الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا يَبْزُقَنَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ يُنَاجِى رَبَّهُ». طرفه 241 والمناجاة من كل مصل إنما تكون في صلاة المنفرد؛ كما يشعر به.
9 - باب الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ
533، 534 - حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ،
ــ
الحيوانات، ولأنه لا يتمكن من السجود حَقّ التمكن، ولأنه يُشعر بالكسالة التي هي صفة المنافق. وتمام الكمالية فيه أنْ يضع يديه حذو منكبيه، ويرفع بطنه عن فخذيه، ويجافي يديه عن جنبيه. (وقال حميد) تعليق. وحميد: على وزن المصغر، هو: الطويل، ورواه عنه مسندًا من رواية قتيبة في باب حك البزاق (وإذا بزق فلا يبزق بين يديه، ولا عن يمينه؛ فإنه يناجي ربّه).
فإن قلت: مناجاة الرّب تلائم عدم البزاق بين يديه، فما وجه اليمين؟ قلت: جاء في الرواية الأُخرى: "فإن عن يمينه ملكًا" كما تقدم، فهذا المطلق محمول على ذلك المقيد وأشرنا هناك إلى أن اليسار مان كان فيه ملك أيضًا؛ إلا أنّ ملك اليمين أفضل وأشرف. ويجوز أن يقال: لما كان مناجيًا ربّه فعليه رعاية الآداب، واليمين أشرف الجانبين.
باب الإبراد بالظهر في شدّة الحر
533 -
534 - (أبو بكر) هو عبد الحميد بن أبي أويس (عن صالح بن كَيسان) بفتح الكاف وسكون الياء و (نافع) بالرفع عطفٌ على غيره (أنهما حدثاه) أي: أبو هريرة وابن عمر، حدثا نافعًا، قيل: ويحتمل أن يعود الضمير في أنهما إلى الأعرج ونافع أي: إن الأعرج ونافعًا حدثا صالح بن كيسان؛ وهذا سهو؛ لأن قوله: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم متعلق بحدثاه؛ فيصير الحديث بذلك مرسلًا (إذا اشتدّ الحر فأبردوا بالصلاة) وفي بعضها: "عن الصلاة" قال ابن الأثير: بمعنى دخل في البرد: فالياء للمصاحبة. وقال صاحب "الكشّاف": الباء للتعدية، أي: أَدْخِلوا الصلاة في البرد، وما ذكره ابن الأثير أظهر. ونقل
فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ». طرفه 536
535 -
حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْمُهَاجِرِ أَبِى الْحَسَنِ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ وَهْبٍ عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ فَقَالَ «أَبْرِدْ أَبْرِدْ - أَوْ قَالَ - انْتَظِرِ انْتَظِرْ» . وَقَالَ «شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ» . حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ. أطرافه 539، 629، 3258
ــ
ابن الأثير عن بعضهم أنه قال: "أبردوا" أي: صلوها في أوّل الوقت، والأحاديث المذكورة بعده تنافيه.
فإن قلت: رواية الباء على ما ذكَرْتَ؛ فما وجه رواية عن؟ قلت: قال بعضهم: عن زائدة. وقيل: بمعنى الباء؛ فإن حروف الجر بعضُها يقومُ مقامَ بعض.
وقال بعضهم: عن بمعنى الباء؛ كما في قولك: رميت عن القوس. وهذا غلط؛ فإنّ "عن" معناها المجاوزة، واتفاق النحاةُ على أن "عن" في قولك: رميت عن القوس على معنى المجاوزة. وعندي أن معنى الحديث: أبردوا عن الصلاة؛ أي: ادخلوا في البرد مجاوزين عن الصلاة؛ أي: لا تصلوها في أوّل الوقت؛ لأن حقيقة أبرد: دخل في البرد، فَضُمِّنَ معنى المجاوزة (فإنّ شِدَّة الحر من فيح جهنم) الفيح والفوح: سطوع الحرّ وفورانه. وجهنم غير منصرف، لأنه علم عجمي، أو لأنه علمٌ مؤنث.
فإن قلت: تعليل ترك الصّلاة في شدّة الحر بأنه من فيح جهنم؛ ما وجهه؟ قلت: وجه ذلك أنه لا يلائم العبادة؛ فإنّ الإنسان لم يكن في ذلك الوقت على نشاطٍ وأريحية.
535 -
(بشار) بفتح الباء وتشديد الشين (غُندر) بضم الغين المعجمة وفتح الدال المهملة (عن المهاجر) على وزن اسم الفاعل (عن أبي ذر قال: أذَّنَ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبرد أبرد، أو قال: انتظر، انتظر) الشك من أبي ذر. والمراد: تأخير الإقامة إلى أن يبرد الوقت، (فإذا اشتد الحرّ فأبردوا عن الصلاة حتى رأينا فيء التلول) قوله:"حتى" غاية لفعل مقدر؛ أي: لما قال: أبردوا، أخرّ المؤذن الإقامة إلى أن رأينا فيء التلول. الفَيء لغة الرجوع،
536 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَفِظْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِىِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» . طرفه 533
537 -
ــ
قال ابن الأثير: سُمّيَ الظل الذي يكون بعد الزّوال فيئًا؛ لأنه يرجع من جانب المغرب إلى جانب المشرق. والتلول: بضم التاء جمع التل، وهو: الرّابية؛ وأراد بالفيء الزائد على ما يبقى عند الزوال؛ فإنّ الذي بالمدينة ما يُرى في التلول إلا إذا زاد على ذلك القدر.
537 -
538 - (اشتكت النار إلى ربها؛ فقالت: يا رب أكل بعضي بعضًا) الاشتكاء: رفع الشكوى على من يقدر على الإزالة؛ واشتكاء النار قيل: مجاز عن فرط الكثرة والغليان. والحقّ أنه محمول على ظاهره؛ كما في قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)} [ق: 30] وسيأتي في البخاري: أنها تقول: هل من مزيد حتى يضع الجبار فيها قدمه فتقول: قط قط. وسيأتي أيضًا مخاصمة الجنة والنار عند ربهما.
وقد تقرر في علم الكلام أنّ قدرته تعالى نسبتها إلى كل الممكنات على السواء؛ فأيُّ وجه لصرف الكلام عن الحقيقة والمعنى الجِزْل الدال على كمال القدرة إلى تلفيق التأويلات الركيكة؟! وإنما يصرف الكلام عن ظاهره إذا لم يستقم، أو كان في الصرف نكتةٌ (فأذن لها بِنَفَسين؛ نَفَس في الشتاء، ونَفسٌ في الصيف) النَفَسُ: ما يستروح به الحيوان من إخراج الهواء المكدّر بواسطة الرّئة، فإنها بمثابة المروحة، تُخرج الهواء المكدَّر، وتجذب الطيب؛ وأصل النفس السّعة. وفيه دليل على بطلان قول من قال: إن الحرارة لازمة للناس؛ بل الحرّ والبرد بإيجاد الفاعل المختار.