يُودَى ما أدَّى مِن كِتابَتِه دِيَةَ الحُرِّ، وما بَقِىَ دِيَةَ العَبْدِ. قال الخَطَّابِىُّ (1): إذا صَحَّ الحديثُ، وجَب القولُ به، إذا لم يَكُنْ مَنْسُوخًا أو مُعارَضًا بما هو أوْلَى منه.
(1) في: معالم السنن 4/ 37
(2)
انظر: سنن أبى داود 1/ 500.
(3)
تقدم تخريجه في 18/ 381. وهذا إسناد الإمام أحمد.