الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا، فلو طلب من الوالي أن يضربه ليحضر باقي المسروق فله ذلك
(1)
، كما عاقب النبي صلى الله عليه وسلم حيي بن أخطب
(2)
، حتى أحضر كنز ابن أبي الحقيق
(3)
كما تقدم.
والثانية: إذا ردت اليمين عليه
(4)
.
و
الثالثة: إذا شهد له شاهد واحد حلف معه واستحق
، كما تقدم.
والرابعة: في مسألة تداعي الزوجين. والصانعين، فيحكم لكل واحد
(5)
منهما بما يصلح له مع يمينه.
و
الخامسة: تحليفه مع شاهديه
.
وقد اختلف السلف في ذلك، فقال سريج بن يونس
(6)
في "كتاب
= من "أ".
(1)
انظر: السياسة الشرعية لابن نجيم (48)، والسياسة الشرعية لدده أفندي (124)، معين الحكام (178).
(2)
هكذا في جميع النسخ، والصواب:"عم حيي بن أخطب". وقد سبق تخريجه مفصلًا ص (16).
(3)
في "و": "كما عاقب النَّبي صلى الله عليه وسلم ابن أبي الحقيق حتى أحضر كنز حيي".
(4)
"عليه" ساقطة من "ب".
(5)
"واحد" ساقطة من "أ".
(6)
سريج بن يونس بن إبراهيم المروزي البغدادي أبو الحارث، توفي سنة 235 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: التاريخ الكبير (4/ 205)، الجرح والتعديل (4/ 305)، سير أعلام النبلاء (11/ 146).
القضاء"
(1)
له: حدثنا هشيم
(2)
عن الشيباني
(3)
عن الشعبي قال: كان شريح يستحلف الرجل مع بينته
(4)
.
حدثنا هشيم عن مغيرة
(5)
عن إبراهيم مثل ذلك
(6)
.
حدثنا هشيم عن أشعث
(7)
عن عون بن عبد الله
(8)
: أنه استحلف رجلًا مع بينته، فكأنه أبى أن يحلف، فقال: ما كنت لأقضي لك بما لا
(1)
طبع الجزء الثاني منه فقط - دار البشائر - تحقيق د. عامر حسن صبري. والجزء الأوَّل مفقود.
(2)
هشيم بن بشير بن أبي حازم السلمي أبو معاوية. توفي سنة 183 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الجرح والتعديل (9/ 115)، التاريخ الكبير (8/ 242)، سير أعلام النبلاء (8/ 287).
(3)
سليمان بن أبي سليمان فيروز أبو إسحاق مولى بني شيبان، قال ابن معين: ثقة حجة. توفي سنة 139 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الجرح والتعديل (4/ 122)، تهذيب الكمال (11/ 444)، سير أعلام النبلاء (6/ 193).
(4)
رواه ابن أبي شيبة (4/ 552)، ووكيع في أخبار القضاة (2/ 416)، والشافعي في الأم (7/ 282). وانظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 333)، المحلَّى (9/ 371)، شرح السنة (10/ 104).
(5)
مغيرة بن مقسم، تقدمت ترجمته.
(6)
"حدثنا هشيم عن الشيباني" إلى قوله "عن مغيرة عن إبراهيم مثل ذلك" ساقط من "هـ".
(7)
أشعث بن سوَّار الكندي الكوفي، وثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى. توفي سنة 136 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الجرح والتعديل (2/ 271)، الكامل (2/ 340)، تاريخ ابن معين (2/ 40)، سير أعلام النبلاء (6/ 275).
(8)
عند البيهقي (10/ 442): "عن أبيه".
تحلف عليه
(1)
.
وحكاه ابن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
(2)
والشعبي
(3)
.
قال أبو عبيد: إنما نرى شريحًا أوجب اليمين على الطالب مع بينته، حين رأى الناس مدخولين في معاملتهم، فاحتاط بذلك. حدثنا عبد الرحمن
(4)
عن سفيان
(5)
عن أبي هاشم
(6)
عن أبي البختري
(7)
قال: قيل لشريح: ما هذا الذي أحدثت في القضاء؟ قال: رأيت الناس أحدثوا فأحدثت
(8)
.
وقال الأوزاعي والحسن بن حي: يستحلف الرجل مع بينته
(9)
.
(1)
رواه البيهقي (10/ 442)، وسريج بن يونس في "كتاب القضاء" كما ذكر المؤلف - رحمه الله تعالى -. وانظر: المغني (14/ 281).
