الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: منهجه في الجرح والتعديل
المطلب الأول
شرط النسائي في الرجال مقارنةً بشرط الشيخين
قال الكوثري في محمد بن علي بن الحسن بن شقيق:
"يكفي في إثبات أنه ليس بالقوي إعراض الشيخين عن إخراج حديثه في "الصحيح" مع روايتهما عنه خارج "الصحيح". اهـ.
فأجاب العلامة المعلمي بقوله في ترجمة محمد من "التنكيل" رقم (221):
"ليس هذا بشيء، فمن شأنهما في "الصحيح" أن يتطلبا العلوّ ما وَجَدَا إليه سبيلا، ولا يرضيان بالنزول إلا أن يتفق لهما حديثٌ صحيحٌ تشتد الحاجة إلى ذكره في "الصحيح" ولا يقع لهما بنزول، فلم يتفق لهما ذلك هنا.
وهذا الرجل سِنُّهُ قريب من سِنِّهِما، فروايتُهُما عنه نُزول.
وهناك وجوهٌ أُخر لعدم إخراجهما للرجل في "الصحيح"، راجع ترجمة إبراهيم ابن شماس، ولهذا لم يلتفت المحققون إلى عدم إخراجهما، فلم يَعُدُّوا عدم إخراجهما الحديث دليلا على عدم صحته ولا عدم إخراجهما للرجل دليلا على لِينِه (1).
(1) قد نظرت في هذا في ترجمة البخاري من هذا القسم، فراجعه.
ومحمد هذا وَثَّقه النسائي، والنسائي قد يفوق الشيخين في التشدد كما نبهوا عليه في ترجمته (1)، ووثقه غيره أيضًا
…
"
قال أبو أنس:
الذي يظهر أن قائل هذا ومن وافقه قد بَنَوْا ذلك على أن النسائي قد تكلم في بعض الرجال الذين أخرج لهم الشيخان أو أحدهما على أساس أن إخراجهما للرجل يدل على أنه على شرطهما -سواء احتجا به أم خرجا له في الشواهد، كُلٌّ بحسبه- فإذا ليَّنَهُ النسائي أو ضعَّفهُ، كان مقتضى ذلك عند هذا القائل أن النسائي لا يراه أهلًا لأن يخرج له في "الصحيح"، أو أن تليينه أو تضعيفه يكون في مقابل ما يدل عليه إخراج الشيخين من تعديلهما له.
فأقول:
هذا المقتضى ليس بلازم هنا؛ وأمر الجرح والتعديل دائر على الاجتهاد، وأكثر الذين تكلم فيهم النسائي من هؤلاء إنما لَيَّنَهُم تليينًا هيِّنًا، وهذا اللِّينُ لا يمنع الشيخين من إخراج أحاديث لهم على سبيل الانتقاء مما اطمأنا إلى صحته، فلا مقابلةَ حينئذٍ بين مَنْ خَرَّجَا له، وقد ليَّنَه النسائي أو غيره.
وأما من ضَعَّفَهُ بإطلاق أو وَهَّاه من هؤلاء -وهم قليل جدًّا- فإن مرجعه إلى اختلاف الاجتهاد كما مَرَّ في ترجمة أبي حاتم الرازي وابن معين.
ثم إن الكلام في بعض رجال "الصحيحن" لم يختصّ بالنسائي وحده، بل شاركه فيه غيره من الأئمة، فهل يقال فيهم جميعا إن لهم شروطًا في الرجال أشد من شرطهما؟
(1) قال ابن طاهر: سألت سعد بن علي الزنجاني عن رجل فوثقه، فقلت: قد ضعفه النسائي. فقال: يا بني، إن لأبي عبد الرحمن شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم. اهـ. ووافقه الذهبي بقوله: "صدق، فإنه لين جماعة من رجال صحيحي البخاري ومسلم.
وكذلك، ففي مقابل ذلك قد انفرد النسائي بتوثيق جماعة من متقدمي الرواة لم يشتهروا ولم يُعرفوا إلا بحديث أو حديثين، فلا شك أن شرطه في هؤلاء أنزلُ من شرط غيره من الأئمة.
وهكذا، فإن الأمر لا يطَّرِدُ، وقد يكون للناقد بعض الاصطلاحات الخاصة في بعض الأمور، تُعرف بالاستقراء.
على كُلِّ حالٍ فهذه قائمة بأسماء من تكلم فيهم النسائي من رجال الشيخين أولا، مع ذِكْرٍ مختصرٍ لمن شاركوه في ذلك، أُتبعها في المطلب الآتي بمن تفرد بتوثيقهم من المتقدمين، وأنظر في ذلك إجمالا:
1 -
خ: أبي بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، قال النسائي: ليس بالقوي (1).
2 -
خ: إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسماعيل السكسكي.
3 -
م: إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي.
4 -
خ م: إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق.
5 -
خ: أحمد بن بشير الكوفي، قال النسائي: ليس بذاك القوي (2).
6 -
خت م: أسامة بن زيد الليثي، قال النسائي: ليس بالقوي (3).
7 -
خت م: أسباط بن نصر، قال النسائي: ليس بالقوي (4).
8 -
خ: إسحاق بن محمد الفروي، قال النسائي: متروك (5).
(1) وضعفه أحمد وابن معين.
(2)
وقال عثمان الدارمي: متروك، وقال الدارقطني: ضعيف يعتبر به.
(3)
وتكلم فيه غير واحد.
(4)
وضعفه غير واحد.
(5)
وقد وهاه غيره.
9 -
خ م: إسماعيل بن أبي أويس، ضعفه النسائي (1).
10 -
خ: إسماعيل بن مجالد، قال النسائي: ليس بالقوي (2).
11 -
خ مقرونا بغيره: أسيد بن زيد الجمال، قال النسائي: متروك (3).
12 -
م: أشعث بن سوار، قال النسائي: ضعيف (4).
13 -
خ م: حاتم بن إسماعيل المدني، قال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: ليس به بأس (5).
14 -
م: الحارث بن عبيد الإيادي البصري، قال النسائي: ليس بذاك القوي (6).
15 -
خ م: حبيب المعلم أبو محمد البصري، قال النسائي: ليس بالقوي (7).
16 -
م (مقرونًا): حجاج بن أرطاة، قال: ليس بالقوي (8).
17 -
خ م: حسان بن إبراهيم الكرماني قال: ليس بالقوي (9).
18 -
خ: الحسن بن بشر بن سلم البجلي الكوفي، قال النسائي: ليس بالقوي (10).
(1) وتكلم فيه غيره وقال الدارقطني: لا أختاره في الصحيح.
(2)
وقال أبو زرعة: وسط ليس ممن يكذب وغمزه غير واحد.
(3)
وقال ابن معين: كذاب حدث بأحاديث كذب وضعفه الدارقطني، قال ابن عدي: لا يتابع على روايته وقال أبو حاتم: رأيتهم يتكلمون فيه، وتكلم فيه غيرهم.
(4)
وضعفه غير واحد.
(5)
قال أحمد: زعموا أنه كان فيه غفلة، وغمزه ابن المديني بوصل بعض المراسيل.
(6)
وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، ولا يحتج به، وضعفه ابن معين وقال أحمد: مضطرب الحديث.
(7)
قال عمرو بن علي الفلاس: كان يحيى لا يحدث عنه، وكان عبد الرحمن يحدث عنه.
(8)
وضعفه ولينه غير واحد.
(9)
أنكرت عليه بعض الأحاديث.
(10)
روى مناكير ذكره بها بعضهم في الضعفاء.
19 -
خ: الحسن بن الصباح البزار أبو علي الواسطي قال مرة: ليس بالقوي، وقال مرة: صالح (1).
20 -
م: رباح بن أبي معروف، قال: ليس بالقوي وقال مرة: ضعيف (2).
21 -
خ م: زياد بن عبد الله البكائي، قال النسائي: ليس بالقوي (3).
22 -
م: سالم بن نوح، قال: ليس بالقوي (4).
23 -
م: سعد بن سعيد الأنصاري، قال النسائي: ليس بالقوي (5).
24 -
خ م: سلْم بن زرير، قال: ليس بالقوي (6).
25 -
خ: سنان بن ربيعة الباهلي، قال: ليس بالقوي (7).
26 -
م: سويد بن سعيد الحدثاني، قال النسائي: ليس بثقة (8).
27 -
خ م: عبدالحميد بن أبي أويس ضَعَّفه النسائي (9).
28 -
خ م: عبد ربه بن نافع أبو شهاب، قال النسائي: ليس بالقوي (10).
(1) لم يلينه أحد.
(2)
وضعفه ابن معين، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه.
(3)
قال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة ضعيف، وضعفه ابن المديني، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به، وقد روى له البخاري حديثا واحدا مقرونا.
(4)
وقال الدارقطني مثله، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، ولا يحتج به.
(5)
وضعفه أحمد ولينه غيره.
(6)
وضعفه غير واحد.
(7)
ومثله قال ابن معين، وقال أبو حاتم: شيخ مضطرب الحديث. وروى له البخاري مقرونا بغيره.
(8)
والكلام فيه كثير.
(9)
ووثقه غيره.
(10)
وقال يعقوب بن شيبة: تكلموا في حفظه. وقال الساجي: صدوق يهم في بعض حديثه. وقال القطان: لم يكن بالحافظ، ولم يرض أمره.
29 -
م: عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، قال النسائي: ليس بالقوي (1).
30 -
م: عبد الله بن عبد الله أبو أويس المدني، قال النسائي: ليس بالقوي (2).
31 -
م: عبد الله بن عطاء الطائفي، قال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: ضعيف (3).
32 -
م: عبد الله بن عمر العمري، قال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرة: ضعيف الحديث (4).
33 -
خ: عبد الله بن المثنى الأنصاري، قال النسائي: ليس بالقوي (5).
34 -
م: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف، قال: ليس بالقوي (6).
35 -
خ م: عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، قال النسائي: ليس بالقوي (7).
36 -
خ م: فضيل بن سليمان النميري أبو سليمان البصري، قال النسائي: ليس بالقوي (8).
37 -
م: فضيل بن مرزوق ضعفه النسائي (9).
(1) وكذا قال أبو حاتم، وقال الدارقطني: يعتبر به.
(2)
وكذلك قال ابن معين وضعفه مرة وقال ابن المديني: كان عند أصحابنا ضعيفا، وقال الفلاس: فيه ضعف.
(3)
لم يغمزه أحد.
(4)
وتكلم فيه غير واحد.
(5)
وتكلم فيه العقيلي والساجي، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال مرة: ليس بثقة، وتكلم فيه غيرهم.
(6)
وليَّنَهُ غير واحد، وأنكرت عليه أحاديث.
(7)
وقال أبو داود: ليس هو بذاك، وضعفه عثمان الدارمي، وتكلم فيه ابن معين، وقال الجوزجاني: مضطرب الحديث.
(8)
وكذلك قال أبو حاتم، وقال ابن معين: ليس بثقة، وقال مرة: ليس بشيء، ولينه أبو زرعة، وقال صالح جزرة: منكر الحديث.
(9)
وغيره قال أبو حاتم: صدوق صالح الحديث، يهم كثيرا، يكتب حديثه قيل له: يحتج به؟ قال: لا.
38 -
خ م: كثير بن شنظير، قال: ليس بالقوي (1).
39 -
خ: محبوب بن الحسن البصري، ضعفه النسائي (2).
40 -
خ م: محمد بن بكر البرساني، قال النسائي: ليس بالقوي.
