الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
الطريق العاشر: الحكم بشهادة امرأتين ويمين المدعي في الأموال وحقوقها
.
وهذا مذهب مالك
(2)
، وأحد الوجهين في مذهب الإمام أحمد
(3)
، حكاه شيخنا
(4)
واختاره، وظاهر القرآن والسنَّة يدلُّ على صحة هذا القول، فإنَّ الله سبحانه أقام المرأتين مقام الرجل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح:"أَلَيْسَ شَهَادَةُ المَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلى"
(5)
، فهذا يدلُّ بمنطوقه على أنَّ شهادتها وحدها على النِّصف، وبمفهومه على أنَّ شهادتها مع مثلها كشهادة الرجل، وليس في القرآن ولا في السنة ولا في الإجماع ما يمنع من ذلك، بل القياس الصحيح يقتضيه، فإنَّ المرأتين إذا قامتا مقام الرجل إذا
(1)
"فصل" ساقطة من "د" و"و".
(2)
انظر: المدونة (5/ 165)، الاستذكار (22/ 62)، الكافي (470)، التمهيد (2/ 157)، المنتقى (5/ 214)، الذخيرة (11/ 55 و 247)، الفروق (4/ 91)، المعونة (3/ 1548)، أحكام القرآن لابن العربي (1/ 334)، القوانين (310 و 319)، تبصرة الحكام (1/ 329)، التفريع (2/ 238).
(3)
انظر: الهداية (2/ 151)، الإرشاد (490)، الشرح الكبير (30/ 30)، المحرر (2/ 316)، شرح الزركشي (7/ 313)، النكت على المحرر (2/ 316)، المبدع (10/ 258)، الإنصاف (30/ 25)، إعلام الموقعين (1/ 136)، المقنع مع الإنصاف (30/ 112).
(4)
مجموع الفتاوى (31/ 294)، الفتاوى الكبرى (3/ 197).
(5)
تقدم تخريجه.
كانتا
(1)
معه قامتا مقامه وإن لم تكونا معه، فإنَّ قبول شهادتهما لم يكن
(2)
لمعنى
(3)
للرجل
(4)
، بل لمعنى فيهما، وهو العدالة، وهذا موجودٌ فيما إذا انفردتا، وإنَّما يخشى من سوء ضبط المرأة وحدها وحفظها، فقويت بامرأة
(5)
أُخرى.
فإن قيل: البينة على المال إذا خلت من رجلٍ لم تقبل، كما لو شهد أربع نسوة، وما ذكرتموه ينتقض بهذه الصورة، فإنَّ المرأتين لو أقيمتا مقام الرجل من كلِّ وجهٍ لكفى أربع نسوة مقام رجلين، ولقبل في غير الأموال شهادة رجل وامرأتين
(6)
.
وأيضًا؛ فشهادة المرأتين ضعيفة، فقويت بالرجل، واليمين ضعيفة، فيضم
(7)
ضعيفٌ إلى ضعيف فلا يقبل
(8)
.
(1)
في "أ": "كانا".
(2)
"لم يكن" ساقطة من "أ".
(3)
"لمعنى" ساقطة من "هـ".
(4)
في "ب": "الرجل".
(5)
في "ب": "مع امرأة".
(6)
انظر: الفروق (4/ 91)، الذخيرة (11/ 55)، رؤوس المسائل الخلافية (6/ 1014)، المغني (14/ 132).
(7)
في "أ": "فينضم".
(8)
"فلا يقبل" ساقطة من "هـ".
وانظر: الفروق (4/ 91)، الذخيرة (11/ 55)، المقنع لابن البنا (4/ 1297)، شرح الزركشي (7/ 314)، رؤوس المسائل الخلافية (6/ 1014)، نهاية المحتاج (8/ 313)، المغني (14/ 132).
وأيضًا؛ فإنَّ الله سبحانه قال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282]، فلو حكمَ بامرأتين ويمين لكان هذا قسمًا ثالثًا.
والجواب: أمَّا قولكم: "إنَّ البينة إذا خلت عن الرجل لم تقبل"، فهذا هو
(1)
المُدعى، وهو محل النزاع، فكيف يُحْتَج به؟
وقولكم: "كما لو شهد أربع نسوة" فهذا فيه نزاع، وإن ظنه طائفةٌ إجماعًا كالقاضي
(2)
وغيره
(3)
.