(2)
رواه ابن أبي شيبة (4/ 552) رقم (23054) وعنده عبد الله بن عتبة.
(3)
رواه ابن أبي شيبة (4/ 552) رقم (23052).
(4)
عبد الرحمن بن مهدي.
(5)
"الثوري".
(6)
هو يحيى بن دينار، وقيل: بن الأسود أبو هاشم الرّماني الواسطي كان فقيهًا وثقه أحمد وابن معين. توفي سنة 132 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الجرح والتعديل (9/ 140)، تهذيب الكمال (34/ 362)، سير أعلام النبلاء (6/ 152).
(7)
سعيد بن فيروز الطائي أبو البختري وثقه ابن معين وأبو حاتم. قتل سنة 82 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: الجرح والتعديل (4/ 54)، تهذيب الكمال (11/ 32)، سير أعلام النبلاء (4/ 279)، الحلية (4/ 379).
(8)
رواه ابن سعد في الطبقات (6/ 183)، وابن أبي شيبة (4/ 552) و (7/ 270)، ووكيع في أخبار القضاء (2/ 318).
(9)
انظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 333)، المحلَّى (9/ 379).
وقال الطحاوي
(1)
: وروى ابن أبي ليلى عن الحكم
(2)
عن حنش
(3)
"أن عليًّا استحلف عبيد الله بن الحسن
(4)
مع بينته"
(5)
.
وأنه استحلف رجلًا مع بينته، فأبى أن يحلف، فقال:"لا أقضي لك بما لا تحلف عليه"
(6)
.
وهذا القول ليس ببعيد من قواعد الشرع، ولا سيما مع احتمال التهمة
(7)
.
(1)
في اختلاف العلماء "المختصر"(3/ 333).
(2)
الحكم بن عتيبة.
(3)
في "أ": "حسن"، وفي "ب":"الحسن"، وفي نسخة:"حبيش"، وفي "و":"حنش" وهو الصواب. وهو حنش بن المعتمر. انظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 333)، والبيهقي (10/ 441).
هو حنش بن المعتمر، ويقال: ابن ربيعة الكناني الكوفي وثَّقه أبو داود، وقال ابن حبان: لا يحتج به، يتفرد عن علي بأشياء، لا يشبه حديثه الثقات. انظر: تهذيب الكمال (7/ 432)، ميزان الاعتدال (2/ 395)، تهذيب التهذيب (3/ 53).
(4)
عند الطحاوي (3/ 333)، وابن أبي شيبة (4/ 552):"عبيد الله بن الحر" وهو الصواب. وهو عبيد الله بن الحر الجعفي من أهل الكوفة له إدراك كان شاعرًا شهد القادسية، ذكره ابن حبان في الثقات. انظر: الثقات (5/ 66)، الجرح والتعديل (5/ 311)، الإصابة (5/ 114)، وسيذكره المؤلف قريبًا على الوجه الصحيح "عبيد الله بن الحر".
(5)
رواه ابن أبي شيبة (4/ 552)، والطحاوي في اختلاف العلماء "المختصر"(3/ 333)، والبيهقي (10/ 261)، والخلال كما سيذكره المؤلِّف قريبًا.
(6)
الشافعي في الأم (7/ 282)، البيهقي (10/ 261)، وانظر: المراجع السابقة.
(7)
انظر: جامع العلوم والحكم (2/ 237).
ويخرج في مذهب أحمد وجهان
(1)
: فإن أحمد سئل عنه فقال: قد فعله علي والصحابة رضي الله عنهم أجمعين، وفيما إذا سئل عن مسألة فقال: قال فيها بعض الصحابة كذا: وجهان ذكرهما ابن حامد
(2)
.
قال الخلال في "الجامع": حدثنا محمد بن علي
(3)
حدثنا مهنا قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يقيم الشهود، أيستقيم للحاكم أن يقول لصاحب الشهود: احلف؟ فقال: قد فعل ذلك علي. قلت: من ذكره؟ قال: حدثنا حفص
(4)
بن غياث حدثنا ابن أبي ليلى عن الحكم
(5)
عن حنش
(6)
قال: استحلف عليٌّ عبيدَ الله بن
(1)
انظر: مسائل الكوسج (2/ 390)، الهداية (2/ 138)، المغني (14/ 281)، الشرح الكبير (28/ 451)، الإنصاف (28/ 521)، كشاف القناع (6/ 354).
