الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمر الثالث
مقارنة البيهقي بابن حبان والخطيب في معرفة دقائق هذا الفن
في "التنكيل" رقم (244) قال الكوثري: "مسلم بن أبي مسلم عبد الرحمن الجرمي، وثَّقَهُ الخطيب، لكن في "اللسان": "أنه ربما يخطىء". وقال البيهقي: "غير قوي". وقال أبو الفتح الأزدي: "حدَّثَ بأحاديث لا يتابع عليها"".
فقال الشيخ المعلمي: "ذكره ابن حبان في "الثقات": "مسلم بن أبي مسلم الجرمي سكن بغداد، يروي عن يزيد بن هارون ومخلد بن الحسين، ثنا عنه الحسن ابن سفيان وأبو يعلى، ربما أخطأ، مات سنة أربعين ومائتين"".
وقد قَدَّمنا في ترجمة ابن حبان أن توثيقه لمن قد عرفه من أثبت التوثيق، وقوله:"ربما أخطأ" لا ينافي التوثيق، وإنما يظهر أثر ذلك إذا خالف من هو أثبت منه.
فأما أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي فليس في نفسه بعمدة، حتى لقد اتهموه بوضع الحديث.
ومع ذلك فليس من شرط الثقة أن يتابَع في كل ما حدث به، وإنما شرطه أن لا يتفرد بالمناكير عن المشاهير فيُكثر.
والظاهر أن الأزدي إنما عنى الحديث الذي ذكره البيهقي، وهو ما رواه مسلم هذا عن مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا:"لا يقل أحدكم زرعته، ولكن ليقل حرثته"، قال أبو هريرة: ألم تسمع إلى قول الله: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} .
وهذا الحديث أخرجه ابن جرير في تفسير الواقعة عن أحمد بن الوليد القرشي عن مسلم.
وفي "اللسان" أن البيهقي أخرجه في "شعب الإيمان" من وجهين [عنه] وقال: إن مسلمًا غير قوي.
ولَعَلَّ ابن حبان إنما أشار بقوله: "ربما أخطأ" إلى هذا الحديث، على أن الصواب موقوف، وأخطأ مسلم في رفعه.
ومسلم مكثر في التفسير كما يعلم من: "تفسير ابن جرير" فإن ترجح خطؤه في هذا الحديث الواحد لم يضره ذلك إن شاء الله، وابن حبان والخطيب أعرف بالفن ودقائقه من البيهقي. اهـ.
* * *