41 -
خ م: محمد بن أبي حفصة ضعفه النسائي (3).
42 -
خ م: محمد بن طلحة بن مصرف قال: ليس بالقوي (4).
43 -
خ م: مغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الحزامي، قال النسائي: ليس بالقوي (5).
44 -
م: هشام بن سعد، ضعفه النسائي (6).
45 -
خ م: يحيى بن أيوب الغافقي، قال مرة: ليس بالقوي، ومرة: ليس به بأس (7).
46 -
خ م: يحيى بن سليم الطائفي، قال النسائي: ليس بالقوي. ونقل عنه أنه قال: ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد الله بن عمر (8).
47 -
خ م: يحيى بن عبد الله بن بكير، ضعفه النسائي، وقال مرة أخرى: ليس بثقة (9).
(1) وليَّنَهُ غير واحد.
(2)
وقال أبو حاتم: ليس بقوي. أخرج له البخاري حديثا واحدا شاهدا.
(3)
ولينه بعضهم، وقال الدارقطني: ليس بقوي.
(4)
ولينه بعضهم.
(5)
وقال ابن معين: ليس بشيء.
(6)
وتكلم فيه أحمد وابن عدي وكان القطان لا يحدث عنه.
(7)
وقال أحمد: كان سيء الحفظ، وقال الساجي: صدوق يهم، وقال الحاكم أبو أحمد: كان إذا حدث من حفظه يخطىء، وما حدث من كتابه فلا بأس به وقال الدارقطني: في بعض حديثه اضطراب.
(8)
وتكلم فيه أحمد، وقال الدولابي: ليس بالقوي، وتكلم في حفظه.
(9)
وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وكان يفهم هذا الشأن. وتكلم فيه ابن معين، وأنكر الذهبي على النسائي تضعيفه.
48 -
م: يحيى بن عيسى الرملي، قال النسائي: ليس بالقوي (1).
49 -
م: يحيى بن يمان العجلي، قال النسائي: ليس بالقوي (2).
قال أبو أنس:
قد كان يمكن أن يقال: إن شرط النسائي في الرجال أشد من شرط الشيخين أو أنه أكثر تشددًا منهما في باب الجرح إذا كان قد انفرد بجرح من أخرجا له، فيقال: هذا نظرٌ قد اختصَّ به في مقابل نظرهما، فتصح المقارنة حينئذٍ، أو إذا كان النسائي قد صَنَّفَ صحيحًا تجنَّب فيه إخراج أحاديث لجماعة من رجال الشيخين.
لكن قد بان بما سبق أن النسائي قد شُورك في نظره فخرج عن أن يكون نظرًا خاصًّا به، بل هو من اختلاف الاجتهاد الذي لا ينفك عنه البشر.
ثم إنه لما صنف "السنن" أخرج لجماعة من المجهولين والضعفاء عند غيره، وربما نبَّه أحيانًا على ذلك، وكثيرا ما لا ينبه وموضوعُ "السنن" أوسع من "الصحيح"، فلا يتعقب عليه في ذلك.
يضاف إلى ذلك أن كثيرًا ممن ذكرناهم آنفًا، إنما خرج لهم الشيخان -أو أحدهما- مقرونًا أو استشهادًا، على قلة ذلك -حديثٍ أو حديثين- فلا يمكن مع هذا أن يُقَالَ: إنهما احتجا بهم، كما سبق تقريره في غير موضع.
وبالجملة فالنسائي إمامٌ له نظره الخاص، فقد يوثق من يجهله أو يجرحه غيره أو العكس، شأنه في ذلك شأن سائر الأئمة.
ويتضح ذلك -في مقابل ما سبق- من المطلب الآتي.
(1) قال ابن معين: ليس بشيء، وقال ابن عدي: عامة رواياته مما لا يتابع عليه.
(2)
وقال أحمد: لين، وتكلم فيه ابن معين وابن المديني.