(2)
الحسن بن حامد بن علي بن مروان أبو عبد الله البغدادي إمام الحنابلة في وقته، توفي سنة 403 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: طبقات الحنابلة (3/ 309)، سير أعلام النبلاء (17/ 203).
وانظر: جامع العلوم والحكم (2/ 337). قال المرداوي عن الإمام أحمد: "وما أجاب فيه بكتاب أو سنة أو إجماع أو قول بعض الصحابة فهو مذهبه لأنَّ قول أحد الصحابة عنده حجة على أصح الروايتين" ا. هـ. الإنصاف (30/ 376).
(3)
محمد بن علي بن شعيب السمسار أبو بكر، توفي سنة 290 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: تاريخ بغداد (3/ 279)، طبقات الحنابلة (2/ 333).
(4)
في "ب": "جعفر".
(5)
الحكم بن عتيبة.
(6)
كذا في "و": "حنش". وهو الصواب الموافق لما عند الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (3/ 333)، والبيهقي (10/ 441)، وتقدمت ترجمته قريبًا وفي باقي النسخ:"حبيش".
الحر
(1)
مع الشهود
(2)
. فقلت: يستقيم هذا؟ قال: قد فعله علي رضي الله عنه.
وهذا القول يقوى مع وجود التهمة، وأما بدون التهمة فلا وجه له، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للمدعي:"شاهداك أو يمينه"، فقال: يا رسول الله، إنه فاجر لا يبالي ما حلف عليه، فقال:"ليس لك إلا ذلك"
(3)
.
فصل
وأما تحليف المدعى عليه فقد تقدم
(4)
، وقد قال أبو حنيفة: إن اليمين لا تكون إلا من جانبه، وبنوا على ذلك إنكار الحكم بالشاهد واليمين
(5)
، وإنكار القول برد اليمين
(6)
، وأنه يبدأ في
(7)
القسامة
(1)
وفي "أ": "الحسن". والصواب ما أثبتناه وهو الموافق لما عند الطحاوي (3/ 333)، وابن أبي شيبة (4/ 552)"عبيد الله بن الحر".
(2)
تقدم تخريجه قريبًا.
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
في الطريق الرابع والخامس.
(5)
انظر: مختصر اختلاف العلماء (3/ 342)، أحكام القرآن للجصاص (1/ 623)، رؤوس المسائل (535)، عقود الجواهر المنيفة (2/ 69)، بدائع الصنائع (6/ 225).
(6)
انظر: مختصر القدوري (214)، المبسوط (17/ 34)، بدائع الصنائع (6/ 230)، فتح القدير (8/ 172)، رؤوس المسائل (537)، طريقة الخلاف (418)، شرح أدب القاضي للحسام الشهيد (174).
(7)
وفي "د" و"هـ" و"و": "وأنَّه يبدأ بهما في القسامة".
بأيمان المدعى عليه
(1)
.
فصل
وأما تحليف الشاهد فقد تقدم
(2)
.
ومما يلتحق به: أنه لو ادعى عليه شهادة فأنكرها، فهل يحلف، وتصح الدعوى بذلك؟ فقال شيخنا
(3)
: لو قيل إنه تصح الدعوى بالشهادة لتوجه؛ لأن الشهادة سبب موجب للحق
(4)
، فإذا ادعى على رجل أنه شاهد له بحقه، وسأل يمينه: كان له ذلك، فإذا نكل عن اليمين لزمه ما ادعى بشهادته، إن قيل: إن كتمان الشهادة موجب للضمان لما تلف، وما هو ببعيد، كما قلنا: يجب الضمان على من ترك الإطعام
(5)
الواجب، فإن ترك الواجب إذا كان موجبًا للتلف، أوجب الضمان كفعل المحرم، إلا أنه يعارض هذا: أن هذا
(6)
تهمة للشاهد، وهو يقدح في عدالته فلا يحصل المقصود، فكأنه يقول: لي
(1)
انظر: مختصر القدوري (192)، مختصر اختلاف العلماء (5/ 177)، كتاب الأصل (4/ 426)، بدائع الصنائع (7/ 286)، العناية (10/ 373)، تكملة البحر الرَّائق (9/ 189)، البناية (12/ 409)، اللباب (2/ 64).
(2)
ص (379).
(3)
انظر: الفتاوى الكبرى (4/ 640)، الفروع (6/ 459)، كشاف القناع (6/ 330).
(4)
في "أ": "الحق".
(5)
في باقي النسخ عدا "أ": "الطعام".
(6)
"أنَّ هذا" ساقطة من "ب" و"و".
شاهد فاسق بكتمانه، إلا
(1)
أن هذا لا ينفي الضمان في نفس الأمر.
وقد ذكر القاضي أبو يعلى في ضمن مسألة الشهادة على الشهادة في الحدود التي لله تعالى وللآدمي: أن الشهادة ليست حقًّا على الشاهد، بدلالة أن رجلًا لو قال: لي على فلان شهادة فجحدها فلان، أن الحاكم لا يعدى
(2)
عليه ولا يحضره، ولو كانت حقًّا عليه لأحضره، كما يحضره في سائر الحقوق، وسلم القاضي ذلك، وقال: ليس إذا لم يجز الاستعداء والإغراء
(3)
، أو لم
(4)
تسمع الدعوى، لم تسمع الشهادة به،
(5)
وكذلك أعاد ذكرها في مسألة شاهد الفرع على شاهد الأصل، وأن الشهادة ليست حقًّا على أحد، بدليل عدم الإعداء والإحضار
(6)
إذا ادعى أن له قبل فلان شهادة
(7)
.
وهذا الكلام ليس على إطلاقه، فإن الشهادة المتعينة حق على الشاهد، يجب عليه القيام بها، ويأثم بتركه، قال الله تعالى:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: 283]. وقال تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} [البقرة: 282] وهل المراد به: إذا ما
(1)
"إلَّا" ساقطة من "د".
(2)
في "أ": "يغري".
(3)
في "د" و"و": "الاستواء والاستعداء"، وفي "جـ":"الاستقراء والأعداء".
(4)
في "أ": "إذا لم".
(5)
في "أ" جملة: "لا لها وأكثره لا يسمع الاستعداء والإغراء فيه وتسمع الشهادة به" وهذه الجملة ساقطة من جميع النسخ إلَّا "أ" ومعناها غير واضح.
(6)
في جميع النسخ عدا "أ": "والقضاء".
(7)
الفروع (6/ 459)، كشاف القناع (6/ 330).
دعوا للتحمل، أو للأداء؟ على قولين للسلف
(1)
، وهما روايتان عن أحمد
(2)
، والصحيح: أن الآية تعمهما، فهي حق له، يأثم بتركه ويتعرض للفسق والوعيد، ولكن ليست حقًّا تصح الدعوى به والتحليف عليه؛ لأن ذلك يعود على مقصودها بالإبطال، فإنه مستلزم لاتهامه
(3)
والقدح فيه بالكتمان.
وقياس المذهب: أن الشاهد إذا كتم شهادته بالحق ضمنه؛ لأنه أمكنه تخليص حق صاحبه فلم يفعل، فلزمه الضمان، كما لو أمكنه تخليصه من هلكة فلم يفعل.
وطرد هذا الحاكم إذا تبين له الحق فلم يحكم لصاحبه به، فإنه يضمنه؛ لأنه أتلفه عليه بترك الحكم الواجب عليه.
فإن قيل: هذا ينتقض عليكم بمن رأى متاع غيره يحترق أو يغرق أو يسرق ويمكنه دفع أسباب تلفه، أو رأى شاته تموت ويمكنه ذبحها، فإنه لا يضمن في ذلك كله
(4)
.
قيل: المنصوص عن عمر رضي الله عنه وغيره: إنما هو فيمن
(1)
انظر: تفسير ابن جرير (3/ 126)، تفسير ابن أبي حاتم (2/ 562)، تفسير عبد الرزاق (1/ 374)، تفسير ابن كثير (1/ 498)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 338).
(2)
انظر: المغني (14/ 137)، الشرح الكبير (29/ 249)، الإنصاف (29/ 249).
(3)
في "أ": "يستلزم اتهامه".
(4)
في "د": "فإنَّه لا يضمن ذلك".
استسقى قومًا فلم يسقوه حتى مات، فألزمهم ديته
(1)
، وقاس عليه أصحابنا كل من أمكنه إنجاء إنسان من هلكة فلم يفعل
(2)
.
وأما هذه الصورة التي نقضتم بها فلا ترد.
