الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ لَا يَنْصَرِفَ إِلَاّ عَنْ يَمِينِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَثِيرًا يَنْصَرِفُ عَنْ يَسَارِهِ.
160 - باب مَا جَاءَ فِي الثُّومِ النَّىِّ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَوِ الْبَصَلَ مِنَ الْجُوعِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» .
853 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يَعْنِى الثُّومَ - فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا» . أطرافه 4215، 4217، 4218، 5521، 5522
ــ
(رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرًا ينصرف عن يساره) يريد الكثرة في نفس الأمر، لا بالقياس إلى اليمين، فإنه أكثر من اليسار بلا شك فيه.
قال النووي: حديث عبد الله: أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن شماله، وحديث أنس:"أكثر ما رأيت عن يمينه" فيرجع إلى ترجيح اليمين، لورود الأحاديث في فضله من باب المكارم.
قلت: حديث البراء في مسلم: كنا نحب أن نكون عن يمينه، لأنه يقبل علينا بوجهه ترجح رواية أنس؛ إذ لو استوى الأمران لم يكن لهذا الكلام وجه.
باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أكل البصل والثوم من الجوع أو غيره فلا يقربن مسجدنا"
الثوم -بضم المثلثة- هو الثوم المذكور في القرآن، والني -بكسر النون وتشديد الياء- وقوله:"فلا يقربن مسجدنا" قاله زجرًا، ومنعًا عن أكله، وكذا قوله في آخر الحديث:"فلا يصلين معنا" فلا يجعل من أعذار ترك الجماعة.
853 -
(أبو عاصم) هو النبيل الضحاك بن مخلد (ابن جريج) بضم الجيم مصغر عبد الملك بن عبد العزيز.
854 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ - يُرِيدُ الثُّومَ - فَلَا يَغْشَانَا فِي مَسَاجِدِنَا» . قُلْتُ مَا يَعْنِى بِهِ قَالَ مَا أُرَاهُ يَعْنِى إِلَاّ نِيئَهُ. وَقَالَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ إِلَاّ نَتْنَهُ. أطرافه 855، 5452، 7359
ــ
854 -
(من أكل من هذه الشجرة -يريد الثوم-).
فإن قلت: فرق أهل اللغة بين النجم والشجر؛ بأن الشجر ماله ساق، والنجم ما ليس له ساق؟ قلت: إذا ثبت من أفصح البشر، فلا التفات إلى أهل اللغة؛ لكن.
قلت: روى البخاري في باب الدعوات الأولى حملة على استعمال أحد الضدين في الآخر؛ لقوله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)} [الرحمن: 6].
(فلا يغشانا) وفي بعضها: "فلا يغشنا" وإثبات الألف أحسن؛ لأنه خبر في معنى النهي، وهو أبلغ من صريح النهي (قلت: ما يعني به قال: ما أراه يعني إلا نيِّئه). قائل: قلت ابن جريج سأل عطاء عن مراد جابر؛ فأجاب بأنه أراد النيء؛ لأن المطبوخ لا رائحة له؛ كما في رواية "فليمتهما طبخًا".
(وقال مخلد بن يزيد) بفتح الميم (عن ابن جريج إلا نتنه) -بفتح النون وسكون الفوقانية- أي: الرائحة الكريهة.
855 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ زَعَمَ عَطَاءٌ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ زَعَمَ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا - أَوْ قَالَ - فَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» . وَأَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ فَقَالَ
ــ
855 -
(سعيد بن عفير) بضم العين: مصغر.
(زعم عطاء أن جابرًا زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا) الزعم يستعمل في القول المحقق والاعتقاد الجازم.
(وأن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بقدر فيه خضرات) قال شيخنا ابن حجر: آخر عطف على الأول تقديره: وحدثنا سعيد بن عفير بإسناده قال: وهذا الحديث الثاني وقع قبل الأول بست سنين لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت أبى أيوب، والحديث الأول كان بخيبر.
قال الخطابي: لما كان هذا أمرًا مختلفًا جعل الحكاية عنه بلفظ الزعم الذي لا يكون إلا في أمر يرتاب فيه. قال: ولعل القدر مصحف إنما هو بدر -بالباء الموحدة- وهو الطبق الذي يشبه البدر في الاستدارة.
وأنا أقول: هذا شيء لا يعتد به؛ أما أولًا: فلأن جابرًا رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في السند الأول بلفظ "قال"، وكيف يعقل فيه الارتياب؛ وأما القدر مصحف فقد سبقه إليه صاحب "المطالع"، والحامل لهما على هذا القول باقي رواية مسلم:"من أكلهما فليمتهما طبخًا".
والجواب عنه أن ما في القدر لا يلزم أن يكون مطبوخًا؛ ولئن سلم لا يلزم أن يكون الطبخ على وجه يذهب نتنه، على أن لفظ: بدر لم تأت به رواية يعتد بها.
قال شيخنا: ورواية القدر أصح.
(خضرات) بفتح الخاء وكسر الضاد وبضمهما، وضمّ الضاد.
«قَرِّبُوهَا» إِلَى بَعْضِ أَصْحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا قَالَ «كُلْ فَإِنِّى أُنَاجِى مَنْ لَا تُنَاجِى». وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أُتِيَ بِبَدْرٍ - وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبَقًا فِيهِ خَضِرَاتٌ - وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ، وَأَبُو صَفْوَانَ، عَنْ يُونُسَ، قِصَّةَ القِدْرِ فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الحَدِيثِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ بَعْدَ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَهْوَ يُثْبِتُ قَوْلَ يُونُسَ.
856 -
حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ أَنَسًا مَا سَمِعْتَ نَبِىَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا، أَوْ لَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا» . طرفه 5451
ــ
كُل فإني أناجي من لا تناجي) يريد الملائكة؛ فإنه كُلَّ ساعة بصدد مجيء جبريل.
ولم يذكر الليث وأبو صفوان قصة القدر. أبو صفوان: هو عبد الله بن سعيد الأموي.
856 -
(أبو معمر) -بفتح الميمين بينهما عين ساكنة-: عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج.
(فلا يقربنا، ولا يصلين معنا) هذه الرواية أعم؛ لأنها تشمل حالة الصلاة وغيرها، والمسجد وغيره، وقد توهم بعضهم من قوله:"مسجدنا" أن هذا مخصوص بمسجده صلى الله عليه وسلم؛ وليس كذلك بل عام في المساجد كلها؛ لأنها موطن الملائكة، ففي رواية مسلم وأحمد:"فلا يقربن المساجد"؛ بل سائر المجامع، كمصلى العيد.
فإن قلت: ليس في الحديث ذكر الجوع ولا ذكر الكراث؟ قلت: أمَّا الجوع فقد جاء في رواية مسلم، ولم يورده لأنه لم يكن على شرطه؛ وأمَّا الكراث فيعلم حكمه من الثوم، ويحتمل أن يكون في حديث أنس:"هذه الشجرة" إشارة إلى جنس الشجر المنتن، أو يدخل في عموم الخضرات.