الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
82 - باب إِيجَابِ التَّكْبِيرِ وَافْتِتَاحِ الصَّلَاةِ
732 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الأَنْصَارِىُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَسًا، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، قَالَ أَنَسٌ - رضى الله عنه - فَصَلَّى لَنَا يَوْمَئِذٍ صَلَاةً مِنَ الصَّلَوَاتِ وَهْوَ قَاعِدٌ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، ثُمَّ قَالَ لَمَّا سَلَّمَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» . طرفه 378
ــ
واختلف العلماء في الاقتداء بالإمام إذا كان بينهما حاجب أو سترة؛ فإن كان في المسجد فاتفقوا على جوازه مطلقًا؛ وإن كان في غير مسجد جاز، كالمسجد عند أبي حنيفة، وقال الشافعي: يجوز إذا اتصلت الصفوف ولم يكن هناك باب مغلق، والاتصال بمن خلفه يعتبر بثلاثة أذرع، وإن كان في الصحراء بثلاثمائة ذراع.
باب: إيجاب التكبير وافتتاح الصلاة
أي: كيفية الافتتاح، أشار إلى خلاف أبي حنيفة في عدم وجوب لفظ التكبير؛ بل كل لفظ فيه تعظيم.
قيل: ذكر الإيجاب والمراد الوجوب تجوزًا. قلت: الإيجاب والوجوب يتحدان ذاتًا؛ بالنسبة إلى الله إيجاب، وبالنسبة إلى المكلف وجوب، كذا أفاده المحقق مولانا عضد، واقتدى به مَنْ بعده.
732 -
(أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرسًا فَجُحِشَ شقُّه الأيمن) أي: فسقط فجحش -بضم الجيم بعده حاء- أي: خدش (فصلّى لنا قاعدًا، وصلينا معه قعودًا) قد سلف أنه منسوخ، لأنه صلّى في آخر حياته جالسًا والقومُ وراءه قيام.
(فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد) ويروى "لك الحمد" بدون
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الواو. وقال النووي: لا ترجيح لإحدى الروايتين على الأخرى.
وأنا أقول: إن أراد من حيث الصحةُ فكذلك؛ وإن أراد باعتبار المعنى ففيه نظر؛ لأن الجملة الحالية مع الواو والضمير أقوى من الضمير وحده.
قال: ويقوله الإمام والمأموم لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقولهما، وقد قال:"صلوا كما رأيتموني أصلي" وقال أبو حنيفة ومالك: لا يقوله الإمام؛ بل يقتصر على: سمع الله لمن حمده.
فإن قلت: ليس في الحديث ذكر التكبير الذي ترجم له؟ قلت: هذا على دأبه في الاستدلال بالخفي؛ فإن الحديث الذي بعده من رواية أنس أيضًا فيه ذكر التكبير، أخّر ذلك الطريق ليكون مشتملًا على زيادةِ فائدة، وفي الطريق الأول رواية الزّهري عن أنس بلفظ: أخبرني؛ وفي الثانية بلفظ: عن، والأول أقوى؛ قُدِّمَ لذلك أيضًا، هذا ويجوز أن يكون مذهب البخاري عدم إيجاب التكبير، كما هو مذهب الزهري، وأبي حنيفة، وابن المسيب، وغيرهما.
فإن قلت: ما الدليل على الوجوب؟ قلت: صيغة الأمر؛ فإنها تدل على الوجوب عند عدم الصّارف.
فإن قلت: ليس في الحديث أمر بالتكبير؟ قلت: أمر المأموم بالتكبير بعد الإمام يدل على وجوبه على الإمام من باب الأَوْلى، وأما الدلالة على وجوبه على المنفرد فلما سيأتي من حديث المسيء صلاته.
هذا محصل كلامهم في هذا المقام، وفيه نظر؛ إذ لو كان أمر المأموم بشيء مستلزمًا لوجوبه على الإمام لكان قوله:"ولك الحمد" واجبًا عليهما؛ لكون الماموم مأمورًا به في نفس الحديث.
والصواب: أنّ هذا على دأبه من الإشارة إلى الدليل في الترجمة لتفحص عنه، والدليل
733 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ فَجُحِشَ فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا فَصَلَّيْنَا مَعَهُ قُعُودًا، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ «إِنَّمَا الإِمَامُ - أَوْ إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ - لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا» . طرفه 378
734 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. فَقُولُوا رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ» . طرفه 722
ــ
على الإيجاب الأمر به في حديث المسيء صلاته، كما سيأتي عن قريب.
فإن قلت: بعد الوجوب هل هو ركن أو شرط؟ قلت: قال أبو حنيفة شرط؛ وغيره على أنه ركن.
فإن قلت: ما الدليل على كونه ركنًا؟ قلت: إجماع السلف على أنّ الصلاة افتتاحها التكبير، واختتامها التسليم.
فإن قلت: الركن والشرط واجبان؛ فهل للخلاف ثمرة؟ قلت: نعم، ذكروا أنه إذا كان في يده نجاسة فكبر، ثم رماها، أو كبر قبل الزوال، فدخل في الصلاة وقد زالت الشمس، أو كان مكشوف العورة فسترها بعد التكبير، فالصلاة في الصور المذكورة صحيحة عند القائل بالشرط دون القائل بالركن.
فإن قلت: إذا كان الأمر للوجوب فقوله: "قولوا: ربنا ولك الحمد" يجب أن يكون للوجوب أيضًا؟ قلت: القران في الذكر لا يوجب القران في الحكم، والمسألة معروفة، على أن الإمام أحمد أخذ بظاهر الأمر قائلًا بوجوبه، وكذا ابن راهويه، وحجة الجمهور حديث المسيء كما سيأتي؛ إذ ليس فيه هذا، مع أنه ذكر سائر الواجبات.