والفرق بينها وبين الشاهد والحاكم: أنهما سببان للإتلاف
(3)
بترك ما وجب عليهما من الشهادة والحكم، ومن تسبب إلى إتلاف مال غيره
(4)
وجب عليه ضمانه، وفي هذه الصورة لم يكن من الممسك عن التخليص سبب يقتضي الإتلاف، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(1)
رواه ابن أبي شيبة (5/ 450) رقم (27890). وانظر: المحلَّى (10/ 522)، المنتقى للمجد (7/ 90)، الأحكام السلطانية لأبي يعلى (219)، المسائل التي حلف عليها الإمام أحمد (37)، الفتح الرباني للدمنهوري (211).
(2)
انظر: المغني (12/ 102)، الشرح الكبير (25/ 352)، الأحكام السلطانية (219)، الفتاوى الكبرى (5/ 413)، الفروع (6/ 13).
(3)
وفي "أ": "متسببان إلى الإتلاف".
(4)
في "أ": "مال محترم".
فصل
الطريق الثامن من طرق الحكم: الحكم بالرَّجل الواحد والمرأتين.
قال اللهُ تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282].
فإن قيل: فظاهر القرآن يدلُّ على أنَّ الشاهد والمرأتين بدل عن الشاهدين، وأنَّه لا يقضى بهما إلَّا عند عدم الشاهدين.
قيل
(1)
: القرآن لا يدلُّ على ذلك، فإنَّ هذا
(2)
أمرٌ لأصحاب الحقوق بما يحفظون به حقوقهم، فهو سبحانه أرشدهم إلى أقوى الطرق، فإن لم يقدروا على أقواها انتقلوا إلى ما دونها، فإنَّ شهادة الرجل الواحد أقوى
(3)
من شهادة
(4)
المرأتين؛ لأنَّ النَّساء يتعذَّرُ غالبًا حضورهنَّ مجالس الحكام، وحفظهنَّ وضبطهنَّ دون حفظ الرَّجال وضبطهم، ولم يقل سبحانه: احكموا بشهادة رجلين، فإن لم يكونا رجلين
(5)
فرجلٌ وامرأتان، وقد جعل سبحانه وتعالى المرأة على النصف من الرجل في عدة أحكام: أحدها: هذا، والثاني: في
(1)
انظر: إعلام الموقعين (1/ 137 و 147)، الأم (7/ 143)، التمهيد (2/ 156)، تفسير القرطبي (3/ 292).
(2)
"فإنَّ هذا" ساقطة من "و".
(3)
"الواحد" ساقطة من "أ".
(4)
"شهادة" ساقطة من "ب".
(5)
"رجلين" ساقطة من جميع النسخ عدا "د".
الميراث
(1)
، والثالث: في الدِّية
(2)
، والرَّابع: في العقيقة
(3)
، والخامس: في العتق، كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"مَنْ أَعْتَقَ امْرءًا مُسْلِمًا أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنَ النَّار"
(4)
و"وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ أَعْتَقَ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُمَا عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ"
(5)
.
(1)
في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11]
(2)
لحديث معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعًا: "دية المرأة على النصف من دية الرجل" رواه البيهقي (8/ 95) وقال: ورُوي ذلك من وجه آخر عن عبادة بن نسي وفيه ضعف. وحكاه ابن المنذر إجماعًا. "الإجماع"(166).
(3)
هي الذبيحة التي تذبح عن المولود يوم سابعه. المطلع (207) وانظر: تحفة المودود بأحكام المولود (34).
لحديث أم كرز رضي الله عنها أنَّها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: "عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة" رواه أحمد (6/ 422)، وأبو داود (2835)، والترمذي (1516)، والنسائي (7/ 164)، وابن ماجه (3162) وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وصححه ابن القيم في تحفة المودود (44).
(4)
رواه البخاري رقم (6715)(11/ 607)، ومسلم رقم (1509)(10/ 405) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
رواه الترمذي رقم (1547) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه وقال: "هذا حديث حسن صحيح غريب" ا. هـ. ورواه أبو داود (3967)، والنسائي في الكبرى (3/ 170) رقم (4883)، وابن ماجه رقم (2522)، وابن أبي شيبة (3/ 116)، وأحمد (4/ 235)، والطيالسي (1198)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (3/ 89) رقم (1408)، والطبراني في الكبير (20/ 318)(755)، وعبد الله بن المبارك في مسنده رقم (213) من حديث كعب بن مرَّة رضي الله عنه. وصحح إسناد النسائي الحافظ ابن حجر رحمه الله. فتح =
وقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، فيه دليلٌ على أنَّ الشاهد إذا نسِيَ شهادته فذكره بها غيره لم يرجِعِ إلى قوله حتى يذكرها وليس له أن يقلده، فإنَّه سبحانه قال:{فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} ولم يقل: فتخبرها، وفيها قراءتان
(1)
: التثقيل والتخفيف
(2)
، والصحيح: أنَّهما بمعنى واحد من "الذِّكْرِ" وأبعد من قال: فيجعلها ذَكَرًا، لفظًا ومعنى
(3)
، فإنَّه سبحانه جعل ذلك علَّة للضلال
(4)
الَّذي هو ضد الذِّكر، فإذا ضلت أو نسيت ذكرتها الأخرى فذكرت، وقوله تعالى:{أَنْ تَضِلَّ} تقديره عند الكوفيين: لئلا تضل إحداهما، ويطردون ذلك في كلِّ ما جاء من هذا، كقوله تعالى:{يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] ونحوه.
ويرد عليهم نصب قوله: {فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282] إذ يكون تقديره: لئلا تضل، ولئلا تذكر، وقدَّره البصريون بمصدر
= الباري (5/ 175)، وقال أبو داود:"سالم - يعني ابن أبي الجعد - لم يسمع من شرحبيل - ابن السمط -" ا. هـ. السنن (562).
(1)
في "ب": "قولان".
(2)
انظر: كتاب الإقناع في القراءات السبع (2/ 616)، البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة (55)، المبسوط في القراءات العشر (137)، الكشف عن وجوه القراءات السبع (1/ 320)، الغاية في القراءات العشر (207)، قرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتخفيف وشدَّد الباقون.
(3)
وممَّن قال بذلك سفيان بن عيينة رحمه الله. رواه عنه ابن جرير في التفسير (3/ 124).
(4)
وفي "د" و"هـ": "عليه الضلال".
محذوف، وهو الإرادة والكراهة والحذار ونحوها، فقالوا: يبين الله لكم أن تضلوا
(1)
، أي حذار أن تضلوا، وكراهة أن تضلوا، ونحوه.
ويشكل عليهم هذا التقدير في قوله: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} فإنَّهم إن قدروه كراهة أن تضل إحداهما كان حكم المعطوف عليه - وهو فتذكر - حكمه، فيكون مكروهًا، وإن قدروها إرادة أن تضل إحداهما كان الضلال مرادًا.
والجواب عن هذا: أنَّه كلام محمول على معناه، والتقدير: أن تذكر إحداهما الأخرى إن ضلت، وهذا مرادٌ قطعًا
(2)
، والله أعلم.
فصل
(3)
قال شيخنا ابن تيمية - رحمه الله تعالى -
(4)
: قوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، فيه دليلٌ على أنَّ استشهاد امرأتين مكان رجل إنَّما هو لإذكار إحداهما الأخرى إذا ضلت، وهذا إنَّما يكون فيما يكون فيه الضلال في العادة، وهو النسيان وعدم
(1)
من قوله "ونحوه ويرد عليهم" إلى قوله "يبين الله لكم أن تضلوا" ساقطة من "ب".
(2)
انظر: تفسير ابن جرير (3/ 124)، مشكل إعراب القرآن (1/ 118)، الدر المصون (2/ 658)، الكتاب لسيبويه (1/ 430 و 476)، تفسير ابن عطية (1/ 381).
(3)
"فصل" ساقطة من "د" و"هـ" و"و".
(4)
"ابن تيمية - رحمه الله تعالى -" ساقطة من "أ".
الضبط، وإلى هذا المعنى أشار النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:"وأَمَّا نُقْصَانُ عَقْلِهِنَّ: فَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ بشَهَادَةِ رَجُلٍ"
(1)
، فبين أنَّ شطر شهادتهنَّ إنَّما هو لضعف العقل لا لضعف الدِّين، فعلم بذلك أنَّ عدلَ النساء بمنزلة عدلِ الرِّجال، وإنَّما عقلها ينقص عنه، فما كان من الشهادات لا يخاف فيه الضلال في العادة، لم تكن فيه على نصف رجل، وما يقبل فيه شهادتهنَّ منفردات إنَّما هو أشياء تراها
(2)
بعينها، أو تلمسه بيدها، أو تسمعه بأذنها من غير
(3)
توقف على عقل، كالولادة والاستهلال، والارتضاع، والحيض، والعيوب تحت الثياب، فإنَّ مثل هذا لا يُنسى في العادة ولا تحتاج معرفته إلى كمال عقل، كمعاني الأقوال التي تسمعها من الإقرار بالدِّين وغيره، فإنَّ هذه معانٍ معقولة، ويطول العهد بها في الجملة.
(1)
رواه البخاري رقم (304)(1/ 483)، ومسلم رقم (132)(2/ 425) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. ورواه مسلم (2/ 429) من حديث أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
في "ب": "لا تراها".
(3)
"غير" ساقطة من "و".
فصل
إذا تقرَّر هذا، فتقبل شهادة الرجل والمرأتين في كلِّ موضع تقبل فيه شهادة الرجل ويمين الطالب
(1)
.
وقال عطاء وحماد بن أبي سليمان: تقبل شهادة رجل وامرأتين في الحدود والقصاص
(2)
.
ويقضى بها عندنا في النكاح والعتاق على إحدى الروايتين
(3)
.
ورُويَ ذلك عن جابر بن زيد
(4)
، وإياس بن معاوية
(5)
، والشعبي
(6)
، والثوري
(7)
، وأصحاب الرَّأي
(8)
، وكذلك في الجنايات
(1)
انظر: الذخيرة (10/ 247)، الكافي (417)، البيان والتحصيل (10/ 115)، الأم (7/ 143)، حلية العلماء (8/ 280)، روضة الطالبين (8/ 252)، مغني المحتاج (4/ 443)، نهاية المحتاج (8/ 313)، المغني (14/ 127)، كتاب الروايتين والوجهين للقاضي أبي يعلى (3/ 87).
(2)
رواه عبد الرزاق (8/ 331). وانظر: المحلى (9/ 398).
(3)
انظر: المغني (14/ 127).
(4)
جابر بن زيد الأزدي اليحمدي أبو الشعثاء، توفي سنة 93 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: طبقات ابن سعد (7/ 133)، سير أعلام النبلاء (4/ 481)، حلية الأولياء (3/ 85).
انظر: المحلى (9/ 397).
(5)
انظر: المحلى (9/ 397).
(6)
ابن أبي شيبة (4/ 517)، المحلى (9/ 397).
(7)
رواه عبد الرزاق (10/ 218).
(8)
انظر: مختصر القدوري (219)، المبسوط (16/ 142)، مختصر اختلاف =
الموجبة
(1)
للمال على إحدى الروايتين
(2)
.
قال في "المحرر"
(3)
: من أتى برجل وامرأتين، أو شاهد ويمين فيما يوجب القَوَد: لم يثبت به قود ولا مال، وعنه يثبت المال إذا كان المجني عليه عبدًا. نقلها ابن منصور، ومن أتى بذلك في سرقة ثبت له المال دون القطع. ا. هـ.
وقال أبو بكر
(4)
: لا يثبت مطلقًا
(5)
.
ويقضى بالشاهد والمرأتين في الخلع
(6)
إذا ادعاه الرجل، فإن ادعته المرأة لم يقبل فيه إلا رجلان، والفرق بينهما: أنه إذا كان المدعي هو الزوج فهو مدع للمال، وهو يثبت بشاهد وامرأتين، وإذا كانت هي المدعية، فهي مدعية لفسخ النكاح وتحريمها عليه، ولا يثبت إلا بشاهدين، ونص أحمد في رواية الجماعة على أنه لا تجوز شهادة النساء في النكاح والطلاق
(7)
، وقال في الوكالة: إن كانت مطالبة بدين قبل فيها شهادة رجل وامرأتين وأما غير ذلك
= العلماء (3/ 345)، المختار للفتوى (131)، روضة القضاة (1/ 209).
(1)
في "ب": "الواجبة".
(2)
انظر: المحرر (2/ 325)، النكت على المحرر (2/ 325).
(3)
(2/ 325).
(4)
أبو بكر عبد العزيز.
(5)
انظر: مسائل أبي بكر عبد العزيز التي خالف فيها الخرقي (129)، كتاب الروايتين والوجهين لأبي يعلى (3/ 88).
(6)
انظر: المحرر (2/ 326).
(7)
انظر: المغني (14/ 127)، المقنع (350)، الإرشاد إلى سبيل الرشاد (506).