الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي جِرَاحِهِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا مِنَ الْحُرِّ، مَا نَقَصَهُ، وَإِنْ كَانَ مُقَدَّرًا في الْحُرِّ، فَهُوَ مُقَدَّرٌ في الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِ، فَفِي يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ. وَعَنْهُ، أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمَا نَقَصَ. اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ.
ــ
4213 - مسألة: (وفى جِراحِهِ إن لم يَكُنْ مُقَدَّرًا في الحُرِّ، ما نَقَصَه)
بعدَ الْتِئامِ الجُرْحِ، كسائرِ الأمْوَالِ (وإن كانَ مُقَدَّرًا في الحُرِّ، فهو مُقَدَّرٌ في العبدِ مِن قِيمَتِه، ففى يدِه نِصْفُ قِيمَتِهِ، وفى مُوضِحَتِه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، نَقَصَتْهُ الجِنايَةُ أقَلَّ مِن ذلك أو أكْثَرَ. وعنه، أنَّه يُضْمَنُ بما نقَص. اخْتارَه الخَلَّالُ) وجملةُ ذلك، أنَّ الجِنايةَ على العَبْدِ يجبُ ضَمانُها بما نقصَ مِن قِيمَتِه؛ لأَنَّ الواجِبَ إنَّما وجَب جَبْرًا لِما فاتَ بالجِنايةِ، ولا تُجْبَرُ إلَّا بإيجابِ ما نقَص مِن القِيمَةِ، فيَجِبُ ذلك، كما لو كانتِ الجنايةُ على غيرِه مِن الحَيواناتِ وسائرِ المالِ، ولا يجبُ زيادة على ذلك؛ لأَنَّ حَقَّ المَجْنِىِّ عليه قد انْجَبَرَ، فلا تجبُ له زيادةٌ على ما فَوَّتَه الجانِى عليه، هذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هو الأَصْلُ، ولا نعلمُ فيه خِلافًا فيما ليس فيه مُقَدَّرٌ شَرْعِىٌّ. فإن كان الفائتُ بالجِنايةِ مُوَقَّتًا في الحُرِّ، كيَدِه ومُوضِحَتِه، ففيه عن أحمدَ رِوَايتانِ؛ إحداهما، أنَّ فيه أَيضًا [ما نَقَصَه، بالغًا ما بَلَغَ. وذكرَ أبو الخَطَّابِ أنَّه اخْتِيار الخَلَّالِ. ورَوَى المَيْمُونِىُّ عن أحمدَ أنَّه قال: إنَّما يَأْخُذُ قِيمَةَ](1) ما نقَص منه على قولِ ابنِ عَبَّاسٍ. ورُوِىَ هذا عنِ مالكٍ، فيما عَدا مُوضِحَتَه، ومُنَقِّلَتَه وهَاشِمَتَه، وجائفَتَه؛ لأَنَّ ضَمانه ضَمان الأمْوالِ، فيجبُ فيه ما نقَص، كالْبهائمِ، ولأَنَّ ما ضُمِنَ بالقِيمَةِ بالغًا ما بَلَغَ، ضُمِنَ بَعْضُه (2) بما نقَص، كسائرِ الأمْوالِ، ولأَنَّ مُقْتَضى الدَّليلِ ضَمان الفائتِ بما نَقَصَ، خالَفْناه فيما وُقِّتَ في الحُرِّ، كما خالَفْناه في ضَمانِ نَفْسِه بالدِّيَةِ المُوَقَّتَةِ، ففى العبدِ (3) يَبْقَى فيهما على مُقْتَضَى الدَّليلِ. والرِّوايةُ الأُخْرَى، أنَّ ما كان مُوَقَّتًا في الحُرِّ، فهو مُوَقَّت في العَبْدِ مِن قِيمَتِه؛
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «نقصه» .