قال الإمام أحمد في الرجل يوصي ولا يحضره إلَّا النساء قال: أجيز شهادة النساء
(4)
، فظاهر هذا أنَّه أثبت الوصية بشهادة النساء على الانفراد، إذا لم يحضره الرِّجال.
وذكر الخلال عن أحمد: أنَّه سُئِلَ عن الرجل يوصي بأشياء لأقاربه ويعتق، ولا يحضره إلَّا النساء، هل
(5)
تجوز شهادتهنَّ؟ قال: نعم، تجوز شهادتهنَّ في الحقوق
(6)
.
(1)
"هو" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
(2)
أبو يعلى.
(3)
انظر: المغني (14/ 132).
(4)
انظر: المغني (14/ 128)، الاختيارات (359)، المبدع (10/ 259)، كتاب الروايتين والوجهين (3/ 87).
(5)
"هل" ساقطة من "أ".
(6)
انظر: المبدع (10/ 259)، كتاب الروايتين والوجهين (3/ 87).
وقد تقدم
(1)
ذكر المواضع التي قبلت
(2)
فيها البينات من النساء، وأنَّ "البينة" اسمٌ لما يبين الحق، وهو أعمُّ من أن يكون برجال أو نساء أو نكول أو يمين أو أمارات ظاهرة، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قبل شهادة المرأة في الرضاع
(3)
، وقبلها الصحابة في مواضع قد ذكرناها، وقبلها التابعون
(4)
.
وقولكم: "وتقبل في غير الأموال شهادة
(5)
رجل وامرأتين"
(6)
.
قُلنا: نعم، وذلك موجودٌ في عدة مواضع، كالنكاح، والرجعة، والطلاق، والنسب، والولاء، والإيصاء، والوكالة في النكاح وغيره على إحدى الروايتين
(7)
.
قولكم: "شهادة المرأتين ضعيفة، فقويت بالرجل، واليمين ضعيفة، فيضم ضعيف إلى ضعيف، فلا يقبل".
جوابه: أنَّا
(8)
لا نُسلِّم ضعف شهادة المرأتين إذا اجتمعتا، ولهذا
(1)
ص (426، 431).
(2)
في "أ": "خلت".
(3)
تقدم تخريجه.
(4)
تقدم تخريج هذه الآثار.
(5)
وفي "د" و"هـ" و"و": "بشهادة".
(6)
انظر: المغني (14/ 132)، رؤوس المسائل (6/ 1014).
(7)
انظر: المحرر (2/ 226).
(8)
"أنا" ساقطة من "د" و"هـ" و"و".
نحكم
(1)
بشهادتهما إذا اجتمعتا
(2)
مع الرجل وإن أمكنه أن يأتى برجلين
(3)
، فالرجلُ والمرأتان أصلٌ لا بدل، والمرأة العدل كالرجل في الصدق والأمانة والدِّيانة، إلَّا أنَّها لما خيف عليها السهو والنسيان قُوِّيت
(4)
بمثلها، وذلك قد يجعلها أقوى من الرجل الواحد أو مثله، ولا ريبَ أنَّ الظنَّ المستفاد من شهادة أم الدرداء وأم عطية أقوى من الظن المستفاد من
(5)
رجلٍ واحدٍ دونهما ودون أمثالهما.
وأمَّا قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] ولم يذكر المرأتين دون الرجل
(6)
.
فيقال: ولم يذكر الشاهد واليمين، ولا النكول، ولا الرد، ولا شهادة المرأة الواحدة، ولا المرأتين، ولا الأربع نسوة، وهو سبحانه لم يذكر ما يحكم به الحاكم، وإنَّما أرشدَ إلى ما يحفظ به الحق، وطرق الحكم أوسع من الطرق التي تحفظ بها الحقوق
(7)
.
(1)
في "ب": "حكم"، وفي "د" و"هـ":"يحكم".
(2)
"إذا اجتمعتا" ساقطة من "هـ" و"و".
(3)
في "د": "برجل".
(4)
"قويت" ساقطة من "ب".
(5)
"شهادة أم الدرداء وأم عطية أقوى من الظن المستفاد من" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
(6)
في "ب" و"جـ" و"د" و"هـ": "المرأتين والرجل" وهو خطأ؛ لأنَّ الآية ذكرت الرجل والمرأتين وإنَّما لم تذكر المرأتين دون الرجل.
(7)
انظر: إعلام الموقعين (1/ 138 و 147).