المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثالثالبحث في القدر الذي أصاب الحاكم فيه التساهل في "المستدرك"، والسبب في ذلك - النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد - جـ ٢

[إبراهيم بن سعيد الصبيحي]

فهرس الكتاب

- ‌الْقسم الثاني«مناهج بعض أئمة النقد والمصنِّفين»

- ‌مقدمة

- ‌خطة العمل في هذا القسم:

- ‌البخاري

- ‌المبحث الأول: منهج البخاري في "الجامع الصحيح

- ‌المطلب الأول: فيما يتعلق بالأسانيد

- ‌الأمر الأولمنهج البخاري في انتقاء رجال "صحيحه" وكيفية إخراجه لحديثهم، أو: شرطه في رجال "صحيحه

- ‌ توطئة

- ‌أولاً: قول ابن طاهر في شروط الأئمة الستة:

- ‌ثانيًا: قول الحازمي في شروط الأئمة الخمسة:

- ‌ثالثًا: قول ابن تيمية:

- ‌رابعًا: قول العراقي:

- ‌مقصد تطبيقات العلامة المعلمي على منهج البخاري وشرطه في رجال "صحيحه

- ‌الأمر الثاني: انتقاء البخاري من أحاديث شيوخه المتكلم فيهم

- ‌الأمر الثالث: الرواة المتكلم فيه داخل "الصحيحين

- ‌الأمر الرابع: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في "الصحيح" يقتضي ضعْفَهُ أو لِينَهُ عندهما

- ‌الأمر الخامس: هل عدم إخراج الشيخين للرجل في الأصول يقتضي أنه لا يحتج به عندهما

- ‌المطلب الثاني: فيما يتعلق بالمتون

- ‌الأمر الأولمن منهح البخاري في ترتيب أحاديث الباب

- ‌الأمر الثانيمن منهج البخاري في إخراج الحديث في باب دون باب

- ‌النموذج الأول:

- ‌النموذج الثاني:

- ‌النموذج الثالث:

- ‌الأمر الثالثالأحاديث المنتقدة على "الصحيحين

- ‌الأمر الرابعما يعلقه البخاري بصيغة الجزم

- ‌الأمر الخامسرواية البخاري من حفظه

- ‌الأمر السادسفيما ذكر أن البخاري مات قبل أن يبيض كتابه

- ‌المبحث الثاني: منهج البخاري في غير "الصحيحين

- ‌أولًا: شيوخه:

- ‌ثانيًا: غير شيوخه:

- ‌المبحث الثالث: البخاري وكتابه "التاريخ الكبير

- ‌المطلب الأولطريقة البخاري في إخراج كتابه "التاريخ الكبير" ومنهجه في تصنيفه والجواب المجمل على ما أُخذ عليه فيه

- ‌المطلب الثانيإشارة البخاري أحيانًا إلى حال الرجل بإخراج شيء من حديثه في ترجمته من "التاريخ

- ‌المبحث الرابع: اصطلاح البخاري في بعض عبارات الجرح

- ‌أولاً: قوله: "فيه نظر"، "سكتوا عنه"، "منكر الحديث

- ‌ثانيا: قوله: "لم يصح حديثه"، "في إسناده نظر"، "يتكلمون في إسناده

- ‌مسلم بن الحجاج

- ‌المطلب السابعمنهج مسلم في ترتيب روايات الحديث في الباب الواحد

- ‌النوع الأولما وقفتُ فيه لمسلمٍ فيه على كلام خارج "الصحيح"، وهو أعلاها

- ‌نموذج (1)في باب: مواقيت الحج والعمرة

- ‌نموذج (2)في باب: من باع نخلا عليها ثمر

- ‌نموذج (3)في أول كتاب القسامة

- ‌النوع الثانيما نبَّهَ مسلم عقب إيراده على ما وقع فيه من الوهم أو المخالفة

- ‌نموذج (1)

- ‌نموذج (2)

- ‌نموذج (3)

- ‌النوع الثالثما يورد فى فيه مسلمٌ الحديثَ أولا بالسياق المحفوظ، ثم يشير إلى وروده من طريقٍ أخرى يسوق إسنادها أو يقول: بمثل إسناد السابق، لكنه يُعرض عن متنها

- ‌نموذج (1)في باب التيمم من "الصحيح

- ‌نموذج (2)راجع النموذج الآتي المتعلق بصلاة الكسوف في النوع الرابع

- ‌النوع الرابعما تدل طريقة عرضه لأحاديث الباب، ولقرائن تحتف بذلك على إرادته ترجيح أحاديث على أخرى

- ‌نموذج (1)الأحاديث الواردة في صفة صلاة الكسوف

- ‌نموذج (2)الأحاديث المتعلقة بصلاة العشاء: وقتها وتأخيرها

- ‌نموذج (3)أحاديث "سترة المصلي

- ‌النوع الخامس:ما شرح مسلم فيه ما وقع أحيانا من الإدراج في بعض الأحاديث، دون النص على وقوع ذلك

- ‌نموذج (1)باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن من "الصحيح

- ‌نموذج (2)باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه:

- ‌أبو حاتم الرازي

- ‌1 - أيوب بن سويد الرملي:

- ‌2 - ثابت بن أبي صفية أبو حمزة الثمالي:

- ‌3 - حسين بن علي بن الأسود العجلي الكوفي:

- ‌4 - سماك بن حرب الكوفي:

- ‌5 - ضرار بن صرد أبو نعيم الطحان الكوفي:

- ‌6 - عبد الرحمن بن النعمان بن معبد:

- ‌7 - أبو جعفر الرازي واسمه عيسى، واخلتف في اسم أبيه:

- ‌8 - مجاهد بن وردان:

- ‌9 - محمد بن موسى بن أبي نعيم الواسطي:

- ‌10 - الوليد بن الوليد بن زيد العنسي الدمشقي:

- ‌11 - يمان بن عدي الحضرمي الحمصي:

- ‌12 - يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب:

- ‌13 - يونس بن أبي يعفور العبدي الكوفي:

- ‌ابن معين

- ‌الأمر الأولاختلاف قوله في الراوي

- ‌الأمر الثانيتكذيبه أحيانًا بمعنى كثرة الخطأ ونحوه

- ‌الأمر الثالثقوله "ليس بثقة" قد يريد به نفي الدرجة العليا من التوثيق

- ‌الأمر الرابعتشدده أحيانًا فيما يتفرد به الراوي

- ‌الأمر الخامسمعنى قول ابن معين: ليس بشيء

- ‌الأمر السادستوثيقه لبعض المجاهيل

- ‌الأمر السابعتوثيقه لمن ضعفه غيره

- ‌الأمر الثامنتجمُّل بعض الرواة الضعفاء لابن معين واستقباله بأحاديث مستقيمة فيُحسن القولَ فيهم

- ‌الإمام أحمد بن حنبل

- ‌الأمر الأولكيف يشير إلى تعليل الروايات في "مسنده" أحيانا

- ‌الأمر الثانيمنهجه في ترتيب الروايات في "المسند" من حيث القوة

- ‌الأمر الثالثموضوع "المسند" وهل يخرج فيه مراسيل

- ‌الإمام مالك بن أنس

- ‌قضية تركه للعمل بما لم يعمل به أهل المدينة

- ‌عبد الله بن المبارك

- ‌الأول: أن من عادته تتبع أصول شيوخه:

- ‌الثاني: هل روايته عن الرجل تقويه

- ‌الثالث: هل هو ممن لا يشدد في الرواية عن الرجال

- ‌الإمام النسائي

- ‌المبحث الأول: منهجه في الجرح والتعديل

- ‌المطلب الأولشرط النسائي في الرجال مقارنةً بشرط الشيخين

- ‌المطلب الثانيتوسُّعُه في توثيق المجاهيل

- ‌المبحث الثاني: منهجه في إيراد اختلاف الروايات في سننه

- ‌تطبيق يتعلق بما نسب إلى النسائي من التشيع

- ‌ابن حبان

- ‌المطلب الأولما لا صلة له بمنهجه في الجرح والتعديل أو التصحيح والتعليل

- ‌الأمر الأولقولُ ابن الصلاح فيه: غلط الغلط الفاحش في تصرفه

- ‌الأمر الثانيما نُقل عنه أنه قال: "النبوة: العلم والعمل

- ‌الأمر الثالثما نُقل من إنكاره الحدّ لله تعالى

- ‌المطلب الثانيما يتعلق بمنهج ابن حبان في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل وغير ذلك

- ‌الأمر الأولمنزلة ابن حبان بين أهل النقد

- ‌الأمر الثانيمنهج ابن حبان في شرائط إيراده للرواة في كتاب "الثقات

- ‌الأمر الثالثفي ذكر بعض عادات ابن حبان في إيراد الرواة في كتاب "الثقات

- ‌أولًا: يذكر الرجل في "الثقات" بناء على أنه يروي المناكير التى رويت من طريقه أنَّ الحمل فيها على غيره:

- ‌ثانيًا: إذا تردد ابن حبان في توثيق راوٍ ذكره في "الثقات" وغَمَزَهُ:

- ‌ثالثًا: عادة ابن حبان فيمن لم يجد عنه إلا راوٍ واحدٍ:

- ‌الأمر الرابعفي درجات توثيق ابن حبان

- ‌الأمر الخامسفيما ذُكر من تعنت ابن حبان في باب الجرح في مقابل ما وُصف به من التساهل في باب التوثيق

- ‌الأمر السادسفي تفسير بعض الألفاظ التي يطلقها ابن حبان في كتاب "الثقات

- ‌أولاً: قوله: ربما أخطأ، وربما خالف، ونحوهما:

- ‌ثانيًا: قوله: يغرب:

- ‌ثالثًا: قوله: يخطىء ويخالف:

- ‌الأمر السابعفي شرائط ابن حبان في تصحيح الأخبار

- ‌الأمر الثامنفي النظر في طبقة شيوخ وشيوخ شيوخ ابن حبان

- ‌1 - طبقة شيوخ ابن حبان:

- ‌2 - طبقة شيوخ شيوخ ابن حبان:

- ‌الأمر التاسعأمثلة لما أُخذ على ابن حبان في توثيقه لمَنْ ضَعَّفَهُ في موضع آخر

- ‌الحاكم صاحب "المستدرك

- ‌المطلب الأولشرط الحاكم في كتابه "المستدرك

- ‌المطلب الثانيتناقضه في إخراج أحاديث في "المستدرك" بأسانيد قد وَهَّنَ هو بعض رجالها في مواضع أخرى

- ‌المطلب الثالثالبحث في القَدْر الذي أصاب الحاكم فيه التساهُل في "المستدرك"، والسبب في ذلك

- ‌المطلب الرابع:منزلته في التوثيق والتصحيح

- ‌ابن القطان صاحب "بيان الوهم والإيهام

- ‌الأمر الأولقول المعلمي فيما وقع لابن القطان من التصحيف في أسماء الرواة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعميه الفوائد والنكات الحديثية المتعلقة بكتاب "بيان الوهم والإيهام

- ‌نماذج من مناقشات واعتراضات بعض الحفاظ على ابن القطان في جانب نقده للرواة

- ‌1 - الرد عليه في رميه هشام بن عروة بالاختلاط والتغير:

- ‌2 - الاعتراض عليه في إطلاق التجهيل على من لم يَطَّلِعْ على حاله من الرواة مع مناقشة هذا الاعتراض:

- ‌3 - عدم معرفة ابن القطان بأئمة كبار:

- ‌4 - الاعتراض عليه في ذهابه إلى أن انفراد الثقات أو اختلافهم لا يضر:

- ‌5 - الاعتراض على ابن القطان في إيطاله لكثير من تعليلات النقاد بأنواع من التجويزات والاحتمالات العقلية:

- ‌6 - الاعتراض عليه في رده مراسيل الصحابة:

- ‌تعليق مجمل على ما سبق

- ‌الضياء المقدسي صاحب "المختارة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في تصحيحٍ للضياء

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض الفوائد والنكات المتعلقة بإخراج الضياء المقدسي للحديث في كتابه "المختارة" وتصحيحه له بناء على ذلك

- ‌1 - مدح كتابه لا سيما عند مقارنته بـ "مستدرك الحاكم

- ‌2 - تصحيحه ما لم يُسبق إليه:

- ‌3 - بعض ما انتقده الحفاظ عليه في "المختارة

- ‌أبو عوانة

- ‌الأمر الأولقول المعلمي في أبي عوانة والمستخرجات بصفة عامة

- ‌الأمر الثانيما زدتُّه من بعض النماذج التي وقفت عليها مما يؤيد تلك المعاني التي شرحها المعلمي

- ‌الخطيب البغدادي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته وتقرير أنه كان على مذهب السلف

- ‌الأمر الثانيالنظر في مذهبه في الفروع

- ‌الأمر الثالثحول اختصاصه بالبغداديين

- ‌الأمر الرابعحول انفراده بالرواية عن الرجل وتصديقه إياه

- ‌الأمر الخامستثبته واحتياطه

- ‌الأمر السادسعادته في "تاريخه" التعويل فيما يورده من الجرح والتعديل على الكلام المؤخر في الترجمة

- ‌الأمر السابعالإشارة إلى وَهَن الراوي بإيراد الأحاديث الشاذَّة والمنكرة في ترجمته من "التاريخ

- ‌ابن الجوزي

- ‌الأمر الأولالنظر في عقيدته

- ‌الأمر الثانيالتنبيه على أنه لا يُعلم أنه يلتزم الصحة فيما يحكيه بغير سند، والتنبيه على كثرة أوهامه في تصانيفه

- ‌الأمر الثالثكشف ما في كلامه في الخطيب من التجني والتحامل

- ‌ابن عدي

- ‌الأمر الأولذكره الأحاديث في ترجمة الرجل مع أن الحمل فيها على غيره واعتذار المعلمي عنه في بعض المواضع

- ‌الأمر الثانيالنظر في جواب المعلمي على رمي ابن عدي رجلا بالسرقة من أجل حديث واحد لا يتبين الحمل فيه عليه

- ‌الأمر الثالثمعنى قوله في التراجم: أرجو أنه لا بأس به

- ‌الدارقطني

- ‌البيهقي

- ‌الأمر الأولبيان عذر البيهقي في إخراج أحاديث البخاري وغيره بإسناد البيهقي إليهم، ونسبتها إليهم مع وجود خلاف في اللفظ

- ‌الأمر الثانيجواب الشيخ المعلمي عن قول البيهقي في حماد بن سلمة

- ‌الأمر الثالثمقارنة البيهقي بابن حبان والخطيب في معرفة دقائق هذا الفن

- ‌ابن قانع

- ‌وصفه الشيخ المعلمي

- ‌ نماذج مما تعقب فيه ابنُ حجر ابنَ قانع:

- ‌الدولابي

- ‌ نعيم بن حماد

- ‌ حماد بن سلمة

- ‌العقيلي

- ‌مسلمة بن القاسم الأندلسي

- ‌أبو الفتح الأزدي

- ‌السليماني

- ‌السيوطي

- ‌ابن التركماني

- ‌ابن سعد

- ‌ابن شاهين

- ‌ابن يونس

- ‌أبو الشيخ الأصبهاني

- ‌السُّلَمي

- ‌ابن طاهر

- ‌رزين بن معاوية العبدري

- ‌النووي

- ‌ابن تيمية

- ‌ابن السبكي

- ‌سبط ابن الجوزي

- ‌ابن فُورَك

- ‌ابن الثلجي

- ‌ابن قتيبة

- ‌ابن خراش

- ‌ابن نمير

- ‌عثمان بن أبي شيبة

- ‌دحيم

- ‌العجلي

- ‌ابن أبي خيثمة

- ‌ابن محرز

- ‌موسى بن عقبة

- ‌الحكيم الترمذي

- ‌بدر الدين العيني

- ‌ياقوت الحموي

- ‌الحسن بن صالح بن حي

- ‌الإمام أبو حنيفة

- ‌أبو بكر الرازي

- ‌عبد القادر القرشي

- ‌ابن خالويه

- ‌أبو الحسن الأشعري

- ‌الدميري

- ‌أبو جعفر الإسكافي

- ‌الثعالبي

- ‌الملك عيسى بن أبي بكر بن أيوب

- ‌ابن دحية

- ‌محمد بن مخلد أبو عبد الله العطار

- ‌ابن أبي الحديد

- ‌محمد رشيد رضا

- ‌الأمر الأولمناقشته في قضية خطيرة نسبها إلى أبي حامد الغزالي، وهو منها براء

- ‌الأمر الثانيالرَّدُّ عليه في قوله إن النهي عن كتابة الأحاديث متأخر عن الإذن بالكتابة

- ‌الأمر الثالثالجواب عما زعمه هو وأبو رية من تصديق النبي للمنافقين والكفار في أحاديثهم لعدم علمه بالغيب

- ‌الأمر الرابعهل السنة تنسخ القرآن أم لا

- ‌المدعو مسعود بن شيبة

الفصل: ‌المطلب الثالثالبحث في القدر الذي أصاب الحاكم فيه التساهل في "المستدرك"، والسبب في ذلك

‌المطلب الثالث

البحث في القَدْر الذي أصاب الحاكم فيه التساهُل في "المستدرك"، والسبب في ذلك

قال الشيخ المعلمي في "التنكيل"(1/ 455):

"قال ابن حجر في "اللسان" بعد أن ذكر ما في "المستدرك" من التساهل:

قيل في الاعتذار عنه: أنه عند تصنيفه لـ "المستدرك" كان في أواخر عمره، وذكر بعضهم أنه حصل له تغير وغفلة في آخر عمره، ويدل على ذلك أنه ذكر جماعة في كتاب "الضعفاء" له، وقطع بترك الرواية عنهم، ومنع من الاحتجاج بهم، ثم أخرج أحاديث بعضهم في "مستدركه" وصححها". اهـ.

ولعل المراد بقوله: وذكر بعضهم ما في "تذكرة الحفاظ" عن بعضهم أن الحاكم قال له: "إذا ذاكرتُ في باب لابد من المطالعة؛ لكبر سني"، وهذا لا يستلزم الغفلة، ومع ذلك فقوله "تغير وغفلة" لا يؤدي معنى الاختلاط، فكيف الاختلاط الشنيع؟ (1).

وقد رأيت في "المستدرك" المطبوع إثبات تواريخ السماع على الحاكم في أوله أي ج 1 ص 2 ثم ص 36، فـ: ص 69، فـ: ص 94، فـ: ص 129، فـ: ص 163، وتاريخ الأول سابع المحرم سنة 393، والثاني بعد ثلاثة أشهر تقريبًا، وهكذا بعد كل ثلاثة أشهر يملي جزءًا في نيف وثلاثين صفحة من المطبوع، ولم يستمر إثبات ذلك في جميع الكتاب.

وآخر ما وجدته فيه ج 3 ص 156 في غرة ذي القعدة سنة 402، وهذا يدل على أن تلك الطريقة استمرت منتظمة إلى ذاك الموضع، فأما بعد ذلك فاللَّه أعلم، فإنه لو

(1) يَرُدُّ بذلك الشيخ المعلمي على الكوثري في قوله في الحاكم: اختلط اختلاطًا شنيعًا.

ص: 302

بقي ذاك الانتظام لم يتم الكتاب إلا سنة 410، لكن الحاكم توفي سنة 405، وفي المجلد الرابع (ص 249)، ذكر الحاكم أول سند "أخبرنا الحاكم أبو عبد الله

" لكن بلا تاريخ.

هذا واقتصاره في كل ثلاثة أشهر على مجلس واحد يملي فيه جزءًا بذاك القدر يدل أنه إنما أَلَّفَ الكتاب في تلك المدة، فكان الحاكم مع اشتغاله بمؤلفاتٍ أخرى يشتغل بتأليف "المستدرك"، والتزم أن يحضر في كل ثلاثة أشهر جزءًا ويخرجه للنَّاس، فيسمعونه؛ إذ لو كان قد ألَّف الكتاب قبل ذلك وبَيَّضَهُ، فلماذا يقتصر في إسماع الناس على يوم في كل ثلاثة أشهر؟

فأما إسراعه في الأواخر فلعله فرغ من مصنفاته الأخرى التي كان يشتغل بها مع "المستدرك" فتفرغ لـ"المستدرك".

وفي "فتح المغيث"(ص 13) عند ذكر تساهل الحاكم في "المستدرك":

فيه عدة موضوعات، حمله على تصحيحها إما التعصب لِما رمي به من التشيع، وإما غيره فضلًا عن الضعيف وغيره، بل يقال: إن السبب في ذلك أنه صنَّفه في أواخر عمره، وقد حصلت له غفلة وتغير، وأنه لم يتيسر له تحريره وتنقيحه، ويدل له أن تساهله في قَدْر الخُمْس الأول منه قليل جدًّا بالنسبة لما فيه؛ فإنه وجد عنده: إلى هنا انتهى إملاء الحاكم.

أقول: لا أرى الذنب للتشيع؛ فإنه يتساهل في فضائل بقية الصحابة كالشيخين وغيرهما، وفي المطبوع ج 3 (ص 156): (حدثنا الحاكم

إملاء غرة ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة).

وعادته كما تقدم أن يملي في المجلس جزءًا في بضع وثلاثين صفحة من المطبوع، فقد أملى إلى نحو صفحة 190 من المجلد الثالث المطبوع، وذلك أكثر من نصف

ص: 303

الكتاب، فأما الموضع الذي في ج 4 (ص 349) فإنما فيه "أخبرنا

" وليس فيه لفظ "إملاء" ولا ذكر التاريخ.

والذي يظهر لي فيما وقع في "المستدرك" من الخلل أن له عدة أسباب:

الأول: حرص الحاكم على الإكثار، وقد قال في خطبة "المستدرك":

(قد نبغ في عصرنا هذا جماعة من المبتدعة، يشمتون برواة الآثار بأن جميع ما يصح عندكم من الحديث لا يبلغ عشرة آلاف حديث، وهذه الأسانيد المجموعة المشتملة على أَلْف جزء أو أقل أو أكثر كلها سقيمة غير صحيحة).

فكان له هوى في الإكثار للرد على هؤلاء.

والثاني: أنه قد يقع له الحديث بسندٍ عالٍ أو يكون غريبًا مما يتنافس فيه المحدثون فيحرص على إثباته، وفي "تذكرة الحفاظ" ج 2 (ص 270): قال الحافظ أبو عبد الله الأخرم: استعان بي السَّرَّاج في تخريجه على "صحيح مسلم" فكنت أتحير من كثرة حديثه وحسن أصوله، وكان إذا وجد الخبر عاليًا يقول: لابد أن نكتبه -يعني في المستخرج- فأقول: ليس من شرط صاحبنا -يعني مسلمًا- فشفعني فيه.

فعرض للحاكم نحو هذا؛ كما وجد عنده حديثًا يفرح بعلوه أو غرابته اشتهى أن يثبته في "المستدرك".

الثالث: أنه لأجل السببين الأولين، ولكي يخفف عن نفسه من التعب في البحث والنظر لم يلتزم أن لا يخرج ما له علة وأشار إلى ذلك، قال في الخطبة:

"سألني جماعة

أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيد يحتج محمد ابن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها؛ إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له؛ فإنهما رحمهما الله لم يَدَّعِيَا ذلك لأنفسهما".

ص: 304

ولم يُصِبْ في هذا؛ فإن الشيخين ملتزمان أن لا يخرجا إلا ما غلب على ظنهما بعد النظر والبحث والتدبر أنه ليس له علة قادحة.

