الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَرَادَ الْمُؤَذِّنُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «أَبْرِدْ» . ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَقَالَ لَهُ «أَبْرِدْ» . حَتَّى رَأَيْنَا فَىْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ» . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ تَتَفَيَّأُ تَتَمَيَّلُ. طرفه 535
11 - باب وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ الزَّوَالِ
وَقَالَ جَابِرٌ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى بِالْهَاجِرَةِ.
540 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ فَصَلَّى
ــ
الإقامة بالأذان شائع، وأيضًا تأخير الأذان عن الوقت لا موجب له، وقد جاء بلفظ الإقامة في رواية أبي داود، والتصريح بلفظ بلال بدل المؤذن.
واعترض الترمذي على الشافعي في اشتراطه الإبراد لمن يأتي الجماعة من بعيد بهذا الحديث. واعتراضه ساقط؛ لأنّ البعد عن الإمام في السفر أكثر من المدن والقرى لاتصال البيوت عادة، وأيضًا شرط الشافعي في الإبراد أن لا يجد في طريقه شيئًا يقيه من حرّ الشمس، ولا شك أن هذا في السفر لا يوجد إلا قليلًا، بخلاف المدن والقرى، لوجود الحيطان والأجنحة.
(فقال له: أبرد حتى رأينا فيء التلول) قد أشرنا أنه غاية لمقدر، أي: أخَّر الإقامة، وقيل: يتعلق بقال أو بأبرد ولا معنى له.
باب وقت الظهر عند الزوال
(وقال جابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالهاجرة) هي الساعة الأولى من أول وقت الظهر. فإن قلت: ما التوفيق بين هذا وبين ما تقدم من الأمر بالإبراد؟ قلت: لا ينافي؛ فإن هذا الأصل، وذلك هو الأفضل. والحقّ أنه باعتبار الفصول؛ ففي وقتِ اشتداد الحرّ ذاك أفضل، وفي خيره أول الوقت.
وأما قول البيضاوي: لا ينافي لأن الهاجرة تطلق إلى قريب العصر من أوّل الوقت؛ فغير مسلم لغة، قال ابن الأثير: الهاجرة: اشتداد الحرّ نصف النهار، وأيضًا لا يدفع الإشكال فإن غرض البخاري أول الوقت ولذلك قال عند الزوال؛ وأحاديث الباب كلها دالة على ما أراد.
540 -
(أبو اليمان) -بتخفيف النون- الحكم بن نافع (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى
الظُّهْرَ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَذَكَرَ السَّاعَةَ، فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا أُمُورًا عِظَامًا ثُمَّ قَالَ «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ، فَلَا تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلَاّ أَخْبَرْتُكُمْ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِى هَذَا» . فَأَكْثَرَ النَّاسُ فِي الْبُكَاءِ، وَأَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى» . فَقَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِىُّ فَقَالَ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ» . ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ «سَلُونِى» . فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ «عُرِضَتْ عَلَىَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عُرْضِ هَذَا الْحَائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ» . طرفه 93
ــ
الظهر حين زاغت الشمس) أي: مالت عن كبد السماء؛ هذا موضع الدلالة على ما ترجم (فذكر الساعة) أي: قيامها (وذكر فيها أمورًا عظامًا من أهوالها، ثم قال: من أحبّ أن يسأل عن شيء فليسأل، فلا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا) أي: أن الله كشف عن عالم الملك والملكوت له (فأكثر الناس في البكاء خوفًا من هول تلك الأمور) وروى أنس في تفسير سورة المائدة أنه خطب خطبة ما سمعت مثلها قطُّ؛ وقال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا"، فغطى الأصحاب وجوههم ولهم حنين. وقوله "فلا تسألوني" نفي حذف منه [نون الرفع] اكتفاءً بنون [الوقاية] وإنما أكثر من قول [سلوني] لما روى ابن عباس [
…
] قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ} [المائدة: 101] أنهم كانوا يسألون استهزاءً؛ يقول الرّجل منهم: من أبي؟ والآخر إذا ضلّت ناقته يقول: أين ناقتي؟ ولذلك غضب وأكثر من قوله: "سلوني"(فبرك عمر على ركبتيه) البروك: حقيقة في الإبل مجاز في غيره (فقال: رضينا بالله ربًّا وبالإسلام دينًا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًّا فسكت) عن القول، وسكن غضبه؛ (ثم قال: عرضت عليّ الجنة والنار آنفًا) أي: قريبًا بفتح الهمزة والمدّ والقصر لغتان (في عُرض هذا الحائط) بضم العين؛ أي: الجانب (فلم أر كالخير والشر) أي: مثل الخير والشر من الأسباب الموصلة إلى الجنة والنار، ويجوز أن يريد بالخير والشر نفس الجنة والنار.
541 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِى بَرْزَةَ كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى الصُّبْحَ وَأَحَدُنَا يَعْرِفُ جَلِيسَهُ، وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ، وَيُصَلِّى الظُّهْرَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَأَحَدُنَا يَذْهَبُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَرْجِعُ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَنَسِيتُ مَا قَالَ فِي الْمَغْرِبِ، وَلَا يُبَالِى بِتَأْخِيرِ الْعِشَاءِ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ. ثُمَّ قَالَ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُعَاذٌ قَالَ شُعْبَةُ
ــ
541 -
(عن أبي المِنهال) -بكسر الميم- سيار بن سلامة (عن أبي بَرْزة الأسلمي) -بفتح الباء وسكون الراء بعدها زاي معجمة- واسمه: نضلة بفتح النون وسكون الضاد المعجمة (ويصلي الظهر إذا زالت الشمس) هذا موضع الدلالة؛ فإنه يدل على أنه كان يصليها في أول الوقت (والعصر وأحدنا يذهب إلى أقصى المدينة رجع والشمس حية) أي: لم تصفر بل على نورها الكامل، الكلام على طريقة الاستعارة التبعية.
فإن قلت: ما موقع رجع؟ قلت: حال من فاعل يذهب، أي: يذهب إلى أقصى المدينة بعدما صلى راجعًا، أي: إلى رحله، كما صرّح به في الرواية الأخرى.
فإن قلت: في بعضها بالواو وفي بعضها بلفظ ثم. قلت: معنى ذلك أنه يذهب إلى أقصى المدينة، ثم يرجع إلى رحله بدليل تلك الرواية، وسيأتي في باب وقت العصر بلفظ: ثم ما يوافق هذا في المعنى.
(ولا يبالي بتأخير العشاء إلى ثلث الليل؛ [ثم] قال إلى شطر الليل) قال الجوهري: الشطر النصف. وعلى الرّوايتين للشافعي قولان، الأصح أن لا يؤخرها عن الثلث. وقد روى الحاكم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لولا أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى نصف الليل"، ولولا لانتفاء الثاني لوجود الأول؛ فلا أمر بالتأخير إلى النصف (قال شعبة: