الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الطريق الرَّابع والخامس: الحكم بالنكول
(1)
وحده، أو به مع رد اليمين
.
قال الإمام أحمد
(2)
: قدم عبد الله
(3)
بن عمر إلى عثمان رضي الله عنهم في عبد له فقال له عثمان
(4)
: احلف أنَّك ما بعته وبه عيب علمته، فأبى ابن عمر أن يحلف، فرد عليه العبد
(5)
.
فيقول له الحاكم: إن لم
(6)
تحلف وإلَّا قضيت عليك - ثلاثًا -، فإن لم يحلف قضى عليه، وهذا اختيار أصحاب أحمد
(7)
، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه
(8)
.
وقال الأوزاعي وشريح وابن سيرين والنخعي: إذا نكل ردت
(1)
تقدم بيانه.
(2)
انظر: مسائل عبد الله (276)، ومسائل صالح (2/ 39).
(3)
"عبد الله" ساقط من "جـ" و"د" و"هـ" و"و".
(4)
"له عثمان" ساقطة من جميع النسخ عدا "ب".
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
"لم" ساقطة من "هـ".
(7)
انظر: الهداية (2/ 146)، المغني (14/ 223)، الشرح الكبير (30/ 138)، جامع العلوم والحكم (2/ 234)، الروض المربع (711)، كشاف القناع (4/ 287).
(8)
انظر: المبسوط (17/ 34)، بدائع الصنائع (6/ 230)، رؤوس المسائل (537)، مختصر اختلاف العلماء (3/ 383)، فتح القدير (8/ 172)، الهداية (5/ 143).
اليمين على المدعي فإن حلف قضي له
(1)
، وهذا مذهب الشافعي
(2)
ومالك
(3)
وقد صوبه الإمام أحمد
(4)
، واختاره أبو الخطاب
(5)
وشيخنا
(6)
- رحمهما الله تعالى - في صورة الحكم بمجرد النكول في صورة، كما سنذكره.
وهذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه
(7)
.
وقد روى الدارقطني من حديث نافع عن ابن عمر: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد اليمين على طالب الحق"
(8)
.
(1)
انظر: المغني (14/ 223)، المحلَّى (9/ 377).
(2)
انظر: الرِّسالة (483 و 600)، الأم (7/ 75)، الحاوي (16/ 316)، روضة الطالبين (8/ 322)، أدب القاضي للماوردي (2/ 355)، أدب القاضي لابن أبي الدم (221).
(3)
انظر: المدونة (5/ 174)، الموطأ (722)، الاستذكار (22/ 57). التمهيد (23/ 222)، الفروق (4/ 93)، الذخيرة (11/ 77)، المعونة (3/ 1549)، القوانين (311)، تبصرة الحكام (1/ 225).
(4)
انظر: المغني (14/ 233)، الفروع (6/ 477)، الإنصاف (28/ 433)، الهداية (2/ 127).
(5)
الهداية (2/ 127 - 146)، وانظر: التسهيل (199)، جامع العلوم والحكم (2/ 334)، التعيين في شرح الأربعين (286)، الإنصاف (28/ 433).
(6)
الاختيارات (343).
(7)
رواه البيهقي (10/ 311)، وانظر: المحلَّى (9/ 377).
(8)
رواه الدَّارقطني (4/ 213)، والحاكم (4/ 100)، والبيهقي (10/ 310)، وابن الجوزي في التحقيق (2/ 389)، وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله:"لا أعرف محمدًا - يعني ابن مسروق - وأخشى أن يكون الحديث باطلًا" ا. هـ. تلخيص المستدرك (4/ 100)، وقال الحافظ ابن حجر: "فيه محمد بن مسروق =
واحتج لهذا القول بأن الشارع شرع اليمين مع الشاهد الواحد كما سيأتي، فلم يكتف في جانب المدعي بالشاهد وحده
(1)
، حتى يأتي باليمين تقوية لشاهده.
قالوا: ونكول
(2)
المدعى عليه أضعف من شاهد المدعي، فهو أولى أن يقوى بيمين الطالب، فإن النكول ليس ببينة ولا إقرار، وهو حجة ضعيفة، فلم يقو على الاستقلال بالحكم، فإذا حلف معها المدعي قوي جانبه، فاجتمع النكول من المدعى عليه واليمين من المدعي، فقاما مقام الشاهدين أو الشاهد واليمين.
قالوا: ولهذا لم يحكم على المرأة في اللعان بمجرد نكولها دون يمين الزوج، فإذا حلف الزوج، ونكلت عن اليمين، حكم عليها: إما بالحبس حتى تقر أو تلاعن كما يقول أحمد
(3)
وأبو حنيفة
(4)
، وإما
= لا يعرف" ا. هـ. التلخيص الحبير (4/ 384)، وقال ابن الجوزي: "فيه جماعة مجاهيل" ا. هـ. التحقيق (2/ 389)، وضعفه الصنعاني في سبل السلام (4/ 136)، والألباني في الإرواء (8/ 268).
(1)
في "أ" و"ب": "الواحد".
(2)
في "أ": "ويكون".
(3)
انظر: الهداية (2/ 56)، المغني (11/ 189)، المحرر (2/ 99)، الكافي (4/ 599)، رؤوس المسائل الخلافية (4/ 590)، الفروع (5/ 515)، المبدع (8/ 89)، حاشية المنتهى لابن قائد (4/ 369)، زاد المسير (6/ 14)، جامع العلوم والحكم (2/ 235).
(4)
انظر: مختصر اختلاف العلماء (2/ 509)، بدائع الصنائع (3/ 238)، المبسوط (7/ 40)، الهداية مع فتح القدير (4/ 282)، كنز الدقائق (4/ 193) مع البحر الرَّائق، البناية (5/ 369)، تحفة الفقهاء (1/ 223)، (4/ 193) =
بالحد كما يقول الشافعي
(1)
ومالك
(2)
رضي الله عنهما، وهو الراجح
(3)
؛ لأن الله سبحانه وتعالى إنما درأ عنها العذاب بشهادتها أربع شهادات. والعذاب المدروء عنها بالتعانها هو العذاب المذكور في قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] وهو عذاب الحد
(4)
. ولهذا ذكره سبحانه وتعالى معرفًا بلام العهد، فعلم أن العذاب هو العذاب
(5)
المعهود ذكره أولًا. ولهذا بدئ أولًا بأيمان الزوج لقوة جانبه، ومكنت المرأة من
(6)
أن تعارض
(7)
أيمانه بأيمانها،
= مع البحر الرَّائق. البناية (5/ 369)، تحفة الفقهاء (1/ 223)، المختار للفتوى (195).
(1)
انظر: الأم (5/ 417)، مختصر المزني (9/ 266)، التهذيب (6/ 189)، الحاوي (11/ 7)، التنبيه (90)، نهاية المحتاج (7/ 121)، مغني المحتاج (3/ 380)، تفسير البغوي (3/ 327)، أحكام القرآن، للكيا (4/ 307).
(2)
انظر: المدونة (3/ 112)، الرسالة لابن أبي زيد (204)، التفريع (2/ 99)، القوانين (247)، الذخيرة (4/ 306)، أحكام القرآن لابن العربي (3/ 356)، المقدمات والممهدات (1/ 629)، بداية المجتهد (7/ 140)، الكافي (287)، أضواء البيان (6/ 132).
(3)
انظر: زاد المعاد (5/ 362)، تهذيب السنن (6/ 325)، عدة الصابرين (271)، الروح (1/ 200)، مجموع الفتاوى (20/ 390)، الاختيارات (276)، الجواب الصحيح (6/ 468)، جامع العلوم والحكم (2/ 225)، الفروع (5/ 515).
(4)
في "أ": "الحدود".
(5)
"هو العذاب" ساقط من "ب" و"د" و"هـ" و"و".
(6)
"من" ساقطة من "د" و"هـ" و"و".
(7)
في جميع النسخ عدا "و": "تعارضه".
فإذا نكلت لم يكن لأيمانه ما يعارضها، فعملت عملها، وقواها نكول المرأة، فحكم عليها بأيمانه ونكولها.
فإن قيل: فكان من الممكن أن يبدأ بأيمانها، فإن نكلت حلف الزوج وحُدَّت، كما إذا ادعي عليه حقًّا، فنكل عن اليمين، فإنها ترد على المدعي، ويقضي له، فهلا شرع اللعان كذلك والمرأة هي المدعى عليها؟ بل شرعت اليمين في جانب المدعي أولا، وهذا لا نظير له في الدعاوى.
قيل: لما كان الزوج قاذفًا لها كان موجب قذفه أن يحد لها، فمكن أن يدفع الحد عن نفسه بالتعانه، ثم طولبت هي بعد ذلك بأن تقر أو تلاعن. فإن أقرت حدت، وإن أنكرت والتعنت درأت عنها الحد بلعانها، كما له أن يدرأ الحد عن نفسه بلعانه.
وكانت البداءة به أولى؛ لأنه مدع، وأيمانه قائمة مقام البينة. ولكن لما كانت دون الشهود الأربعة
(1)
في القوة مكنت من دفعها بأيمانها. فإذا أبت أن تدفعها ترجح جانبه، فوجب عليها الحد، فلم تحد بمجرد التعانه
(2)
، ولا بمجرد نكولها، بل بمجموع الأمرين. وأكدت أيمانهما
(3)
بكونها أربعًا، كما أكدت أيمان المدعين في القسامة بكونها خمسين، ولتقوم الأيمان مقام الشهود.
(1)
في جميع النسخ عدا "أ""الأربعة".
(2)
في "د": "التعانه فوجب".
(3)
في "أ": "أيمانه". وفي "د" و"هـ" و"و": "أيمانها".
وفي المسألة قول ثالث، وهو أنه
(1)
لا يقضى بالنكول، ولا بالرد، ولكن يحبس المدعى عليه حتى يجيب بإقرار أو إنكار يحلف معه. وهذا قول في مذهب
(2)
أحمد
(3)
، وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي
(4)
، وهذا قول
(5)
ابن أبي ليلى، فإنه قال: لا أدعه حتى يقر أو يحلف
(6)
.
واحتج لهذا القول بأن المدعى عليه قد أوجب عليه أحد الأمرين: إما الإقرار، وإما الإنكار، فإذا امتنع من أداء الواجب عليه عوقب بالحبس ونحوه حتى يؤديه
(7)
.
قالوا: وكل من عليه حق، فامتنع من أدائه، فهذا سبيله.
والآخرون فرقوا بين الموضعين، وقالوا: لو ترك ونكوله لأفضى إلى ضياع حقوق الناس بالصبر على الحبس. فإذا نكل عن اليمين
(1)
"أنه" ساقط من النسخ عدا "أ" و"د".
(2)
"في مذهب" ساقطة من "ب".
(3)
انظر: المغني (14/ 234)، الفروع (6/ 478).
(4)
انظر: المغني (14/ 234)، روضة الطالبين (12/ 49)، مغني المحتاج (4/ 479).
(5)
قوله "في مذهب أحمد وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وهذا قول" ساقط من "و".
(6)
ذكر ابن حزم لابن أبي ليلى قولين هذا أحدهما. المحلى (9/ 377). وانظر: الفروق (4/ 92)، المغني (14/ 234).
(7)
انظر: المحلى (9/ 375).
ضعف جانب البراءة
(1)
الأصلية فيه، وقوي جانب المدعي فقوي باليمين، وهذا كأنه لما قوي جانب المدعين للدم باللوث بدئ بأيمانهم، وأكدت بالعدد.
والمقصود: أن الناس اختلفوا في الحكم بالنكول على أقوال:
أحدها: أنه من طرق الحكم. وهذا قول عثمان بن عفان
(2)
رضي الله عنه، وقضى به شريح
(3)
.
قال أبو عبيد: حدثنا يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سالم بن عبد الله: أن أباه - عبد الله بن عمر - باع عبدًا له بثمانمائة درهم بالبراءة، ثم إن صاحب العبد خاصم فيه ابن عمر إلى عثمان بن عفان
(4)
، فقال عثمان لابن عمر: احلف بالله لقد بعته وما به من داء علمته، فأبى ابن عمر أن يحلف، فرد عليه العبد
(5)
. وقال ابن أبي شيبة، عن شريك، عن مغيرة
(6)
، عن الحارث
(7)
، قال: "نكل رجل عند شريح عن اليمين، فقضى عليه، فقال: أنا أحلف، فقال
(1)
في "أ": "ضعف للبراءة".
(2)
تقدم تخريجه. وسيذكره المؤلف قريبًا.
(3)
سيأتي تخريج الأثر قريبًا.
(4)
"بن عفان" ساقطة من "أ".
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
مغيرة بن مِقْسم أبو هشام الضبي. قال ابن معين: ثقة مأمون. توفي سنة 133 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: تهذيب الكمال (28/ 397) سير أعلام النبلاء (6/ 10).
(7)
هو الحارث العكلي.