الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
الطريق السادس: الحكم بالشاهد الواحد بلا يمين
.
وذلك في صور:
منها:
إذا شهدَ برؤية هلال رمضان شاهدٌ واحد
في ظاهر مذهب الإمام أحمد
(1)
، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:"تراءى النَّاسُ الهلال، فَأخْبَرْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أَنِّي رأيْتُهُ فَصَامَ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ" رواه أبو داود
(2)
.
فعلى هذا هل يكتفى بشهادة
(3)
المرأة الواحدة في ذلك؟ فيه وجهان
(4)
مبنيان على أنَّ ثبوته بقول الواحد هل هو
(5)
من باب
(1)
انظر: المغني (4/ 416)، المحرر (1/ 228)، الفروع (3/ 14)، قواعد ابن رجب (3/ 163)، شرح منتهى الإرادات (1/ 472)، كشاف القناع (2/ 304)، مطالب أولي النهى (2/ 173).
(2)
رواه أبو داود رقم (2342)، والدارمي (2/ 9) رقم (1691)، والدارقطني (2/ 156)، والبيهقي (4/ 357)، وابن حبان (8/ 231) رقم (3447)، والحاكم (1/ 423) وقال:"صحيح على شرط مسلم"، وقال الدارقطني:"تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب وهو ثقة" ا. هـ، وصححه ابن حزم المحلى (6/ 236)، وقال الحافظ بعد ذكره كلام الدارقطني:"وفيه نظر لأن الحاكم أخرجه في المستدرك من طريق هارون بن سعيد عن ابن وهب به". ا. هـ النكت الظراف (6/ 255)، وانظر: إتحاف المهرة (9/ 384).
(3)
في جميع النسخ عدا "أ": "تكفي شهادة".
(4)
انظر: المغني (4/ 419)، زاد المعاد (2/ 38)، بدائع الفوائد (1/ 5)، قواعد ابن رجب (3/ 163)، كشاف القناع (2/ 304)، مطالب أولي النهى (2/ 173).
(5)
"هو" ساقطة من "د".
الإخبار، أو من باب الشهادات؟
وروى أبو داود أيضًا عن ابن عباس قال: "جَاءَ أَعْرَابِي إِلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: إنِّي رأَيْتُ الهلالَ، فقالَ: "أتشْهَدُ أنْ لَا إِلهَ إِلا الله: قالَ: نَعم، قال: أَتَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ اللهِ؟ قال: نعم، قال: يَا بِلَالُ، أَذَّنْ في النَّاسِ فَلْيَصُومُوا غَدًا"
(1)
.
وعنه رواية أُخرى: لا يجب إلَّا بشهادة اثنين
(2)
.
وحجة هذا القول ما رواه النسائي وأحمد وغيرهما عن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "صُوْمُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيتهِ، وَانْسِكُوا
(3)
، فِإن غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَتِمُوا ثَلَاثِيْنَ، فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ ذوَا عَدْلٍ فصُوْمُوا وَأَفْطِرُوا"
(4)
.
وهذا لا حجة فيه من طريق المنطوق، والمفهوم
(5)
فيه تفصيل: وهو أنَّه إن كان المشهود فيه هلال شوال، فيشترط شاهدان بهذا النص، وإن كان هلال رمضان كفى واحد بالنصين الآخرين، ولا يقوى ما يتوهم
(1)
تقدم تخريجه.
(2)
انظر: المغني (4/ 417)، المحرر (1/ 228).
(3)
في "ب" و"د" و"و": "وأمسكوا".
(4)
رواه أحمد (4/ 321)، والنسائي (4/ 132) رقم (2116)، وفي الكبرى (2/ 69) رقم (2426)، والدارقطني (2/ 167)، والحارث في مسنده (1/ 408) رقم (416)"بغية الباحث"، وابن الجوزي في التحقيق (2/ 79)، وصححه الألباني - رحمه الله تعالى -. الإرواء (4/ 16) رقم (909).
(5)
في طبعة ابن قاسم رحمه الله تعالى: "ومن طريق المفهوم".
من عموم المفهوم على معارضة هذين الخبرين. وأصول الشرع تشهد للاكتفاء بقول الواحد
(1)
، كالإخبارِ
(2)
عن دخول وقت الصلاة بالأذان، ولا فرق بينهما.
وقال أبو بكر عبد العزيز
(3)
: إن كان الرَّائي في جماعة لم تقبل إلَّا شهادة اثنين؛ لأنَّه يبعد انفراد الواحد من بين النَّاسِ بالرؤية، فإذا شهد معه آخر: غلب على الظن صدقهما، وإن كان في سفرٍ فقدم
(4)
، قبل قوله وحده، لظاهر الحديث؛ ولأنَّه قد يكون في السفر هو
(5)
وحده، أو يتشاغل رفقته عن رؤيته، فيراه هو
(6)
.
وقال أبو حنيفة
(7)
: إن كان في السَّماءِ علَّة أو غيم أو غبار أو نحو ذلك، ممَّا يمنع الرؤية قبل
(8)
شهادة الواحد العدل، والحر والعبد والذكر والأنثى في ذلك سواء، وتقبل فيه شهادة المحدود في القذف إذا تابَ، ولا يشترط فيه
(9)
لفظ الشهادة.
(1)
"الواحد" ساقطة من "هـ".
(2)
"كالإخبار" ساقطة من "ب".
(3)
هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد البغدادي أبو بكر المعروف بغلام الخلال. توفي سنة 363 هـ - رحمه الله تعالى -. انظر: سير أعلام النبلاء (16/ 143) طبقات الحنابلة (3/ 213)، المنتظم (14/ 230).
(4)
"فقدم" ساقطة من "ب" و"د" و"هـ" و"و".
(5)
"هو" ساقطة من "ب".
(6)
انظر: المغني (4/ 417)، الفروع (3/ 14).
(7)
انظر: الأصل لمحمد بن الحسن (2/ 263 و 280)، المبسوط (3/ 139).
(8)
وفي "ب": "قبلت".
(9)
"يشترط فيه" ساقطة من "ب"، و"فيه" ساقطة من "ب" و"د" و"هـ" و"و".
قال: وإن لم تكن في السَّماءِ علَّة لم تقبل إلَّا شهادة جمع
(1)
يقع العلم بخبرهم، وهو مفوض إلى رأي الإمام من غير تقدير؛ لأنَّ المطالع متحدة، والموانع مرتفعة، والأبصار صحيحة، والدواعي على طلب الرؤية متوفرة، فلا يجوز أن يختص بالرؤية النفر القليل.
وعن أبي حنيفة رواية أُخرى: أنَّه تكفي
(2)
شهادة الاثنين
(3)
.
قالوا: ولو جاء رجل من خارج المصر وشهد به قُبِل، وكذا إذا كان على مرتفع في البلد كالمنارة ونحوها؛ لأنَّ
(4)
الرؤية تختلف باختلافِ صفاء الجو وكدره، وباختلاف ارتفاع المكان وهبوطه.
والصحيح قبول شهادة الواحد مطلقًا، كما دلَّ عليه حديثا
(5)
ابن عمر
(6)
وابن عباس
(7)
رضي الله عنهما.
ولا ريبَ أنَّ الرؤية كما تختلف بأسباب خارجة عن الرَّائي، فإنَّها تختلف بأسباب من الرَّائين، كحدة البصر وكلاله، وقد شاهد النَّاس الجمع العظيم
(8)
يتراءون الهلال، فيراه الآحاد منهم، وأكثرهم لا
(1)
وفي "ب": "لم تقبل الشهادة إلا من جمع"، وفي "د" و"هـ" و"و":"لم تقبل إلا بشهادة جمع".
(2)
في "أ": "يكفي فيه".
(3)
انظر: المبسوط (3/ 140).
(4)
في "ب": "إذ".
(5)
وفي "أ": و"ب" و"هـ" و"و": "حديث".
(6)
تقدم تخريجه أول الفصل.
(7)
تقدم تخريجه أول الفصل.
(8)
في "أ": "جدًّا".