الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ، إِذَا لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ. وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ يَتَيَمَّمُ. وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ، فَحَضَرَتِ الْعَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ فَصَلَّى، ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِدْ.
337 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِى جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِىِّ فَقَالَ أَبُو
ــ
أعظم بركة قلادتك". وقد تمسَّك بظاهر قول أسيد: والله ما نزل بك أمر تكرهينه، على أن قصة الإفك قبل هذه.
باب: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوات صلاته
(وقال به عطاء) هو: ابن أبي رباح (وقال الحَسَنُ) هو البَصْرِيّ (وأقبل ابن عُمر من أرضه بالجُرُف) -بضم الجيم والراء، وسكونها -: قرئ بهما: المكان الذي جَرَفَهُ السيلُ. واللام فيه للعهد: مكان معروف. قال صاحب "المطالع": بينه وبين المدينة ثلاثة أميال، وقيل: ميل، وقيل: فرسخ (فحضرت العصر بِمرْبَدِ النعم) -بكسر الميم- مكان يربط ويحبس فيه الإبل بينه وبين المدينة ميلان. قاله صاحب "المطالع": وإنما صَلَّى لإدراك فضيلة أول الوقت. دل عليه قوله: (ثم دخل المدينة والشمسُ مرتفعةٌ) أي: على الأفق المغربي.
337 -
(يحيى بن بُكير) بضم الباء على وزن المصغر (رَبيعة) بفتح الراء وكسر الموحدة (عُمير) بضم العين على وزن المصغر (يسار) ضد اليمين.
(دخلنا على أبي جُهَيم) بضم الجيم على وزن المصغر (ابن الحارث بن الصمّة) -بصاد مهملة وتشديد الميم- وقد وقع في رواية مسلم: عبد الرَّحْمَن بدل عبد الله بن سيار، وبدل
الْجُهَيْمِ أَقْبَلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عليه السلام.
ــ
أبي جُهَيم: بُكير. واتفقوا على أنَّه غلط في الموضعين.
(أقبل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل) بالجيم، وفي رواية النَّسائيّ بالحاء: موضع بقرب المدينة (فلقيه رجل) هذا الرجلُ هو أبو جُهيم راوي الحديث. صرّح به الشَّافعيّ (فسلم عليه فلم يردّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى أقبل على جدار فمسح وجهه ويديه ثم ردّ عليه) لأنه أراد أن يكون الردّ الذي هو نوع من العبادة على أكمل الأحوال، أو لأن السلام اسمٌ من أسمائه تعالى، فلا يذكره إلَّا وهو على صفة الطهارة.
فإن قلت: فما قولك في حديث عائشة: "أنَّه كان يذكر اللهَ على كل حالٍ"؟ قلتُ: ذاك بيان الجواز، وهذا تنبيه على الأفضل.
وفيه دليل على أن المستحب أن يتيمم للنوافل مثل تلاوة القرآن والاعتكاف، وداع على أن المقيم إذا خاف فوات الوقت له أن يتيمم من باب الأولى. واستدل به من قال: يجوزُ التيمم بكل ما على وجه الأرض من غير التُّراب. ولا دليل له فيه لوجود الغبار على الجدران، على أن في رواية عن أبي جُهَيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حت الجدار، ثم وضع يده على جدار الغير بغير إذنه.
والجواب بأنه كان جدارًا مباحًا أو لرجل صديق له. كلُّه تكلفٌ، فإن مثله جائز لكل أحدٍ متعارف بين النَّاس، لا سيما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأيّ مسلم يكون في قلبه مثقال ذرة من إيمان يرضى ذلك منه، فديته بآبائي وأبنائي وأمهاتي وما أؤمل من مال ومن نسب.
فإن قلت: دل الحديثُ على أن المقيم يتيمم، فهل يجبُ عليه القضاء أم لا؟ قلتُ: