المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المقتضي لقبول شهادة المسلم - الطرق الحكمية في السياسة الشرعية - ط عطاءات العلم - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌ إذا ادعى الخصم الفلس، وأنه لا شيء معه

- ‌ المستأجر ومالك الدار إذا تنازعا دفينًا في الدار

- ‌ اللقيط(5)إذا تداعاه اثنان، ووصف أحدهما علامة(6)خفية بجسده

- ‌البينة اسم لكل ما يبين الحق ويظهره

- ‌ أخذ ما يسقط من الإنسان مما لا تتبعه همته

- ‌ أخذ ما يسقط من الحب عند الحصاد

- ‌ أخذ ما ينبذه الناس رغبة عنه من الطعام والخرق

- ‌ لا يقبل قول المرأة: إن زوجها لم يكن ينفق عليها

- ‌ الشرب من المصانع الموضوعة على الطرقات

- ‌ القول قول المرتهن(4)في قدر الدين، ما لم يزد عن قيمة الرهن

- ‌ لو رأى السيل يقصد الدار المؤجرة، فبادر وهدم الحائط

- ‌ لو رأى العدو يقصد مال غيره الغائب، فبادر وصالحه على بعضه

- ‌ الشريعة لا ترد حقًّا، ولا تكذب دليلًا، ولا تبطل أمارة صحيحة

- ‌البينة" في الشرع:

- ‌ فقء عين الناظر إلى بيت الرجل من خص(1)أو طاقة

- ‌ الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف صدقه(6)، في غير الحدود

- ‌الطريق الأول: أنها خلاف كتاب الله، فلا تقبل

- ‌الطريق الثاني: أن اليمين إنما شرعت في جانب المدعى عليه

- ‌ الحكم بشهادة الشاهد الواحد، إذا علم صدقه من غير يمين

- ‌ شهادة الأعرابي وحده على رؤية هلال رمضان

- ‌ شهادة المرأة الواحدة في الرضاع

- ‌ القضاء بشهادة النساء منفردات في غير(1)الحدود والقصاص

- ‌فصل في القضاء بالنكول ورد اليمين

- ‌ إذا وجد بخط أبيه في دفتره: أن له(3)على فلان كذا وكذا

- ‌فصل في مذاهب أهل المدينة في الدعاوى

- ‌المرتبة الأولى: دعوى يشهد لها العرف بأنها مشبهة

- ‌ دعوى تهمة

- ‌ ودعوى غير تهمة

- ‌ البينة التي هي الحجة الشرعية:

- ‌ تارة تكون شاهدين عدلين ذكرين

- ‌ وتارة أربعة رجال

- ‌ لا يقبل في(6)بينة الإِعسار أقل من ثلاثة

- ‌وتارة تكون الحجة شاهدًا ويمين الطالب

- ‌ وتارة تكون امرأة واحدة عند أبي حنيفة

- ‌ القسامة

- ‌ وتارة تكون يمينًا مردودة، مع نكول المدعى عليه

- ‌ وتارة تكون علامات يصفها المدعي

- ‌ وتارة تكون علامات يختص بها أحد المتداعيين

- ‌ وتارة تكون علامات في بدن اللقيط

- ‌ وتارة تكون قرائن ظاهرة يحكم بها للمدعي مع يمينه

- ‌ لفظ "الشرع" في هذه الأزمنة ثلاثة أقسام:

- ‌الشرع المنزل:

- ‌ الشرع(7)المتأول

- ‌ الشرع المبدل

- ‌ دعاوى التهم:

- ‌القسم الثاني(7): أن يكون المتهم مجهول الحال

- ‌ هل يتخذ الإمام حبسًا

- ‌ هل يحضر(7)الخصم المطلوب بمجرد الدعوى

- ‌القسم الثالث: أن يكون المتهم معروفًا بالفجور

- ‌ ضرب هذا النوع من المتهمين

- ‌ وهي نوعان: ترك واجب، أو فعل محرم

- ‌المعاصي ثلاثة أنواع

- ‌ نوعٌ فيه حدٌّ ولا كفارة فيه

- ‌ونوعٌ فيه كفارة ولا حدَّ فيه

- ‌ونوعٌ لا كفارة فيه ولا حدٌّ

- ‌ هل يجوزُ أن يبلغ بالتعزير القتل

- ‌ ضرب المتهم إذا عرف أن المال عنده - وقد كتمه

- ‌فصل في الطرق التي يحكم بها الحاكم

- ‌ إذا كان وصيًّا على طفل أو مجنون، وفي يده شيء انتقل إليه عن أبيه

- ‌الطريق الثاني: الإنكار المجرد

- ‌ دعوى الرجل على المرأة النكاح(1)، ودعواها عليه الطلاق

- ‌ فائدة الاستحلاف

- ‌ استثني من عدم التحليف في الحدود صورتان:

- ‌ الثانية: أن يكون المقذوف ميتًا، وأراد القاذف تحليف الوارث

- ‌ممَّا لا يحلف(2)فيه: إذا ادعى البلوغ بالاحتلام في وقت الإمكان

- ‌الطريق الثالث: أن يحكم باليد مع يمين صاحبها

- ‌ إذا ادعى عليه عينًا في يده، فأنكر، فسأل إحلافه

- ‌ المتهم بالسرقة إذا شوهدت العملة(3)معه، وليس من أهلها

- ‌الأيدي ثلاثة:

- ‌الثانية: يد يعلم أنها محقة عادلة

- ‌الثالثة(6): يد يحتمل أن تكون محقة، وأنْ تكون مبطلة

- ‌الطريق الرَّابع والخامس: الحكم بالنكول(1)وحده، أو به مع رد اليمين

- ‌القول الثاني:

- ‌القول الثالث:

- ‌إذا رُدَّت اليمين على المدعي، فهل تكون يمينه كالبينة

- ‌إذا قُضِيَ بالنكول فهل يكون كالإقرار أو كالبذل

- ‌إذا قلنا برد اليمين، فهل ترد بمجرد(3)نكول المدعى عليه

- ‌الطريق السادس: الحكم بالشاهد الواحد بلا يمين

- ‌ إذا شهدَ برؤية هلال رمضان شاهدٌ واحد

- ‌ شهادة طبيب واحد وبيطار واحد

- ‌ شهادة القابلة في الاستهلال

- ‌ شهادة خزيمة بن ثابت وحده

- ‌الطريق السَّابع: الحكم بالشَّاهد واليمين

- ‌إذا قضى بالشاهد واليمين، فالحكم بالشاهد وحده، واليمين تقوية

- ‌ إذا قضى باليمين مع الشاهد، فرجع الشاهد

- ‌ تقديم اليمين على الشاهد

- ‌المواضع التي يحكم فيها بالشاهد واليمين:

- ‌ممَّا يثبت بالشاهد واليمين: الغصوب، والعواري، والوديعة

- ‌هل يشترط أن يحلف المدعي(7)على صدق شاهده

- ‌تحليف الشهود

- ‌التحليف(2)ثلاثة أقسام:

- ‌ القسامة مع اللوث في الأموال

- ‌الثالثة: إذا شهد له شاهد واحد حلف معه واستحق

- ‌الخامسة: تحليفه مع شاهديه

- ‌شهادة النساء نوعان:

- ‌الطريق التاسع: الحكم بالنكول مع الشاهد الواحد، لا بالنكول المجرَّد

- ‌ النكول بمنزلة البينة

- ‌الطريق العاشر: الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي في الأموال وحقوقها

- ‌الطريق الحادي عشر: الحكمُ بشهادة امرأتين فقط من غير يمين

- ‌الفرق بين هذا الباب وباب الشاهد واليمين

- ‌الطريق الثاني عشر: الحكم بثلاثة رجال

- ‌ الوطء المحرم لعارض

- ‌الطريق الرابع عشر: الحكم بشهادة العبد والأمة في كل ما تقبل فيه شهادة الحر والحرة

- ‌ المقتضي لقبول شهادة المسلم

- ‌الطريق الخامس عشر: الحكم بشهادة الصبيان المميزين

- ‌الطريق السادس عشر: الحكم بشهادة الفساق

- ‌ إذا غلب على الظن صدق الفاسق قبلت شهادته

- ‌الطريق السابع عشر: الحكم بشهادة الكافر

- ‌ شهادة الكفار بعضهم على بعض

- ‌ اعتبار اللوث في الأموال

- ‌هل ينقض حكم من حكم بغير حكم هذه الآية

الفصل: ‌ المقتضي لقبول شهادة المسلم

على الرسول صلى الله عليه وسلم والرواية عنه، فإنَّ الكذب عليه ليس كالكذب على غيره، وإنَّما رُدَّت الشهادة بالعداوة والقرابة والأنوثة

(1)

دون الرواية لتطرق التهمة إلى شهادة العدو وشهادة الولد، وخشية عدم ضبط المرأة وحفظها، وأمَّا العبدُ فما يتطرقُ إليه من ذلك يتطرق إلى الحرِّ سواء، ولا فرق بينه وبينه في ذلك ألبتة، فالمعنى الَّذي قبلت به روايته هو المعنى الَّذي تقبل به شهادته، وأمَّا المعنى الَّذي رُدَّت به شهادة العدو والقرابة والمرأة فليس موجودًا في العبد

(2)

.

وأيضًا؛ فإنَّ‌

‌ المقتضي لقبول شهادة المسلم

عدالته، وغلبة الظن بصدقه، وعدم تطرق التهمة إليه، وهذا بعينه موجود في العبد، فالمقتضي موجود والمانع مفقود، فإنَّ الرِّقَّ لا يصلح أن يكون مانعًا، فإنَّه لا يزيل مقتضى العدالة، ولا تطرق تهمة، كيف والعبد الَّذي يؤدي حقَّ الله وحقَّ سيده له أجران حيث يكون للحرِّ أجرٌ واحد

(3)

، وهو أحد الثلاثة الَّذين هم أوَّل من يدخل الجنَّة

(4)

، ولهذا قبل شهادته أصحاب

(1)

"والأنوثة" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".

(2)

انظر: بدائع الفوائد (1/ 5).

(3)

كما رواه البخاري رقم (2549)، ومسلم رقم (1664) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا:"إنَّ العبدَ إذا نصح لسيده وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرَّتين".

(4)

لحديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "عُرِضَ عليَّ أوَّل ثلاثة يدخلون الجنَّة - وذكرهم - وعبدٌ مملوكٌ أحسن عبادة ربه ونصح لسيده" رواه أحمد (2/ 425)، والترمذي (1642)، وابن أبي شيبة (7/ 267)، والطيالسي (334) رقم (2567)، وابن المبارك في الجهاد (1/ 51) رقم (46)، =

ص: 446

رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم القدوة.

قال أبو بكر بن أبي شيبة

(1)

: حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن الشعبي قال: قال شريح: "لا نجيز شهادة العبد"، فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"لكنَّا نجيزها"، فكان شريح بعد ذلك يجيزها

(2)

إلَّا لسيده. وبه عن المختار بن فلفل قال: سألتُ أنس بن مالك عن شهادة العبد؟ فقال: "جائزة"

(3)

.

وقال الثوري عن عمَّار الدهني

(4)

قال: "شهدت شريحًا شهد عنده عبد على دار، فأجاز شهادته، فقيل: إنَّه عبد، فقال شريح: كلنا عبيد وإماء"

(5)

.

= والبيهقي (4/ 138)، وصححه ابن حبان (16/ 233) رقم (7248)، وابن خزيمة (4/ 8) رقم (2249)، وحسنه الترمذي. وانظر: علل الدارقطني (9/ 269)، ونصب الراية (4/ 410).

(1)

المصنف (4/ 298) رقم (20278)، كنز العمال (17790).

(2)

"فكان شريح بعد ذلك يجيزها" ساقطة من "ب".

(3)

مصنف ابن أبي شيبة (4/ 298) رقم (20275)، ورواه البخاري معلقًا (5/ 316)، وتقدم زيادة تخريج له ص (443).

(4)

عمَّار بن معاوية بن أسلم البجلي الدهني، أبو معاوية، توفي سنة 133 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: تهذيب الكمال (21/ 209)، سير أعلام النبلاء (6/ 138).

في "د" و"هـ": "الذهبي".

(5)

رواه ابن أبي شيبة (4/ 298)، وعبد الرزاق (8/ 325)، وسعيد بن منصور كما في الفتح (5/ 317). وروى عجزه البخاري تعليقًا (5/ 316). وانظر: المحلَّى (9/ 413)، وتغليق التعليق (3/ 389).

ص: 447

وروى أحمد عن ابن سيرين

(1)

: أنَّه كان لا يرى بشهادة العبد بأسًا إذا كان عدلًا

(2)

.

وقال عطاء: شهادة العبد والمرأة جائزة في النكاح والطلاق

(3)

.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة قال: سئل إياس بن معاوية عن شهادة العبد؟ فقال: أنا أرد شهادة عبد العزيز بن صهيب

(4)

؟ يعني إنكارًا لردها

(5)

.

وذكر الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّه قال: "ما علمت أحدًا ردَّ شهادة العبد"

(6)

.

وقد اختلف النَّاس في ذلك، فردتها

(7)

طائفة مطلقًا، وهذا قول مالك

(8)

(1)

في "و": "ابن شبرمة".

(2)

قال الحافظ ابن حجر: "وصله عبد الله بن أحمد بن حنبل في المسائل من طريق يحيى بن عتيق" ا. هـ. فتح الباري (5/ 317)، ولم أجده في المطبوع من المسائل. وانظر: تغليق التعليق (3/ 389)، المحلَّى (9/ 413).

(3)

انظر: المحلَّى (9/ 413).

(4)

عبد العزيز بن صهيب البُناني مولاهم البصري، قال عنه أحمد: ثقة ثقة. توفي سنة 130 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: تهذيب الكمال (18/ 147)، الجرح والتعديل (5/ 384)، سير أعلام النبلاء (6/ 103).

(5)

انظر: المحلَّى (9/ 413)، عمدة القاري (1/ 142)، ثقات ابن حبان (5/ 123).

(6)

تقدم تخريجه أول الفصل.

(7)

في "د" و"و": "فردها".

(8)

انظر: المدونة (5/ 154)، التفريع (2/ 235)، تفسير القرطبي (5/ 414)، =

ص: 448

والشَّافعي

(1)

وأبي حنيفة

(2)

، وقبلتها طائفة مطلقًا حتَّى لسيده وهو قول أبي محمد ابن حزم

(3)

، وقبلتها

(4)

طائفة مطلقًا إلَّا لسيده

(5)

.

قال سفيان الثوري عن إبراهيم النخعي عن الشعبي - في العبدِ - قال: "لا تجوز شهادته لسيده، وتجوز لغيره"

(6)

، وهذا مذهب الإمام أحمد

(7)

.

= المعونة (3/ 1524)، الذخيرة (10/ 226)، القوانين (317).

(1)

انظر: الأم (7/ 87)، التهذيب (8/ 258)، الحاوي (17/ 213)، روضة الطالبين (8/ 199)، الوجيز (2/ 249)، التنبيه (269)، اختلاف العلماء (283)، أدب القاضي لابن القاص (1/ 306)، حلية العلماء (8/ 256)، الإقناع لابن المنذر (2/ 527).

(2)

انظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 335)، بدائع الصنائع (6/ 216)، فتح القدير (7/ 399)، أبي القاضي للسروجي (307)، مسعفة الحكام (370)، الاختيار (2/ 141)، طريقة الخلاف (402)، المختار للفتوى (131)، الأشباه والنظائر (311).