(3)
في النسخ: «الوقت» . والمثبت كما في المغنى 12/ 183.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ففِى يَدِه، أو عَيْنِه، [أو أُذُنِه](1)، أو شَفَتِه، نِصْفُ قِيمَتِه، وفى مُوضِحَتِه نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِه، وما أوْجَبَ الدِّيَةَ في الحُرِّ، كالأَنْفِ، واللِّسانِ، واليَدَيْنِ، والرِّجْلَيْنِ، والعَيْنَيْنِ، والأُذُنَيْنِ، أوْجَبَ قِيمَةَ العَبْدِ، مع بَقاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ عليه. ورُوِىَ هذا عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. ورُوِىَ نحوُه عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ. وبه قالَ ابنُ سِيرِينَ، وعمرُ بنُ عبدِ العزِيزِ، والشافعىُّ، والثَّوْرِىُّ. [وبه قال أبو حنيفةَ. و] (1) قال أحمدُ: هذا قولُ سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وقال آخَرُون: ما أُصِيبَ به العبدُ فهو على ما نَقَصَ مِن قِيمَتِه. والظَّاهرُ أنَّ هذا لو كان قولَ علىٍّ لَما احْتَجَّ أحمدُ فيه (2) إلَّا به دُونَ غيرِه. إلَّا أنَّ أَبا حنيفةَ والثَّوْرِىّ قالا: ما أوْجَبَ الدِّيَةَ مِن الحُرِّ، يَتَخَيَّرُ سَيِّد العَبْدِ فيه بينَ أن يُغْرِمَه قِيمَتَه ويَصِيرَ مِلْكًا للجانِى، وبينَ أن لا يُضَمِّنَه شيئًا؛ لئلَّا يُؤَدِّىَ إلى اجْتِماعِ البَدَلِ والمُبْدَلِ لرَجُل واحد. وروِيَ عن إياسِ بنِ مُعاوِيَةَ، في مَن قطَع يَدَ عَبْدٍ عَمْدًا، أو قلَع عَيْنَه: هو له، وعليه ثَمَنُه (3). ووَجْهُ هذه الرِّوايةِ، قولُ علىٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه،
(1) سقط من: م.
(2)
سقط من: ق، م.
(3)
أخرجه ابن أبى شيبة، في: باب العبد تفقأ عيناه جميعا، من كتاب الديات. المصنف 9/ 241.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولم نَعْرِفْ له مِن الصَّحابةِ مُخالِفُ، ولأنَّه آدَمِىٌّ يُضْمَنُ بالقِصاصِ والكَفَّارَةِ، فكان في أطْرَافِه مُقَدَّرٌ، كالحُرِّ، ولأَنَّ أطْرَافَه فيها مُقَدَّرٌ مِن الحُرِّ، فكان فيها مُقَدَّرٌ مِن العَبْدِ، كالشِّجاجِ الأرْبعِ عندَ مالكٍ، وما وجبَ في شِجاجِه مُقَدَّرٌ، وجَبَ في أطْرَافِه كالحُرِّ. وعلى أبى حنيفةَ، قولُ علىٍّ، وأنَّ هذه الأعْضاءَ فيها مُقَدَّرٌ، فوجبَ ذلك فيها (1) مع بَقاءِ مِلْكِ السَّيِّدِ في العَبْدِ، كاليَدِ الواحدةِ وسائرِ الأعْضاءِ. وقوْلُهم: إنَّه اجْتَمَعَ البَدَلُ والمُبْدَلُ لواحدٍ. لا يَصِحُّ؛ لأَنَّ القِيمَةَ ههُنا بَدَلُ العُضْوِ وحدَه (2). والرِّوايةُ الأُولَى أقْيَسُ وأوْلَى، إن شاءَ اللَّهُ تعالى. ولم يَثْبُتْ ما رُوِىَ عن علىٍّ، وإن ثَبَتَ فقد رُوِىَ عن ابنِ عَبَّاس خِلافُه، فلا يَبْقَى حُجَّةً، والقياسُ على الحُرِّ لا يَصِحُّ؛ لأنَّهم لم يُسَوُّوا بينَه وبينَ الحُرِّ فيما ليس فيه (3) مُقَدَّرٌ شَرْعِىٌّ (4)، فإنَّهم أوْجَبُوا فيه ما نَقَصَه، وإن كان في عُضْوٍ فيه وَمقدَّرٌ، كالجِنايةِ على الإِصْبَعِ مِن غيرِ قَطْعٍ، إذا نَقَصَتْ قِيمته، العُشْر أو أكثر، بخِلافِ الحُرِّ، وقد ذكَرْنا دليلَ ذلك في صَدْرِ المسْألةِ.
فصل: والأمَةُ مِثْلُ العَبْدِ فيما ذكَرْنا، وفيها مِن الخِلافِ ما فيه، إلَّا أنَّها تُشَبَّهُ بالحُرَّةِ، ولا تَفْرِيعَ على الرِّوايةِ الأُولَى، فأمَّا على الثَّانيةِ، فإن
(1) سقط من: م.
(2)
في م: «واحدة» .
(3)
سقط من: الأصل.
(4)
في الأصل: «شرعًا» .