الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
18 - باب الصَّلَاةِ فِي السُّطُوحِ وَالْمِنْبَرِ وَالْخَشَبِ
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَلَمْ يَرَ الْحَسَنُ بَأْسًا أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْجَمْدِ وَالْقَنَاطِرِ، وَإِنْ جَرَى تَحْتَهَا بَوْلٌ أَوْ فَوْقَهَا أَوْ أَمَامَهَا، إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ. وَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الإِمَامِ. وَصَلَّى ابْنُ عُمَرَ عَلَى الثَّلْجِ.
ــ
فإن قلت: جاء في رواية "وراءها". قلت: لفظ وراء مشترك بين الخلف والقدام لأن كلًّا منهما يواريك.
وفقه الحديث: أن سترة الإمام سترة من خلفه، وأن المرور وراءها لا بأس به، وكذا لبس الأحمر لا بأس به لأهل العلم والزهد، واستحباب التشمير في النهار.
باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب
السطوح -بضم السين والطاء- جمع سطح، وهو ما علا من كل شيء. قال الجوهري: والمراد به فوق سقف البنيان، والمنبر -بكسر الميم- من النبر وهو الرفع، والخشب. بفتح الخاء، ويروى بفتحها.
(قال أبو عبد الله: ولم ير الحسن بأسًا بأن يصلي على الجمد) -بفتح الجيم وسكون الميم، وقد تضم الميم- المتجمد من الماء وهو اليبوسة، وضبطه الأصيلي وأبو ذر بالفتح (والقناطير) -على وزن المصابيح ويروى بحذف الياء على وزن المساجد- جمع قنطر. وهو الجسر فوق الماء (وإن جرى تحتها بول أو فوقها أو أمامها إذا كان بينهما سترة) أي: بين البول والمصلي مانع من الوصول إليه.
قال بعض الشارحين: قوله: بينهما أي: بين القناطير والبول، أو بين المصلي والبول، وهذا القيد مختص بـ (أمامها) دون إخوته تحت وفوق.
وقد وَهم في هذا المقام، فهم من السترة سترة المصلي ولا تكون إلا في الأمام وليس المراد من السترة ذلك الحائل بين المصلي وبين البول سواء كان البول تحت أو فوق أو أمام؛ لأن الكلام إنما هو في ذلك لا في سترة المصلي، لأن الكلام في المانع بين المصلي وبين النجاسة، وعلى هذا قوله: أو بين القناطير والبول سترة لغو من الكلام، وأيّ فائدة في هذا؟ أو أي فقيه يمنع ذلك؟
377 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ الْمِنْبَرُ فَقَالَ مَا بَقِىَ بِالنَّاسِ أَعْلَمُ مِنِّى هُوَ مِنْ أَثْلِ الْغَابَةِ، عَمِلَهُ فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ عُمِلَ، وَوُضِعَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَبَّرَ وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَرَكَعَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالأَرْضِ، فَهَذَا شَأْنُهُ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَنِى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رحمه الله عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ فَإِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَعْلَى مِنَ النَّاسِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونَ الإِمَامُ أَعْلَى
ــ
377 -
(سفيان) هو ابن عيينة (أبو حازم) -بالحاء المهملة- سلمة بن دينار (سألوا سهل بن سعد من أي شيء المنبر) يريدون منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا الكلام جرى بالمدينة ولم يكن هناك منبر سواه، فاللام فيه للعهد كما في خرج الأمير (ما بقي في الناس أعلم مني) ذكرنا وجه ذلك أنه آخر الصحابة موتًا بالمدينة، فاللام في الناس يجوز أن تكون للعهد، وهم الذين بالمدينة، أو للاستغراق فإن الصحابة وإن كانوا موجودين في سائر البلاد إلا أنه لا يلزم أن يكون لهم علم بذلك (من أثل الغابة علمه فلان مولى فلانة) قال ابن الأثير: الأثل شجر يشبه الطرفاء إلا أنه أكبر منه، وقد جاء في رواية "من طرفاء الغابة"، والغابة لغة: الغيضة ذات الأشجار، والمراد غابة المدينة، وهي على تسعة أميال من المدينة (وفلان) قال الصنعاني: هو باقوم الرومي، مولى امرأة من الأنصار اسمها عائشة، وقيل: مولى سعيد بن العاص، وقيل لسعد بن عبادة، وقيل: لعباس، والأحاديث كلها تدل على صحة الأول.
(فاستقبل القبلة) أي: وهو على المنبر فكبر (ثم رجع القهقرى) -بفتح القافين وسكون الهاء وألف مقصورة- المشي إلى الخلف معكوسًا (فسجد بالأرض) وقال أولًا: سجد على الأرض لوجود معنى الاستعلاء والإلصاق.
(قال أبو عبد الله) أي: البخاري (قال علي بن عبد الله: سألني أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: إنما أردت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أعلى من الناس، فلا بأس أن يكون الإمام أعلى
مِنَ النَّاسِ بِهَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ فَقُلْتُ إِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ كَانَ يُسْأَلُ عَنْ هَذَا كَثِيرًا فَلَمْ تَسْمَعْهُ مِنْهُ قَالَ لَا. أطرافه 448، 917، 2094، 2569
378 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ عَنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَتْ سَاقُهُ أَوْ كَتِفُهُ، وَآلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، فَجَلَسَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، دَرَجَتُهَا مِنْ جُذُوعٍ، فَأَتَاهُ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى بِهِمْ جَالِسًا، وَهُمْ قِيَامٌ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ
ــ
من الناس) يريد أن سؤاله لم يكن عن صحة الحديث بل إنه إذا ثبت من فعله يجوز لغيره كراهة، هذا إذا كان المراد منه التعليم كما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث، وبه قال أحمد والشافعي، ومنع مالك وأبو حنيفة (قال: قلت: إن سفيان بن عيينة كان سأل عن هذا كثيرًا فلم تسمعه؟ قال: لا) قال شيخ الإسلام: الذي رواه أحمد عن سفيان في مسنده هو أن المنبر كان من أثل الغابة لا غير.
وفقه الحديث: جواز اتخاذ المنبر، وجواز الفعل اليسير في الصلاة، وكذا الفعل الكثير إذا كان متفرقًا كما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن العالم يسعى في تعليم الجاهل لأنه من التعاون على البر والتقوى، والمبالغة فيه بالقول والفعل إن احتيج إليه. واتفقوا على أن وضع المنبر كان سنة سبع وأنه كان ثلاث درج.
378 -
(يزيد) من الزيادة (حميد الطويل) بضم الحاء، على وزن المصغر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه) وسيأتي في الروايات "شقه الأيمن" وهو يشمل الساق والكتف، وجُحش -بضم الجيم وكسر الحاء- أي: خدش، والظاهر أنه كان وراء الخدش ألم شديد، ولذلك صلى جالسًا.
(وآلى من نسائه شهرًا) الإيلاء: حلف الزوج على عدم غثيان زوجته فوق أربعة أشهر. ولم يكن إيلاؤه ذلك؛ بل حلف أن لا يخالطهن لإفشائهن سره، وعاتبه الله لما فعل من أجلهن بقوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} [التحريم: 1]. (فجلس في مشربة) -بفتح الميم وضم الراء- الغرفة فوق البيت، وهذا موضع استدلال البخاري، فإن الغرفة بمثابة سطح البيت.