المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الأمر الخامسفيما ذكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وصف به من التساهل في باب التوثيق - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٢

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقسم الثاني«مناهج بعض أئمة النقد والمصنِّفين»

- ‌مقدمة

- ‌خطة العمل في هذا القسم:

- ‌البخاري

- ‌المبحث الأول: منهج البخاري في "الجامع الصحيح

- ‌المطلب الأول: فيما يتعلق بالأسانيد

- ‌الأمر الأولمنهج البخاري في انتقاء رجال "صحيحه" وكيفية إخراجه لحديثهم، أو: شرطه في رجال "صحيحه

- ‌ توطئة

- ‌أولاً: قول ابن طاهر في شروط الأئمة الستة:

- ‌ثانيًا: قول الحازمي في شروط الأئمة الخمسة:

- ‌ثالثًا: قول ابن تيمية:

- ‌رابعًا: قول العراقي:

- ‌مقصد تطبيقات العلامة المعلمي على منهج البخاري وشرطه في رجال "صحيحه

- ‌الأمر الثاني: انتقاء البخاري من أحاديث شيوخه المتكلم فيهم

- ‌الأمر الثالث: الرواة المتكلم فيه داخل "الصحيحين

- ‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعْفَهُ أو لِينَهُ عندهما

- ‌الأمر الخامس: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في الأصول يقتضي أنه لا يحتج به عندهما

- ‌المطلب الثاني: فيما يتعلق بالمتون

- ‌الأمر الأولمن منهح البخاري في ترتيب أحاديث الباب

- ‌الأمر الثانيمن منهج البخاري في إخراج الحديث في باب دون باب

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌النموذج الثالث:

- ‌الأمر الثالثالأحاديث المنتقدة على "الصحيحين

- ‌الأمر الرابعما يعلقه البخاري بصيغة الجزم

- ‌الأمر الخامسرواية البخاري من حفظه

- ‌الأمر السادسفيما ذكر أن البخاري مات قبل أن يبيض كتابه

- ‌المبحث الثاني: منهج البخاري في غير "الصحيحين

- ‌أولًا: شيوخه:

- ‌ثانيًا: غير شيوخه:

- ‌المبحث الثالث: البخاري وكتابه "التاريخ الكبير

- ‌المطلب الأولطريقة البخاري في إخراج كتابه "التاريخ الكبير" ومنهجه في تصنيفه والجواب المجمل على ما أُخذ عليه فيه

- ‌المطلب الثانيإشارة البخاري أحيانًا إلى حال الرجل بإخراج شيء من حديثه في ترجمته من "التاريخ

- ‌المبحث الرابع: اصطلاح البخاري في بعض عبارات الجرح

- ‌أولاً: قوله: "فيه نظر"، "سكتوا عنه"، "منكر الحديث

- ‌ثانيا: قوله: "لم يصح حديثه"، "في إسناده نظر"، "يتكلمون في إسناده

- ‌مسلم بن الحجاج

- ‌المطلب السابعمنهج مسلم في ترتيب روايات الحديث في الباب الواحد

- ‌النوع الأولما وقفتُ فيه لمسلمٍ فيه على كلام خارج "الصحيح"، وهو أعلاها

- ‌نموذج (1)في باب: مواقيت الحج والعمرة

- ‌نموذج (2)في باب: من باع نخلا عليها ثمر

- ‌نموذج (3)في أول كتاب القسامة

- ‌النوع الثانيما نبَّهَ مسلم عقب إيراده على ما وقع فيه من الوهم أو المخالفة

- ‌نموذج (1)

- ‌نموذج (2)

- ‌نموذج (3)

- ‌النوع الثالثما يورد فى فيه مسلمٌ الحديثَ أولا بالسياق المحفوظ، ثم يشير إلى وروده من طريقٍ أخرى يسوق إسنادها أو يقول: بمثل إسناد السابق، لكنه يُعرض عن متنها

- ‌نموذج (1)في باب التيمم من "الصحيح

- ‌نموذج (2)راجع النموذج الآتي المتعلق بصلاة الكسوف في النوع الرابع

- ‌النوع الرابعما تدل طريقة عرضه لأحاديث الباب، ولقرائن تحتف بذلك على إرادته ترجيح أحاديث على أخرى

- ‌نموذج (1)الأحاديث الواردة في صفة صلاة الكسوف

- ‌نموذج (2)الأحاديث المتعلقة بصلاة العشاء: وقتها وتأخيرها

- ‌نموذج (3)أحاديث "سترة المصلي

- ‌النوع الخامس:ما شرح مسلم فيه ما وقع أحيانا من الإدراج في بعض الأحاديث، دون النص على وقوع ذلك

- ‌نموذج (1)باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن من "الصحيح

- ‌نموذج (2)باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه:

- ‌أبو حاتم الرازي

- ‌1 - أيوب بن سويد الرملي:

- ‌2 - ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي:

- ‌3 - حسين بن علي بن الأسود العجلي الكوفي:

- ‌4 - سماك بن حرب الكوفي:

- ‌5 - ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان الكوفي:

- ‌6 - عبد الرحمن بن النعمان بن معبد:

- ‌7 - أبو جعفر الرازي واسمه عيسى، واخلتف في اسم أبيه:

- ‌8 - مجاهد بن وردان:

- ‌9 - محمد بن موسى بن أبي نعيم الواسطي:

- ‌10 - الوليد بن الوليد بن زيد العنسي الدمشقي:

- ‌11 - يمان بن عدي الحضرمي الحمصي:

- ‌12 - يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب:

- ‌13 - يونس بن أبي يعفور العبدي الكوفي:

- ‌ابن معين

- ‌الأمر الأولاختلاف قوله في الراوي

- ‌الأمر الثانيتكذيبه أحيانًا بمعنى كثرة الخطأ ونحوه

- ‌الأمر الثالثقوله "ليس بثقة" قد يريد به نفي الدرجة العليا من التوثيق

- ‌الأمر الرابعتشدده أحيانًا فيما يتفرد به الراوي

- ‌الأمر الخامسمعنى قول ابن معين: ليس بشيء

- ‌الأمر السادستوثيقه لبعض المجاهيل

- ‌الأمر السابعتوثيقه لمن ضعفه غيره

- ‌الأمر الثامنتجمُّل بعض الرواة الضعفاء لابن معين واستقباله بأحاديث مستقيمة فيُحسن القولَ فيهم

- ‌الإمام أحمد بن حنبل

- ‌الأمر الأولكيف يشير إلى تعليل الروايات في "مسنده" أحيانا

- ‌الأمر الثانيمنهجه في ترتيب الروايات في "المسند" من حيث القوة

- ‌الأمر الثالثموضوع "المسند" وهل يخرج فيه مراسيل

- ‌الإمام مالك بن أنس

- ‌قضية تركه للعمل بما لم يعمل به أهل المدينة

- ‌عبد الله بن المبارك

- ‌الأول: أن من عادته تتبع أصول شيوخه:

- ‌الثاني: هل روايته عن الرجل تقويه

- ‌الثالث: هل هو ممن لا يشدد في الرواية عن الرجال

- ‌الإمام النسائي

- ‌المبحث الأول: منهجه في الجرح والتعديل

- ‌المطلب الأولشرط النسائي في الرجال مقارنةً بشرط الشيخين

- ‌المطلب الثانيتوسُّعُه في توثيق المجاهيل

- ‌المبحث الثاني: منهجه في إيراد اختلاف الروايات في سننه

- ‌تطبيق يتعلق بما نسب إلى النسائي من التشيع

- ‌ابن حبان

- ‌المطلب الأولما لا صلة له بمنهجه في الجرح والتعديل أو التصحيح والتعليل

- ‌الأمر الأولقولُ ابن الصلاح فيه: غلط الغلط الفاحش في تصرفه

- ‌الأمر الثانيما نُقل عنه أنه قال: "النبوة: العلم والعمل

- ‌الأمر الثالثما نُقل من إنكاره الحدّ لله تعالى

- ‌المطلب الثانيما يتعلق بمنهج ابن حبان في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل وغير ذلك

- ‌الأمر الأولمنزلة ابن حبان بين أهل النقد

- ‌الأمر الثانيمنهج ابن حبان في شرائط إيراده للرواة في كتاب "الثقات

- ‌الأمر الثالثفي ذكر بعض عادات ابن حبان في إيراد الرواة في كتاب "الثقات

- ‌أولًا: يذكر الرجل في "الثقات" بناء على أنه يروي المناكير التى رويت من طريقه أنَّ الحمل فيها على غيره:

- ‌ثانيًا: إذا تردد ابن حبان في توثيق راوٍ ذكره في "الثقات" وغَمَزَهُ:

- ‌ثالثًا: عادة ابن حبان فيمن لم يجد عنه إلا راوٍ واحدٍ:

- ‌الأمر الرابعفي درجات توثيق ابن حبان

- ‌الأمر الخامسفيما ذُكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وُصف به من التساهل في باب التوثيق

- ‌الأمر السادسفي تفسير بعض الألفاظ التي يطلقها ابن حبان في كتاب "الثقات

- ‌أولاً: قوله: ربما أخطأ، وربما خالف، ونحوهما:

- ‌ثانيًا: قوله: يغرب:

- ‌ثالثًا: قوله: يخطىء ويخالف:

- ‌الأمر السابعفي شرائط ابن حبان في تصحيح الأخبار

- ‌الأمر الثامنفي النظر في طبقة شيوخ وشيوخ شيوخ ابن حبان

- ‌1 - طبقة شيوخ ابن حبان:

- ‌2 - طبقة شيوخ شيوخ ابن حبان:

- ‌الأمر التاسعأمثلة لما أُخذ على ابن حبان في توثيقه لمَنْ ضَعَّفَهُ في موضع آخر

- ‌الحاكم صاحب "المستدرك

- ‌المطلب الأولشرط الحاكم في كتابه "المستدرك

- ‌المطلب الثانيتناقضه في إخراج أحاديث في "المستدرك" بأسانيد قد وَهَّنَ هو بعض رجالها في مواضع أخرى

- ‌المطلب الثالثالبحث في القَدْر الذي أصاب الحاكم فيه التساهُل في "المستدرك"، والسبب في ذلك

- ‌المطلب الرابع:منزلته في التوثيق والتصحيح

- ‌ابن القطان صاحب "بيان الوهم والإيهام

- ‌الأمر الأولقول المعلمي فيما وقع لابن القطان من التصحيف في أسماء الرواة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعميه الفوائد والنكات الحديثية المتعلقة بكتاب "بيان الوهم والإيهام

- ‌نماذج من مناقشات واعتراضات بعض الحفاظ على ابن القطان في جانب نقده للرواة

- ‌1 - الرد عليه في رميه هشام بن عروة بالاختلاط والتغير:

- ‌2 - الاعتراض عليه في إطلاق التجهيل على من لم يَطَّلِعْ على حاله من الرواة مع مناقشة هذا الاعتراض:

- ‌3 - عدم معرفة ابن القطان بأئمة كبار:

- ‌4 - الاعتراض عليه في ذهابه إلى أن انفراد الثقات أو اختلافهم لا يضر:

- ‌5 - الاعتراض على ابن القطان في إيطاله لكثير من تعليلات النقاد بأنواع من التجويزات والاحتمالات العقلية:

- ‌6 - الاعتراض عليه في رده مراسيل الصحابة:

- ‌تعليق مجمل على ما سبق

- ‌الضياء المقدسي صاحب "المختارة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في تصحيحٍ للضياء

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض الفوائد والنكات المتعلقة بإخراج الضياء المقدسي للحديث في كتابه "المختارة" وتصحيحه له بناء على ذلك

- ‌1 - مدح كتابه لا سيما عند مقارنته بـ "مستدرك الحاكم

- ‌2 - تصحيحه ما لم يُسبق إليه:

- ‌3 - بعض ما انتقده الحفاظ عليه في "المختارة

- ‌أبو عوانة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في أبي عوانة والمستخرجات بصفة عامة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض النماذج التي وقفت عليها مما يؤيد تلك المعاني التي شرحها المعلمي

- ‌الخطيب البغدادي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته وتقرير أنه كان على مذهب السلف

- ‌الأمر الثانيالنظر في مذهبه في الفروع

- ‌الأمر الثالثحول اختصاصه بالبغداديين

- ‌الأمر الرابعحول انفراده بالرواية عن الرجل وتصديقه إياه

- ‌الأمر الخامستثبته واحتياطه

- ‌الأمر السادسعادته في "تاريخه" التعويل فيما يورده من الجرح والتعديل على الكلام المؤخر في الترجمة

- ‌الأمر السابعالإشارة إلى وَهَن الراوي بإيراد الأحاديث الشاذَّة والمنكرة في ترجمته من "التاريخ

- ‌ابن الجوزي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته

- ‌الأمر الثانيالتنبيه على أنه لا يُعلم أنه يلتزم الصحة فيما يحكيه بغير سند، والتنبيه على كثرة أوهامه في تصانيفه

- ‌الأمر الثالثكشف ما في كلامه في الخطيب من التجني والتحامل

- ‌ابن عدي

- ‌الأمر الأولذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع

- ‌الأمر الثانيالنظر في جواب المعلمي على رمي ابن عدي رجلا بالسرقة من أجل حديث واحد لا يتبين الحمل فيه عليه

- ‌الأمر الثالثمعنى قوله في التراجم: أرجو أنه لا بأس به

- ‌الدارقطني

- ‌البيهقي

- ‌الأمر الأولبيان عذر البيهقي في إخراج أحاديث البخاري وغيره بإسناد البيهقي إليهم، ونسبتها إليهم مع وجود خلاف في اللفظ

- ‌الأمر الثانيجواب الشيخ المعلمي عن قول البيهقي في حماد بن سلمة

- ‌الأمر الثالثمقارنة البيهقي بابن حبان والخطيب في معرفة دقائق هذا الفن

- ‌ابن قانع

- ‌وصفه الشيخ المعلمي

- ‌ نماذج مما تعقب فيه ابنُ حجر ابنَ قانع:

- ‌الدولابي

- ‌ نعيم بن حماد

- ‌ حماد بن سلمة

- ‌العقيلي

- ‌مسلمة بن القاسم الأندلسي

- ‌أبو الفتح الأزدي

- ‌السليماني

- ‌السيوطي

- ‌ابن التركماني

- ‌ابن سعد

- ‌ابن شاهين

- ‌ابن يونس

- ‌أبو الشيخ الأصبهاني

- ‌السُّلَمي

- ‌ابن طاهر

- ‌رزين بن معاوية العبدري

- ‌النووي

- ‌ابن تيمية

- ‌ابن السبكي

- ‌سبط ابن الجوزي

- ‌ابن فُورَك

- ‌ابن الثلجي

- ‌ابن قتيبة

- ‌ابن خراش

- ‌ابن نمير

- ‌عثمان بن أبي شيبة

- ‌دحيم

- ‌العجلي

- ‌ابن أبي خيثمة

- ‌ابن محرز

- ‌موسى بن عقبة

- ‌الحكيم الترمذي

- ‌بدر الدين العيني

- ‌ياقوت الحموي

- ‌الحسن بن صالح بن حي

- ‌الإمام أبو حنيفة

- ‌أبو بكر الرازي

- ‌عبد القادر القرشي

- ‌ابن خالويه

- ‌أبو الحسن الأشعري

- ‌الدميري

- ‌أبو جعفر الإسكافي

- ‌الثعالبي

- ‌الملك عيسى بن أبي بكر بن أيوب

- ‌ابن دحية

- ‌محمد بن مخلد أبو عبد الله العطار

- ‌ابن أبي الحديد

- ‌محمد رشيد رضا

- ‌الأمر الأولمناقشته في قضية خطيرة نسبها إلى أبي حامد الغزالي، وهو منها براء

- ‌الأمر الثانيالرَّدُّ عليه في قوله إن النهي عن كتابة الأحاديث متأخر عن الإذن بالكتابة

- ‌الأمر الثالثالجواب عما زعمه هو وأبو رية من تصديق النبي للمنافقين والكفار في أحاديثهم لعدم علمه بالغيب

- ‌الأمر الرابعهل السنة تنسخ القرآن أم لا

- ‌المدعو مسعود بن شيبة

الفصل: ‌الأمر الخامسفيما ذكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وصف به من التساهل في باب التوثيق

‌الأمر الخامس

فيما ذُكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وُصف به من التساهل في باب التوثيق

قال أبو أنس:

سبقت الإشارة في الأمر الأول إلى نسبة ابن حبان إلى أمرين ظاهرهما التعارض، أَلا وهما: التساهل في التوثيق، والتعنت في الجرح.

