الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الخامس
تثبته واحتياطه
(1)
قال الشيخ المعلمي في "التنكيل"(1/ 230):
"الخطيب معروف بشدة التثبُّت، بل قد يبلغ به الأمر إلى التعنُّت".
(2)
وقال أيضًا في ترجمة ابن رزقويه (1/ 390):
"قد حقَّقَ الخطيب في "الكفاية" (ص: 226 - 229) و (ص: 258 - 259)
…
وذكر من كان يروي من كتبه بعدما عمي، ومنهم: يزيد بن هارون وأبو معاوية محمد بن خازم وعبد الرزاق، والذين حَكَى عنهم المنعَ مِنْ ذلك اعتلوا بخشية أن يُزاد في كتاب الأعمى وهو لا يدري، وغيرهم يقول: المدار في هذا الأمر على الوثوق، فإذا كان الضرير واثقا بحفظ كتابه، ثم قرأ عليه منه ثقة مأمون متيقظ فقد حصل الوثوق، وقد استغنى أهل العلم منذ قرون بالوثوق بصحة النسخة، فمن وثق بصحة نسخة كان له أن يحتج بما فيها كما يحتج به لو سمعه من مؤلف الكتاب.
والخطيب كما يُعلم من "تاريخه" غايةٌ في المعرفة والتيقظ والاحتياط، فإذا وثق بأن كتب ابن رزق محفوظة، ثم دفع إليه ابنُ رزق كتابا منها فرأى سماعه فيه صحيحا، وعلم أنه قد رواه مرارا قبل عماه، فقد حق له أن يحتج بما يجد فيه وإن لم يقرأه هو أو غيره بحضرته على ابن رزق
…
بل إذا تدبرت علمت أن الوثوق بهذا أمتن من الوثوق بما يرويه الرجل من حفظه فإن الحفظ خوَّان.
وقد رأيت في "تاريخه"(9/ 309): "دَفَعَ إليَّ ابنُ رزقٍ أصلَ كتابه الذي سمعه من مكرم بن أحمد القاضي، فنقلتُ منه، ثم أخبرنا الأزهري أخبرنا عبد الله بن عثمان أخبرنا مكرم
…
" فذكر خبرًا، وهذا مما يبين تحري الخطيب وتثبته". اهـ.
قال أبو أنس:
يعني أن الخطيبَ مع وُثُوقِه بكتاب ابن رزق، لم يكتفِ بما وجده فيه، بل عضَّدَهُ بما رواه بإسناده هو.
(3)
وقال في ترجمة: محمد بن عبد الله بن أبان أبي بكر الهيتي:
"الخطيب معروف بالتيقظ والتثبت، فلم يكن ليروي عن هذا الرجل (1) إلا ما يثق بصحته، وقضية الاستتابة (2) متواترة".
وانظر آخر ترجمة محمد بن العباس بن حيويه أبي عمر الخزاز من "التنكيل" رقم (208) ففيها مثال باهر على كمال احتياط الخطيب وتثبته.
* * *
(1) قد قال الخطيب في الهيتي: "كانت أصول أبي بكر الهيتي سقيمةً كثيرةَ الخطأ، إلا أنه كان شيخًا مستورًا صالحًا فقيرًا، معروفًا بالخير وكان مغفلا
…
".
(2)
التي رواها الخطيب من طريق الهيتي هذا.