الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّى عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَاّهُ الَّذِى صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ» . طرفه 176
62 - باب بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ. وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ. وَقَالَ أَنَسٌ:
ــ
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في المصلى ما لم يحدث) ظاهر لفظ الملائكة الاستغراق، والأولى حمله على الحفظة وطائفة سياحين في الأرض، لأن بعضهم كما أخبر الله عنهم {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20] "ومعنى ما لم يحدث": ما لم ينقض وضوءه، وقيل: ما لم يحدث أمرًا منكرًا كالغيبة وسائر المعاصي، وروي عن ابن مسعود أنه قال: هو حديث الأثم، وهذا إن صح عنه فهو تفسير لا يحدث مشدد؛ إذ لا رواية فيه.
(اللهم اغفر له اللهم ارحمه) تفسير لقوله: "تصلي عليه" فإن الصلاة من الاستغفار، والمغفرة: ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها، والرحمة: التفضل والإحسان، وتقديم المغفرة على الرحمة لأن تحليته إنما تكون بعد التخلية.
وفي الحديث دلالة على كراهة الحدث في المسجد، ألا ترى كيف صار سببًا للحرمان عن دعاء الملائكة. وأن هذا عام في كل مُصَلٍّ، سواء كان في المسجد أو لا وإن كان متفاوتًا بحسب الأماكن والمساجد أيضًا.
باب بنيان المساجد
(وقال أبو سعيد: وكان سقف المسجد من جريد النخل) أيو سعيد: الخدري، وهذا بعض حديث ليلة القدر، والمراد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي به التصريح مرارًا فلا وجه لحمله على الجنس (وأمر عمر ببناء المسجد) هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم زاد فيه شيئًا (فقال: أَكِنّ الناس) أي: قال هذا الكلام لمن يبني، وأكن -بفتح الهمزة وكسر الكاف وتشديد النون-: أمر من الإكنان، أصله: كن أي: ستر، قال الكفار: قلوبنا في أكنة، ويروى كن ثلاثيًّا، قال ابن مالك: فيه ثلاثة أوجه:
يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَاّ قَلِيلاً. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.
446 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ
ــ
ثبوت الهمزة مفتوحة، أمر من أكن وهو أجود.
وبكسر الكاف بدون الهمزة المفتوحة، من كن.
والثالث: حذف الهمزة المضمومة، من كنه فهو مكنون.
ومحصل الروايات واحد، وهو ستر الناس عن المطر ونحوه. قال شيخ الإسلام: وفي رواية: "أُكِن" بضم الهمزة وكسر الكاف على أنه فعل مضارع فاعله عمر (وإياك أن تحمر أو تصفر فتفتن الناس) بفتح التاء من فتنه: أوقعه في الفتنة، ورواه بعضهم بضم التاء الأولى وكسر الثانية من أفتنه، وأنكره الأصمعي، والظاهر أن إنكار عمر في التصفير والتحمير نشأ من رد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخميصة على أبي جهم (وقال أنس: يتفاهون فيها) أي: يتفاخرون في بنيان المساجد بالتذهيب والنقوش (ثم لا يعمرونها إلا قليلًا) -بفتح الياء وسكون [العين]- والمراد عمارتها بالصلاة وسائر العبادات من التلاوة والذكر.
(وقال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرنت اليهود والنصارى) الزخرفة: تزيين البناء وغيره بالزخرف وهو الذهبء قال الجوهري: الزخرف الذهب، ثم شبه به كل مموه مزوق. وما رواه عن ابن عباس بعض من حديث مرفوع، ولم يكن على شرطه.
فإن قلت: هؤلاء كلهم أنكروا تذهيب المساجد وتزيينها، فما بال الناس قاطبة على تذهيب المساجد والمدارس؟ قلت: هؤلاء لم يسندوا الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى المتأخرون في ذلك إظهار شوكة الإسلام، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن.
446 -
(عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف وسكون الياء (أن المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبنيًّا باللبن وسقفه الجريد وعمده الخشب) يريد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللام فيه للعهد. اللبن -بفتح اللام وكسر الموحدة- قال الجوهري: جمع لبنة ككلم في كلمة، وقال