الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نموذج (2)
الأحاديث المتعلقة بصلاة العشاء: وقتها وتأخيرها
.
أخرج مسلم (638 - 644):
• أولا: (638/ 218) من حديث ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي بصلاة العشاء وهي التي تُدْعَى العتمة
…
• ثم خرج (642/ 225) بعد أحاديث: روايةً لعبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أيُّ حينٍ أحبُّ إليك أن أصلي العشاء التي يقولها الناس العتمة
…
؟ قال: سمعت ابن عباس يقول: أعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ العشاءَ
…
• ثم خرج بعده (643/ 226) حديث أبي الأحوص، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر صلاة العشاء الآخرة.
• ثم أعقبه (643/ 227) برواية أبي عوانة، عن سماك، عن جابر بلفظ: كان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئا.
• ثم ختم (644/ 228) برواية ابن عيينة، عن ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا إنها العشاء، وهم يُعتمون بالإبل".
وفي لفظ بعده: "
…
فإنها في كتاب الله العشاء، وإنها تُعتم بحلاب الإبل".
قال ابن رجب في شرحه لصحيح البخاري (4/ 364):
"كذا رواه ابن أبي لبيد عن أبي سلمة، وابن أبي لبيد كان يُتهم بالقدر، وقال العقيلي: كان يخالف في بعض حديثه.
وتابعه عليه ابن أبي ليلى عن أبي سلمة، وابن أبي ليلى ليس بالحافظ.
ورواه عبد الرحمن بن حرملة، عن أبي سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا (1).
وقيل: عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة مرفوعا. وخرجه ابن ماجه (2) وليس بمحفوظ.
وفيه أيضًا: عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي إسناده جهاله (3). اهـ.
قلت:
عبد الله بن أبي لبيد قد أخرج له البخاري حديثا واحدا مقرونا، وأخرج له مسلم سوى هذا الحديث حديثن آخرين، هي كل ما له في الكتب الستة.
والحاصل أنه لا يخلو ما جاء في كراهة هذه التسمية عن النبي صلى الله عليه وسلم مِن المقال، لكن قد روي عن طائفة من السلف كراهة ذلك، منهم ابن عمر، وابنه سالم، وابن سيرين.
فأما البخاري فعنده: باب ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعا (2/ 53 - فتح).
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 439) من طريق حاتم بن إسماعيل عن عبد الرحمن بن حرملة.
(2)
رقم (705) وهو من طريق شيخ ابن ماجه يعقوب بن حميد -وهو ابن كاسب- عن ابن أبي حازم عن عبد الرحمن بن حرملة به. وابن كاسب مشَّاه بعضهم، وضعفه غير واحد، ووهاه آخرون، وهو صاحب غرائب ومناكير.
ورواه ابن ماجه قبله عن يعقوب هذا عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة وقد أجاد ابن رجب إذ قال في هذا الحديث من هذا الطريق: إنه غير محفوظ.
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 439) عن وكيع ثنا ابن أبي رواد، عن رجل لم يسمه، عن عبد الرحمن بن عوف به مرفوعا. وقد استنكره واستغربه غير واحد، انظر مسند البزار (3/ 1055) وحلية الأولياء (8/ 385).
وقد أخرج ابن أبي شيبة أيضًا في هذا الموضع عن وكيع ثنا عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع قال: كان ابن عمر إذا سمعهم يقولون: العتمة غضب غضبا شديدا.
علَّق فيه بعضَ الأخبار التي وردت التسمية فيها بالعشاء وبالعتمة، قد خرج عامَّتها في مواضع أخر من كتابه.
قال: والاختيار أن يقول: العشاء لقوله تعالى: (ومن بعد صلاة العشاء).
ثم خرج في الباب حديثا واحدا، هو حديث يونس، عن الزهري، قال سالم: أخبرني عبد الله قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً صلاة العشاء - وهي التي يدعو الناس العتمة
…
قال ابن رجب في شرحه (4/ 369): "في هذا الحديث أن صلاة العشاء يدعوها الناس: العتمة، وكذا في حديث عائشة وأبي برزة، وهذا كله يدل على اشتهار اسمها بين الناس بالعتمة، وهو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم". اهـ.
قلت:
هكذا جزم هنا بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، مع أنه قد مال إلى تعليل ما ورد في ذلك، كما سلف.
قال: وكان ابن عمر وغيره يكرهون أن يغلب عليها اسم العتمة حتى لا تسمى بالعشاء إلا نادرا، وأما إذا غلب عليها اسم العشاء، ثم سميت أحيانا بالعتمة بحيث لا يزول بذلك غلبة اسم العشاء عليها، فهذا غير منهي عنه، وإن كان تسميتها بالعشاء، كما سماها الله بذلك في كتابه أفضل. وقد ذكر البخاري في الباب السابق لهذا باب: من كره أن يقال للمغرب العشاء، فخرج فيه حديث عبد الله بن مغفل المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب، قال: الأعراب تقول: هي العشاء.
فذكر ابن رجب في توجيهه مثلما قال في هذا الحديث.
أقول:
المراد أن مسلما قد صدر هذا الباب بما يدل على أن تسمية العشاء بالعتمة من الأمور التي اشتهرت ونطق بها غير واحد من الصحابة، وأنها مما تعارف عليها الناس حينئذ، فأورد ذلك من طرق مشهورة، لا مغمز فيها.
ثم أخَّر ما فيه نهي عن ذلك، فلقائلٍ أن يقول: المعول عنده على ما قدمه في هذا الباب، أما المؤخر فإما أنه ينبه على أنه لا ينهض لمعارضة ما قدم، وإما أنه لا يراه -لو صح- معارضا، بل هو نهي عن "تغليب" لفظ العتمة على لفظ العشاء فقط، لا أنه نهي مطلق عن تسمية تلك الصلاة بالعتمة، بدليل ما قدمه من الأخبار. والله تعالى أعلم.
* * *