الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نموذج (2)
ذكر مسلم في "صحيحه"(162/ 259) حديث حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، في قصة الإسراء بطولها، ومختصرة (162/ 261).
ثم أورد (262) من حديث ابن وهب، عن سليمان بن بلال، قال: حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر قال: سمعت أنس بن مالك يحدثنا عن ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة، أنه جاءه ثلاثة نفر قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام.
قال مسلم: وساق الحديث بقصته نحو حديث ثابت البناني، وقدَّم فيه شيئا وأخَّر، وزاد ونقص. اهـ.
أقول:
قد عبَّر مسلمٌ عما يراه من أوهام شريك في هذا الحديث بتلك العبارة: "قدَّم وأخَّر"، و"زاد ونقص". ولو كان ذلك السياق بهذا التقديم والتأخير، والزيادة والنقصان محفوظا عند مسلم في حديث أنس؛ لما تردد في إيراده هنا؛ لأنه قد جمع في هذا الموضع ما رآه صحيحا في قصة الإسراء.
وقد كان يمكن أن يُعرض مسلم عن ذكر حديث شريك أصلا، لكنه أراد التنبيه على أوهامه وتفرداته فيه، لِمَا وعد من شرح وإيضاح الأخبار المعلَّة في أماكنها.
وقد عَدَّ ابنُ القيم ومِن بعده ابنُ حجر أكثر من عشرة أشياء خالف فيها شريكٌ غيرَه من المشهورين في سياق هذا الحديث. انظر "الفتح"(13/ 494).
وقد نقل ابن حجر (13/ 488) استنكارَ جماعة من الحفاظ والمحققين لأوهام شريك في هذا الحديث؛ منهم: الخطابي، وابن حزم، وعبد الحق الإشبيلي، والقاضي
عياض، والنووي. قال ابن حجر ص (493):"وقد سبق إلى التنبيه على ما في رواية شريك من المخالفة: مسلمٌ في "صحيحه"، فإنه قال بعد أن ساق سنده وبعض المتن، ثم قال: "فقدَّم وأخَّر، وزاد ونقص".
استطراد:
أما البخاري فقد خرج حديث الإسراء في أول كتاب الصلاة، باب: كيف فرضت الصلوات في الإسراء (349) من طريق يونس، عن الزهري، عن أنس، عن أبي ذر به، مرفوعا بطوله، ثم أخرجه مختصرا من حديث يونس أيضا في كتاب الحج باب: ما جاء في زمزم (1636).
ثم أخرجه كذلك مطولا في كتاب أحاديث الأنبياء باب ذكر إدريس عليه السلام (3342).
وأخرجه في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة رقم (3207) من طريق قتادة، عن أنس، عن مالك بن صعصعة مرفوعا مطولا.
وكذلك في (3393)(3430) مختصرا و (3887) في كتاب مناقب الأنصار، باب: المعراج مطولا، ولعل هذا هو أليق موضع به؛ لأن البخاري قد بوب باسمه، ولذا فقد ادَّخَر الحافظ ابن حجر شرحه مفصلا فيه.
ثم ختم البخاري مواضع هذا الحديث من "الصحيح" بإخراجه في آخر الكتاب، باب ما جاء في قوله عز وجل:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} من كتاب التوحيد، رقم (7517) من طريق سليمان بن بلال عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك بتمامه.
والحافظ ابن رجب كلما تناول شيئا من رواية شريك أثناء شرحه لأول موضع في كتاب الصلاة، يقول: الذي خرجه البخاري في آخر كتابه "الصحيح"، فقد جاء ذلك في أربعة مواضع من كلامه (2/ 311، 314، 316، 319)، وهو مشعر بما