الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الأول
قول المعلمي في أبي عوانة والمستخرجات بصفة عامة
تقدمة:
الكلام المتعلق بأبي عوانة لا يختص بذاته، وإنما يتعلق بالكلام على "المستخرجات" ومناهج أصحابها وطريقتهم في تصنيفها، وشرائطهم فيما يخرجونه فيها من الأحاديث، أو من يخرجون له من الرواة، وهل مجرد إخراج الحديث في تلك الكتب قاضٍ له بالصحة في جميع لفظه الوارد به؟ وهل مجرد الإخراج للراوي فيها قاضٍ بثقته عند أصحابها؟ ونحو ذلك من القضايا التي لا يسع من يطالع تلك الكتب الجهل بها أو الغفلة عنها.
وإليك بعض الأمثلة التي ألقى بها الشيخ المعلمي الضوء على هذه القضايا، لكن يبقى استخراج تلك الزيادات التي في أحاديث "الصحيحين" مما زادها أصحاب المستخرجات بأسانيدهم إلى شيوخ صاحبي "الصحيح" أو من فوقهم، والنظر في صحتها التي يزعمها بعض من تكلم على تلك المصنفات، وسيأتي جواب الحافظ ابن حجر على هذا الزعم جوابًا عامًا، لكن تبقى الشواهد على ذلك محل استقراء، ولهذا موضع آخر إن شاء الله تعالى.
• قال الشيخ المعلملي في حاشية "الفوائد المجموعة"(ص 356):
"عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير، اتَّهَمَهُ ابن عدي لروايته عن أبيه حديثين منكرين
…
وقال ابن حبان: "يروي عن الثقات المقلوبات".
ولا ينفعه رواية أبي عوانة عنه في "صحيحه"؛ لأن "صحيح" أبي عوانة مستخرج على "صحيح" مسلم، يعمد إلى أحاديث مسلم فيخرجها بأسانيده إلى شيخ مسلم أو شيخ شيخه، فربما لا يجد الحديث إلا عند راوٍ ضعيف فيخرجه عنه؛ لأن الحديث ثابت من غير طريقه". اهـ.
• وحاول الكوثري تقوية الحسن بن زياد اللؤلؤي -وهو كذاب مكشوف الأمر- بقوله: "
…
أخرج عنه الحافظ أبو عوانة
…
في "الصحيح المسند المستخرج" وهذا توثيق منه
…
".
فأجاب الشيخ المعلمي بقوله في "التنكيل"(1/ 443):
"أما أبو عوانة
…
ففي "الميزان" و"اللسان" في ترجمة عبد الله بن محمد البلوي: "روى عنه أبو عوانة في "صحيحه" في الاستسقاء خبرًا موضوعًا"(1).
وروى أبو عوانة في "صحيحه"(1/ 236 - 237) حديثًا في سنده: عبد الله بن عمرو الواقفي، وجابر بن يزيد الجعفي، وكلاهما مُتَّهم.
وفي "فتح الباري" في شرح باب "القصد والمداومة على العمل" من كتاب "الرقاق": "
…
وهذا من الأمثلة لِما تعقبته على ابن الصلاح في جزمه بأن الزيادات التي تقع في المستخرجات يُحكم بصحتها
…
ووجه التعقب أن الذين استخرجوا لم يصرحوا بالتزام ذلك، سَلَّمْنَا أنهم التزموا ذلك، لكن لم يَفُوا به".
(1) زاد ابن حجر في "اللسان"(4/ 339): "وهو صاحب رحلة الشافعي، طَوَّلَها ونَمَّقَها، وغالب ما أورده فيها مختلق". اهـ. (182)(3/ 308).
أقول: أصحاب المستخرجات يلتزمون إخراج كل حديث من الكتب التي يستخرجون عليها، فأبو عوانة جعل كتابه مستخرجًا على "صحيح" مسلم، ومعنى ذلك أنه التزم أن يخرج بسند نفسه كل حديث أخرجه مسلم، فقد لا يقع له بسند نفسه الحديثُ إلا من طريق رجلٍ ضعيفٍ فيتساهل في ذلك؛ لأن أصل الحديث صحيح من غير طريقه، ومع ذلك زاد أبو عوانة أحاديث ضعيفة لم يحكم هو بصحتها، فإنما يسمى كتابه "صحيحًا"؛ لأنه مستخرج على "الصحيح"، ولأن معظم أحاديثه -وهي المستخرجة- صحاح، فإخراجه لرجلٍ لا يستلزم توثيقه ولا تصديقه، بل صاحب "الصحيح" نفسه قد يخرج في المتابعات والشواهد لمن لا يوثقه، وهذا أمر معروف عند أهل الفن". اهـ.
* * *