الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما أنَّ العملَ على صحة ولاية الفاسق، ونفوذ أحكامه، وإن أنكروه بألسنتهم.
وكذلك العمل على صحة
(1)
كون الفاسق وليًّا في النكاح ووصيًّا في المال
(2)
. والعجبُ ممَّن يسلبه
(3)
ذلك ويرد الولاية إلى فاسقٍ مثله، أو أفسق منه؛ فإنَّ العدلَ الَّذي تنتقل إليه الولاية قد تعذر
(4)
وجوده، وامتاز الفاسق القريب بشفقة القرابة، والوصيُّ باختيار الموصى له وإيثاره على غيره، ففاسقٌ عيَّنه الموصي أو امتاز بالقرابة أولى من فاسق ليس كذلك.
على أنَّه
إذا غلب على الظن صدق الفاسق قبلت شهادته
وحكم بها، والله سبحانه وتعالى لم يأمر بردِّ خبر الفاسق، فلا يجوز رده مطلقًا، بل يتثبت فيه حتَّى يتبين، هل هو صادقٌ أو كاذب؟ فإن
(5)
كان صادقًا قبل قوله وعمل به، وفسقه عليه، وإن كان كاذبًا رُدَّ خبره ولم يلتفت إليه.
وخبر الفاسق وشهادته لرده مأخذان
(6)
:
(1)
"صحة ولاية الفاسق" إلى قوله "العمل على صحة" ساقطة من "د".
(2)
انظر: تاريخ قضاة الأندلس للنباهي (99)، ونفح الطيب (2/ 238).
(3)
في "جـ": "سبيله"، وفي "د":"سلبه".
(4)
في "و": "يتعذر".
(5)
في "د" و"هـ": "فإذا".
(6)
انظر: تبصرة الحكام (2/ 9).
أحدهما: عدم الوثوق به، إذ
(1)
تحمله قلَّة مبالاته بدينه، ونقصان وقار الله في قلبه على تعمد الكذب.
الثاني: هجره على إعلانه بفسقه ومجاهرته به
(2)
، فقبول شهادته إبطالٌ لهذا الغرضِ المطلوب شرعًا.
فإذا علم صدق لهجة الفاسق، وأنَّه من أصدق النَّاس - وإن كان فسقه بغير الكذب - فلا وجه لردِّ شهادته
(3)
، وقد استأجر النبي صلى الله عليه وسلم هاديًا يدلُّه على طريق المدينة، وهو مشركٌ على دين قومه، ولكن لما وثق بقوله أمنه
(4)
، ودفع إليه راحلته، وقبل دلالته
(5)
.
وقد قال أصبغ بن الفرج: إذا شهد الفاسق عند الحاكم وجب عليه التوقف في القضية
(6)
، وقد يحتج له بقوله تعالى:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6]
وحرف المسألة: أنَّ مدارَ قبول الشهادة، وردها على غلبة ظن الصدق وعدمه.
(1)
في "أ" و"ب" و"د" و"و": "أو".
(2)
انظر: الفروع (2/ 146)، المبدع (7/ 108)، مجموع الفتاوى (28/ 206).
(3)
انظر: الاختيارات (357).
(4)
"المدينة وهو مشرك على دين قومه ولكن لما وثق بقوله أمنه" ساقطة من "و".
(5)
رواه البخاري (2263، 3905) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(6)
انظر: تبصرة الحكام (2/ 9).
والصواب المقطوع به أنَّ العدالة تتبعض، فيكون الرجل عدلًا في شيءٍ، فاسقًا في شيء، فإذا تبينَ للحاكم أنَّه عدلٌ فيما شهد به قبل شهادته ولم يضره فسقه في غيره
(1)
، ومن عرف شروط العدالة، وعرف ما عليه النَّاس تبين له الصواب
(2)
في هذه المسألة، والله أعلم.
(1)
وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى -. الاختيارات (357)، النكت على المحرر (2/ 304).
(2)
"وعرف ما عليه النَّاس تبين له الصواب" ساقطة من "ب".