الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يجب، وتارة تكون شبهًا بينًا يدل على ثبوت النسب، فيجب إلحاق النسب به عند جمهور
(1)
من السلف والخلف
(2)
، كما في القافة التي اعتبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم بها الصحابة من بعده
(3)
،
وتارة تكون علامات يختص بها أحد المتداعيين
، فيقدم بها
(4)
، كما نص عليه الإمام أحمد في المكري والمكتري يتداعيان دفينًا في الدار، فيصفه أحدهما، فيكون له مع يمينه
(5)
،
وتارة تكون علامات في بدن اللقيط
يصفه به أحد المتداعيين، فيقدم بها، كما نص عليه أحمد
(6)
،
وتارة تكون قرائن ظاهرة يحكم بها للمدعي مع يمينه
، كما إذا تنازع الخياط والنجار في آلات صناعتهما، حكم بكل آلة لمن تصلح له عند الجمهور
(7)
، وكذلك إذا تنازع الزوجان متاع البيت، حكم للرجل بما
(1)
في "أ": "الجمهور".
(2)
انظر: تبصرة الحكام (2/ 114)، تفسير القرطبي (10/ 259)، الفروق (4/ 99) و (3/ 125)، الكافي (484)، الأم (6/ 344)، نهاية المحتاج (8/ 375)، مغني المحتاج (4/ 488)، المغني (8/ 371)، المبدع (8/ 136)، زاد المعاد (5/ 418)، المحلى (9/ 435).
(3)
سيأتي ذكر الأحاديث والآثار.
(4)
"بها" ساقطة من "ب".
(5)
انظر: المغني (8/ 321)، قواعد ابن رجب (2/ 387).
(6)
انظر: قواعد ابن رجب (2/ 387)، إعلام الموقعين (2/ 366)، المغني (8/ 379)، الشرح الكبير (16/ 307)، الفروع (4/ 578)، المقنع (160)، معونة أولي النهى (5/ 698)، الإنصاف (16/ 307).
(7)
انظر: المغني (14/ 335)، زاد المعاد (3/ 147)، بدائع الفوئد (1/ 17)، الفروع (6/ 519)، شرح منتهى الإرادات (3/ 560)، كشاف القناع (6/ 386).
يصلح له، وللمرأة بما يصلح لها
(1)
، ولم ينازع في ذلك إلا الشافعي، فإنه قسم عمامة الرجل وثيابه بينه وبين المرأة، وكذلك قسم خف المرأة وحلقها ومغزلها بينها وبين الرجل
(2)
.
وأما الجمهور - كمالك وأحمد وأبي حنيفة - فإنهم نظروا إلى القرائن الظاهرة والظن الغالب الملتحق بالقطع في اختصاص كل واحد منهما بما يصلح له، ورأوا أن الدعوى تترجح
(3)
بما هو دون ذلك بكثير، كاليد والبراءة والنكول، واليمين المردودة، والشاهد واليمين، والرجل والمرأتين، فيثير
(4)
ذلك ظنًّا تترجح به الدعوى، ومعلوم أن الظن الحاصل ها هنا أقوى بمراتب كثيرة من الظن الحاصل بتلك الأشياء، وهذا مما
(5)
لا يمكن جحده ودفعه.
(1)
"لها" ساقطة من "ب". انظر: المبسوط (5/ 125)، بدائع الصنائع (2/ 308)، الفتاوى الهندية (1/ 329)، معين الحكام (129)، المدونة (2/ 266)، قوانين الأحكام (213)، الفروق (3/ 148)، منتخب الأحكام (1/ 168)، أسهل المدارك (3/ 232)، البهجة (1/ 299)، مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود (249)، الهداية (2/ 141)، التذكرة (366)، الجامع الصغير (379)، المقنع لابن البناء (4/ 1325)، المحرر (2/ 220)، المغني (14/ 333)، مجموع الفتاوى (34/ 81)، زاد المعاد (3/ 147)، بدائع الفوائد (1/ 917)، الفروع (6/ 518)، المبدع (10/ 153)، قواعد ابن رجب (3/ 109).
(2)
انظر: الأم (5/ 139)، حلية العلماء (8/ 213)، التهذيب (8/ 349)، روضة الطالبين (8/ 366)، عماد الرضا (2/ 161)، المسائل الفقهية لابن كثير (204)، الديباج المذهب (4/ 1226).
(3)
في "أ": "ترجح".
(4)
في "ب": "فينشئُ".
(5)
في "أ": "ما".
