الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فعلى هذا لو أقام المدعى عليه بينة بالأداء والإبراء بعد ما حلفَ المدعي، فإن قيل: يمينه كالبينة سمعت بينة المدعى عليه
(1)
، وإن قيل: هي كالإقرار لم تسمع، لكونه مكذبًا
(2)
للبينة بالإقرار.
و
إذا قُضِيَ بالنكول فهل يكون كالإقرار أو كالبذل
؟ فيه وجهان
(3)
، ينبني عليهما ما إذا ادعى نكاح امرأة واستحلفناها فنكلت، فهل يقضى عليها بالنكول وتجعل زوجته؟ فإن قلنا: النكولُ إقرار حكم له بكونها زوجته
(4)
، وإن قلنا: بَذْل، لم يحكم بذلك؛ لأنَّ الزوجية لا تباح بالبذل.
وكذلك لو ادعى رق مجهول النسب، وقلنا: يستحلف، فنكلَ عن اليمين.
وكذلك لو ادعى قذفه واستحلفناه فنكل، فهل يحد للقذف؟ ينبني
(5)
على ذلك.
وكذلك الخلاف في مذهب أبي حنيفة، فالنكول بَذْلٌ عنده وإقرارٌ عند صاحبيه
(6)
.
= المذهب (2/ 351)، شرح عماد الرضا (1/ 188).
(1)
"بينة" ساقطة من "د" و"هـ" و"و".
(2)
في "ب": "مكذبة".
(3)
انظر: المراجع السابقة، والإنصاف (28/ 434).
(4)
"فإن قلنا النكول إقرار حكم له بكونها زوجته" ساقطة من "ب" و"د" و"هـ".
(5)
في "أ""مبني".
(6)
انظر: بدائع الصنائع (4/ 227)، العناية شرح الهداية (8/ 183)، فتح القدير (8/ 184).
قال أصحابه: فلا يستحلف في النكاح والرجعة والفيئة
(1)
والإيلاء والرق والاستيلاد والنسب والولاء والحدود؛ لأنَّ النكول عند أبي حنيفة بذل وهو لا يجري في هذه الأشياء، وعندهما يستحلف؛ لأنَّه يجري مجرى الإقرار، وهو مقبول بها
(2)
.
واحتج من جعله كالإقرار بأنَّ الناكل كالممتنع من
(3)
اليمين الكاذبة ظاهرًا، فيصير معترفًا بالمدعى؛ لأنَّه لما نكل مع إمكان تخلصه
(4)
باليمين، دلَّ ذلك على أنَّه لو حلفَ لكان كاذبًا، وذلك دليلٌ على
(5)
اعترافه، إلَّا أنَّه لما كان دون الإقرار الصريح لم يعمل عمله في الحدود والقود
(6)
.
واحتجَّ من جعله كالبذل، بأنَّا لو اعتبرناه إقرارًا منه
(7)
يكون كاذبًا في إنكاره، والكذب حرام، فيفسق بالنكول بعد الإنكار، وهذا باطل، فجعلناه بذلًا وإباحة صيانة له
(8)
عمَّا يقدح في عدالته، ويجعله كاذبًا.
والصحيح: أنَّ النكول يقوم مقام الشاهد والبينة، لا مقام الإقرار
(1)
"الفيئة" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
(2)
"بها" ساقطة من "د".
انظر: المبسوط (16/ 117)، الجوهرة النيرة (2/ 8).
(3)
في "د" و"هـ" و"و": "أن الناكل ممتنع عن".
(4)
في "ب": "تحليفه".
(5)
"على" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
(6)
في جميع النسخ عدا "هـ": "والقيود".
(7)
في "د" و"هـ" بياض قدر أربع كلمات.
(8)
"له" ساقطة من "ب" و"د".
ولا البذل؛ لأنَّ النَّاكل قد صرَّح بالإنكار، وأنَّه لا يستحق المدعى به، وهو مُصِرّ على ذلك، متورع عن اليمين، فكيف يُقال: إنَّه مقرٌّ، مع إصراره على الإنكار، ويُجعل مُكذِّبًا لنفسه؟
(1)
.
وأيضًا لو كان مقرًّا لم تسمع منه بينة نكوله بالإبراء والأداء، فإنَّه يكون مكذبًا لنفسه، وأيضًا فإنَّ الإقرار إخبارٌ وشهادة المرء
(2)
على نفسه، فكيف يجعل مقرًّا شاهدًا على نفسه بسكوته، والبذل إباحة وتبرع، وهو لم يقصد ذلك، ولم يخطر على قلبه، وقد يكون المدعى عليه مريضًا مرض الموت، فلو كان النكول بذلًا وإباحة اعتبر خروج المدعى من الثلث
(3)
.
فتبين أنه لا إقرار ولا إباحة، وإنَّما هو جارٍ مجرى الشاهد والبينة، فإنَّ "البينة" اسمٌ لما يبين الحق، ونكوله - مع تمكنه من اليمين الصادقة التي يبرأ بها من المدعى عليه ويتخلص بها
(4)
من خصمه - دليلٌ ظاهرٌ على صحة دعوى خصمه وبيان أنَّها حق، فقام مقام شاهد القرائن.
فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم أجرى السكوت مجرى الإقرار والبذل في حق البكر إذا استؤذنت؟
(5)
.
(1)
انظر: الفروع (6/ 478)، الإنصاف (28/ 435).
(2)
"المرء" ساقطة من "ب".
(3)
انظر: الإنصاف (28/ 435)، شرح منتهى الإرادات (3/ 525)، مطالب أولي النهى (6/ 520).
(4)
"بها" ساقطة من جميع النسخ عدا "أ".
(5)
تقدم تخريجه.