الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَشَفَتِهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أُخِذَ مِثْلُهُ، يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ، كَالنِّصْفِ والثُّلُثِ والرُّبْعِ. وَإِنْ كَسَرَ بَعْضَ سِنِّهِ، بُرِدَ مِنْ سِنِّ الْجَانِى مِثْلُهُ، إِذَا أُمِنَ قَلْعُهَا،
ــ
شَفَتِه، أو حَشَفَتِه، أو أُذُنِه، أُخِذَ مثلُه، يُقَدَّرُ بالأجْزاءِ، كالنِّصْفِ والثُّلُثِ والرُّبْعِ) لقوْلِ اللَّهِ تعالى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (1). وقال
أبو الخَطَّابِ: لا يُؤْخَذُ بعضُ اللِّسانِ بالبعْضِ. ذكَرَه صاحبُ «المُحَرَّرِ» . ولَنا، أنَّه يُؤْخَذُ [جَمِيعُه بجَمِيعِه، فأُخِذَ بعْضُه ببَعْضِه، كالأنْفِ والأُذُنِ (2). ولا يُؤْخَذُ بالمِساحَةِ؛ لأنَّه يُفْضِى إلى أَخْذِ لِسانِ الجانِى](3) جَمِيعِه ببعْضِ لِسانِ المَجْنِىِّ عليه.
4153 - مسألة: (وإن كسَر بعضَ سِنِّهِ، بُرِدَ مِن سِنِّ الجانِى مِتلُه، إذا أُمِنَ قَلعُها)
يجْرِى القِصاصُ في بعْضِ السِّنِّ؛ لحديثِ الرُّبَيِّعِ [بِنْتِ النَّضْرِ](4) حينَ كَسَرَتْ سِنَّ جاريةٍ، فأمَرَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم بالقصاصِ.
(1) سورة المائدة 45.
(2)
سقط من: الأصل، م.
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
سقط من: م. وتقدم تخريجه في صفحة 202.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ويُقَدَّرُ ذلك بالأجْزاءِ؛ النِّصْفُ بالنِّصْفِ، وكلُّ جُزْءٍ بمثلِه، ولا يُؤْخَذُ بالمِساحَةِ؛ لئَلَّا يُفْضِىَ إلى أخْذِ جميعِ سنِّ الجانِى ببعضِ سِنِّ المَجْنِىِّ عليه، ويكونُ القِصاصُ بالمِبْرَدِ، لتُؤْمَنَ الزِّيادَةُ، فإنَّا لو أخَذْناها بالكَسْرِ، لم نَأْمَنْ أن يَنْصَدِعَ، أو يَنْقَلِعَ، أو يَنْكَسِرَ مِن غيرِ مَوضعِ القِصاصِ. ولا يُقْتَصُّ حتى يقولَ أهْلُ الخِبْرَةِ: إنَّه يُؤْمَنُ (1) انْقِلاعُها، أو السَّوادُ فيها؛ لأَنَّ تَوَهُّمَ الزِّيادةِ يَمْنَعُ القِصاصَ في الأعْضاءِ، كما لو قُطِعَتْ يَدُه مِن غيرِ مَفْصِلٍ. فإن قيل: فقد أجَزْتُم (2) القِصاصَ في الأطْرَافِ مع تَوَهُّمِ سِرايَتِها إلى النَّفْسِ، فَلِمَ مَنَعْتُم منه (3) لتَوَهُّمِ السِّرَايَةِ منه إلى بَعْضِ العُضْوِ؟ قُلْنا: وَهْمُ السِّرايةِ إلى النَّفْسِ لا سبيلَ إلى التَّحَرُّزِ منه، فلو اعْتَبَرْناهُ في المَنْعِ، أفْضَى إلى سُقُوطِ القِصاصِ في الأطْرافِ بالكُلِّيَّةِ، فسَقَطَ اعْتِبارُه، أمَّا السِّرايَةُ إلى بعضِ العُضْوِ، فتارةً نقولُ: إنَّما يَمْنَعُ القِصاصَ فيها احْتِمالُ الزِّيادةِ في الفِعْلِ، لا في السِّرايةِ، مثلَ مَن يَسْتَوْفِى مِن بعضِ الذِّراعِ، فإنَّه يَحْتَمِلُ [أن يَفْعَلَ](4) أكثرَ ممَّا فُعِلَ به، وكذلك مَن كسَر سِنًّا ولم يَصْدَعْها، فكَسَرَ المُسْتَوْفِى سِنَّهُ وصَدَعَها، أو قَلَعَها (5)، أو كسَر أكثرَ ممَّا كُسِرَ مِن سِنِّه، فقد زادَ على المِثْلِ،
(1) بعده في تش: «من» .
(2)
في الأصل: «اخترتم» .
(3)
في م: «منها» .
(4)
سقط من: م.
(5)
في م: «قطعها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والقِصاصُ يَعْتَمِدُ المُماثلةَ. وتارةً نقولُ: إنَّ السِّرايةَ في بعضِ العُضْوِ إنَّما تَمْنَعُ إْذا كانت ظاهرةً، ومثلُ هذا يَمْنَعُ في النَّفْسِ، ولهذا مَنَعْناه مِن الاسْتِيفاءِ بآلةٍ كالَّةٍ، أو مَسْمُومةٍ، وفى وَقْتِ إفْراطِ الحَرِّ والبَرْدِ، تحَرُّزًا مِن السِّرَايةِ.
فصل: وإن قَلَعَ سِنًّا زائدةً، وهى التى تَنْبُتُ فَضْلةً في غيرِ سَمْتِ الأسْنانِ، خارِجةً عنها إلى داخلِ الفَمِ، أو إلى الشَّفَةِ، وكانت للجانِى مِثْلُها في موْضِعِها، فللمَجْنِىِّ عليه القِصاصُ، أو حُكومةٌ في سِنِّه. وإن لم يَكُنْ له مِثْلُها في محَلِّها، فليس له إلَّا الحُكومةُ. وإن كانت إحْدى الزَّائدَتَيْنِ أكبرَ مِن الأُخْرَى، ففيه وَجْهان؛ أحدُهما، لا تُؤْخَذُ بها؛ لأَنَّ الحُكومةَ فيها أكثرُ، فلا يُقْلَعُ بها ما هو أقَلُّ قِيمةً منها. والثانى، تُؤْخَذُ بها؛ لأنَّهما سِنَّانِ مُتَساويان في الموْضِعِ، فتُؤْخَذُ كلُّ واحدةٍ منهما بالأُخْرَى، كالأصْلِيتَّيْنِ، ولأَنَّ اللَّهَ تعالى قال:{وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (1). وهو عامٌّ، فيَدْخُلُ فيه مَحَلُّ النِّزاعِ. وإن قُلْنا: يَثْبُتُ القِياسُ في الزّائدتَيْنِ بالاجْتِهادِ. فالثابتُ بالاجْتِهادِ مُعْتَبَرٌ بما ثَبَتَ بالنَّصِّ، واخْتِلافُ القِيمةِ لا يمْنَعُ القِصاصَ، بدليلِ جَرَيانِه بينَ العَبيدِ (2)، وبينَ الذكرِ والأُنْثَى، في النَّفسِ والأطْرَافِ، على أنَّ كِبَرَ السِّنِّ لا يُوجِبُ كَثْرةَ (3) قِيمَتِها، فإنَّ السِّنَّ الزَّائدةَ نَقْصٌ وعَيْبٌ، وكثرةُ
(1) سورة المائدة 45.
(2)
في م: «العبد» .
(3)
في م: «كبر» .