الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الرابع
هل السنة تنسخ القرآن أم لا
؟
نقل أبو رية عن صاحب المنار قوله:
"والنبي صلى الله عليه وسلم مبين للقرآن بقوله وفعله، ويدخل في البيان التفصيلُ والتخصيصُ والتقييدُ، لكن لا يدخل فيه إبطال حكم من أحكامه أو نقض خبر من أخباره، ولذلك كان التحقيق أن السنة لا تنسخ القرآن".
فقال الشيخ المعلمي في "الأنوار الكاشفة"(ص 23):
"أقول: أما الإبطال ونقض الخبر بمعنى تكذيبه فهذا لا يقع من السنة للقرآن ولا من بعض القرآن لبعض، فالقرآن كله حق وصدق {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (1).
وأما التخصيص والتقييد ونحوهما والنسخ فليست بإبطال ولا تكذيب، وإنما هي بيان.
فالتخصيص مثلًا إن اتصل بالخطاب العام كأن نزلت آيةٌ فيها عموم ونزلت معها آية من سورة أخرى فيها تخصيص للآية الأولى، أو نزلت الآية فتلاها النبي صلى الله عليه وسلم وبيَّن ما يخصصها فالأمر واضح؛ إذ البيان متصل بالمبيَّن، فكان معه كالكلام الواحد.
(1) سورة فصلت، آية:42.
وإن تأخر المخصِّص عن وقت الخطاب بالعام، ولكنه تبعه قبل وقت العمل بالعام أو عنده، فهذا كالأول عند الجمهور، وهذا مرجعه إلى عُرْف العرب في لغتهم كما بيَّنه الشافعي في "الرسالة"(1).
أما إذا جاء بعد العمل بالعام ما صورته التخصيص فإنما يكون نسخًا جزئيا، لكن بعضهم يُسَمِّي النسخ تخصيصًا جزئيا كان أو كليًا؛ نظرًا إلى أن اقتضاء الخطاب بالحكم لشموله لما يستقبل من الأوقات عموم، والنسخ إخراج لبعض تلك الأوقات، وهو المستقبل بالنسبة إلى النص الناسخ، وهذا مما يَحتج به من يُجيز نسخ بعض أحكام الكتاب بالسنة". اهـ.
* * *
(1) علق المعلمي هاهنا بقوله: "قد يكون كذلك في غير العربية، ولكن الشافعي رأى بعض المستغربين يستنكرونه، فجوَّز مخالفةَ لغاتهم الأعجمية للعربية في ذلك".