(3)

انظر: المحلَّى (9/ 412).

(4)

في "و": "وقبلها".

(5)

كشريح وإبراهيم النخعي. رواه عنهما عبد الرزاق (8/ 324)، وابن أبي شيبة (4/ 532).

(6)

انظر: مصنَّف عبد الرزاق (8/ 324)، وابن أبي شيبة (4/ 532)، الحاوي (17/ 58)، المحلَّى (9/ 413).

(7)

"أحمد" ساقطة من "ب".

انظر: الفروع (6/ 580)، شرح الزركشي (7/ 351)، الجامع الصغير (372)، العدة (626)، المحرر (2/ 305)، الهداية (6/ 580)، المبدع (10/ 236)، بدائع الفوائد (1/ 5)، الفنون (1/ 159 و 165)، المغني (14/ 185)، إعلام الموقعين (2/ 70).

ص: 449

وأجازتها طائفة في الشيء اليسير دون الكثير، وهذا قول إبراهيم النخعي

(1)

، وإحدى الروايتين عن شريح

(2)

والشعبي

(3)

.

والَّذين ردُّوها بكلِّ حالٍ منهم من قاس

(4)

العبد على الكافر؛ لأنَّه منقوص بالرق

(5)

، وذاك

(6)

بالكفرِ، وهذا من أفسد القياس

(7)

في العالم، وفساده معلوم بالضرورة من الدِّين.

ومنهم من احتجَّ بقوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] والشهادة شيء، فهو غير قادر عليها

(8)

.

قال أبو محمد ابن حزم

(9)

في جواب ذلك: تحريف كلام الله عن مواضعه مهلك في الدنيا والآخرة، ولم يقل تعالى: إنَّ كلَّ عبدٍ لا يقدر على شيء، إنَّما ضربَ الله تعالى المثل بعبدٍ من عبيده هذه صفته، وقد توجد هذه الصفة في كثيرٍ من الأحرار، وبالمشاهدة نعرف كثيرًا من العبيد أقدر على الأشياء من كثيرٍ من الأحرار.

(1)

رواه عبد الرزاق (8/ 324)، وابن أبي شيبة (4/ 532)، والبخاري تعليقًا (5/ 316). وانظر: تغليق التعليق (3/ 389)، فتح الباري (5/ 317).

(2)

انظر: المحلَّى (17/ 58)، الحاوي (9/ 413)، فتح الباري (5/ 316).

(3)

انظر: المراجع السابقة. وفي "أ": "عن شريح عن الشعبي".

(4)

في "د": "قال".

(5)

انظر: النكت على المحرر (2/ 307).

(6)

في النسخ عدا "أ": "ذلك".

(7)

في "أ": "قياس".

(8)

انظر: بدائع الصنائع (6/ 267).

(9)

المحلَّى (9/ 414).

ص: 450

ونقول لهم: هل يلزم العبيد الصلاة والصيام والطهارة، ويحرم عليهم من المآكل والمشارب والفروج ما يحرم على الأحرار، أم لا يلزمهم ذلك؛ لكونهم لا يقدرون عندكم على شيءٍ ألبتة؟

(1)

، قال: ومن نسب هذا إلى الله فقد كذب عليه جهارًا

(2)

.

واحتج بعضهم

(3)

بقوله تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282]، فنهى الشهداء عن التخلف والإباء، ومنافع العبد لسيده، فله أن يتخلف ويأبى إلَّا خدمته.

وهذا لا يدلُّ على عدم قبولها إذا أذن له سيده في تحملها وأدائها إذا لم يكن في ذلك تعطيل خدمة السيد.

فأبعد النجعة من فهم رد شهادة العبيد العدول بذلك، فإن كان هذا مقتضى الآية كان مقتضى ذلك أيضًا ردَّ روايتهم.

