الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأولى
(1)
.
وأما
ضرب المتهم إذا عرف أن المال عنده - وقد كتمه
وأنكره - فيضرب ليقرَّ به، فهذا لا ريب فيه
(2)
، فإنه ضرب ليؤدي الواجب الذي يقدر على وفائه، كما في حديث ابن عمر: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صالح أهل خيبر على الصفراء والبيضاء، سأل زيد بن سعيد
(3)
- عم حيي بن أخطب - فقال: أين كنز حيي؟ فقال: يا محمد أذهبته النفقات والحروب
(4)
، فقال للزبير: دونك هذا، فمسه الزبير بشيء من العذاب، فدلَّهم عليه في خربة، وكان حليًّا في مسك ثور"
(5)
.
فهذا أصل في ضرب المتهم
(6)
.
(1)
انظر: الاختيارات (300)(7/ 166)، السياسة الشرعية (113)، زاد المعاد (5/ 46)، الإنصاف (26/ 448)، مجموع الفتاوى (7/ 482) و (28/ 347) و (34/ 217)، تهذيب السنن (6/ 237)، إعلام الموقعين (3/ 84).
(2)
انظر: فتح القدير (5/ 218)، المنتقى (7/ 166)، تبصرة الحكام (2/ 155 و 330)، روضة الطالبين (4/ 137)، شرح منتهى الإرادات (2/ 275)، الأحكام السلطانية للماوردي (220)، والأحكام السلطانية لأبي يعلى (258)، المحلَّى (8/ 172).
(3)
في "أ" و"جـ" و"هـ": "شعبة". وعند أبي داود (2990)"سعية"، وكذا ذكره البلاذري في فتوح البلدان (37).
(4)
"والحروب" ساقطة من "جـ" و"د" و"هـ".
(5)
تقدم تخريجه أول الكتاب ص: 14.
(6)
انظر: مجموع الفتاوى (35/ 404 - 407)، الحسبة (114)، "بيانها ص (366) ".
جاء في المخطوطة "أ" فقط ما يلي: "قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)}، وقال محمد بن عمرو بن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل:"أنا الرحمن وهي الرحم فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته"، وفي لفظ يقول الله سبحانه:"أنا الله الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته"، ويذكر عنه صلى الله عليه وسلم:"بلوا أرحامكم ولو بسلام"، وقطيعة الرحم تارة تكون بالفعل وتارة بالقول وتارة بالجفاء والترك والإهمال، وعقوبة قطيعتها سريعة، قال النَّبي صلى الله عليه وسلم:"ما من ذنبٍ أجدرُ أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".
فصل: ومنها التصوير قال الله تعالى: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} ، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم:"أشد الناس عذابًا يوم القيام المصورون يقال لهم أحيوا ما خلقتم" متفق عليه، وفي الصحيحين أيضًا عنه صلى الله عليه وسلم:"من صور صورة كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ"، وفي الصحيحين أيضًا عن عائشة قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفره وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فهتكه وتلون وجهه وقال: "أشد الناس عذابًا عند الله الذين يضاهون بخلق الله" السهوة كالمجلس والصفة في البيت، والقرام الستر الرقيق، وفي السنن بإسناد جيد عن النبي صلى الله عليه وسلم:"يخرج عنق من النار فيقول: إني وكلت بكل من دعا مع الله إلهًا آخر وبكل جبار عنيد ومصور"، قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال:"الذين يضعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم" متفق عليه. وقال ابن عباس سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: "كل مصور في النار يجعل الله له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم" متفق عليه، وفي الصحيحين أيضًا عنه صلى الله عليه وسلم "يقول الله عز وجل: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا شعيرة فليخلقوا ذرة"، وصح عنه: "ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة فليخلقوا شعيرة". ولهذا كانت المصنوعات كالطبايخ - هكذا - والملابس والمساكن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= غير مخلوقة إلا بتوسط الناس، قال تعالى:{وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (42)} ، وقال تعالى:{قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ (95) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (96)} ، وكان المخلوقات من المعادن والنبات والدواب غير مقدرة لبني آدم أن يضعوها لكنهم يشبهون على سبيل الغش. وهذا حقيقة الكيمياء أنها ذهب مشبه ويدخل في المنكرات مما نهى الله عنه ورسوله من العقود المحرمة بل عقوبة الربا صريحًا واحتيالًا وعقود الميسر كبيوع الغرر: كحبل الحبلة والملامسة والمنابذة والنجش وهو أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها وتصرية الدابة اللبون وسائر أنواع التدليس وكذلك سائر الحيل المحرمة على أكل الربا وهي ثلاثة أقسام أحدهما: ما يكون من واحد كما إذا باعه سلعة بنسيئة ثم اشتراها منه بأقل من ثمنها نقدًا حيلة على الربا. ومنها ما تكون ثنائية وهي أن تكون بين اثنين مثل أن يجمع إلى القرض بيعًا أو إجارة أو مساقاة أو مزارعة ونحو ذلك. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك". قال الترمذي: حديث صحيح. وفي سنن أبي داود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من باع بيعتين في بيعة فله أوكسها أو الربا". ومنها ما تكون ثلاثية وهي أن يدخلا بينهما محللًا للربا إلى أجل ثم يعيدها إلى صاحبها بنقص دراهم يستفيدها المحلل. وهذه المعاملات منها ما هو حرام بالاتفاق مثل التي يباع فيها المبيع قبل القبض المشروع أو بغير الشرط الشرعي أو يقلب فيها الدين على المعسر فإن المعسر يجب إنظاره ولا يجوز الزيادة عليه بمعاملة ولا غيرها، ومتى استحل المرابي قلب الدين للمدين إما أن تقضي وإما أن تزيد في الدين والمدة فهو كافر يجب أن يستتاب فإن تاب وإلا قتل وأخذ ماله فيئًا لبيت المال، فعلى والي الحسبة إنكار ذلك جميعه والنهي عنه وعقوبة فاعله ولا يتوقف ذلك على دعوى ومدع فيها الحكم في دعاوى التهم التي ليس فيها شهود ولا إقرار كما تختص ولاية القضاء بما فيه كتاب وشهود أو إقرار من الدعاوى التي تتضمن إثبات الحقوق والحكم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بإيصالها إلى أربابها والنظر في الأبضاع والأهواء التي ليس فيها ولي معين والنظر في حال نظار الوقوف وأوصياء اليتامى وغير ذلك، وفي بلاد أخرى كبلاد المغرب ليس لوالي الحرب مع القاضي حكم في شيء إنما هو منفذ لما يأمر به متولي القضاء، وأما ولاية الحسبة فخاصة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما ليس من خصائص الولاة والقضاة وأهل الديوان ونحوهم، فعلي متولي الحسبة أن يأمر العامة بالصلوات الخمس في مواقيتها ويعاقب من لم يصل بالضرب والحبس، وأما القتل فإلى غيره، ويتعاهد الأئمة والمؤذنين فمن فرط منهم فيما يجب عليه من حقوق الأمة وخرج عن المشروع ألزمه به واستعان فيما يعجز عنه بوالي الحرب والقاضي. واعتناء ولاة الأمور بإلزام الرعية بإقامة الصلاة أهم من كل شيء فإنها عماد الدين وأساسه وقاعدته، وكان عمر بن الخطاب يكتب إلى عماله:"إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه ومن ضيعها كان لما سواها أشد إضاعة". ويأمر بالجمعة والجماعة وأداء الأمانة والصدق والنصح في الأعمال والأقوال وينهى عن الخيانة وتطفيف المكيال والميزان والغش في الصناعات والبياعات ويتفقد أحوال المكاييل والميزان وأحوال الصناع الذين يصنعون الأطعمة والملابس والآلات فيمنعهم من صناعة المحرم على الإطلاق كآلات الملاهي وثياب الحرير للرجال ويمنع من اتخاذ أنواع المسكرات ويمنع صاحب كل صناعة من الغش في صناعته ويمنع من إفساد نقود الناس وتغييرها ويمنع من جعل النقود متاجر فإنه بذلك يدخل على الناس من الفساد ما لا يعلمه إلا الله بل الواجب أن تكون النقود رؤوس أموال يتجر بها لا يتجر فيها، وإذا حرم السلطان سكة أو نقدًا منع من اختلاطه بما أذن في المعاملة به، ومعظم ولايته وقاعدتها الأنكار على الزغلية وأرباب الغش في المطاعم والمشارب والملابس وغيرها، فإن هؤلاء يفسدون مصالح الأمة والضرر بهم عام لا يمكن الاحتراز منه، فعليه أن لا يهمل أمرهم وأن ينكل بهم وأمثالهم ولا يرفع عنهم عقوبته فإن البلية بهم عظيمة =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والمضرة بهم شاملة ولا سيما هؤلاء الكيماويين الذين يغشون النقود والجواهر والعطر والطيب وغيرها يضاهون بزغلهم وغشهم خلق الله، والله تعالى لم يخلق شيئًا فيقدر العباد أن يخلقوا كخلقه، قال تعالى فيما حكى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"لعنَ اللهُ المصورين" فالمصور أحد الملاعين الداخلين تحت لعنة الله ورسوله وهذا يدل على أنَّ التصوير من أكبر الكبائر؛ لأنَّه له جاءَ فيه من الوعيد واللعن وكون فاعله أشد النَّاس عذابًا ما لم يجئ في غيره من الكبائر، وبالله التوفيق.
فصل: ومنها النميمة، قال تعالى:{وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)} ، وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم:"لا يدخل الجنَّة نمام"، ومر صلى الله عليه وسلم بقبرين فأخبر أنَّ أحدهما يعذب بالنميمة والآخر بترك التنزه من البول.
