الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
80 - باب الْخَوْخَةِ وَالْمَمَرِّ فِي الْمَسْجِدِ
466 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ خَطَبَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ «إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ» . فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - فَقُلْتُ فِي نَفْسِى مَا يُبْكِى هَذَا الشَّيْخَ
ــ
يحتملهما، وفي الحديث دلالة ظاهرة على كرامات الأولياء كما قال به أهل الحق.
باب الخوخة والممر في المسجد
الخوخة -بفتح الخاء المعجمة أولًا وثانيًا- هو الباب الصغير، وكان الصحابة كلّ من كان قريب الدّار فتح له بابًا بجانبه إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون أهون عليه الحضور إلى الصلاة.
466 -
(فليح) بضم الفاء على وزن المصغر (أبو النضر) -بضاد معجمة- اسمه سالم (عبيد بن حُنَيْن) بضم المهملتين فيهما على وزن المصغر (عن بسر بن سعيد) -بالباء الموحدة وسين مهملة- كذا وقع في بعض النسخ، قال الغساني: نقل ابن السّكن عن الفربري عن البخاري: أن هذا خطأ، والصواب "وعن" بالواو العاطفة. قال الغساني: والصواب ثلاثة أوجه: وبسر بالواو العاطفة، وطي ذكر عبيد أو بسر على التناوب.
قلت: الكلام إنما هو في وجود الاسمين لاتفاق النسخ كلها مع الاختلاف في الواو، فالوجه ما قاله ابن السكن، على أنه يجوز تصحيح تلك الرّوايات بأنّ حرف العطف محذوف منها، وهو كثير، إلا أن فيه التباسًا مخلًا، وفي رواية مسلم بالواو، وفي رواية: فليح عن سالم بن أبي النضر، وبحذف بشر في رواية فليح عن أبي النضر، ورأيت في حاشية عن أبي ذر الحافظ عن الفربري أن بسرًا في كتاب البخاري مضروب عليه، وهذا يوافق رواية مسلم، وعليه التعويل.
(إنّ الله خيرّ عبدًا بين الدنيا وبين ما عند الله، فاختار ما عند الله، فبكى أبو بكر، فقلت في نفسي: ما يبكي هذا الشيخ؟) هذا كلام أبي سعيد الخدري، وقوله: هذا الشيخ، لم يذكره
إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْعَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا. قَالَ «يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَىَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً مِنْ أُمَّتِى لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ،
ــ
باسمه؛ لأنه قاله على طريق الإنكار (إن يكن الله خير عبدًا) شرط حذف جزاؤه، لدلالة ما قبله عليه، ويحكى فتحُ أنْ والجزم على الشذوذ، أو على توهم إن الشرطية (إن مِنْ أمِّنّ الناس عليَّ في صحبته وماله أبو بكر) وفي بعض النسخ:"إن أمن الناس" بدون من، وهذه الرّواية أبلغ؛ فإنّ الأُولى يجوز اشتراك غيره معه، ويحتاج إلى تقديرا ضمير الشأن، أو جعل اسم إن منْ؛ لأنه بمعنى البعض. قال ابن الأثير: الأَمَنّ أفعل التفضيل من المنّ وهو العطاء لا مِنَ المنة وهو الاعتداد بالإحسان والتفضّل؛ لأنه مذموم.
قلت: لفظ المنّ أيضًا مشترك، قال تعالى:{لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264]. (ولو كنت متخذًا من أُمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر خليلًا) الخليل: فعيل بمعنى الفاعل، كالجليس بمعنى الجالس، وقد يكون بمعنى المفعول، والذي في الحديث هو الثاني لأن المعنى: من أُخَاللُهُ، وتمام الحديث:"ولكن صاحبكم خليل الله" يريد نفسه صلى الله عليه وسلم.
فإن قلت: معنى كونه خليل الله: أنّ الله اتخذه خليلًا، كقوله تعالى في إبراهيم:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: 125] وإذا كان خليلًا لله بهذا المعنى يجوز أن يكون: له خليل في الناس. قلت: أراد أنه بعدما تفضّل الله عليَّ بذلك لا ينبغي لي أن أتوجه إلى غيره بنوع من الخلة. واشتقاقه من الخلة -بضم الخاء- وهي: المحبة السّارية في خلل القلب وأعماقه بحيث لا يبقى للغير فيه مجال.
فإن قلت: هذا إنما يكون من طرف العبد، وإلا فقد اتخذ الله إبراهيم خليلًا. قلت: الأمر كذلك؛ لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن.
(ولكن أخوة الإسلام ومودته) أي: موجودة بيني وبينه.
لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ بَابٌ إِلَاّ سُدَّ إِلَاّ بَابُ أَبِى بَكْرٍ». طرفاه 3654، 3904
467 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِى قَالَ سَمِعْتُ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ عَاصِبٌ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ، فَقَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَمَنَّ عَلَىَّ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ أَبِى قُحَافَةَ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنَ النَّاسِ خَلِيلاً لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلاً، وَلَكِنْ خُلَّةُ الإِسْلَامِ أَفْضَلُ، سُدُّوا عَنِّى كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِى بَكْرٍ» . أطرافه 3656، 3657، 6738
ــ
فإن قلت: كيف تجتمع المودة مع نفي الخلة؟ قلت: الخلة أخص من المودة كما أشرنا إليه.
فإن قلت: سيأتي في بعض الرّوايات: "ولكن أخوة الإسلام أفضل". قلت: ليس معناه أنها أفضل من الخلة، بل أفضل شيءٍ يوجد بعد فوات الخلة.
(لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ إلاّ باب أبي بكر)"لا يبقين" -بفتح الياء ونون التأكيد- لأنه نهي، وتوجيهه إلى الباب توجيه إلى صاحب الباب على طريق الكناية، وقد يروى بضم الياء على بناء المجهول.
467 -
(عبد الله بن محمد الجعفي) -بضم الجيم وسكون العين- قال الجوهري جعفي: أبو قبيلة من اليمن، وهو جعفي بن سَعْدِ العشيرة، قال: والنسبة إليه كذلك (وهب بن جرير) بفتح الجيم على وزن كريم (يعلى بن حكيم) على وزن يحيى (ابن أبي قحافة) -بضم القاف- كنية أبيه، واسمه عثمان، أسلم يوم فتح مكة، وعاش بعد الصديق أيضًا، وليس في الصحابة من يشارك أبا بكر في الأصول والفروع بين أربعة أبطن كلهم صحابيون، فإنه صحابي، وأبوه صحابي، وأولاده وأولاد أولاده.
فإن قلت: قوله: (ليس من الناس أمن علي من أبي بكر) لا ينافي مساواة غيره مع أنه