الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 - باب الصَّلَاةُ كَفَّارَةٌ
525 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنِ الأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنِى شَقِيقٌ قَالَ سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ - رضى الله عنه - فَقَالَ أَيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ قُلْتُ أَنَا، كَمَا قَالَهُ. قَالَ إِنَّكَ عَلَيْهِ - أَوْ عَلَيْهَا - لَجَرِئٌ.
ــ
استعارة تبعية، شبّه التزام المؤمن طاعة الله ورسوله، والتزام رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالجنة؛ بمبادلة المال بالمال على التأبيد.
فإن قلت: لم اقتصر على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، مع أن سائر الأركان مشروعة عند إسلامه. قلت: اكتفى بهما لأنهما أما العبادات، كما اكتفى بهما في أوَّل سورة البقرة.
قال ابن الأثير: النصح لغة: هو الخلوص، يقال: نصحته ونصحت له. وفي عرف الشرع: كلمة جامعة يعني بها عن إرادة الخير، ولا يوجد كلمة تقوم مقامها. قال ابن بطال: ذِكر النصح يدلّ على أنّ قوم جرير كانوا أهل غدر. ولا أدري من أين له هذا؛ فإن جريرًا من أهل اليمن، ولم أر أحدًا ذكر عن أهل اليمن ما فيه شَيْنٌ، والنصح لكل مسلم ليس مخصوصًا بجرير؛ بل عام في كل مسلم، وأما جرير فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"على جرير مسحة من الملك".
باب الصلاة كفارة
525 -
(مسدد) بضم الميم وتشديد الذال المفتوحة (يحيى) هو القطّان (الأعمش) الإمامُ المعروف علمًا وقراءة سليمان بن مهران (شقيق بن سلمة) أبو وائل (كنا جلوسًا عند عمر، فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قلت: أنا كما قاله) هذا كلام حذيفة قيل: الكاف في قوله: كما قال زائدةٌ؛ الأصلُ أنا يقول: أحفظ ما قاله أو نقله كلامه بالمعنى. وهذا وهم؛ فإن الذي يحفظه حذيفة هو مثل الذي قال، لا عينَ مقالته؛ لأن
قُلْتُ «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ وَالنَّهْىُ» . قَالَ لَيْسَ هَذَا أُرِيدُ، وَلَكِنِ الْفِتْنَةُ الَّتِى تَمُوجُ كَمَا يَمُوجُ الْبَحْرُ. قَالَ لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأْسٌ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا. قَالَ أَيُكْسَرُ أَمْ يُفْتَحُ قَالَ يُكْسَرُ. قَالَ إِذًا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا.
ــ
العرض لا يكون تعينه إلَّا بتعين المحلّ. والصّواب: أن الكاف للتشبيه، والمراد من الفتنة: الابتلاء.
وفهم حذيفة أنه يسأل عن الابتلاء بالذنوب (فقال: فتنة الرّجل في ماله وولده وجاره، تكفرها الصلاة) أي: ما يحصل للإنسان من الإثم مما يتعلق بهؤلاء المذكورات من المال والولد والجار ستدفع وتذهب أثره بهذه العبادات من الصَّلاة والصوم والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمعنى: أن كل واحدة من هذه يصلح أن تكون مكفرة، ولا يشترط الاجتماع في واحد؛ وما يقال إن فيه لفًّا ونشرًا، مثلًا: الصلاة مكفرة لفتنة الأهل، والصوم للفتنة في المال، وكذا المذكور بعده شيءٌ لا دليل عليه، وينافيه قوله صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن" من غير تخصيص بذنب بإجماع السلف والخلف.
(فقال: ليس هذا أريد؛ ولكن أريد الفتنة التي تموج كما يموج البحر) كان عالمًا بأنه ستكون الفتنة؛ لأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أن الله جعل بأس أمته بينهم، أراد أن يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر لذلك علامة أو لا. وأراد بموج البحر عظم الفتنة وشدتها على طريق الاستعارة أو تشبيهه المعقول بالمحسوس (يا أمير المؤمنين! إن بينك وبينها بابًا مغلقًا. قال: أيكسر أم يفتح؟ [قال: يكسر]، قال: إذًا لا يغلق أبدًا) محصلة أنه كلمه رمزًا، وفهم عمر رمزه، أنَّ الباب عمر؛ فإن وجوده مانعٌ من الفساد في الأمة، والناس في أيامه آمنين كالباب المغلق الذي لا يمكن مع كونه مغلقًا أن يدخل الدار أحدٌ؛ فمن أراد الدخول لا بدّ من أحد الأمرين: إما الكسر؛ وإما الفتح، فاستعار كسر الباب لقتل عمر؛ والوجه ظاهر؛ فلذلك
قُلْنَا أَكَانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْبَابَ قَالَ نَعَمْ، كَمَا أَنَّ دُونَ الْغَدِ اللَّيْلَةَ، إِنِّى حَدَّثْتُهُ بِحَدِيثٍ لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ. فَهِبْنَا أَنْ نَسْأَلَ حُذَيْفَةَ، فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْبَابُ عُمَرُ. أطرافه 1435، 1895، 3586، 7096
526 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ عَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِىِّ
ــ
قال: إن عمر علم ما قلته، كما يعلم أنَّ دون غد الليلة، فإنّ الأمور البديهية لا تتوقف على فكر (إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط) جمع أغلوطة، أو غلوطة، المسألة التي يغالط فيها الإنسان؛ وإنما نشأ علم هذه المسألة منه إما لأنّه صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه من الناس إلا هو؛ لما روى أبو داود عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترك من قائد فتنة إلى قيام الساعة إلا سمّاه لنا باسمه، واسم أبيه، واسم قبيلته قال حذيفة: لكن حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه. فهذا يدل على أنه ضبط ذلك المجلس حقّ الضبط فيتحدث عن يقين تام، ولذلك قال له عمر: إنك عليه لجريءٌ، يعرف أن عنده من هذا العلم ما ليس عند غيره.
وليس في الحديث ما يدل على أنه خصَّ حذيفة بعلم، حتى يقال: حديث علي بن أبي طالب يدل على أنه لم يخص أحدًا بعلم، غايته أنه ضبط وغيره لم يحفظ، كما صرّح به حذيفة في الحديث الذي رواه عنه أبو داود.
قال بعضهم: فإن قلت: هل عُلم من هذا السياق أن الحديث مسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: الظاهر أنه مسند بقرينة السؤال والجواب؛ ولأن قول حذيفة: حدثته بحديث، مطلق، ومطلق الحديث ينصرف إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. هذا كلامه. وهو تطويل بلا معنى، وذلك أن قول حذيفة -بعد قول عمر: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم.-: أنا، ثم إيراده الحديثَ؛ صريحٌ في الإسناد بحيث لا يتصور غيره.
526 -
(قتيبة) بضم القاف، على وزن المصغر (يزيد بن زريع) بضم المعجمة على وزن المصغر (عن أبي عثمان النهْدي) بفتح النون وسكون الهاء قبيلة من قبائل اليمن، واسمه: عبد الرحمن بن مِلّ: بكسر الميم، وتشديد اللاّم؛ كذا وقع في نسخ البخاري: التصريح بالنهدي لكن ذكر شيخ الإسلام، شيخنا ابن حجر: أنّ الذي يروي عنه سليمان التيمي ليس أبا عثمان النهدي؛ بل آخر اسمه سعد؛ قال: سليمان التيمي وليس بالنهدي. فالتوفيق بين الكلامين أنّه