قال كعب: "اتقوا النميمة فإنَّ صاحبها لا يستريح من عذاب القبر"، وفي السنن والمسند عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"لا تبلغوني عن أصحابي شيئًا فإنِّي أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر"، وفي الحديث الثابت:"لا يدخل الجنَّة قتَّات" والقتات: النمام. وفي صحيح مسلم عن ابن عباس أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم ما العضه؟ هي النميمة القالة بين النَّاس"، قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أحبكم إلى الله أحسنكم أخلاقًا الموطئون أكنافًا الَّذين يألفون ويؤلفون، وإنَّ أبغضكم إلى الله المشَّاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الملتمسون للبراء العنت"، وقالت أسماء بنت يزيد: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أخبركم بشراركم، قالوا: بلى، قال: المشاءون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون البراء العنت"، وقال أبو الجوزاء: قلت لابن عباس: أخبرني من هذا الَّذي يذمه بالويل {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ} [الهمزة: 1] قال: هو المشاء بالنميمة المفرق بين الإخوان والمغري بين الجمع. وقال مجاهد في قوله: {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4)} [المسد: 4]: كانت تمشي بالنميمة.
فصل: ومنها الإجهار والمجاهرة وهو التحدث بالمعصية وفعلها افتخارًا وفرحًا، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُل =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أمتي معافى إلَّا المجاهرون، وإنَّ من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثمَّ يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عليه".
فصل: ومنها التداعي بدعوى الجاهلية وهي الانتصار بالعصبية والحمية للعصبية كنسب أو قبيلة أو شيخ أو مذهب، ففي الصحيحين عن ابن مسعود أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس منَّا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية"، وقال أبو نضرة: حدَّثني من سمع خطبة النَّبي صلى الله عليه وسلم في أوسط أيَّام التشريق فقال: "أيها النَّاس ألا إنَّ ربكم واحد وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيٍّ على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلَّا بالتقوى، أبلغت؟ قال: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم". رواه الإمام أحمد.
فصل: ومنها ترك الجمعة والجماعة، قال تعالى:{وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} وقال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الآية، فأمر بالجماعة ولم يرخص في تركها في حال الخوف وهي من أشد الأعذار، وقال:{يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (42) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (43)} . قال ابن عباس: وهو قول المؤذِّن: حي على الصلاة حي على الفلاح، وقال النَّبي صلى الله عليه وسلم للأعمى الَّذي سأله أن يرخص له أن يصلي في بيته:"أتسمعُ النِّداء؟ قال: نعم، قال: ما أجد لك رخصة". رواه أحمد وأبو داود، وفي صحيح مسلم أنَّه رخص له فلمَّا ولَّى دعاه فقال:"أتسمع النَّداء، قال: نعم، قال: فأجب"، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: "من سرَّهُ أن يلقى اللهَ غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهنَّ، فإنَّهنَّ من سنن الهدى، وإنَّ الله شرع لنبيه سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنَّة نبيكم، ولو تركتم سنَّة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتَّى يُقام =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= في الصف". وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجرِ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتقام ثمَّ آمر رجلًا فيصلي بالنَّاسِ ثمَّ أنطلق معي برجال معهم حزمٌ من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة فأحرِّق عليهم بيوتهم بالنار"، ومنعه من ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "لولا ما في البيوت من النساء والذرية أقمت العشاء وأمرتُ فتياني يحرقون ما في البيوت بالنَّارِ". وفي السنن والمسند عنه: "من سمع النِّداء ثمَّ لم يمنعه من اتباعه عذرٌ إلَّا لم تقبل منه تلك الصلاة التي صلاها". وأمر من صلَّى خلف الصف وحده في الجماعة أن يعيد الصلاة وقال: "لا صلاة لفذٍّ خلف الصف". فكيف لمن كان فذًّا في الجماعة والصف معًا، وفي صحيح مسلم عنه: "لقد هممت أن آمر رجلًا يصلي بالنَّاسِ ثمَّ أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم". وعن أبي هريرة وابن عمر عن النَّبي صلى الله عليه وسلم: "لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعهم الجمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثمَّ ليكونن من الغافلين" رواه مسلم ا. هـ.
أقول مستعينًا بالله: إنَّه بتأمل هذه الفصول ظهر لي ما يلي:
أوَّلًا: أنَّ جزءًا ممَّا جاء فيها من كلام ابن القيم رحمه الله في هذا الكتاب ص (630) وهو من قوله: "ولهذا كانت المصنوعات كالطبايخ والملابس" إلى قوله: "يضاهون بزغلهم خلق الله".
ثانيًا: أنَّ باقي الفصول هي كذلك من كلام ابن القيم رحمه الله والله أعلم - وذلك لظهور نفسه وأسلوبه فيها، ولكنَّها ليست من هذا الكتاب، بل من كتاب آخر، وذلك لكونه تحدث فيها عن التصوير وصلة الرحم والنميمة والتداعي بدعوى الجاهلية، وهي ليست من مواضيع هذا الكتاب إلَّا إذا أدرجت ضمن حديث ابن القيم عن الحسبة؛ لذا ولكون هذه الفصول لم ترد إلَّا في مخطوطة واحدة فقط لذا جعلتها في الهامش. والله أعلم.