الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الثالث: الرواة المتكلم فيه داخل "الصحيحين
"
(1)
شرح العلامة المعلمي أسباب ما أوقع الحاكمَ أبا عبد اللَّه في كتابه "المستدرك" من الخلل والتساهل في التصحيح، وفي وصف الأحاديث بأنها على شرط الشيخين أو أحدهما، وذلك في ترجمة الحاكم من "التنكيل" رقم (215).
فكان مما ذكر المعلمي قولَ الحاكم في خطبة "المستدرك":
"سألني جماعة
…
أن أجمع كتابًا يشتمل على الأحاديث المروية بأسانيدَ يحتج محمد ابن إسماعيل ومسلم بن الحجاج بمثلها؛ إذ لا سبيل إلى إخراج ما لا علة له، فإنهما رحمهما اللَّه لم يدعيا ذلك لأنفسهما".
فقال: معلقًا:
"لم يُصب في هذا؛ فإن الشيخين ملتزمان أن لا يخرجا إلا ما غلب على ظنهما بعد النظر والبحث والتدبر أنه ليس له علة قادحة، وظاهر كلامه أنه لم يلتفت إلى العلل البتة، وأنه يخرج ما كان رجاله مثل رجالهما، وإن لم يغلب على ظنه أنه ليس له علة قادحة".
ثم ذكر المعلمي أن الحاكم توسع معنى قوله: "بأسانيد يحتج
…
بمثلها" (1) فبنى على أن في رجال "الصحيحين"، من فيه كلام، فأخرج عن جماعة يعلم أن فيهم كلامًا.
(1) يراجع هذا المعنى في ترجمة الحاكم من هذا الكتاب، ففيه زيادة فائدة.
قال:
ومحل التوسع أن الشيخين إنما يخرجان لمن فيه كلام في مواضع معروفة:
أحدها: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام لا يضره في روايته البتة، كما أخرج البخاري لعكرمة.
الثاني: أن يؤدي اجتهادهما إلى أن ذاك الكلام إنما يقتضي أنه لا يصلح للاحتجاج به وحده، ويريان أنه يصلح لأن يحتج به مقرونًا أو حيث تابعه غيره ونحو ذلك.
ثالثها: أن يريا أن الضعف الذي في الرجل خاصٌّ بروايته عن فلان من شيوخه، أو برواية فلان عنه، أو بما يسمع منه من غير كتابه، أو بما سُمع منه بعد اختلاطه، أو بما جاء عنه عنعنةً وهو مدلس ولم يأت عنه من وجه آخر ما يدفع ريبة التدليس.
فيُخرجان للرجل حيث يصلح، ولا يخرجان له حيث لا يصلح". اهـ.
(2)
وقال العلَّامة المعلمي في "الأنوار الكاشفة"(ص 259):
"إذا تدبرنا حال أولئك الثمانين -يعني الذين تُكلم فيهم من رجال البخاري- واستقرأنا ما أخرجه البخاري لهم، اتضح أن الأمر هيِّنٌ، وقد ساق الحافظ ابن حجر في مقدمة "فتح الباري" تراجم هؤلاء، وما قيل فيهم من مَدْحٍ وقَدْحٍ، وما أخرجه لهم البخاري، فذكر في أولهم ممن اسمه أحمد: تسعة نفر، اختلف فيهم، وغالبهم من شيوخ البخاري الذين لقيهم واختبرهم.
فثلاثةٌ منهم: اتضح أنهم ثقات، وأن قَدْحَ منْ قَدَحَ فيهم ساقطٌ كما تراه جليًّا في مقدمة "الفتح".
وثلاثةٌ فيهم كلام، وإنما أخرج لكل واحد منهم حديثًا واحدًا متابعةً؛ يروي البخاري الحديثَ عن ثقة أو أكثر، ويرويه مع ذلك عن ذاك المتكلم فيه.
واثنان: رَوى عن كلٍّ منهما أحاديثَ يسيرة متابعة أيضًا.
التاسع: أحمد بن عاصم البلخي، ليس له في "الصحيح" نفسه شيء، ولكن المستملي -أحد رواة "الصحيح" عن الفِرَبْرِي عن البخاري- أدرج في باب رفع الأمانة من الرقاق قوله: قال الفربري: قال أبو جعفر: حَدَّثْتُ أبا عبد اللَّه [البخاري] فقال: سمعت أبا [جعفر] أحمد بن عاصم يقول: سمعت أبا عبيد يقول: قال الأصمعي وأبو عمرو وغيرهما: جذر قلوب الرجال، الجذر الأصل من كل شيء، والوكت أثر الشيء.
هذا هو التحقيق، وإن وقع في "التهذيب"، ومقدمة "الفتح" ما يوهم خلافه، وراجع "الفتح"(11/ 286).
وإِذْ قد عرفتَ حالَ التسعة الأولين، فقِسْ عليهم الباقي، وإن شئت فراجع وابحث، يتضح لك أن البخاري عن اللوم بمنجاة. اهـ.
وقال بعده بقليل:
"رجال البخاري يناهزون ألفي رجل، وإنما وقع الاختلاف في ثمانين منهم، وقد عرفتَ سابقًا حال الثمانين". اهـ.
(3)
وقال الشيخ في "الأنوار الكاشفة"(ص 282):
"لو فرض أن البخاري احتج في "الصحيح" بمن لم يوثقه غيره، فاحتجاجه به في "الصحيح" توثيق وزيادة". اهـ.
* * *