الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - باب فَضْلِ صَلَاةِ الْعَصْرِ
554 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً - يَعْنِى الْبَدْرَ - فَقَالَ «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ،
ــ
فيه. وهذا أيضًا لا يدل عليه اللفظ؛ لأن الكلام في الترك سواء كان بواسطة الاشتغال بشيء آخر أم لا، فالوجه ما قدمناه.
فإن قلت: هل فرق بين الترجمة في الباب قبله وهذه الترجمة؟ قلت: ليس الفرق إلا في المفهوم؛ لما قدمنا من أن الفوت الذي توعد عليه الشارع هو الفوت قصدًا، لا نومًا ولا نسيانًا، إلا أن لفظ الفوت يدل بظاهره على أن ذلك باشتغاله بشيء آخر، حتّى فاته العصر، ولفظ الترك يدلّ أن الفوت كان من عدم المبالاة وعلته الكسل وهذا أقبح؛ ولذلك رتب عليه حبوط العمل، وعلى الأول نقص المال والأهل.
باب فضل صلاة العصر
554 -
(الحميدي) بضم الحاء، على وزن المنسوب المصغر، عبد الله بن زبير شيخ البخاري، نسب إلى جده الأعلى (مروان بن معاوية) بفتح الميم في الأول، وضمه مع الثاني (إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون فيه) أي: تظلمون، بأن يراه أحد دون آخر -بضم التاء وتخفيف الميم- من الضيم، وهو الظلم، وبتشديد الميم أيضًا، من الضّم؛ أي: ترونه مكشوفًا، كلٌّ في مكانه، لا كرؤية الهلال توى الناس تنضم بعضهم إلى بعض عند رؤيته. وفي بعض الروايات تضاهون، من المضاهاة، وهي: المشابهة والمحاكاة، وسيأتي في التفسير رواية البخاري: أنه نظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، ثم قال هذا الكلام. قال النووي: حديث الرؤية رواه عشرون صحابيًّا. قلت: وبعد الصحابة أمة لا يُحْصون. قال:
وعليه إجماع السلف قبل ظهور أهل البدع؛ ولما كانت الرؤية بخلق الله تعالى من غير اشتراط
فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا». ثُمَّ قَرَأَ (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ). قَالَ إِسْمَاعِيلُ افْعَلُوا لَا تَفُوتَنَّكُمْ. أطرافه 573، 4851، 7434، 7435، 7436
555 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلَائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ
ــ
جهة ولا مقابلة؛ والحديث رواه الجمُّ الغفير فلا يمنعه إلا من رمي بسهم الشقاء.
وأنا أقول: خاضعًا لجناب قدسه تعالى: إني آمنت بما قال رسولك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، فبحرمته لديك أن تجعلني من الفائزين برؤية جمالك، إنك على ذلك قدير، وأنت الذي لا ترد سائِلك خائبًا.
(فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها؛ فافعلوا ثمّ قرأ: {فَسَبِّحْ} الواقع في النسخ "قبل الغروب" فالضواب {وَسَبِّحْ} بالواو كذلك هو القرآن الكريم. (وقال إسماعيل: افعلوا لا تفوتنكم) من قول إسماعيل، شرح كقوله في الحديث "فافعلوا". قلت: هو كذلك من قول إسماعيل، ولكن ليس تفسيرًا لقوله "فافعلوا" بدليل عدم أيّ والفاء؛ بل هو كلام يحث به على الفعل نوعًا من الوعظ والإيقاظ.
فإن قلتَ: كيف دلّ الحديث على فضل صلاة العصر؟ قلت: لما ذكر رؤية الله الذي هو أعظم المقاصد، وأردفه بذكر الحث على صلاة العصر والفجر، دلّ دلالة ظاهرة على أنهما بمكان عند الله، تصلحان وسيلة لذلك القصد العظيم.
555 -
(عن أبي الزناد) -بكسر الزاي المعجمة، بعدها نون- عبد الله بن ذكوان (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يتعاقبون فيكلم ملائكة بالليل، وملائكة بالنهار) كان الظاهر أن يقول: يتعاقب بالإفراد، إلا أنه أتى بضمير الجمع مع الفاعل المظهر، وهي لغة بني الحارث، مذهب الأخفش جوازه، وقيل: الوجه فيه أن يكون المظهر بدلًا من المضمر. وتنكير الملائكة لأن الطائفة الثانية غير الأولى (ثم بعرج الذين باتوا فيكم؛ فيسألهم ربهم وهو أعلم