وظاهر كلامه أنه لم يلتفت إلى العلل البتة، وأنه يخرج ما كان رجاله مثل رجالهما وإن لم يغلب على ظنه أنه ليس له علة قادحة.

الرابع: أنه لأجل السببين الأولين توسَّع في معنى قوله: "بأسانيد يحتج

بمثلها"، فبنى على أن في رجال "الصحيحين" من فيه كلام، فأخرج عن جماعةٍ يَعلم أن فيهم كلامًا.

ومحل التوسع أن الشيخين إنما يخرجان لمن فيه كلام في مواضع معروفة.

أحدها: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام لا يضر في روايته البتة، كما أخرج البخاري لعكرمة.

الثاني: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام إنما يقتضى أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقرونًا، أو حيث تابعه غيره ونحو ذلك.

ثالثها: أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاص بروايته عن فلان من شيوخه، أو برواية فلان عنه أو بما يُسمع منه من غير كتابه، أو بما سمع منه بعد اختلاطه، أو بما جاء عنه عنعنةً وهو مدلس ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس، فيخرجان للرجل حيث يصلح، ولا يخرجان له حيث لا يصلح.

وقَصَّرَ الحاكم في مراعاة هذا، وزاد فأخرج في مواضع لمن لم يخرجا ولا أحدهما له بناء على أنه نظير من قد أخرجا له، فلو قيل له: كيف أخرجت لهذا وهو متكلم فيه؟

لعله يجيب بأنهما قد أخرجا لفلان وفيه كلام قريب من الكلام في هذا، ولو وفَّى بهذا لهان الخطب، لكنه لم يَفِ به بل أخرج لجماعة هلكى.

ص: 305

الخامس: أنه شرع في تأليف "المستدرك" بعد أن بلغ عمره اثنتن وسبعين سنة، وقد ضعفت ذاكرته كما تقدم عنه، وكان فيما يظهر تحت يده كتب أخرى يصنفها مع "المستدرك"، وقد استشعر قرب أجله فهو حريص على إتمام "المستدرك" وتلك المصنفات قبل موته، فقد يتوهم في الرجل يقع في السند أنهما أخرجا له، أو أنه فلان الذي أخرجا له، والواقع أنه رجل آخر، أو أنه لم يجرح أو نحو ذلك.

وقد رأيت له في "المستدرك" عدة أوهام من هذا القبيل يجزم بها، فيقول في الرجل: قد أخرج له مسلم -مثلًا- مع أن مسلمًا إنما أخرج لرجل آخر شبيه اسمُه باسمِه، ويقول في الرجل: فلان الواقع في السند هو فلان ابن فلان، والصواب أنه غيره.

لكنه مع هذا كله لم يقع خلل ما في روايته؛ لأنه إنما كان ينقل من أصوله المضبوطة، وإنما وقع الخلل في أحكامه، فكل حديث في "المستدرك" فقد سمعه الحاكم كما هو، هذا هو القدر الذي تحصل به الثقة، فأما حكمه بأنه على شرط الشيخين، أو أنه صحيح، أو أن فلانًا المذكور فيه صحابي، أو أنه هو فلان ابن فلان، ونحو ذلك، فهذا قد وقع فيه كثير من الخلل.

هذا وذكرهم للحاكم بالتساهل إنما يخصونه بـ"المستدرك"، فكتبه في الجرح والتعديل لم يغمزه أحد بشيء مما فيها فيما أعلم، وبهذا يتبين أن التشبث بما وقع له في "المستدرك" وبكلامهم فيه لأجله: إن كان لإيجاب التروي في أحكامه التي في "المستدرك" فهو وجيه، وإن كان للقدح في روايته أو في أحكامه في غير "المستدرك" في الجرح والتعديل ونحوه فلا وجه لذلك، بل حالة في ذلك كحال غيره من الأئمة العارفين، إن وقع له خطأ فنادر كما يقع لغيره، والحكم في ذلك اطِّراح ما قام الدليل على أنه أخطأ فيه، وقبول ما عداه، والله الموفق". اهـ.

* * *

ص: 306