الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهِمْ كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِى فَيَقُولُونَ تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ». أطرافه 3223، 7429، 7486
18 - باب مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ
556 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا أَدْرَكَ أَحَدُكُمْ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ، وَإِذَا أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ
ــ
بهم) بشأنهم، وما علموا من حال عباده؛ فليس السؤال للاستعلام بل لإقرار الملائكة بقيام عباده بأشرف الطاعات، وهي: صلاة العصر، وصلاة الصبح. ومعنى قوله:"باتوا فيكم" إقامتهم فيهم؛ لأنّ الملائكة لا نوم عندهم، يسبحون الليل والنهار. والاكتفاء بملائكة الليل للعلم منه بملائكة النهار؛ كقوله تعالى:{سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81]، وقيل: في الرواية اختصار، وقد جاء في رواية النسائي:"ثم يعرج الذين كانوا فيكم"، وفي رواية ابن خزيمة التصريح بالسؤال لكل منهما. وقد سلف منّا أنّ الاقتصار على ملائكة الليل لأنهم شاهدوا أربع صلوات، فهم أعرف بحالهم (تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون) السؤال إنما كان عن تركهم؛ وإنما زادوا على قدر الجواب ثناءً على المؤمنين، وسعيًا في طلب عفو الله عنهم واسترضائه، وكيف لا وحملة العرش والكَرُوْبِيُّون يستغفرون للمؤمنين. وبما قررنا سقط ما يقال: إنما سألهم ليكون إقرارهم ردًا لمقالتهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30] إذ لو كان المقام مقام ذلك لاكتفوا بما هو مقتضى الجواب من غير زيادة.
باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب
556 -
(أبو نعيم) -بضم النون على وزن المصغر- فضل بن دكين (شيبان) بفتح الشين المعجمة بعدها ياء ساكنة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب [الشمس] فليتم صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن
تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ». طرفاه 579، 580
557 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ
ــ
تطلع الشمس فليتم صلاته) إنما حصرها بين الصلاتين بالذكر، لوقوع الصلاة في وقت الكراهة وفرّق أبو حنيفة بين العصر والصبح، وقال: صلاة الصبح تبطل بطلوع الشمس، بخلاف العصر؛ لأن صلاة الصبح بخروج الوقت اتصلت بوقت غير صالح. قال النووي: وهذا الحديث حجة عليه. والمراد من إدراك السجدة: إدراك مقدار الركعة؛ واطلاق السجدة على الركعة من إطلاق الجزء على الكلّ شائع.
فإن قلت: ما دون الركعة أيضًا كذلك؟ قلت: ذكر الركعة خارج مخرج الغالب.
فإن قلت: تلك الصلاة، وهي قوله:"فقد أدرك الصلاة" كلها أداء أو قضاء؟ قلت: أداء وفي رواية لمسلم إشارة إليه.
557 -
(إنما بقاؤكم فيما سلف من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس) أي: كما بين أول وقت العصر إلى آخرة هذا غرض البخاري الدال على الترجمة والذي يدل على أن الكل وقت العصر عدم الواو العاطفة إذ لو لم يكن كذلك كان حق العبارة أن يقول كما بين العصر وبين الغروب. وأجاب بعضهم بأن مناسبة الترجمة مأخوذة من قوله: إلى غروب الشمس، إذ لم يفرق بين الغروب وقبله؛ وهذا شيء لا أفهمه؛ لأنّ الغروب هو انتهاء المدّة، فأيّ معنى لما قاربه، وأيّ دلالة للفظ على ذلك؟ وأجاب آخرون بأنهم لما عملوا أقلّ من عمل غيرهم وأثيبوا لأكثر من ثوابهم، فكأنه نبه على أنّ حكم البعض في الإدراك حكم الكل، وليس بشيء؛ إذ زيادة الثواب محض فضل الله؛ فأي رابطة بينهما؟ أو أيَّة دلالة نسمي هذه الدلالة؟ والمراد من قوله:"بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم": قرب الساعة؛ وأن ما مضى نسبته إلى الباقي من الزمان كنسبة ما بقي من أوّل العصر إلى الغروب بالنسبة إلى ما مضى من النّهار؛ فلا يرد أن بين عيسى وبين محمد صلى الله عليه وسلم ستمائة سنة؛ لأنّ النسبة إلى ما مضى من أوّل الدنيا إلى وقت صلى الله عليه وسلم.
(أوتى أهل التوراة التوراة) وهذا كلام مستأنف ليس له تعلق بالترجمة، غايته أن الراوي رواه كما رقع. ولعلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ذكر وقت العصر أردفه بحديث أهل
فَعَمِلُوا حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِينَا الْقُرْآنَ فَعَمِلْنَا إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِينَا قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ أَىْ رَبَّنَا أَعْطَيْتَ هَؤُلَاءِ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، وَأَعْطَيْتَنَا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، وَنَحْنُ كُنَّا أَكْثَرَ عَمَلاً، قَالَ قَالَ اللَّهُ عز وجل هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ قَالُوا لَا، قَالَ فَهْوَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ». أطرافه 2268، 2269، 3459، 5021، 7467
ــ
الكتابين لذكر وقت العصر في قصتهم (فعملوا بها) أي بالتوراة (حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطًا قيراطًا) أي: كل واحد منهم، والعجز: كناية عن الموت، والقيراط: أصله قرّاط بتشديد الرّاء فأبدلت الأولى ياءً تخفيفًا كما في تقضى البازي. قال ابن الأثير: والقيراط: نصف عشر الدينار في أكثر البلاد، وأهل الشام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين جزءًا، وليس ما في الحديث ذلك المصطلح بأحد الاصطلاحين، بل نصيب ما من الثواب لا يعلمه غيره تعالى، كما قال في الحديث الآخر:"كلّ قيراطٍ مثل أحد".
(فقال أهل الكتابين: أي ربنا) أي: حرف النداء (أَعطيتَ هولاء قيراطين قيراطين، وأعطيتنا قيراطًا قيراطًا، ونحن أكثر عملًا) استدل به أبو حنيفة على أن أوّل وقت العصر إذا صار ظل كلّ شيء مثليه، وإلا لم يكن عمل النصارى أكثر من عمل المسلمين؟ وأجاب عنه بعضهم بأن هذا مقول أهل الكتابين، فنسبة وقت العصر إنما هو إلى ما مضى من النهار كلّه، وليس بشيء؛ لأنّ كلّ طائفة تزعم أنهم أكثر عملًا بانفرادها، ومنهم من منع عدم الزيادة؛ وإن قلنا: إن أول وقت العصر مصير ظل كل شيء مثله وانه يقطع الشبهة، وقد سألت من هو علم في علم الميقات؛ فرأيته جازمًا به؛ فلا حاجة إلى ما قيل. أحسن ما يقال: إن كلام أهل الكتابين ليس إلا في كثرة العمل، ويجوز أن يكون العمل كثيرًا، وإن كان الزمان أقل.
(قال: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا، قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء) إشارة إلى زائد على الأجر، والضمير له، وقيل: إلى المجموع. وفيه أن الكل وإن كان فضلًا من الله إلا أنه بعدما سمّاه أجرًا فلا وجه لإدخاله في الفضل.