الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
وَكَانَ الأَسْوَدُ إِذَا فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ ذَهَبَ إِلَى مَسْجِدٍ آخَرَ. وَجَاءَ أَنَسٌ إِلَى مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّىَ فِيهِ، فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى جَمَاعَةً.
ــ
بقية اللحم، وجمعه عراق بضم العين. قال ابن الأثير: وهو جمع عَرق، والمرماة -بكسر الميم- ظلف الشاة، وقيل: ما بين الظلفين، وقيل: سهم صغير أرذل السهام يتعلم به الرمي، والوجه الأول المناسب للعرق.
استدل بالحديث على وجوب صلاة الجماعة أحمد وداود وآخرون، وهو ظاهر كلام المصنف ولا دليل لهم فيه لأن هؤلاء كانوا منافقين لأن الصحابي المؤمن حقًّا لا يختار على الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عرقًا أو مرماتين وأما القول بأن المراد نفاق المعصية لا نفاق الكفر ففيه نسبة الصحابي إلى مثل هذه الكبيرة، وإنما ألجأه إلى هذا ما في الرواية الأخرى: وهم يصلون في بيوتهم" فقال: "إن المنافق لا يصلي في بيته" وهو ممنوع إذ لو ترك الصلاة رأسًا كان ظاهر الكفر، ورواية مسلم عن ابن مسعود: لقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق، وما سيأتي في البخاري: "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر" يدل على ما قلنا.
ومنهم من قال: المراد رجال كانوا يتركون نفس الصلاة ولا يصلونها رأسًا، وليس بشيء لما في أبي داود:"لقد هممت أن آمر فتيتي أن يجمعوا حطبًا ثم آتي قومًا يصلون في بيوتهم ليست بهم علة"، وسيأتي في باب فضل صلاة العشاء "فأحرق على من لم يخرج بعد" وأيضًا هذا إنما يظهر فيمن ترك الجماعة وما ترك الصلاة فلا وقوف عليه، ولا يستحق هذه العقوبة.
فإن قلت: قد نهى عن الإحراق بالنار؟ قلت: إن كان بأمر الله فلا إشكال فيه، وإلا فإن تأخر النهي كان ناسخًا لهذا أو كان واردًا على طريق التهديد.
باب فضل صلاة الجماعة
(وكان الأسود إذا فاتته الجماعة ذهب إلى مسجد آخر) قيده مالك بما إذا لم يكن المسجد الذي صلى فيه المسجد الحرام، ولا مسجد المدينة لأن فضل صلاة الجماعة سبع
645 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» . طرفه 649
646 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِى ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلَاةَ الْفَذِّ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً» .
ــ
وعشرون درجة والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بألف صلاة، وفي المسجد الحرام بمئة ألف.
قلت: وينبغي أن يضاف إليها المسجد الأقصى؛ لأنه أحد الثلاث التي تشد إليها الرحال.
645 -
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين) الفذ -بالذال المعجمة المشددة- المنفرد سواء كان في البيت أو في المسجد لما روى أبو داود والترمذي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وحده في المسجد فقال: أيكم يتصدق على هذا فيصلي معه"، ولفظ الفذ دل على أن ما فوقه جماعة كما سيروي:"الاثنان فما فوقهما جماعة".
646 -
(يزيد بن الهاد) من الزيادة (خباب) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الموحدة (عن أبي سعيد الخدري) بالدال المهملة (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة).
فإن قلت: ما التوفيق بينه وبين ما تقدم من سبع وعشرين؟ قلت: لا ينافي أخبر أولًا بالأقل، ثم أطلعه الله على الأكثر، وقد يقال: التفاوت إنما هو باعتبار حال المصلي والزمان والمكان، وفيه نظر لأن ذلك لا ينحصر في عدد.
647 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ عَلَى صَلَاتِهِ فِي بَيْتِهِ وَفِى سُوقِهِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ ضِعْفًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَاّ الصَّلَاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلَاّ رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإِذَا صَلَّى لَمْ تَزَلِ الْمَلَائِكَةُ تُصَلِّى عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي مُصَلَاّهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ. وَلَا يَزَالُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ» . طرفه 176
ــ
قال شيخ الإسلام: القول بأنه أطلعه الله على الزيادة إنما يصح عند من لم يعتبر مفهوم العدد. هذا كلامه.
قلت: مفهوم العدد عند من يقول به إنما يقال به إذا لم يعارضه نص. ألا ترى إلى أن رواية الراوي: "الإيمان بضع وسبعون شعبة" تقدم على رواية "بضع وستون".
647 -
(صلاة الرجل في الجماعة تُضعّف على صلاته في بيته) بضم الباء والعين المفتوحة (وذلك أنه إذا توضأ) أي: أراد الوضوء أو شرع فيه (فاحسن) أي: أسبغه (لم يخط خطوة) -بفتح الخاء- الواحدة من الخطو، وأما بالضم فهو ما بين القدمين في المشي.
فإن قلت: هل هذه الدرجات التي رفع بها في الطريق هي من تلك الدرجات السبع والعشرين؟ قلت: لا، كيف يذهب الوهم إلى ذلك وربما كانت الخطوات مئة أو أكثر.
فإن قلت: فكيف أوقعه تعليلًا؟ قلت: أشار إلى أن الآتي إلى المسجد إذا كان بهذه المشيات فلا يستبعد وقوع تلك الدرجات في مقابلة صلاته.
فإن قلت: لفظ الجماعة بإطلاقه يتناول النساء؟ قلت: إمامة المرأة للرجال لا تجوز إجماعًا، وأما للنساء قال به أحمد والشافعي، ومنعه مالك وأبو حنيفة قال الشافعي: والتي تكون إمامًا تقف في وسطهن ولا تقدم.
(ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة).
فإن قلت: لمَ نكر الصلاة أولًا؟ قلت: لأن الذي ينتظر صلاة الفجر مثلًا إنما يحصل له