واحتج بعضهم بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ} [المعارج: 33]، والعبدُ ليس من أهلِ القيام على غيره، وهذا من جنس احتجاج بعضهم

(4)

أنَّ الشهادة ولاية، والعبد ليس من أهل الولاية على غيره.

وهذا في غاية الضعف؛ فإنَّه يقال لهم: ما تعنون بالولاية؟ أتريدون بها الشهادة، وكونه مقبول القول على المشهود عليه، أم كونه

(1)

"ألبتة" ساقطة من "ب".

(2)

انتهى كلام ابن حزم.

(3)

انظر: فتح الباري (5/ 317).

(4)

"بقوله تعالى: {والَّذين .. } " إلى قوله " .. احتجاج بعضهم" ساقط من "و".

ص: 451

حاكمًا عليه منفذًا فيه الحكم؟ فإن أردتم الأوَّل كان التقدير: إنَّ الشهادة شهادة والعبد ليس من أهل الشهادة، وهذا حاصل دليلكم، وإن أردتم الثاني

(1)

فمعلوم البطلان قطعًا، والشهادة لا تستلزمه.

واحتج بعضهم

(2)

بأنَّ الرِّق أثر من آثار الكفر، فمنع قبول الشهادة، كالفسق.

وهذا في غاية البطلان، فإنَّ هذا لو صحَّ لمنع قبول روايته، وفتواه، والصلاة خلفه، وحصول الأجرين له.

واحتجَّ بأنَّه يستغرق الزمان بخدمة سيده، فليس له وقت يملك فيه أداء الشهادة، ولا يملك عليه.

وهذا أضعف ممَّا قبله؛ لأنَّه ينتقض بقبول روايته وفتواهُ، وينتقض بالحرَّة المزوجة، وينتقض بما لو أذن له سيده

(3)

، وينتقض بالأجير الَّذي استغرقت ساعات يومه وليلته بعقد الإجارة، ويبطل بأنَّ أداء الشهادة

(4)

لا يبطل حق السيد من

(5)

خدمته

(6)

.

واحتج بأنَّ العبد سلعةٌ من السلع، فكيف تشهد

(1)

في "ب": "الباقي".

(2)

انظر: الفنون (1/ 160)، المبسوط (16/ 120).

(3)

"وينتقض بالحرة المزوجة، وينتقض بما لو أذن له سيده" ساقطة من "د".

(4)

في "جـ" و"هـ" و"و": "بأنَّ أداءه للشهادة".

(5)

في "أ" و"جـ": "في".

(6)

انظر: المحلَّى (9/ 414).

ص: 452

السلع؟

(1)

.

وهذا في غاية الغثاثة والسماجة، فإنَّه تقبل شهادة هذه السلعة، كما تقبل روايتها وفتواها، وتصح إمامتها، وتلزمها الصلاة والصوم والطهارة.

واحتجَّ بأنَّه دنيء، والشهادة منصب عَليٌّ، فليس من أهلها.

وهذا من ذلك

(2)

الطراز، فإنَّه إن أريدَ بدناءته ما يقدح في دينه وعدالته، فليس كلامنا فيمن هو كذلك، ونافع وعكرمة أفضل

(3)

وأجل وأشرف من أكثر الأحرار عند الله وعند النَّاس، وإن أريد بدناءته أنَّه مبتلى برق الغير فهذه البلوى لا تمنع قبول الشهادة، بل هي ممَّا يرفع الله بها درجة

(4)

العبد، ويضاعف له بها الأجر.

فهذه الحجج كما تراها من الضعف والوهن، وإذا قابلت بينها وبين حجج القائلين بشهادته

(5)

لم يخف عليك الصواب، والله أعلم.

(1)

انظر: المحلَّى (9/ 414).

(2)

"ذلك" ساقطة من "و".

(3)

"أفضل" مثبتة من "و".

(4)

"درجة" ساقطة من "ب".

(5)

وفي "أ": "القابلين لشهادته".

ص: 453