وقد مَرَّ في الأمر الثاني تقرير الشيخ المعلمي لتساهل ابن حبان في قاعدته في توثيق المجاهيل، مع ما زدناه من البيان والنقل عن أهل العلم.

لكن مما يلفت النظر أنه يوجد في كلام بعض النقاد وصفُ ابن حبان بالتعنت في باب الجرح بما ظاهره عكس ما مَرَّ في تلك القاعدة.

(1)

ففي ترجمة: مُحَمَّد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم من "الميزان"(3/ 121) بعد ذكر توثيقه وتقديمه:

"قال الدارقطني: تغير بأخرة، وما ظهر له بعد اختلاطه حديث منكر، وهو ثقة.

قال الذهبي: فهذا قول حافظ العصر الذي لم يأت بعد النسائي مثله فأين هذا القولُ من قولِ ابن حبان الخسَّاف المتهور في عارم فقال: اختلط في آخر عمره وتغيَّر حتَّى كان لا يدري ما يحدَّثُ به، فوقع في حديثه المناكير الكثيرة؛ فيجب التنكب عن حديثه فيما رواه المتأخرون؛ فإذا لم يُعلم هذا من هذا تُرك الكُلُّ، ولا يحتج بشيء منها.

قلت: ولم يَقْدِر ابنُ حبان أن يسوق له حديثًا منكرًا، فأين ما زعم؟ ". اهـ.

ص: 264

(2)

وفي ترجمة: سعيد بن عبد الرحمن الجمحي من "الميزان" أيضًا (1 / ت 3227).

"وثقه ابن معين وغيره. وقال ابن عدي: له غرائب حسان، وأرجو أنها مستقيمة؛ وإنما يهم فيرفع موقوفًا ويوصل مرسلًا، لا عن تعمد.

وأما ابن حبان، فإنه خسَّاف قصَّاب، فقال: روى عن الثَّقات أشياء موضوعة". اهـ.

(3)

وفي ترجمة: عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي منه (3/ 442):

"يحدث عن قوم ضعاف

وهو لا بأس به في نفسه.

وأما ابن حبان فإنه يُقَعْقِعُ كعادته، فقال فيه: يروي عن قوم ضعاف أشياء يدلسها عن الثقات، حتَّى إذا سمعها المستمع لم يَشُكَّ في وضعها، فلما كثر ذلك في أخباره أُلزقت به تلك الموضوعات، وحمل الناس عليه في الجرح، فلا يجوز عندي الاحتجاج بروايته كلها بحال

(و) لم يرو ابن حبان في ترجمته شيئًا، ولو كان له عنده شيء موضوع لأسرع بإحضاره، وما علمت أن أحدًا قال في عثمان بن عبد الرحمن هذا: إنه يدلس عن الهَلْكى، إنما قالوا: يأتي عنهم بمناكير، والكلام في الرجال لا يجوز إلا لتامَّ المعرفة تامِّ الورع". اهـ.

(4)

وفي ترجمة: أفلح بن سعيد المدني منه (1 / ت 1023):

"وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث.

وقال ابن حبان: يروي عن الثقات الموضوعات، لا يحل الاحتجاج به، ولا الرواية عنه بحال.

فقال الذهبي: ابن حبان ربما قَصَبَ الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه". اهـ.

ص: 265

(5)

وفي ترجمة: سالم بن عجلان الأفطس من "هدي الساري" للحافظ ابن حجر:

"قال أبو حاتم: صدوق نقي الحديث وكان مرجئًا، وقال الجوزجاني: كان يخاصم في الإرجاء، داعيةً، وهو في الحديث متماسك، وأفرط ابن حبان فقال: كان مرجئًا يقلب الأخبار وينفرد بالمعضلات عن الثقات

قلت:

وأما ما وصفه به من قلب الأخبار وغير ذلك فمردود بتوثيق الأئمة له، ولم يستطع ابن حبان أن يورد له حديثًا واحدًا". اهـ.