وقد نصب الله سبحانه على الحق الموجود والمشروع علامات وأمارات تدل عليه وتبينه، قال تعالى:{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 15 - 16]، ونصب على القبلة علامات وأدلة، ونصب على الإيمان والنفاق علامات وأدلة
(1)
، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إِذَا رَأَيْتُم الرَّجُلَ يَعْتَادُ المَسْجدَ فَاشْهَدُوا لَهُ بِالإِيْمَانِ"
(2)
، فجعل اعتياد شهود المسجد من علامات الإيمان وجوز لنا أن نشهد بإيمان صاحبها، مستندين إلى تلك العلامة، والشهادة إنما تكون على القطع، فدل على أن الأمارة تفيد القطع وتسوغ الشهادة.
(1)
"ونصب على الإيمان والنفاق علامات وأدلة" ساقطة من "د".
(2)
رواه أحمد (3/ 68 و 76)، والترمذي (3/ 364) رقم (2617)، وابن ماجه (2/ 101) رقم (802)، وعبد بن حميد (2/ 82) رقم (921)، والدارمي رقم (1223)، وابن خزيمة (2/ 379) رقم (1502)، وسعيد بن منصور (5/ 242) رقم (1010)، وابن حبان (5/ 6) رقم (1721)، والحاكم (1/ 212) و (2/ 332)، والبيهقي (3/ 93)، وفي الشعب (3/ 81)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 327) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال الترمذي:"هذا حديث غريب حسن"، وقال الحاكم:"هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها، غير أن شيخي الصحيح لم يخرجاه وقد سقت القول في صحته" ا. هـ. تعقبه الذهبي بقوله: "دراج كثير المناكير" ا. هـ. تلخيص المستدرك (1/ 212)، وصححه الحاكم في (2/ 332) وأقره الذهبي. وبالنظر في أسانيد من رواه نجد أنها جميعًا من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم - سليمان بن عمرو الليثي - قال الإمام أحمد:"أحاديث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف" ا. هـ. الكامل (4/ 10).
وقال: "آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثُ - وفي لفظ: علامة المنافق ثلاث -: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَف، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ"
(1)
.
وفي "السنن": "ثَلَاثٌ مِنْ عَلَامَاتِ الإيْمَانِ: الكَفُّ عَمَّن قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، وَالْجهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي الله إَلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لا يُبطلهُ جَوْرُ جَائِرٍ وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالإِيْمَانُ بالأَقْدارِ"
(2)
.
وقد نصب الله تعالى الآيات دالة عليه وعلى وحدانيته وأسمائه وصفاته، فكذلك هي دالة على عدله وأحكامه، والآية مستلزمة لمدلولها لا تنفك عنها، فحيث وجد الملزوم
(3)
وجد لازمه، فإذا وجدت آية الحق ثبت الحق، ولم يتخلف ثبوته عن آيته وأمارته، فالحكم بغيره حينئذٍ
(4)
يكون حكمًا بالباطل.
وقد اعتبر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من بعده العلامات في الأحكام،
(1)
رواه البخاري رقم (33)(1/ 111)، ومسلم رقم (107)(2/ 407) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
رواه سعيد بن منصور (2/ 143) رقم (2367)، وأبو داود رقم (2532)، وأبو يعلى (7/ 287) رقم (1556)، والبيهقي (9/ 262)، وأبو عبيد في الإيمان رقم (27)، والضياء في المختارة (7/ 285) رقم (2741) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. وفي إسنادهم جميعًا يزيد بن أبي نشبة، قال المنذري:"فى معنى المجهول" ا. هـ. نصب الراية (3/ 377)، وقال الحافظ ابن حجر:"مجهول". التقريب (605).
(3)
قوله "وجد الملزوم" ساقطة من "ب".
(4)
"حينئذٍ" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
وجعلوها مبينة لها، كما اعتبر العلامات في اللقطة، وجعل صفة الواصف لها آية وعلامة على صدقه
(1)
، وأنها له، وقال لجابر: "خذ من وكيلي وسقًا
(2)
، فإن التمس منك آية، فضع يدك على ترقوته"
(3)
فنزل هذه العلامة منزلة البينة التي تشهد أنه أذن له أن يدفع إليه ذلك، كما نزل الصفة للُّقطة منزلة البينة، بل هذا نفسه بينة، إذ البينة ما تبين الحق من قول وفعل ووصف.
وجعل الصحابة رضي الله عنهم الحبل علامة وآية على الزنا فحدوا به المرأة وإن لم تقر
(4)
، ولم يشهد عليها أربعة، بل جعلوا الحبل أصدق من الشهادة، وجعلوا رائحة الخمر وقيئه لها آية وعلامة على شربها، بمنزلة الإقرار والشاهدين
(5)
.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم نحر كفار قريش يوم بدر عشر جزائر أو تسعًا آية وعلامة على كونهم ما بين الألف والتسعمائة
(6)
، فأخبر عنهم بهذا
(1)
"على صدقه" ساقطة من "أ".
(2)
في "هـ": "ثلاثين وسقًا".
(3)
تقدم تخريجه ص: 27.
(4)
رواه البخاري (12/ 148) رقم (6830)، ومسلم رقم (1691)(11/ 204).
(5)
تقدم تخريجه من حكم عمر وابن مسعود رضي الله عنهما ص (12).
(6)
رواه أحمد (1/ 117)، وابن أبي شيبة (7/ 356) رقم (36668)، وعبد الرزاق (5/ 348)، والبزار (2/ 296) رقم (719) جميعهم عدا عبد الرزاق من حديث علي رضي الله عنه. قال الهيثمي:"رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضروب وهو ثقة" ا. هـ. مجمع الزوائد (6/ 79).
القدر بعد ذكر هذه العلامة.
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم كثرة المال وقصر مدة إنفاقه آية وعلامة على كذب المدعي لذهابه في النفقة والنوائب في قصة
(1)
حيي بن أخطب، وقد
(2)
تقدمت
(3)
، وأجاز العقوبة بناءً على هذه العلامة.
واعتبر العلامة في السيف وظهور أثر الدم به في الحكم بالسلب لأحد المتداعيين، ونزل الأثر منزلة بينة
(4)
.
واعتبر العلامة في ولد الملاعنة، وقال:"أنظروها، فإن جاءت به كذا وكذا فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به على نعت كذا وكذا فهو للذي رميت به"
(5)
، فأخبر أنه للذي رميت به لهذه العلامات والصفات، ولم يحكم به له؛ لأنه لم يدعه، ولم يقر به، ولا كانت الملاعنة فراشًا له.
واعتبر إنبات الشعر حول القبل في البلوغ، وجعله آية وعلامة له، فكان يقتل من الأسرى يوم قريظة من وجدت فيه تلك العلامة
(6)
، ويستبقي من لم تكن فيه، ولهذا جعله طائفة من الفقهاء - كالشافعي
(7)
- علامة في حق الكفار خاصة.
(1)
"قصة" ساقطة من "ب".
(2)
"قد" ساقطة من "أ".
(3)
ص (14).
(4)
تقدم تخريجه ص: 24.
(5)
رواه مسلم في اللعان رقم (1496)(10/ 382).
(6)
تقدم تخريجه. ص: 19.
(7)
الأم (4/ 372).
وجعل الحيض علامة على براءة الرحم من الحمل، فجوز وطء الأمة المسبية إذا حاضت حيضة، لوجود علامة خلوها من الحبل، فلما منع من وطء الأمة الحامل، وجوز وطأها إذا حاضت
(1)
، كان ذلك اعتبارًا لهذه العلامة والأمارة
(2)
.
واعتبر العلامة في الدم الذي تراه المرأة ويشتبه عليها، هل هو حيض، أو استحاضة. واعتبر العلامة فيه بوقته ولونه، وحكم بكونه حيضًا بناءً على ذلك
(3)
.
وهذا في الشريعة أكثر من أن يحصر وتستوفى شواهده.
(1)
قوله: "حيضة لوجود" حتى قوله "إذا حاضت" ساقط من "د".
(2)
كما رواه أحمد (3/ 62)، وأبو داود رقم (2157)، والدارمي (2/ 224)، والحاكم (2/ 195)، والبيهقي (7/ 738) من حديث أبي سعيد الخدري رفعه أنه قال في سبايا أوطاس:"لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة". قال الحاكم: "هذا حديث على شرط مسلم" ووافقه الذهبي. وحسن إسناد أبي داود ابن عبد الهادي. تنقيح التحقيق (1/ 243). وحسنه الحافظ ابن حجر. التلخيص (1/ 304).
(3)
كما في حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: "إن دم الحيض أسود يُعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة وإذا كان الآخر فتوضئي وصلي فإنما هو دم عرق". رواه أبو داود رقم (304)، والنسائي (1/ 183) رقم (358)، والدارقطني (1/ 207) وقال:"رواته كلهم ثقات"، وابن حبان (1348)، والحاكم (1/ 174) وسكت عنه، وقال الذهبي:"على شرط مسلم" ا. هـ. وانظر: العلل لابن أبي حاتم (117)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 56).