الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأصح أنه يحلف.
والصورة
الثانية: أن يكون المقذوف ميتًا، وأراد القاذف تحليف الوارث
(1)
أنه لا يعلم زنا مورثه، فله ذلك. وحكي عن الشافعي
(2)
- رحمه الله تعالى -.
والصحيح قول الجمهور
(3)
: أنه لا يحلف، بل القول بتحليفه في غاية السقوط، فإن الحد يجب بقذف المستور الذي لم يظهر زناه، وليس من شرطه ألا يكون قد زنى في نفس الأمر، ولهذا لا يسأله الحاكم عن ذلك، ولا يجوز له سؤاله، ولا يجب عليه الجواب. وفي تحليفه تعريضه للكذب واليمين الغموس إن كان قد ارتكب ذلك، أو تعريضه لفضيحة نفسه وإقراره بما يوجب عليه الجلد، أو فضيحته بالنكول الجاري مجرى الإقرار، وانتهاك عرضه للقاذفين
(4)
الممزقين لأعراض المسلمين، والشريعة لا تأتي بشيء من ذلك، ولذلك لم يقل أحد من الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة بتحليف المقذوف أنه لم يزن، ولم يجعلوا ذلك شرطا في إقامة الحد.
= (3/ 372)، فتوحات الوهاب (4/ 427)، التجريد (4/ 66)، إعانة الطالبين (4/ 151).
(1)
"الوارث" ساقطة من "أ".
(2)
انظر: أدب القاضي لابن القاص (1/ 242) روضة الطالبين (8/ 316)، طبقات الشافعية للسبكي (3/ 61).
(3)
انظر: الروض المربع (727)، المغني (12/ 409)، المدونة (6/ 214)، المنثور للزركشي (3/ 283).
(4)
في جميع النسخ عدا "أ": "القادحين".
فالقول بالتحليف في غاية البطلان، وهو مستلزم لما ذكرناه من المحاذير، ولا سيما إن كان قد فعل شيئًا من ذلك ثم تاب منه، ففي إلزامه التحليف تعريضه لهتيكة نفسه، أو إهدار عرضه. ولهذا كان الصواب قول أبي حنيفة
(1)
: إن البكر إذا زالت بكارتها بالزنا فإذنها الصمات؛ لأنا لو
(2)
اشترطنا نطقها لكنا قد ألزمناها بفضيحة نفسها وهتك عرضها، بل إذا اكتفي من البكر بالصمات لحيائها فلأن يكتفى من هذه بالصمات بطريق الأولى؛ لأن حياءها من الاطلاع على زناها أعظم بكثير من حيائها
(3)
من كلمة "نعم" التي
(4)
لا تذم بها ولا تعاب، ولا سيما إن كانت قد أكرهت على الزنا، بل الاكتفاء من هذه بالصمات أولى من الاكتفاء به من البكر؛ فهذا من محاسن الشريعة وكمالها.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذْنُ البِكْر الصمَاتُ، وإِذن الثَّيِّبِ الكَلَامُ"
(5)
.
المراد به: الثيب التي قد علم أَهلها والنَّاس أنَّها ثيب، فَلا تستحيي من ذلك، ولهذا لو زالت بكارتها
(6)
بإصبع أو وثبة لم تدخل في لفظِ
(1)
انظر: تبيين الحقائق (2/ 102)، الفتاوى الكبرى (3/ 142).
(2)
في "ب": "لا بل لو".
(3)
"من الاطلاع على زناها أعظم بكثير من حيائها" ساقط من "ب".
(4)
وفي "أ": "إلى من".
(5)
رواه البخاري (9/ 98) رقم (5136) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: "لا تنكح الأيم حتَّى تستأمر ولا تنكح البكر حتَّى تستأذن"، قالوا: يا رسول الله وكيف إذنها، قال:"أن تسكت". ولم أجد اللفظ الَّذي ذكره المؤلِّف ورواه البيهقي (7/ 199) بلفظ: "الثيب تعرب عن نفسها، والبكر رضاها صمتها".
(6)
وفي "ب" و"جـ": "ثيوبتها".