قال أبو أنس:

ومن مجازفات ابن حبان في جرحه للرواة:

(1)

قوله في بهز بن حكيم بن معاوية: "يخطىء كثيرًا، فأما أحمد وإسحاق فيحتجان به، وتركه جماعة من أئمتنا، ولولا حديث" إنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا" لأدخلناه في "الثقات" وهو ممن أستخير الله فيه".

قال الذهبي في ترجمة بهز من "تاريخ الإسلام" في الطبقة الخامسة عشرة:

"على أبي حاتم البستي في قوله مؤاخذات:

إحداها: قوله: "كان يخطىء كثيرًا"، وإنما يُعرف خطأ الرجل بمخالفة رفاقه له، وهذا فانفرد بالنسخة المنفردة المذكورة وما شاركه فيها [أحد] ولا له في عامتها رفيق، فمن أين لك أنه أخطأ؟

الثانية: قوله: "تركه جماعة" فما علمت أحدًا تركه أبدًا، بل قد يتركون الاحتجاج بخبره، فهلا أفصحت بالحق؟

الثالثة: قوله: ولولا حديث: "إنا آخذوها" فهو حديث انفرد به بهز أصلا ورأسًا، وقال به بعض المجتهدين". اهـ.

ص: 266

(2)

قوله في عبد الله بن إنسان الطائفي في "الثقات": "كان يخطىء". فقال الذهبي في ترجمة عبد الله من "الميزان"(3 / ت 4215):

"هذا لا يستقيم أن يقوله الحافظ إلا فيمن روى عدَّة أحاديث، فأما عبد الله هذا فهذا الحديث (1) أول ما عنده وآخره، فإن كان قد أخطأ فحديثه مردود على قاعدة ابن حبان". اهـ.

ويجيب الشيخ المعلمي عن تنديد الكوثري على ابن حبان بوصف الذهبي له بمثل تلك الأوصاف، بقوله في ترجمة ابن حبان من "التنكيل":

"إنما ذلك في مواضع غير كثيرة، يرى ما يستنكره للراوي فيبالغ في الحطِّ عليه وهذا أمر هيّن؛ لأنه إن كان فيمن قد جرحه غيره فكما يقول العامة: "لا يضر المقتول طعنة" (2) وإن كان فيمن وثقه يخرج لم يُلتفت إلى تشنيعه، وإنما ينظر في تفسيره وما يحتج به". اهـ.

لكن يعلق الشيخ في الأمر التاسع من القاعدة السادسة من "التنكيل" على قول ابن حبان في شعبة مولى ابن عباس: "روى عن ابن عباس ما لا أصل له حتى كأنه ابن عباس آخر" بقوله:

"ابن حبان كثيرًا ما يُهَوِّلُ مثل هذا التهويل في غير محلِّه كما يأتي في ترجمته".

ويُفَصِّلُ الشيخ هذه القضية في الأمر الثامن من تلك القاعدة، فيقول:

"ابن حبان قد يذكر في "الثقات" مَنْ يجد البخاري سماه في "تاريخه" من القدماء، وإن لم يعرف ما روى وعمن روى ومن روى عنه.

ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنت فيمن وجد في روايته ما استنكره وإن كان الرجل معروفًا مكثرًا

".

(1) هو حديثه عن عروة عن أَبيه مرفوعًا: "إن صَيْد وَجٍّ وعضاهه حرم محرم الله".

(2)

التنديد بابن حبان إنما هو في جرحه البالغ للثقة أو من هو قريب منه، لا في مبالغته في جرح المجروح، والأمثلة التي سقتها آنفًا تدل على ذلك.

ص: 267

قال أبو أنس:

في هذا فَصْلُ الخِطاب إن شاء الله تعالى، فابنُ حبان بينما يذكر في ثقاته من لم يعرفهم أصلا، إذا هو يبالغ في الحطِّ على الراوي الثقة بالحديث الواحد أو الحديثين مما يستنكره عليه.

إذًا، فلا يعتد بتوثيق ابن حبان إلا لمن عرفهم وخبرهم وسبر أحاديثهم، ولا يُعتد بجرحه لمن وثَّقه غيرُه ما لم يُفَسِّرْ وجهَ جرحِه فيُنظر فيه، والله تعالى الموفق.

* * *

ص: 268